(الأخبار) تحاور نائب رئيس إدارة الشرق الأوسط بصندوق النقد الدولي على السودان تحسين علاقاته مع الدول الدائنة الوضع يفرض على الحكومة اتخاذ سياسات اقتصادية غير شعبية (80%) من ديون السودان متأخرات حاوره في الخرطوم: د. أنور شمبال تصوير: عبد المحسن حسبو وصف صندوق النقد الدولي الاتفاق الأخير بين السودان وجنوب السودان بأنه فرصة ذهبية للسودان لتجاوز صدمته الاقتصادية، وتنقية علاقاته مع الدول الدائنة من أجل إعفائه من ديونه الخارجية المقدرة ب(42) مليار دولار خلال سنتين، مبدياً أمله بألا يصل البلدان مرحلة تقسيم الديون، والتي تعتبر من أعقد الأمور وأصعبها. وقال إدوار الجميل نائب رئيس قسم إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي الذي زار السودان مؤخراً على رأس بعثة، في حوار مع (الأخبار) إن الاتفاق الأخير بين البلدين نص على أن يتحمل السودان الديون بشرط أن يتم إعفاؤه أو يتحصل على على التزام بإعفائه من الدول الدائنة خلال سنتين، مبينا أنه حال لم يتم ذلك الشرط تعاد الديون ليتم تقسيمها بين البلدين. ونبه الجميل إلى أنه في فترة السنتين هذه يمكن لدول نادي باريس إقراض دولة الجنوب، ولا تتوفر تلك الفرصة للشمال، معددا الطرق والأساليب التي يمكن بها تجاوز المرحلة.. فإلى ما دار في ذلك الحوار:- # في البدء نريد معرفة مهمة الزيارة؟ = علاقة صندوق النقد الدولي والسودان قديمة تعود إلى عشرات السنين، وهو أحد أعضاء الصندوق، ومن ضمن حقوق العضوية التشاور المستمر مع الحكومات أياً كانت، ولذلك هناك بعثات للصندوق إلى البلدان الأعضاء ونحن كصندوق نقد دولي نقدم ثلاثة أنواع من الخدمات أولاً: المشورة الاقتصادية، وثانياً المساعدات الفنية، وثالثاً المساعدات المالية، وكان السودان يستفيد من الخدمات الثلاث بما فيها المساعدات المالية (قروض)، ولكن منذ منتصف الثمانينيات من القرن الماضي، أصبح على السودان متأخرات ديون لدى الصندوق، فيما أن سياسة صندوق النقد صارمة وواضحة في المتأخرات فأي بلد أيَّاً كان متقدم أو متطور أو متأخر، فقير أو غني (بلا تمييز) لديه متأخرات ديون لا يستطيع صندوق النقد الدولي أن يقدم له قروضاً ما لم تسدد الديون أو تتم معالجتها وبالتالي أصبح السودان غير مستفيد من هذه الخدمة، فقط يتمتع بالمشورة الاقتصادية والمساعدة الفنية. # كم تبلغ متأخرات السودان لدى الصندوق؟ = حوالي (1.5) مليار دولار معظمها متأخرات، وبسبب المتأخرات، لا يستطيع صندوق النقد تقديم أي قروض للسودان. # فيم تركزت مهمة الزيارة هذه؟ = ظل صندوق النقد يرسل بعثات إلى السودان سنوياً، وبعد انفصال الجنوب صارت البعثات تأتي بكثافة أكثر لتقديم المشورة الاقتصادية للحكومة بما يتعلق بالتحديات المالية والاجتماعية في نطاق مهمة الصندوق. وهذه البعثة جاءت في هذا الإطار للبعثات العديدة التي تأتي كل شهرين، ثلاثة، ومهمتنا كمستشارين للحكومة، وفي بعض الأحيان تطلب منا الحكومة استشارة معينة وفي موضوع معين، ونقدم لها ما طلبته، وفي حال لم تطلب منا ذلك نقف على الوضع الاقتصادي ونقيمه ونعطيعهم آراءنا ومقترحاتنا. # من واقع زيارتكم هذه ما تقييمكم للوضع الاقتصادي؟ = بعد انفصال الجنوب أصبحت التحديات الاقتصادية كبيرة فقد أدى الانفصال إلى صدمة اقتصادية، حيث أن السودان بعد انفصال الجنوب خسر (75%) من إنتاجه من النفط وخسر ما يقارب (55-60%) من إيراداته في موازنته العامة، وخسر ثلثي العملة الأجنبية (دولارات) التي كان يتحصل عليها البنك المركزي من بيع النفط، وذلك الوضع يمثل صدمة كبيرة (أوي). فأي اقتصاد أو مؤسسة أو شخص أو فرد يخسر (60%) من معاشه لا بد له أن يرتب أوضاعه ليتأقلم مع واقع العيش الجديد.. فمن هذا المنطلق نحن نأتي لنقدم استشاراتنا لإعادة النظر في السياسات الاقتصادية، التي كانت مبنية على اقتصاد النفط، وبعد يوليو 2011م صار الاقتصاد مبنياً على القطاع غير النفطي، وصار النفط يشكل جزءاً ضئيلاً في الاقتصاد الكلي، وهذا الوضع أثر على القطاعات كافة، مما يحتم على الحكومة أن تتخذ بعض السياسات الاقتصادية ربما منها غير شعبية، أو غير محبذة من المواطنين كافة، لكن أي حكومة تفقد (60%) من إيراداتها لا بد لها أن تتأقلم وتتغير لتتناسب مع الواقع الحالي الذي خسر فيه السودان النفط وبدأ التضخم يزيد تدريجياً وبلغ (42%) في أواخر مارس/آزار وهي نسبة لم يصلها السودان منذ أواخر التسعينيات من القرن الماضي حيث كانت في حدود (17-18%)، ولسوء الحظ أن التضخم لا يميز بين الغني والفقير في آثاره السالبة فهو يؤثر على الجميع.. طبعاً تأثيره الأكبر يكون على الفقير لأن إيراداته أقل من الغني، ولكن كل سوداني تتأثر قدرته الشرائية من التضخم، هذا هو التأثير الأول. والتأثير الثاني أن العملة صارت تفقد قيمتها تدريجياً فمن (2.7) جنيه للدولار أصبحت حالياً في السوق الرسمي (5.6) جنيه للدولار الواحد, وفي السوق الموازي فوق ال (6.5) جنيه للدولار تقريباً، فأي اقتصاد فيه سوق موازية، هذه دلالة على وجود خلل ما في الاقتصاد وعليك أن تضع سياسات لمعالجة المشكلة.