اعتبرها الأهالي معجزة عصية من الاندثار: غابات الحواتة تُسمد نفسها تلقائياً وتحفظ توازن السودان البيئي الحواتة : حيدر عبد الحفيظ أكثر من 85 غابة متجاورة ومتراصة على مساحة 45 ألف فدان تقع في الرهد أغنى معتمديات ولاية القضارف، تعد ثروة بيئية للسودان، حيث ظلت أشجار السنط التي تغزو تلك الغابات معجزة طبيعية عصية عن التغيير والاندثار، بالرغم من تكالب أيادي الإبادة من كل صوب وحدب، فإن لم تسلم الغابات من (منشار) الحكومة كما يُطلق على أكبر ورش تصنيع الأخشاب بمنطقتى( ود مسكين و الحواتة )، فإن الغابات قد لا تسلم من تعدي الأهالي عليها بالقطع العشوائي لأشجارها، حيث يعتمد نشاطهم الاقتصادي عليها بنسبة 85% متمثلاً في بيع الفحم والحطب وأخشاب البناء . ويقول العم عبد الحفيظ صاحب مزرعة بغابة (فرش العنبة)، أن الغابات ظلت على هيئتها وتتمتع بغزارة أشجارها ومنذ عشرينات القرن الماضي فمنذ كنا أطفالاً يافعين وقبل أن أمتلك مساحة منها من قبل السلطات لاستخراج الوقود، مازلت الغابات كما هي لم تؤثر فيها آليات القطع ولا تعدي الأهالي العشوائي للاستفادة من أشجارها. توازن بيئي للسودان ويرجع السبب إلى تواجد الغابات على ما هي عليه رغم القطع وتعدي الأهالي العشوائي، هو البيئة المواتية لإنبات أشجار السنط، من تربة طينية لزجة غنية بالإخصاب الطبيعي، ومستوى أمطار يفوق ال100 ملم في العام، كما توجد برك مائية يخلفها فيضان نهر الرهد الموسمي أيام الفيضانات، الأمر الذي يؤدي إلى غمر الغابات بالمياه لفترة تقارب الأربعة أشهر. ويقول فني الغابات بهيئة غابات الحواتة عبد العظيم علي: "أن غابات الحواتة لا تحتاج إلى تسميد التربة التي تنبيت فيها بالمخصبات والكيميائيات المصنعة، وإنما تتسمد تربة الغابات تلقائياً من خلال تساقط الأوراق من الأشجار، وهي خاصية لاتوجد في المزارع الأخرى سوى غابات الحواتة "،لافتاً إلى خلو الغابات بالحواتة من الأمراض و الأوبئة. منافع اقتصادية وتمثل غابات جنوب غرب القضارفبالرهد منفعة اقتصادية متعاظمة للدولة كونها المصدرالأوحد لأخشاب سكة حديد السودان، لصنع(الفلنكات )، إلى جانب تزويد السوق بأخشاب الأثاث(الموبيليا ) والبناء، فضلاً عن كونها مصدر للفحم الذي ينتج بكميات كبيرة مها. ويرى مدير هيئة غابات الحواتة مهندس يوسف حسن موسى "أن غابات الحواتة ال( 85 غابة) والموزعة على امتداد رقعة معتمدية الرهد، تمثل عنصر توازن بيئي ليس لولاية القضارف فحسب وإنما للسودان بصورة عامة"، وأبان أن القطع العشوائي من قبل الأهالي هو أكثر ما يُؤرق السلطات المسؤولة في الولاية. وتُعوّل الدولة كثيراً على غابات الحواتة باعتبارها مصدر غني بالأخشاب المستخدمة في البنية التحية للسكة حديد، ولكن المهندس يوسف يعتبر التعرض لهذه الغابات بالقطع بواسطة ورش ضخمة تديرها الدولة، ينطوي على مصلحة علمية محققة تؤدي إلى تغيير دورة حياة الغابة، وأضاف موضحاً: "تحتاج تلك الغابات لاستحداث شجيرات بديلة وهو ما يعرف ب (Rotation) أوالاستزراع بالتناوُب، وقال"كما أن ترك أشجار السنط ل( 25 - 30 )عام دون أن تقطع يجعلها موطن للأوبئة والأمراض والطفيليات الضارة مما يُشكل خطر بيئي له مضاره". وتتواجد بالحواتة ورشة كبيرة لمعالجة قطع أشجار السنط ذات الفائدة الاقتصادية الكبيرة، وتشرف على الورشة إدارة الغابات، ويبين يوسف أن قطع الأشجار بالغابات يتم عبر دراسة ممنهجة وفق جدول ونظام دورات يراعى فيه العمر الافتراضي للأشجار، حيث تصل أعمار أشجار السنط مابين 25 إلى 35 عاماً، وما يقطع من الشجيرات التي وصلت إلى العمر الافتراضي تزرع على الفورشتلة بديلة لها من نفس فصيلتها، ويمكن أن يكتمل إنبات الغابة في فترة تتراوح بين( 5 إلى 10 سنوات ) ويمكن أن تزيد بقليل. وتُقسم غابات الرهد إلى وحدات إدارية تحت إشراف هيئة غابات الحواتة حتى تسهل عملية المراقبة والإشراف،وتعتمد الهيئة على منح التصاديق التجارية لعمليات قطع الأشجار التي انتهى عمرها الافتراضي سنوياً، وذلك لاستبدالها بأشجار جديدة. ومن أسماء الغابات الشهيرة في الرهد غابة ودبتون جنوبالحواتة بمساحة 40 فدان، وغابة فرش العنبة 600 فدان، وغابات شمال وشرق الحواتة مثل العطشان وأم جرة وود البشير وود الشاعر وإم بروش وغيرها.