بسم الله الرحمن الرحيم.. عبدالغني بريش اليمى فيوف الإنقلابات في العالم العربي والإسلامي ليس شيئا غريبا منذ القدم ، حيث أن تلك الإنقلابات كانت يقوم بها العسكر لإزاحة أنظمة مدنية منتخبة .. غير أن شيئا غريبا قد حدث في 30 يونيو 1989 ، وذلك عندما قام حزب الجبهة الإسلامية المعارض في السودان بإنقلاب عسكري بالتعاون مع عدد من كبار ضباط الجيش السوداني المحسوبين عليه عقائدياً . وكان هذا أول مرة في تأريخ السودان أن يقود حزبا سياسيا إنقلابا للإطاحة بنظام منتخب ديمقراطيا . مرت الأيام والسنين ، وإذا بحزب الجبهة الإسلامية الحاكم يطيح بزعيمه الروحي بطريقة مذلة ومهينة في عام 1999 ، الأمر الذي عكر دمه ليصف من أطاحوا به من زعامة الحركة الإسلامية بأبشع الأوصاف ، أقلها أن الذين أطاحوا به لا يفقهون شيئا في الإسلام ، وأنهم وراء السلطة والجاه . نفس حسن الترابي الذي تآمر على النظام الديمقراطي في عام 1989 أيها القُراء الكرام ، جاء وبكل وقاحة ليندد بالأحداث التي وقعت في مصر يوم الأربعاء 3 يوليو 2013 ، واصفا ما أقدم عليه الجيش المصري ب"الانقلاب على الدستور وعلى الشرعية". وقال الترابي إن "مرسي كان أول زعيم منتخب ديمقراطيا وأصدر دستورا أراده الشعب"، معتبرا أن ما حدث معه يعد انقلابا على الشرعية . وأضاف في تصريحات للصحفيين أن مرسي "وقع ضحية لائتلاف بين الجيش والمسيحيين والليبراليين الذين يؤمنون بالديمقراطية لأنفسهم ولكن ليس للآخرين " . إن إدانة الحركة الاسلامية السودانية ما حدث في مصر وإعتباره انتهاكا للشرعية الدستورية والديمقراطية ، تتناقض مع تأريخها ، فدكتور حسن الترابي هو من قام بإنقلاب عام 1989 الذي قضى على الشرعية الدستورية والشعبية ، وذلك لتمكين الإسلاميين حتى يحكموا سيطرتهم الكاملة على مؤسسات الدولة . وعندما نجح إنقلابهم المشؤوم تلك ، إستطاعوا استبدال دولة الأحزاب المتعددة بدولة الحزب الواحد ، وأدخلوا السودان في حروبات عبثية ، أدت إحداها إلى انفصال الجنوب . أما البقية ، فما زالت تشتعل في أجزاء أخرى من السودان الشمالي المنفصل وتحصد عشرات الألاف من الأرواح البريئة ، وقد تؤدي هي الأخرى إلى إنفصالات قادمة . حسن الترابي ينطبق عليه قول الله سبحانه وتعالى { أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون } البقرة 44 . وبهذه الآية الكريمة ، نستطيع القول إن الترابي ليس هو الشخص المناسب للحديث عن " الشرعية " والإنتخابات الديمقراطية في مصر وغيرها . لماذا يتذكر الترابي عيوب غيره ويحفظها عن ظهر قلب .. في حين يتعمد نسيان أخطاءه القاتلة ويدفن رأسه في الرمال ويلوم المسيحيين والليبراليين على ما لحق بأخوان من مصاعب ومتاعب ؟! إن بكاء العرّاب حسن الترابي على سقوط الأخوانجي محمد مرسي ، كالصانع بصناعته ، والتاجر بتجارته ، والعامل بعمله ، لا يقصدون إلآ إيفاء وظائفهم الدينية حقها ، ليستحقوا بذلك ما يُعوَّضون عليه من مراتب ورواتب ، فهم لا ينظرون إلى حال أنفسهم تجاه تلك الأوامر التي يأمرون بها الناس . ما حدث في مصر ، ما هو إلآ نتيجة حتمية للأفعال العدوانية التي أظهرها حزب الأخوان المسليمين تجاه الشعب المصري والقوى المصرية السياسية الأخرى التي لا تشاطرها الرأي والمواقف منذ أن وصل إلى السلطة في 30 من يونيو 2012 .. وعليه قرر الشعب والقوى السياسية المقصية أن تتحول حربهم ضد محمد مرسي وحزبه من حرب أسلحة إلى حرب هى أشد خطورة من حرب الأسلحة ، وهي جمع التوقيعات بسحب الثقة من حكومة محمد مرسي ، ثم الخروج إلى الشوارع في كل محافظات مصر حتى تزول نهائيا ، وفعلا دارت عليها دائرة السوء وزالت تماماً .. وبهذا الزوال الأخواني يكون الشعب المصري قد حقق هدفا كبيراً من أهدافه ، وما علينا سوى مباركة خطوته هذه وتقديم أحرّ التهانيء له بهذه المناسبة التأريخية العظيمة .. ونقول له سر وعين الله ترعاك ، وخليك من كلام الترابي ، وهو كلام الحاقدين المفلسين ، ولا تسمح أبداً بأن يستغل الدين لباساً يتوارى خلفه المتطرفون والعابثون والطامحون لمصالحهم الخاصة . والسلام عليكم...