«تزوجت شقيقها للحصول على الجنسية»..ترامب يهاجم إلهان عمر ويدعو إلى عزلها    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    بيان من وزارة الثقافة والإعلام والسياحة حول إيقاف "لينا يعقوب" مديرة مكتب قناتي "العربية" و"الحدث" في السودان    يرافقه وزير الصحة.. إبراهيم جابر يشهد احتفالات جامعة العلوم الصحية بعودة الدراسة واستقبال الطلاب الجدد    المريخ يكسب تجربة البوليس بثلاثية و يتعاقد مع الملغاشي نيكولاس    البرهان يصدر قراراً بتعيين مساعد أول للنائب العام لجمهورية السودان    حسين خوجلي يكتب: السفاح حميدتي يدشن رسالة الدكتوراة بمذبحة مسجد الفاشر    راشفورد يهدي الفوز لبرشلونة    ((سانت لوبوبو وذكريات التمهيدي يامريخاب))    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    بدء حملة إعادة تهيئة قصر الشباب والأطفال بأم درمان    نوارة أبو محمد تقف على الأوضاع الأمنية بولاية سنار وتزور جامعة سنار    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    قبائل وأحزاب سياسية خسرت بإتباع مشروع آل دقلو    ما حقيقة وصول الميليشيا محيط القيادة العامة بالفاشر؟..مصدر عسكري يوضّح    "المصباح" يكشف عن تطوّر مثير بشأن قيادات الميليشيا    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    الخلافات تشتعل بين مدرب الهلال ومساعده عقب خسارة "سيكافا".. الروماني يتهم خالد بخيت بتسريب ما يجري في المعسكر للإعلام ويصرح: (إما أنا أو بخيت)    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء مثيرة.. تيكتوكر سودانية تخرج وترد على سخرية بعض الفتيات: (أنا ما بتاجر بأعضائي عشان أكل وأشرب وتستاهلن الشتات عبرة وعظة)    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    ترامب : بوتين خذلني.. وسننهي حرب غزة    أول دولة تهدد بالانسحاب من كأس العالم 2026 في حال مشاركة إسرائيل    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل خاص حضره جمهور غفير من الشباب.. فتاة سودانية تدخل في وصلة رقص مثيرة بمؤخرتها وتغمر الفنانة بأموال النقطة وساخرون: (شكلها مشت للدكتور المصري)    محمد صلاح يكتب التاريخ ب"6 دقائق" ويسجل سابقة لفرق إنجلترا    السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع مشترك    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    دوري الأبطال.. مبابي يقود ريال مدريد لفوز صعب على مارسيليا    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صرخة دبلوماسى


/ رسالة إلى كل مسئول من بنى وطنى .
لا يغيب عن ذاكرتى أبدا وأنا أكتب هذه المقدمة دعاءٌ ورد فى كتاب الأناشيد والمحفوظات المقرر دراسته لتلاميذ السنة الخامسة الابتدائية . درسنى الدعاء أستاذى الجليل أحمد زين العابدين الكاهلى فى منتصف صيف عام 1985م بمدرسة كجمر الابتدائية والدعاء المذكور جاء تحت عنوان "مناجاة" للداعية اللبنانى الشيخ عدلى يكن، ونصه كالاتى :
(( ربى ، الوجود ملكك، والقدر حكمك ، و القلوب خزائن محبتك. اللهم ارعى والدى كما رعيانى ، وأنر ليالى الحياة لمن علمونى . اللهم اجعلنى بارا بوطنى ، محبا لعشيرتى ، نافعا لعبادك ، مخلصا لمن عدل ، ناصحا لمن جار، جرئيا بالحق على الباطل ، ناصر الضعيف المظلوم على القوى الظالم . اللهم جمّل أخلاقى بالصدق وهب لى شمائل الوفاء. ربى لتكن محبتى لك على قدرك ، ولتكن أعمالى فى رضاك ، فأبثث الخير فى الناس على يديّ ، وخفف ويلاتهم بما تمنحنى من معاونتك . ربى اياك أناجى ، وإليك اسعى ، وعليك أتوكل، وبك إهتدى ، ولك حمدى ، وفيك ثنائى ، ومنك البداية ، وإليك النهاية)).
هذا الدعاء تملكنى محتوى، وأعجبنى لغة، وسكن فى ذاكرتى إلى تاريخ كتابة هذا المقال.و من باب البر بالوطن و الحب للعشيرة ،النفع للعباد ،الاخلاص للعدل ،النصح للجائر ،الجرأة بالحق على الباطل ،النُصرة للضعيف ، وبث الخير فى الناس اتقدم بهذه الرسالة التى أحسست بأهميتها لان اقدمها لابآئى وأساتذتى وأخوتى وزملائى المسؤولين من بنى وطنى لأنهم هم المنوط بهم رفعة هذا الوطن فصلا عن ان درجة نجاحهم أوفشلهم جماعيا فى نطاق مسئولياتهم ، تعكس مدى تقدمنا أو تخلفنا على المستوى الداخلى وكذلك تعكس مكانتنا فى الترتيب الرقمى الحضاري العالمي.
إنه من المحزن لأن يجمع وطننا السودان بين وفرة الأراضى الزراعية وشساعتها والفقر والجوع ، وإنه من المحزن أيضا ان يجمع بين العلماء والمفكرين الذين كانوا مفتاح التقدم لشعوب أخرى غير شعبهم و الجهل والتخلف، وكذلك لأن يجمع السودان بين سماحة وطيبة اجدادنا الميامين الذين توحدت كل قبائلهم فى قبيلة بنى السودان ، و بين الإحتراب والإقتتال الذى عاشته بلادنا وما زالت تعيشه حتى هذه اللحظة.
إن الشعوب تقدمت وتطورت وارتقت بفعل التطبيق والإنصياع الكامل للقانون و الإتباع التام للنظم والاجراءات التى تضبط إدارة شئون الدولة الداخلية وتسيير علاقاتها الخارجية مع سائر بلدان العالم، مع إرتباط ذلك بالتنقيح المستمر لدساتيرها من أجل إستيعاب تقلبات الحراك الداخلى ومواكبة تطورات العالم الخارجى.
وإننا فى السودان بحاجة الى الكثير من الوعى لمعرفة من نحن ،ومن أين أتينا، وأين نقف،و إلى أى وجهة نسير. إن التقييم المبنى على الدراسة العلمية لذاتنا كسودانيين حتما سيظهر معضلاتنا بصورة جلية ، وان الكفاءة المهنية مطلوبة للتعامل مع هذه المعضلات بحثا عن الحلول المعقولة والمقبولة لها، مع وجود إطار للمحاسبة النزيهة جزاء عند النجاح، وعقابا عند الفشل، وعفوا عند الاجتهادات الوطنية الغير متحيزة الى قبيلة او عرق إلا لهذا الوطن الكبير.
أننا نمر بمنعطف نحتاج فيه الى الحكمة و التبصر والتعقل بحثا عن الإستقرار الذى يضع أولى اللبنات للخطوة الصحيحة والثابتة فى طريق التقدم والازدهار. ولتحقيق ذلك ينبغى علينا إدراك معنى المسئولية الوطنية التى تتطلب العمل الدؤوب والمواكبة والتطور والإخلاص والتفانى والنزاهة والأمانة وأكرر النزاهة والأمانة معا.
إن إحترام الوقت و المواقيت والإنضباط السلوكى والإستغلال الكامل و الأمثل للطاقات والموارد المتاحة والإهتمام بالعلم والتعلم وأحترام القانون والنظام وتطبيق ذلك على كافة أفراد الدولة ومؤسساتها دون تمييز أو تحيز أو استثناء ، حتما سيصنع ذلك من السودان دولة لا يشكو مواطنها من ضيم ولا يجد المتربص بها ثغرة للتدخل.

وليعلم بنى وطنى بأن الوظيفة والمنصب اللتان يسعى الكل إليهما ما هما إلا مسئولية بالدرجة الأولى وليست مكانا للرزق والتكُّسب إلا فى نطاق الأجر المحدد بنص القانون واللوائح ، وإن اللذين يظنون ان الغنى والمال يتوفران فى نطاق الوظيفة والمنصب بخلاف الأجر المحدد فإنهم إما لا يفهمون المعنى الحقيقى للمنصب والوظيفة او يسعون الى تطبيق القوانين واللوائح المتعلقة بهما بصورة خاطئة أو خرقها.
تقفز بين الفينة والأخرى إلى ذاكرتى مجموعة خواطر تدفعنى دفعا لأن أقارن بين شعبى فى السودان وشعوب العالم ، وينتابنى إحساس عميق بجيل بلدى الجديد ، فأفكر مليّا فى مفردات مستقبله شكلا ،لونا ،حجما ووزنا، فيقضم الألم قلبى حزنا على إهدار مواردنا و بنائنا بأيدينا عمدا لجسور الفتن لتمر بها مسببات التناحر والإقتتال، فإتخيل و أتحسر على مراقبة الخالق (الله) لنا حكاما ورعية ونحن نتأرجح على السراط ما بين طاعة أوامره و إجتناب نواهييه هرولة إلى الجنة ،وما بين معصيته تمنعا عن دخول النار حتى نُأخذ . فهى خواطر كثيرة لا تعرف الكتب ولا المراجع إلا من وراء حجاب الإحساس بالمواطنة والوطن.
لا شك ان الكثير من الناس يعرفون معنى مفردة المسئولية ، كما يمكن إدراك معناها من خلال حجم مكّون الأمانة ، النزاهة والإبداع فى دواخلنا بأن نتبع ما نراه صحيحا متماشيا مع المنطق المدرك من وحى الله المنزل إلى مختلف الديانات السماوية ، وأن نصحح الخطأ بواسطة كل الخيارات المتنوعة و المتدرجة والصالحة لكل مرحلة حتى يكون الأمر على الهيئة المثلى التى تتماشى وتقويم مجتمعنا نحو حياة أفضل ، مع فهما اسمى للعلائق الإنسانية بمختلف مصادرها ومكوناتها داخل هذا الوطن الشاسع أرضا، والكبير تنوعا فى الثقافات ، و تعددا فى العشائر و القبائل . هذا فضلا عن معرفة معنى مفردتى التطور والتقييم المتكرر لمعرفة حجم الإنجازات والإخفاقات ومن ثم إتخاذ القرار المناسب لكليهما.
و لكثرة التجارب التى مرّ بها هذا الوطن المكلوم ، علم كل واحد منّا ماذا ينبغى ان يكون وما لا يكون، حتى يعيش شعبنا فى رخاء وهناء كبقية الشعوب التى وصلت الى مراحل متقدمة فى العلم والرقى. وكنتاج للصراع بين الحق الذى يحرسه ويرعاه المصلحون والباطل الذى يحبه المفسدون تولدت الصراعات السياسية – حتى على مستوى الحزب الواحد - بين الذين يجتهدون لرفعة هذا الوطن وتقدمه وبين أولئك الذين يبحثون عن الغنى غير آبهين بحال بنى شعبهم فى أطراف المدينة ممن يتضورون جوعا حتى غلب على ثدى الأم إرضاع طفلها الذى كفل له الدستور نصيبه من المدخلات القومية .
ومثلما المريض المزمن مرضه ، تعاقبت الحكومات على السودان ، والمؤسف حقا إنه فى بعض المكونات المعرفية لمعاضل السودان لم تستفد اى حكومة منهما بالدرجة المطلوبة لتمس الموضع الحقيقى للعلة ، و من ثم لتكون جادة فى إيجاد الترياق المناسب لها.
ومتى ما غابت الحكمة عن ميدان السياسة غربت شمس الأخيرة بلا رجعة. إن الأسرة التى بحجم السودان وتنوعه الثقافى وتعدده القبلى حريّا بها اللجوء الى الحكمة لحل معاضلها ، والى النزاهة والعدل بين أبنائها لتنال قبولهم وكذلك رضا الله الذى يثبت جزعها عميقا فى الأرض كى لا تقتلعها رياح الفتن والحروب . كما إن الأسرة الفعلية لا المجازية قد يكون من بين أفرادها الأبرص والمعافى، الأناني والمتفانى فى خدمة الآخرين، المؤذى ،الأخبل و حتى الشرير بحيث تستطيع الحكمة والعدالة أن تفعل فعل السحر لأخراج هذه المتناقضات فى مترادفات تتناسق نحو الإندماج والتناغم ، ولا يزيد إستخدام القوة بين أفرادها ضد بعضهم البعض إلا عنادا وكيدا لتذهب ريحهم جميعا كمن مثلهم من الأمم السابقة.
إن العدل بين أبناء الوطن الواحد وأحترام دياناتهم ،معتقداتهم و وجهات نظرهم بقبولها أو تفنيدها عن طريق المنطق يقطع الطريق أمام المتربصين بهم وبثرواتهم . ومثلما يقول الله الحكم بأن "المؤمنين أمرهم شورى بينهم" ، إتساقا مع هذا المفهوم ، ينبغى أن لا يقصى وطنيا يحمل الجنسية السوادانية من المشاركة برأيه فيما ينفع البلاد والعباد تقوى لله وحبا فى التقرب إليه بالمساهمة البناءة التى ترتقى بعباده الى حياة أسمى تمكنهم من العيش الكريم داخل وطنهم، وكذلك تحمل جزء من المسئولية العالمية بفخر و إقتدار كغيرهم من الأمم التى على ظهر كوكبنا الأرض . إن المسئولية يجب ان تنقل الى الأشخاص الذين يتحملونها نقلا ، بدلا من السعى إليها من طرفهم هرولة وتوليّها عنوة . ومن يصدق بأن من يسعى الى المسئولية بدلا من أن تسعى إليه بأنه لا يريد الدنيا ؟، اللهم إلا إذا كان العبد مستشعرا للرقابة الآلهية بأن يأنس فى نفسه الكفاءة لتلافى الموقف الذى يتطلب التحرك العاجل حفاظا على نفسه وعلى غيره من الغرق.
هناك تسآؤلات فلسفية يحتاج كل منا إلى الوقوف عندها !. وعلى سبيل المثال: لماذا لا يسلك العبد الصادق الذى يريد وجه الله تعالى طريقا آخر الى الجنة غير الحكم والسلطة ؟، وهل لا يدخل الفرد الجنة إلا عن طريق الحكم والسلطة ؟ أم ان هناك طرقا آخرى عديدة تؤدى بالعبد الصادق فى عبادته لله إلى جناته العلى ؟ . إنه لصحيح بأن للمجتهد نصيب ولكن من المستحسن تجنب المخاطرة فى أمور تعقد الحسابات بين العبد وربه ، بحيث يكون الحد الأدنى من نصيب العبد الفوز بالجنة والنجاة من النار بحسبان أن جنان الله فى السماوات العلى متدرجة ومتفاوتة ما بين مكانا عليّا ونعيما متنوعا ومقيما. ولهذا كله يجب ان يكون العباد صادقين فى كل شئ ، فى تحاببهم وكذلك فى صراعهم وإقتتالهم حول السلطة والحكم بأن يكون من أجل الله تعالى لا من أجل النفس والدنيا الشجرة التى يستظل فيها العبد ثم يرحل إلى ساحة يتحول فيها من حاكم قوى بين الناس الى عبد محكوم ذليل أمام الواحد القهار ، ومن أقوى وأقهر من الله ؟
إن محاسبة النفس تعد واحدة من اهم دعائم المسئولية . وعندما يأتى يوما يحمل فيه الإنسان إلى مثواه الأخير كمن سبقوه ، فانه لا محالة سيُسأل عن الكثير من الملفات الشخصية خاصته ،تلك المتعلقة بأوامر الله ونواهييه على امتداد فترة حياة الفرد، حيث لا ينفع مع ذلك ما قدمته لقبيلتك او عشيرتك أو أسرتك بغير وجه حق وانت فى نطاق المسئولية . أعلم أخى المسئول سينفعك فقط عملك الصالح الذى قمت به وستكون مكشوفا للمسآلة الإلهية حال مغادرة من شيّعوك لقبرك مباشرة بعد إتمام عملية الدفن ، وسيكون ما قمت به بغير وجه حق نغمة عليك تحاسب عليه وتعذب بسببه بينما المستفيدون منه ينعمون بنعيم الدنيا ويستلذون بملذاتها به. فلنتذكر ذلك الوقت تذكرة حقيقية ما دام آت ، كما يجب ان لا نسقطه من اجندة مذكرتنا اليومية التى من بينها قد يكون إستقبال أو إستلام جثمان لشخص ما، أو تقديم واجب العزاء فى أحد الأقرباء أو المعارف .
المسئول مناط به بالدرجة الأولى إستشعار المسئولية وترقية العمل نطاق مسئوليته كما يجب ان يكون كل عمله وتحركاته فى نطاق القوانين واللوائح والإجراءات التى تنظم العمل داخل المؤسسة التى يديرها. ان المؤامرات التى تحاك داخل المؤسسات بين مجموعة أشخاص ضد آخرين بغرض الترقى الى المراتب العليا لوظيفة ما ، يجب ان لا تجد طريقها الى قلب الوطنى الغيور على وطنه، الشريف فى نفسه ، وكذلك نتذكر بان ذلك الفعل سيمس عبادتنا لخالقنا مباشرة لفقدنا لصفتى النزاهة والأمانة.
إن النفس البشرية تتفاوت فى أطيب الخصال وأذمّها ، وقد لا تخلو بيئة عمل ممن لا يحبون القانون ولا التقيد به ، و لا يحلو لهم العمل إلا فى ظل الفوضى والتجاوز على الحقوق، معتبرين ذلك نوع من الذكاء منحهم له الخالق لكى يستغلوه بالطريقة التى يؤمنون بها ، فمثل هؤلاء سيبكون كثيرا يوما ما على انفسهم ويندمون إيّما ندم، لأن المقدرات و المواهب التى تمكنهم من تخطى حواجز الإشادات الوظيفية من أجل الترقي فى مراتب العمل و المستندات المالية المحاسبية للبشر والعمليات الخفية السريّة التى يقومون بها ضد بعضهم البعض، فأن مثل هذه المواهب و المقدرات قطعا لن تمكنهم من لي عنق الحقيقة بأن يتحول الخطأ الى صواب ، لكن حتما ستظهرهم مواهبهم هذه وهم يسبحون عكس تيار النزاهة بصورة مستمرة فى صورة قاتمة بائسة لشخص يتحمل المسئولية قسرا من غير ان تتوفر فيه ابسط خصائص المسئول المسؤول .
إن المسئول أو المدير لأكبر مؤسسة أىُّ نوعها والخفير بذات المؤسسة ما هما إلا خادمان للدولة يؤديان عملهما مقابل أجر محدد بالقوانين المالية كل حسب درجته. عليه لزاما على المسئول معاملة العاملين معه فى المؤسسة بكل إحترام وتقدير بحسبان أن لكل عامل أهمية بالغة تبقيه فى خانة العمل التى عين ليشغلها لضمان سير دولاب العمل بصورة فعالة تنفيذا للخطط الموضوعة و الأهداف المنشودة.
إن المسئول يجب ان يكون كبيرا فى الفكر ، متأنيا فى الحكم ، متشددا فى تنفيذ وتطبيق القوانين الوائح والإجراءات التى تضبط وتنظم عمل المؤسسة على كل العاملين كبيرهم وصغيرهم وممن تربطهم بالمسئول صلة قربى دون تحيز أو مجاملة أو إقحام للمسائل و الأمور الشخصية فى إطار بيئة العمل وقوانينها ولوائحها .
ان المؤسسة التى يديرها المسئول المعين هى ملك للدولة وحدها دون غيرها كشخصية إعتبارية ، كما ينبغى ان لا يزدان المسئول بالغرور بأن المؤسسة هى ملك له يتصرف فيها كيف يشاء من تسريح وتعيين للعاملين خارج نصوص قوانين ولوائح الخدمة المدنية. شهد التاريخ الكثير من الحالات لمسئولين مخلصين لله وللبشر أحبوا العاملين معهم فأحبهم الله و القى محبتهم فى قلوب الناس وحيثما ذكر الخير ذكروا، ومنهم غير ذلك ممن ظلموا غيرهم وتجاوزا على حقوقهم فعاقبهم الله بأن فقدوا مناصبهم وأصبحو عاطلين عن العمل ، فضلا عن أولئك ممن أصابتهم عللا عجزت كل مدخراتهم غير المشروعة من سداد تكلفتها.
لهذا كله يجب على المسئول ان يأكل و يشرب من حلال وأن ينظر إلى فلذات كبده وهم يجلسون أمامه ويلعبون! مطمئنا بأن ما يأكلونه ويلبسونه من مال حلال ، فأن لمن يكن كذلك، يجب ان يدرك الفرد بأنه قد أدخل نفسه حسابيا فى حق غيره من بنى الوطن ممن يجلسون فى العراء ما داموا يقومون بتسديد ما عليهم من رسم ضريبى ورسوم تحت مسميّات أخرى لخزينة الدولة. هذه دعوة إخوتى لنكون اكثر مسئولية لأن السودان لنا جميعا متساوون فى الحقوق كما أسنان المشط. أللهم هل بلغت فأشهد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.