أفتتح نادي البجا ببورتسودان أول ايام صيف هذا العام نشاطه باقامة حفل وداع للأستاذة جانيت سواك همر الأمريكية الأصل(Jeanette Swack) . تم انتداب الأستاذة لتدريس اللغة الانجليزية في جامعة البحر الأحمر . أثناء وجودها بالجامعة التحقت بمركز الدراسات البجاوية في نفس الجامعة. ثم عملت على إنشاء حلقات لتعليم اللغة البجاوية في كل أنحاء بورتسودان. ثم ذهبت أبعد من ذلك إذا قامت بتعليم بعض الشباب البجاوي تدريس اللغة البجاوية إلي حد ما في مدينة بورتسودان وضواحيها. وبفضل هذه السيدة التي غرست في وجدان الإنسان البجاوي حب لغته وتعليمه، والتى لم يقف جهدها عند هذا الحد ، أنما استطاعت أن تحصل على منح من إحدى المنظمات البريطانية لتدريس اللغة البجاوية (اللغة الأم لابناء البجا) . وبعد مداولات بين مركز الدراسات البجاوية ومكتب وزارة التعليم الأقليمية تم اختيار ثلاث مناطق (سنكات-إيت- سواكن) لإنشاء رياض للأطفال تدرس فيها اللغة البجاوية ثم مواصلة الدراسة باللغة البجاوية في مدارس الاساس جنباً إلى جنب مع اللغة العربية بإعتبارها اللغة الرسمية في البلاد. وكان من المقرر أن تبدأ رياض الأطفال المختارة هذه أبريل من هذا العام. ولكن الحكومة الاسلاموية إتخذت قراراً بإيقاف هذ البرنامج وطرد الأستاذة جانيت من السودان. والسؤال هنا لماذا تم الغاء برنامج لتعليم اللغة البجاوية علماً بأنه سوف يمول بمنحة من منظمات بريطانية وبعد أن تم اختيار المناطق التي سوف يبدأ العمل بها بموافقة وزارة التعليم الأقليمية؟؟؟ وهل العمل على تنمية الثقافة البجاوية جريمة يعاقب عليها الانسان البجاوي؟ إن المسألة مجرد عنصرية من قبل المركز ، بل هي محاولة للقضاء على البجا كلية. نعود مرة ثانية الى حفل وداع السيدة جانيت فقد تم الترحيب بها باللغة البداويت، كما كانت أشعار قويلا أور (متنبئ البجا) . ثم اطرب الجميع بأغاني شباب البجا. وفي اليوم التالي وعلى ما أذكر كان يوم الاثنين 14 ابريل غادرت الاستاذة جانيت سواك همر مدينة بورتسودان وهي تذرف الدمع وتقول سوف لن انسى هؤلاء القوم الذين أحببتهم كثيراً(I will never forget these people whom I loved deeply). غادرت هذه السيدة وتركت وراءها كنزاً لايفنى آبداً. إذا الفت بعض الكتب باللغة البجاوية. وقد وزعت هذه الكتب على الكثيرين من الشباب البجاوي . فوق ذلك استطاعت تخريج بعض الشباب البجاوي كمدرسي للغة البداويت. وبالمناسبة قد حضرت حفلاً أقيم في بورتسودان في حي الوحدة لتخريج رياض أطفال البجا تحت اشراف بعض المدرسين الذين تعلموا على آيدي الأستاذة جانيت. حضر الاحتفال اباء وامهات الأطفال وكثيرين غيرهم من أحياء أخرى. الطريف في الأمر أن صادفت تلك الأيام احياء أعياد لغة الأم التي انتشرت في بلاد آسيا المتعددة الثقافات و اللغات. كان الدكتور أونور سيدى قد القى كلمة ضافية بهذه المناسبة . تلى ذلك عرض لرقصة الكمبلا من أبناء النوبة الذين دعوا للمشاركة في الحفل بنادي لبجا . كما شارك أبناء النوبا من أقصى شمال السودان باغاني وطنية. وأخيراً قدم مطربوا الشرق اغاني حماسية حيث امتلى المسرح بالشباب وهم يتمايلون ويبشرون بايديهم السمراء فرحين بذلك الحفل الرائع . وفي نهاية الحفل رفعت متشابكة ايادي ابناء حلفا مع ايادي أبناء جبال النوبة مع ايادي أبناء الشرق يحييون الحضور الذي كان قد وقف يصفق فرحة بهذا التلاقي. إنه السودان الأصيل تجمع في نادي البجا لاحياء عيد لغة الأم. وداعاً أيتها السدة النبيلة جانيت سواك همر، فان شخصك يتجلى في وجدان كل بجاوي غيور على ثقافته وكيانه. الشكر أجزله لشخصك العظيم أيتها العزيزة. هاشم محمد الحسن أوتآوا- كندا