أصدر مجلس شرورى قبيلة البني هلبة بيانا ممهورا بإسم السيد حامد محمد على تورين رئيس المجلس في 12. جونيه 2013 ف ؛ تضمن عشر نقاط تخلص هدفين خلق مشرعية تطلب من النظام دعم جديد لمليشياته في مواصلة أعتداءتها على شعب دارقمر في بلدات كتيلة وانتكينا ؛ تبرير ما أرتكب من جرائم في حق المدنيين . ويأتي البيان بعد إدانات واسعة للمذابح وتعاطف أهل دارفور مع شعب القمر الذي يتعرض لمذابح عنيفة منذ أشهر ؛ بل دفعت بعض شعوب دارفور للقتال الى جانب المدافعين من شباب القمر ضد مليشيات الجمجويت المعتدية ؛وقد خسرت المليشيات المعتدية الكثير وقتل قائدها (مهدي هارون). وعلى مدار ثلاث اشهر منذ الاول من مارس 2013ف حتى 9جونيه إستمرت مليشيات الجمجويت في إرتكاب جرائم بشعة في حق شعب القمرالصعيد ؛ التاما والمساليت والبرقو في المنطقة؛ و اسفرت الأحداث عن قتل نحو 117 شخص ؛ وتهجر نحو 3 الف نازح؛ وحرقت نحو 30 قرية ؛ نفذت هذه الأعمال قوات حرس الحدود وقوات الشرطة الاحتياط المركزية المعروفة بأسم الابطيرة والتي يقودها ابناء قبيلة البني هلبة نص تشادية ؛ وعملت السلطات المحلية في الولاية على توفير الأجواء المناسبة لارتكاب الجريمة من قطع شبكة الإتصال من كتيلة ؛ التعتمي الإعلامي ؛سحب الجيش ؛ التضليل بمؤتمرات صلح مزيفة ؛ وفبركة وثائق تجرد القمر من حقوقهم؛ ثم تصوير الأمر على أنها حرب بين قبيلتين.
ولقد قتل في الأحداث السيد أبكر محمد أبو ديلي الزعيم القبلي الأقوى في دارقمر ؛ بعد هجوم المليشيات على منزله بتدمير مسبق مع سلطات الولاية وذلك بهدف تصفية الرجل . وجاءت هذه الاعتداءات بنية إهلاك جزئ أو كلي لشعب القمر كما ورد في تصريحات قادة المليشيات .
وتأتي هذه الهجمات التي تنفذها مليشيات الجمجويت بعد سلسلة من التمييز والإضهطاد ومؤامرات مارسها النظام وأعوانه استهدف شعب القمر وشعوب عديدة تسكن معها في إنتكينا وكتيلة . وقد ظل يطالب شعب القمر منذ سنوات بناظر لعشائرها في المنطقة وذلك تجاوزا لقرار الإستعمار الإنكليزي بتجريد الشعب من ناظر بعد ثورتها ضد المستعمر بقيادة الإمام السحيني ؛ وقد سجن النظام السيد أبكر أبراسين لعديد من السنوات وراء تهم ملفقة وقتل بعض القادة من شعبه.
إزاء هذا البيان الصادر من مجلس شرورى قبيلة البني هلبة ؛ وهو المجلس الذي يجيش المليشيات لعمليات النظام ؛ فإن مركز السودان المعاصر يلفت الإنتباه الى دعوته المتكررة لجميع شعوب دارفور وكردفان الى ضرورة حل المؤسسات القبلية التي تسمى (مجالس الشورى او هيئات الشورى) ؛ وبالاخص( مجالس شورى القبائل التي تعتبر نفسها عربية في اقليم دارفور) ؛ وذلك لأن هذه المؤسسات أوجدها النظام لغاية المزيد من التكتلات الفئيوية على اسس العرق والقبيلة في برنامج دعم سلطة النظام التمييزي في الدولة مختلة الأركان عبر ممثلين واتباع منها يقيدون حركة الأفراد داخل القبائل . وفيما تقوم هذه المؤسسات بدورها المرسوم لها تقوم الدولة بالتخلي من دورها التاريخي في رعاية مواطنه وحمايته وخدمته ؛ وتتحول الدولة في البلاد الى مؤسسة مملوكة لتكل قبلية طبقية اخرى يتنمي افرادها الى الشمال النيلي؛ يمارسون دور المستعمر ذاته على الشعوب ويفرضون حروبا داخلية مدمرة للبشر ومهلكة للاقتصاد.
وما تمسى (بمجالس شورى القبائل) بهذه الهيئة تخلق ازدواجية ولائات لدى الأفراد تتعارض مع فكرة الولاء للوطن في دولة تقوم بدورها الطبيعي في حياة سكانه. وهذا من شانه ان يصرف الحراك الوطني الديمقراطي التحرري في طريق بناء دولة ديمقراطية لوطن ينتمي إليها الأفراد بتنازلهم بقدر عن إنتماءاتهم الأولية لصالح واقع عام جديد تجمع وتحقق المصالح المشتركة للجميع ؛ وفق القيم الانسانية المشتركة؛ وتعزز الحقوق العالمية للإنسان.
ويلفت مركز السودان المعاصر في تنويهات إلى دعواته المتكررة للعمل في الشأن العام إنطلاقا من قاعدة التنظيم المعاصر وإستنادا على قاعدة الحقوق الجماعية والمصالح المشترك للسكان عامة وعلى إطار من منظمومة الأخلاق ؛ وذلك تجاوا وتفكيكا للفكرة دولة الولاءت القبلية والدينية الطائفي التي يمثل منهجية الدولة والنظام القائم واحزاب الشمال؛ والتي عبرها أهلكت شعوب وامم وسيرت الأفراد أتباع منقادين لأغراض شخوص الاحزاب .
إنه من الأهمية بمكان ؛ وهو يتعاطى العمل فيالشأن العام أن ينظر الإنسان إلى نفسه بكونه سوداني بكامل ما تعنيها الكلمة يفكر ويتعاون ويسهم في مسعى بناء وطن للجيمع.
إن الدعوة إلى ضرورة حل المؤسسات القبلية وأبعاد الأطر القبلية والدينية عن العمل العام تأتي أهميتها مما أشار إليه مركز السودان المعاصر إلى ان هذه المؤسسات والاطر في اقليم دارفور وكردفان قد تحولت إلى دويلات داخل دولة ؛ بنت لها مؤسسات مالية وحربية أمنية وإعلامية؛ وفيما غدت مجالس شورى الأمم الزنجية من السكان التارييخيين الذين يتعرضون لحملة الإبادة من الدولة إلى هيئات تبرر إنتهاكات حقوق الإنسان في أفرادها ؛ وتحولت مجالس شورى المجموعات التي تعتبر نفسها عربية إلى مجالس حرب تقرر وتدعم أعمال النظام في إطار حرب الإبادة والتطهير العرقي المستمر وكانت ضحيتها العديد من البشر أفرادا وجماعات وشعوب مستضعفة من ويلات هذه الوضعية المهلكة ؛ كما نتابع اليوم في حالة أفراد شعب القمر الصعيد .
إن بيان مجلس حرب قبيلة البني هلبة بتوقيع رئيسها السيد حامد على تورين ؛ يأتي تعقيبا لتصريح الفريق المتقاعد صديق محمد إسماعيل وكيل نظارة البني هلبة ؛ وما قدمتها التحليلات والأخبار من دور الدكتور الحاج ادم يوسف نائب رئيس النظام ؛ وناظر القبيلة التوم دبكة ؛ وقائد شرطة الإحتياط المركزي لتقدم لتبرز كيف أن الأحداث في المنطقة وقعت بتخطيط مسبق ؛ في سياق حرب الإبادة يشارك فيه الجنرال ادم جار النبي والي الولاية ؛ ووزير الداخلية ابراهيم محمود حامد؛ ووزير الدفاع عبد الرحيم حسين ورئيس جهاز الامن الجنرال محمد عطا وتحت رعاية الجنرال البشير رئيس الدولة.
مركز السودان يلفت الإنتباه إلى أن وضع الجرائم في كتيلة وإنتكينا تحت عنوان ( حرب بين قبيلتين ) هو تعريف غير صحيح وبعيدا عن الدقة . إن ما يجري هو إعتداء منظم من الدولة و مليشياتها في عد الغنم بهدف تهجير قسري لشعب القمر من أرضهم من اجل سياسة رسم خريطة جديدة ذات أبعاد داخلية وخارجية وتسكين شعب (عربي)آخر بأرضهم . وفي ظل هذه الأعمل تقع الجرائم البشعة التي أعد لها . وهي الحالة ذاتها التي وقعت سابقا ضد شعوب الداجو و الفور والمساليت والزغاوة والأرينقا والمسيرية جبل والتجور والبرتي والبرقد ؛ نفذتها مجموعات مدعومة من النظام أفضت إلى وضع الكثير منها في مخمات العزل العرقي وابادة جزء اخر؛ وتم تسكين مستوطنون جدد بأرضهم ؛ وهي ما عرفت كجريمة ابادة جماعية باعتراف المؤسسات الدولية وفق الوثائق. وهو نموذج مكرر لنمط الأوضاع التي أفضت إلى جرائم أرتكبتها مجموعات الهوتو بدعم من نظام الدولة وسياسيتها في روندا ضد شعب التوتسي سنة 1994ف؛ وتحت رقابة المجتمع الدولي .
يجدر الإشارة هنا إلى أن قادة من أبناء شعب القمر الريح في كلبوس وبدعم من النظام الحاكم ووفق سياسية التطهير الممنهجة كانوا طرفا من جرائم ضد الإنسانية أرتكبت في حق شعوب الأرنقا والمسيرية في جبل مون ؛ وأفراد من شعب الزغاوة ذلك بين عامي 2004-2008ف ؛ وذلك بمتابعة ورصد مركز السودان ؛ وهي أحداث لم يكن طرفا فيها احد من شعب قمر الصعيد الذي يعيش واقعا مأسويا طوال حياته ؛ ويجب ملاحظة ذلك حتى لا يأخذ أفراد القبيلة الواحدة في دارفور بجريرة أخريين وفق الوعي النمطي المشاع عن القبلية .
إن مركز السودان المعاصر يلتمس من الجنائية الدولية ومجلس الأمن الدولي والإتحاد الإفراقي العمل على وضع حد للجرائم المستمرة ضد شعب القمر الصعيد وشعوب اخرى من التاما والمساليت والرونقا والبرقوا في سياق جرائم التطهير التي تجري بالسودان من قبل النظام الحاكم . وإنه من المحتمل أن يدعم النظام اعمال عدوانية تالية في كتيلة وأنتكينا في الأيام القادمة وذلك عقب بيان مجلس حرب مليشيات البني هلبة الساعي للبحث عن مشروعية إرتكاب جرائم جديدو وهو يخلق تبرير لما أرتكب من جرائم سابقة في المنطقة.
وينقسم شعب القمر في إقليم دارفور إلى قسمين كبيرين هما قمر الصعيد سكان كتيلة وأنتكينا ؛ وقمر الريح سكان كلبوس وتعرف كلا المنطقتبن (بدارقمر) كما يوجد أعداد كبيرة من الشعب منتشرون في الإقليم ؛ و غالبهم في بلدات سرفة عمرة ؛ وكبكابية ؛ وكلما ؛ وطويلة. وحالة إنتشار الأمم الزنجية باقسامها نمط حياة في القارة الأفريقية ؛ وتنتشر بمجموعات صغيرة و كبيرة ؛ على سبيل المثال : داجو دار سلا ؛ وداجو أمكردوس وداجو الدار الكبير . ودينكا ملوال ؛ ودينكا نوقك ؛ ودينكا بور . والفور الكراكيت في وادي صالح ؛ الفور الكنجارة في كتم ؛ والفور الجبالة في هضبة جبل مرة ؛ وفور التمروكة في جبل سي . وكذالك هناك مساليت دار اندوكا في غرب دارفور ؛ ومساليت قريضة وجوخانة . وهذه السمة الإفريقية عاشت من قرون من وصول هجرة الرعاة الذين يعتبرون أنفسهم عربا إلى السودان . وكلما تعرف كل مجموعة أرضها (بدار) فإنه وفق النظام الإجتماعي القبلي للأمم يوجد على رأس عشائر الشعب في كل منطقة زعيم إداري روحي ذو مكانة جليلة في كل مجموعة يتميز بالحكمة والعدل.
مركز دراسات السودان المعاصر قسم الرصد الصحفي 15 جونيه 2013