تناولت وسائل الاعلام الفرنسية و الدولية في المدة الاخيرة عددا من الفضائح المالية و السياسية التي عرفتها فرنسا ابان ولاية الرئيس نيكولا ساركوزي. لكن أبرزها تلك التي تهم رجل الاعمال برنار طابي الذي استفاد من محاباة أجهزة الدولة في نزاعه مع بنك كريدي ليوني حيث استفاد بمقتضى تحكيم قضائي منحاز من مبلغ 400 مليون أورو . السؤال المطروح هو كيف روض الرئيس نيكولا ساركوزي أجهزة دولة عريقة إلى وسيلة لإثراء المقربين و الاصدقاء؟ ويعد برنار طابي واحدا من أثرياء رجال السياسة الفرنسيين حيث شغل سنة 1992 منصب وزير المدينة في حكومة بييربروكوفوا الاشتراكية (وزير اول اشتراكي مات منتحرا في فاتح ماي 1993احتجاجا على اتهامه زورا في قضية ارتشاء), بعد ان قبل بيع شركته أديداس لفائدة بنك كريدي ليوني كشرط - فرضه الرئيس الراحل فرنسوا متران- لاستوزاره . لكن النزاع التجاري القضائي بين رجل الاعمال الفرنسي, الذي انسحب من الحزب الاشتراكي , و بنك كريدي ليوني استمر طويلا ومر بمساطر قضائية ماراطونية إلى ان تسلم نيكولا ساركوزي الحكم سنة 2007, حيث اتخذت وزيرته في المالية كرستين لكارد قرارها بالالتجاء إلى تحكيم قضائي خاص. ويجب التنبيه ان الالتجاء إلى مثل هذه المسطرة القضائية ينحصر فقط على النزاعات التجارية بين الافراد, لكننا في هذه الحالة امام نزاع قضائي الدولة طرف فيه لانها تملك حصة مهمة من اسهم بنك كريدي ليوني وعضو بمجلسه الاداري , كما ان المبلغ الخيالي 400 مليون أورو مقتطع من ضرائب المواطنين. فكيف بأموال من هذا الحجم ومن المال العام ان تصرف لفائدة رجل اعمال دون دعم مباشر من الرئيس نيكولا ساركوزي؟ مع العلم ان برنار طابي ساند هذا الاخير ابان حملته الانتخابية لسنة 2007. هذا ما يحاول القضاء الفرنسي معرفته حول هذه الفضيحة حينما وجه قاضي التحقيق تهمة الاحتيال وتكوين عصابة لبيير اسطوب احد اعضاء لجنة التحكيم التي اصدرت الحكم لصالح برنار طابي, كما ان وزير ة المالية السابقة و الرئيسة الحالية لصندوق النقد الدولي شاهدة رئيسية في القضية بعد الاستماع إ ليها لساعات طوال من طرف محققي الشرطة المالية, لكن ما يعزز الشكوك حول تدخل الاليزي في هذه القضية وانحيازه للثري الفرنسي برنار طابي هو ما صرح به للمحققين السيد ستيفان ريشاد الرئيس الحالي لشركة أورونج والمدير السابق لديوان وزيرة المالية أنداك كريستين لاكارد, حيث أكد انعقاد اجتماع بالاليزي سنة 2007 ضم متعاوني الرئيس كلوك كيون الكاتب العام للاليزي وفرونسوا بول حول موضوع نزاع برنار طابي و بنك كريدي ليوني. الشرطة المالية تتهم استيفان ريشارد بترتيب عملية الاحتيال وتشكيل هيئة تحكيمية جل أعضائها من المقربين لكل من الرئيس ساركوزي ورجل الاعمال برنار طابي , وكشف التحقيق أيضا ان هذا الاخير عقد لقاءات متعددة بعد 2007 بقصرالاليزي مع الرئيس ساركوزي نفسه. وتنضاف هذه الفضيحة إلى سجل فضائح ولاية الرئيس نيكولا ساركوزي الذي اتهم مؤخرا بالتغريربعجوز ثرية, أغنى امراة في فرنسا ,و تدعى بتونكور,لاستنجاد دعم مالي,غيرقانوني, لتمويل حملته الانتخابية لعام 2007, بالاضافة إلى علاقاته المشبوهة مع معمر القذافي والعديد من قادة الدول سيئ السمعة . وجذير بالذكر ان تقاطع المصالح بين عالم المال و السياسة وتناسل الفضائح المالية و الاخلاقية لرجال السياسية, رياضة وطنية فرنسية تمارسها ايضا نخبة اليسار البورجوازي الفرنسي الذي اعتنق بدوره ومنذ مدة العقيدة الليبرالية الاقتصادية . هذه القضية تكشف و بجلاء العلاقات "الحميمية" التي تنسج بين الاثرياء و اصحاب القرار السياسي. ويذهب الكثير من الملاحظين إلى ان مثل هذه الفضائح ستكون لها تداعيات سلبية على صورة العمل السياسي بفرنسا و المستفيد الاكبر منها هو اليمين المتطرف الذي ينتعش في ظروف الازمة الاقتصادية والسياسية.