سرداً للحقائق التاريخية ودهضاً للاكاذيب التى يروجها من يقرأون الاحداث التاريخية بالقلوب ، ومن لم تسنح له الفرصة لمشاهدة قناة الجنوب فى ظل الاحداث المتتالية بعد دخول جيش المؤتمر الوطنى أبيى . ذكر العميد ملاك ايوين احداث هامة تستحق الذكر عساها تنفع الذاكرين ، كانت اسباب اندلاع الحرب الاهلية الجنوبية الشمالية بمدينة توريت الصامدة عام 1955 م ، اشتعلت نيران تلك الحرب بسبب مهاجمة الجيش السودانى القوة الجنوبية التى كانت بتوريت ، فولد التمرد الاول الذى عرف فيما بعد بانيانيا ، واجه الجنوبيون الجيش السودانى بالاسلحة البيضاء وبعض البنادق البدائية وبنادق الصيد . استطاعوا ان يقاوموا من الادغال الجيش الجرار لمدة سبعة عشر عاماً ، جاءت بعدها إتفاقية اديس ابابا عام 1972 م ، تم إعادة ودمج مقاتلى الانانيا بوحدات الجيش السودانى ، عاش الجنوب هدؤ نسبياً لم يستمر طويلا ، عندما قام الرئيس الراحل جعفر نميرى بنقض الاتفاقية ، واعلن تملصه عن الالتزام بها على انها ليست كتاباً سماوياً كالقرأن والانجيل تستحق التقديس والتكريم ، عندها قرر العديد من الجنوبين العودة للادغال . فى عام 1983م اعاد التاريخ نفسه ، فقد هاجمت القوات المسلحة السودانية قوات جنوبية لخلافات كانت يمكن حلها ودياً ، الا ان الجيش انذاك فكر بحلها عسكرياً ، فهاجمت الكتيبة 104 التى كانت تحت قيادة المناضل الراحل وليم نيوان بانج بمنطقة ايوت ، وتزامن مع هجوم آخر شنه الجيش على الكتيبة 105 التى كانت تحت قيادة المناضل الراحل كاربينو كوانجنين بول . كانت القوات الجنوبية بحالة افضل من السابق تدريباً وتنظيماً وتسليحاً ، فقاتلت من احراش الجنوب التى اخفت وحمت ابنائها من اعين الاعداء 21 عاماً انتهت بتوقيع إتفاقية السلام الشامل بنيفاشا الكينية، وحصدت هذه الحرب اكثر من مليونين اغلبهم من المواطنين الابرياء ، نساء ورجالاً شيوخاً واطفالاً رضع ، عاد الاستقرار والسلام الذى وصف بالهش نتيجة الخلاف بقضايا عرفت بالعالقة . لم تستفيد الحكومات المتعاقبة على سدة الحكم بالخرطوم من دروس الماضى ، وهاهى القوات المسلحة السودانية بكامل عتادها العسكرى ، الجوى والمدفعى والصاروخى تهاجم مدينة صغيرة اشبه بقرية لا يتعدى سكانها بضعة الاف ، واعلنت حربها على لسان اعلى هرم قيادى يمثلها وفتحت المعسكرات للتدريب العسكرى ، ودعت قوات الدفاع الشعبى للاستعداد لخوض حرب الجنوب الثالثة ، اكتملت الاستعدادات بالشمال لتلك الحرب من تعبئة للمواطنين الى التجهيزات اللوجسية والطائرات الحربية ، النظام الحاكم بالخرطوم يظن بان الاسلحة التى تحصل عليها بفترة السلام يستطيع ان يهزم بها الدولة التى برحم الغيب ، ولكن هيهات فكما اكد الراحل الدكتور جون قرنق بان تسليح قوات الجيش الشعبى كان يحصل عليها من القوات المسلحة السودانية ، وهذه الحقيقة يعلمها كل القيادات التى خرجت للقتال بالجنوب . ان دخول القوات المسلحة لمدينة أبيى بدعم بعض الجنوبين واستعلاهم بنصر لمعركة لم تحدث ، وتشريدهم وقتلهم للمواطنين الامنين وترويع السكانين ومحاولة توطين القادمين الجدد ، انها محاولة فاشلة لجر جيش الجنوب لمعركة خطط لها زماناً ومكاناً . الا ان دراية القيادة الجنوبية جعلها تنجو من الفخ الذى اعدت لها ، واكدت تحفظها بحق الرد فى الزمان والمكان التى تحدده هى لا القوات المسلحة السودانية ، التى تظن بان باقتحامها أبيى ستفسد ترتيبات الاستعداد لفرحة الاستقلال المجيد ، ذلك الاستقلال الذى حصلنا عليه بارواح اكثر من مليونين مواطن ، الاستقلال الذى تفككت به الاسر وتشتت ببقاع العالم ، الاستقلال الذى يجعلنا بشراً بوطن يحترم معتفداتنا وكبارنا ، وطن نتقاتل فيه كقبائل مختلفة ونجلس لنتصالح ونعزى بعضنا ، وطن يذهب الطفل فيه كل صباح حامل شنطة كتبه ، يسير فى طريقه امناً سعيد بعد ان ارتشف شاى الصباح ، لا كوطن يحمل فيه علبة الورنيش ويتجه نحو السوق ليمسح حذاء موظف ليشترى بثمن تلك المسحة كوب شاى احمر . نحن دعاة سلام وليس حرب ولكن اذا ارغمنا عليها فنحن جاهزون ، كلمات يتحدث بها اغلب الجنوبين وقيادتهم لا جبناً بل احتراماً للموثيق كما صرح المشير البشير بجوبا سابقاً بان الرجل يربط من لسانه لا من رجله ، اكد الشباب الجنوبى بالخارج والداخل استعدادهم للقتال ومساندة جيش الجنوب حماية لحدود الجنوب واتجه عدد من الطلاب الجنوبين الذين اكملوا دراساتهم الجامعية باستراليا الى الجنوب للمساهمة بالقدرات التى تحصلوا عليها فى تنمية ورفعة وحماية البلاد ، نحن بالجنوب جاهزون للحرب الاهلية الثالثة اذا ما ارادها المؤتمر الوطنى ، وليعلم الجميع كما صرح الفريق سلفاكير الحرب القادمة لن تكون بالجنوب كسابقاتها بل ستكون شاملة يتذوق كل السودان مرارتها من اقصى الجنوب لاقصى الشمال حينها سيتوقف دعاة الحرب عن دعواتهم . الخيار امام الشعب السودانى ليختار قبل التاسع من يوليو حيث ستتبدل الاحوال ربما للاحسن او ربما للاسؤ فكل الخيارات متوقعة .