· تجرأ رئيس نادي الهلال السيد الأمين البرير أكثر من اللازم في نظر البعض حين قال عبر إذاعة إثارة القلاقل والمشاكل ( الرياضية إف إم 104) أن على السيد جمال الوالي أن يوفر أمواله التي لا نعرف من أين أتت ليصرفها على لاعبي المريخ فالأهلة ليسوا في حاجة لها!
· قامت الدنيا ولم تقعد في أعقاب حديثه الرئيس المصادم.
· لا خلاف مطلقاً حول حقيقة أن ود الجنيد لاعب وطن ويستحق من الجميع الوقوف معه في محنته.
· لكن يبدو واضحاً أن في الأمر ما ضايق الكثير من الأهلة وليس البرير وحده.
· استغلال الحالات الإنسانية من أجل تحقيق مزيد من الصعود على أكتاف الآخرين أمر لا تقبله الإنسانية المُفترى عليها.
· نتفق تماماً حول أن الوالي على المستوى الشخصي رجل مهذب وهادئ ووديع.
· لكن هذا الوالي هو نفس الرجل الذي ينتمي إلى تنظيم سياسي عُرف بمكر رجاله.
· رجال تنظيم الوالي منقسمون بين من يغلظون القول ومن يضربون تحت الحزام.
· وربما أن البرير شعر بأن مبادرة المريخ الإنسانية ليست سوى محاولة للضرب تحت الحزام.
· وليس خافياً على أحد أن البرير من النوع الواضح الذي يقول ما يجيش بخاطره وربما أنه فعلاً لا يعرف لغة الدبلوماسية وهذه مشكلة بالنسبة لمن يتولى منصباً كبيراً كمنصب رئيس نادي الهلال، خاصة أننا لم نعد نرحب بمن يتكلمون بوضوح.
· قد يقول قائل أن البرير لم يوفق في اختيار التوقيت المناسب للتعبير عن ما بداخله، لكن ذلك لا يغير من حقيقة أن جزءاً من كلامه سليم وليس فيه ما يسيء لمنصب رئيس الهلال أو له شخصياً.
· فهو لم يبتعد كثيراً عن الحقيقة التي تعودنا في السنوات الأخيرة أن نخفيها أو على أقل تقدير نضع عليها الكثير جداً من أدوات التجميل.
· الأمر بالنسبة لرجل الأعمال البرير الذي ينتمي لأسرة ذات تاريخ طويل في مجال المال والأعمال ربما عنى أكثر من مجرد مبادرة لعلاج لاعب الهلال السابق ود الجنيد.
· وهو محق في جزئية أن أبا جريشة والوالي لو كانا فعلاً جادين في حديثهما عن الإنسانية وتقدير حالة اللاعب لنسقا مع أعضاء مجلس الهلال أو على الأقل أبلغوهم بمبادرتهما قبل الإعلان عنها رسمياً باعتبار أن ود الجنيد لعب للهلال.
· ومثل هذا التنسيق يكتسب أهمية خاصة في ظل ما يعانيه الهلال ورئيسه من ضغوط غير خافية على أحد.
· ثم أن المبادرات الإنسانية الراقية حقيقة لا تبدأ من وسائل الإعلام.
· كما من الصعب جداً إقناعنا بأن السيد عادل أبو جريشة رجل مبادرات من هذا النوع.
· فلو أنه فعلاً يحب العمل الإنساني ويجمع قدامى اللاعبين حوله بغض النظر عن انتماءاتهم لما سمعنا منه تلك العبارة الخادشة للحياء عندما سجل المريخ هدفه الوحيد في مرمى الهلال في آخر لقاء بين الفريقين.
· الإنسانية كم لا يتجزأ بهذا الشكل لنلجأ لها وقت أن نشعر بأنها تخدم لنا بعض الأهداف ونصبح أبعد ما نكون عنها في أوقات أخرى.
· تناول بعض الزملاء حالات إنسانية عديدة تخص بعض لاعبي المريخ القدامى وقالوا أن مريخ الوالي لم يتعامل معها وتساءلوا عما يجعله متحمساً لعلاج ود الجنيد في هذا الوقت.
· وأنا هنا أوسع الماعون أكثر لأقول أن ود الجنيد في نهاية الأمر فرد واحد من وطن يعاني فيه الملايين.
· صحيح أنه حالياً طريح الفراش وكلنا نتمنى أن يجد العون من كل مقتدر حتى يتجاوز محنته ويمن عليه المولى عز وجل بالشفاء ( آمين يارب العالمين).
· لكن يجب أن نتذكر أن العشرات وربما المئات من أبناء الوطن الذين قدموا إسهامات أكبر وأكثر أهمية لم يجدوا من الدولة التي يحكمها تنظيم جمال الوالي ولو كلمات شكر دع عنك مساهمات في علاجهم أو تخفيف معاناتهم.
· والناس عندما يتكلمون عن مبادرات الوالي الخيرية الرائعة لابد أن يسألوا أنفسهم قبل ذلك عن ما أوصلنا لأن نحتاج لمثل هذه المبادرات الفردية التي لا تستفيد منها سوى فئة قليلة للغاية في البلد.
· وماذا عمن يعيشون أوضاعاً أسوأ بكثير دون أن يسمع بهم أحد لكونهم لا يملكون إمكانية الوصول للصحف أو الأقلام التي تسلط الضوء على معاناتهم!
· شخصياً لا يستوقفني الحديث العاطفي كثيراً ولا تدخل عقلي العبارات الرنانة التي تضع خطوطاً حمراء أمام إعمال العقل.
· فعندما يقول البعض مثلاً أن الوالي قدم اسهامات وطنية كبيرة في المجال الاقتصادي أهلته للقب الدكتوراة الفخرية فلابد أن يحصوا لنا ببساطة وبالحساب الذي نفهمه عدد هذه الإنجازات الوطنية فعلاً؟
· وعندما يحدثوننا عن مبادراته الراقية لابد أن نتساءل بدورنا عن امتناع الوالي المؤثر جداً في تنظيمه وإحجام أمثاله من لعب دور فاعل وجاد من أجل تغيير الواقع البائس الذي يعيشه معظم أبناء الوطن.
· أعلم تمام العلم أن الوالي لا يمنح أصحاب حق ( عديل ) حقوقهم حين يكون الأمر بعيداً عن الإعلام ويجعلهم يطاردونها كمن يستجدون نفقة.
· ولا يعقل أصلاً أن يفقر كل شعب السودان ويعجز غالبية أبناؤه عن توفير لقمة العيش أو تعليم وعلاج أطفالهم وفي نفس الوقت نحدث الناس عن مبادرات فردية هدفها الأساسي هو ما يحيط بها من بروباجاندا إعلامية زائفة.
· من يرى أن البرير أخطأ فمن حقه أن يفكر بهذا الشكل ومن يقول أن الرجل لم يخطئ فله مبرراته أيضاً، لكن ما هو غير مقبول أن يحاول بعضنا تضخيم الأمر والتعامل معه كخطأ فادح وغير مسبوق.
· و يخطئ من يظن أنه يستطيع أن يحرق الرجل عبر استغلال تصريحه الأخير ضد الوالي والمريخ.
· صحيح أن السودانيين في السنوات الأخيرة صاروا يحتفون بأثرياء القوم دون أن يسأل أحد عن مصادر الأموال.
· لكن في الآونة الأخيرة طالت الانتقادات رئيس الجمهورية نفسه وتحدث البعض عن فساد مالي لأشقائه فما المشكلة في أن يقول البرير ( أموال الوالي التي لا نعرف أصلها)!
· ولو أننا سمعنا بجمال الوالي كرجل أعمال أو كشاب ينتمي لأسرة ثرية منذ عقود خلت لما قبلنا من البرير مثل هذا الحديث، لكن الواقع يقول أن الوالي من أثرياء البلد الجدد.
· وهؤلاء الأثرياء الجدد تنامت أموالهم في وقت اشتد فيه فقر الآخرين وضُيق الخناق على العائلات التي كانت تعيش في ( بحبوحة).
· تنظيم جمال الوالي سعى لتهميش العائلات الكبيرة والمعروفة ودونكم أبناء المرحوم الشيخ مصطفى الأمين كمثال واحد فقط.
· ولهذا كان طبيعياً أن ينفعل البرير عندما تستضيفه الإذاعة الرياضية في هذا الوقت الذي يواجه فيه ناديه الكثير من المصاعب لتحدثه عن مبادرة قريش والوالي لعلاج لاعب هلالي سابق التي تقضي بلعب مباراة خيرية قبل يومين فقط من لقاء الهلال الأفريقي الهام.
· صحيح أننا أمام حالة عاجلة لكونها ترتبط بعلاج مريض، لكن لماذا طالت معاناة ود الجنيد لكل هذا الأمد؟
· لماذا لم يطلق قريش والوالي هذه المبادرة قبل شهور من الآن لعلاج الفتى؟!
· وقبل أن يلقي البعض اللوم على البرير لابد أن يلوموا الإذاعة الرياضية التي أرى أنها مع قناة قوون ستشكلان حجر عثرة حقيقي أمام تقدم كرة القدم السودانية.
· فهذان المنبران الإعلاميان يبحثان عن الإثارة بأي شكل ونحن في أمس الحاجة لإعلام راشد لا مجرد أبواق ومطبلاتية ومهرجين.
· وعلى ذكر قناة قوون فهي رغم عجزها التام عن أداء رسالتها الإعلامية بالصورة المتوقعة قد حظيت بحقوق أكبر من إمكانياتها لا لشيء سوى أننا في سودان اليوم نفسح المجال واسعاً لشيء اسمه لعبة المصالح.
· فمديرها العام خصص أجزاء واسعة من عموده اليومي بجريدته قبل الانتخابات بفترة لصالح مرشح رئاسي واحد هو السيد المشير عمر البشير رئيس الجمهورية ويبدو أنهم يكافئون الرجل على ذلك الآن.
· فرغم أنف المشاهدين الذين يلعنون القناة كل يوم تستمر في بث دورينا الممتاز حصرياً علماً بأنهم لا يعرفون من حصرياً هذه غير الأحرف التي تكتب بها.
· حتى الأمس القريب أضاعوا على المشاهدين شوطاً كاملاً من مباراة الهلال وحي العرب بحجة غريبة ( الصورة لم تصل من المصدر).
· والمصيبة أنهم يبدون كمن لا يفهم أو يتعلم من أخطائه فمع غضبنا من عدم وصول صورتهم التي يبدو أنه تأتيهم من الإستاد داخل ركشة، كانوا يبثون بين الفنية والأخرى إعلانات تروج للقناة.
· أكثروا أيضاً من إعلاناتهم عن مباراة الهلال والأفريقي التونسي التي سينقلونها حصرياً، ناسين أننا نجلس في ذات اللحظات لمشاهدة مباراة عجزوا عن نقبل شوط كامل منها.
· ونرجو ألا تتأخر الركشة وتأتي بالصورة سريعاً يوم مباراة الهلال والأفريقي.
· ولا أدري كيف يتحدثون عن المصدر وهم من يملكون حقوق البث الحصرية لنقل مباريات الدوري الممتاز!
· مفردة المصدر تقال عندما تنقل قناة الجزيرة مثلاً مباراة في الدوري الأسباني، أو في حالة وجود اتفاق بين قناة أولى تزود زميلة لها بالخدمة.
· لكنهم في قوون يستمتعون جداً بتكرار ممجوج لمفردة (حصرياً) وفي نفس الوقت يقولون أن الصورة لم تصلهم من المصدر!
· والمضحك في الأمر معلقهم استهل تعليقه على شوط المباراة الثاني بالقول " أحييكم مجدداً."
· هو انت حييتنا أولاً متين عشان تحيينا مجدداً في الشوط الثاني يا معلق الهناء!
· هذا هو سودان اليوم.. كل شيء يتم فيه من أجل أغراض لا علاقة لها بما هو معلن البتة.
· فمن غير المعقول أن تكون هناك منافسة حقيقية بين الجزيرة والشروق وقوون لنقل مباريات الدوري الممتاز وتمنح هذه الحقوق لقوون.
· تابعنا جميعاً في الفترة الماضية كيف أن الإذاعة الرياضية والقناة المذكورتان كانتا تفتحان الباب واسعاً لصلاح إدريس كلما ازدادت الأمور في الهلال سوءاً لكي يبث سمومه من خلالهما ويزيد التوتر القائم.
· وبمناسبة صلاح إدريس أقول للأخ مزمل الذي ذكر أن الأرباب الكريم الفارس المغوار لم يكن من الممكن أن يتفوه بمثل ما قاله البرير.. أقول له أن الأرباب هو أول من أرسى لثقافة جديدة قوامها الإساءة لرموز الهلال.
· وأتساءل: أين كان دور الأرباب الفارس المغوار من مرض ود الجنيد! فمعاناة الفتى ليست وليدة اليوم، بل ظل يصارع آلامه منذ أيام رئاسة الأرباب للنادي.
· الأرباب كان يقول الكثير من الكلام الذي لا يشبه الفرسان ولا المغاوير ولا كرماء القوم أخي مزمل، لكنه لم يكن بالطبع يقول كلمة في حق جمال الوالي وهذا هو مربط الفرس.
· ويبدو أن بعض أخوتنا المريخاب كانوا يتمنون فوزه بكرسي الرئاسة مجدداً لهذا السبب.
· ومن الطبيعي جداً ألا يقول الأرباب أي كلمة ضد الوالي لاعتبارين الأول والأهم أنه قادم جديد مثله والثاني علاقة النسب التي تربطهما.
· صحيح أن للرياضة رسالة سامية وهي يفترض أن تجمع ولا تفرق، لكن دون أن نجزئ الأشياء فندعو للمحبة في مناسبة ونحرض جماهير أحد المعسكرين في مناسبة ثانية ونسيء لغيرنا ونصف أنفسنا بصفوة القوم في مناسبة ثالثة.
· لا نريد للبرير أن يحارب الوالي أو أي شخصية مريخية أخرى، لكن من حقه أن يعبر عن قناعاته بالطريقة التي يراها.
· وليس صحيحاً أن تصريحه المذكور يؤكد أنه غير جدير برئاسة نادي الهلال، فهو على الأقل أكبر قامة من الأرباب الذي رأينا كيف أن الكيان تحول إلى ملكية خاصة في عهده الذي ساده الكثير من العبث.
· خلاصة القول أن البرير لم يشرك بالخالق علا شأنه، بل عبر عن رأي اتفق معه شخصياً غض النظر عن الظروف والملابسات التي قاله فيها.