بتاريخ 17 يوليو 1998 تم اعتماد نظام روما الأساسي أو القانون الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وبتاريخ 1 يوليو 2002 تم تأسيس المحكمة الجنائية الدولية كأول محكمة دولية تسعى إلى وضع حد لثقافة الإفلات من العقوبة ، تتمتع المحكمة بأربعة اختصاصات هي أولاً: الاختصاص الموضوعي ويعني حق الفصل في جرائم الإبادة الجماعية مثل جرائم القتل العمد أو الأذى الجسيم التي تُرتكب بقصد الإهلاك الكلي أو الجزئي لجماعة عرقية أو دينية ، الجرائم ضد الإنسانية وتعني الجرائم المرتكبة في إطار هجوم واسع النطاق ضد المدنيين مثل جرائم الإبادة، الاغتصاب، والإبعاد القسري ، جرائم الحرب وتعني الجرائم التي تشكل انتهاكات خطيرة لاتفاقية جنيف 1949 متى ارتكبت على نطاق واسع في إطار نزاع مسلح محلي أو دولي ، وجرائم الاعتداء وتعني، رغم عدم تعريفها في نظام روما، أي جرائم تشكل اعتداءاً خطيراً يهدد سلامة المدنيين، ثانياً: الاختصاص الزماني ويعني حق النظر فقط في الجرائم المرتكبة في أو بعد 1 يوليو 2002، ثالثاً الاختصاص الإقليمي ويعني حق المحاكمة إذا كان المتهم مواطناً بإحدى الدول الأعضاء أو إذا وقع الجرم المزعوم في أراضي دولة عضو في المحكمة أو إذا أحيلت القضية للمحكمة من قبل مجلس الأمن، رابعاً : الاختصاص التكميلي ويعني أن المحكمة الجنائية لا تملك الاختصاص إلا في حال فشل المحاكم الوطنية في محاكمة المتهمين الدوليين. من المعلوم أن الجرائم الدولية لا تخضع أبداً للتقادم وتظل سيفاً مسلطاً على رقاب المتهمين الدوليين ولا يمكن إسقاطها بالتسويات السياسية المحلية المبرمة دون إجراء تحقيقات نزيهة وهذا ما شددت عليه اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية السارية المفعول منذ 11 نوفمبر 1970 والتي أكدت أن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية هي من أخطر الجرائم في القانون الدولي ولذلك لا يجوز إسقاطها بالتقادم، وأن المعاقبة الفعالة على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية هي عنصر هام في تفادي تكرار وقوع مثل هذه الجرائم الخطيرة وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية وتشجيع الثقة وتوطيد التعاون بين الشعوب وتعزيز السلم والأمن الدوليين. من المؤكد أن مؤتمر الدوحة حول المحكمة الجنائية الدولية ، الذي انعقد في الفترة مابين 24 إلى 25 مايو 2011، قد حقق ثلاثة أهداف رئيسية ، الهدف الأول هو زيادة ثقة العرب في المحكمة الجنائية الدولية فقد أشاد حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير قطر بالإرث القانوني الثمين الذي حققته المحكمة في المحاكمات العادلة التي جرت بشأن جمهورية يوغسلافيا السابقة، رواندا، كمبوديا وسيراليون، الهدف الثاني هو الدعوة إلى إصلاح النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية عبر توسيع اختصاصها الاقليمي ليشمل الدول الأعضاء وغير الأعضاء في نظام روما الأساسي وعبر تعزيز استقلالها بفصلها من سلطة مجلس الأمن فقد انتقد أمير قطر عجز المحكمة الجنائية الدولية عن إجراء محاكمات بشأن الجرائم التي ارتكبت وما زالت تُرتكب في قطاع غزة كما انتقد وقوع المحكمة تحت هيمنة مجلس الأمن حيث تتحكم الدول المالكة لحق النقض في تفعيل أو إيقاف عمل المحكمة حسب مصالحها السياسية ، أما الهدف الثالث والأخير فهو تأكيد سعي قطر للانضمام إلى نظام روما الأساسي وحرصها على توسيع دائرة الحوار والتنسيق بين الحكومات العربية والمحكمة الجنائية الدولية لأغراض تحقيق العدالة الدولية غير الانتقائية. فيصل علي سليمان الدابي/المحامي