رغم ظروف الحرب…. بدر للطيران تضم طائرة جديدة لأسطولها    المملكة تستعرض إستراتيجية الأمن الغذائي لدول مجلس التعاون الخليجي    المتّهم الخطير اعترف..السلطات في السودان تكشف خيوط الجريمة الغامضة    أنباء عن اغتيال ناظر في السودان    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    إسرائيل تستهدف القدرات العسكرية لإيران بدقة شديدة    "خطوة برقو" تفجّر الأوضاع في دارفور    الصادق الرزيقي يكتب: الدعم السريع وشهية الحروب التي فُتحت في الإقليم    الترجي يسقط أمام فلامنغو في مونديال الأندية    افتتاح المرحلة النهائية للدوري التأهيلي للممتاز عصر اليوم باستاد الدامر.    فيكم من يحفظ (السر)؟    الحلقة رقم (3) من سلسلة إتصالاتي مع اللواء الركن متمرد مهدي الأمين كبة    في السودان :كيف تتم حماية بلادنا من اختراق المخابرات الإسرائيلية للوسط الصحفي    من الجزيرة إلى كرب التوم..هل دخل الجنجويد مدينة أو قرية واستمرت فيها الحياة طبيعية؟    التقى بروفيسور مبارك محمد علي مجذوب.. كامل ادريس يثمن دور الخبراء الوطنيين في مختلف المجالات واسهاماتهم في القضايا الوطنية    هيمنة العليقي على ملفات الهلال    نشاط مكثف لرئيس الوزراء قبل تشكيل الحكومة المرتقبة    الحرب الايرانية – الاسرائيلية: بعيدا عن التكتيات العسكرية    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    شاهد بالصور والفيديو.. الفنان حسين الصادق ينزع "الطاقية" من رأس زميله "ود راوة" ويرتديها أثناء تقديم الأخير وصلة غنائية في حفل حاشد بالسعودية وساخرون: (إنصاف مدني النسخة الرجالية)    إدارة مكافحة المخدرات بولاية البحر الأحمر تفكك شبكة إجرامية تهرب مخدر القات    شاهد بالصورة والفيديو.. وسط ضحكات المتابعين.. ناشط سوداني يوثق فشل نقل تجربة "الشربوت" السوداني للمواطن المصري    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    عناوين الصحف الرياضية السودانية الصادرة اليوم الأثنين 16 يونيو 2025    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    شاهد بالفيديو.. الجامعة الأوروبية بجورجيا تختار الفنانة هدي عربي لتمثل السودان في حفل جماهيري ضخم للجاليات العربية    شاهد بالفيديو.. كشف عن معاناته وطلب المساعدة.. شاب سوداني بالقاهرة يعيش في الشارع بعد أن قامت زوجته بطرده من المنزل وحظر رقم هاتفه بسبب عدم مقدرته على دفع إيجار الشقة    رباعية نظيفة .. باريس يهين أتلتيكو مدريد في مونديال الأندية    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    على طريقة البليهي.. "مشادة قوية" بين ياسر إبراهيم وميسي    المباحث الجنائية المركزية بولايةنهر النيل تنجح في فك طلاسم بلاغ قتيل حي الطراوة    من حق إيران وأي دولة أخري أن تحصل علي قنبلة نووية    أول دولة عربية تقرر إجلاء رعاياها من إيران    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    ضربة إيرانية مباشرة في ريشون ليتسيون تثير صدمة في إسرائيل    بالصور.. زوجة الميرغني تقضي إجازتها الصيفية مع ابنتها وسط الحيوانات    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    وزارة الصحة وبالتعاون مع صحة الخرطوم تعلن تنفيذ حملة الاستجابة لوباء الكوليرا    رئيس مجلس الوزراء يقدم تهاني عيد الاضحي المبارك لشرطة ولاية البحر الاحمر    وفاة حاجة من ولاية البحر الأحمر بمكة    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    محمد دفع الله.. (صُورة) تَتَحَدّث كُلّ اللُّغات    في سابقة تعد الأولى من نوعها.. دولة عربية تلغي شعيرة ذبح الأضاحي هذا العام لهذا السبب (….) وتحذيرات للسودانيين المقيمين فيها    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    تراجع وفيات الكوليرا في الخرطوم    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    وزير المالية السوداني: المسيرات التي تضرب الكهرباء ومستودعات الوقود "إماراتية"    "الحرابة ولا حلو" لهاني عابدين.. نداء السلام والأمل في وجه التحديات    "عشبة الخلود".. ما سرّ النبتة القادمة من جبال وغابات آسيا؟    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فتاوي ضد الغناء تحرم الجمال وتبيح القبح
نشر في سودانيزاونلاين يوم 10 - 06 - 2011

إن وجود قوي التوجيه الأيديولوجي الإسلامي علي رأس الدولة بدون تفويض شعبها هو ما يفتح الباب عريضاً لأشكال عديدة للقهر الإجتماعي والثقافي علي الشعب نفسه بحيث لا يقتصر حرمانه علي أساسيات الحياة من مأكل ومشرب وصحة وتعليم بل حتي من كل وسيلة للفرح والجمال وكله باسم الدين مع التمترس وراء بعض الفتاوي الخلافية فهل من تسلط أكثر وبالخلافي من الفتاوي فهذه السلفيات التي لا تختار فقط الرحول للماضي والحياة في كهوف النصوص بل تصر أن تأخذ معها شعوبها الجميلة السماعة الذواقة والتي لا تعبأ بهم وتدعهم وحالهم من تطرف بالكلمة إلي تطرف بالرصاص وبنفس النسق من الفتاوي إياها التي لا تحسن غير إجترار المفاهيم المعشعشة علي كتب التراث الفقهي من مئات السنين مما مللنا سماعه من كثرة تكرارها وإهمال الناس لها ولهم فتختفي ولا تعود إلا مع عودة التدهور الثقافي والسياسي للمجتمع ومع عودتها تحرق ابن رشد وابن عربي والشيخ الذهبي ومحمود محمد طه.
يجب أن لا أنسي أن هنالك خارج هذا التيار السلفي المتحجر من أعداء الجمال تظهر محاولات واعية لبعض الشيوخ تجتهدت في التراث الفقهي الكبير للإسلام وتعطي الأولوية في محاولاتها لآليات النص للإفصاح في ضؤ الواقع وجنبا لجنب مع نصيب المؤول والمتلقي في طرح مفاهيم وفتاوي جديدة تزخر بها النصوص نفسها بس في واقع جديد هو واقعنا اليوم وليس واقع السيوطي أو ابن حزم وأدت في هذه الحالات مثلما ما حدث مع محمود محمد طه وطه حسين والعشماوي ونزرات قليلة أخيراً للترابي لبزوغ رؤي جديدة رأينا فيها فتاوي صادمة لقوي التقليد والإجترارعندما قالت هذه الفتاوي للمرأة بالإمامة وللديمقراطية الغربية بالتآلف مع الفقه السياسي في الإسلام وكذلك رأت آراء جديدة في الزكاة والحدود والصوم وغيره.
لكن المؤسف أن ذلك لا يمثل إلا قطرة في بحر الفقه التقليدي السائد والمتحالف مع الأوضاع السياسية الشائهة والمتخلفة في دولها مثلما يحدث في السعودية وإيران والسودان والتي أنتجت في كل بلد مارست فيه الجماعات الدينية سلطتها في بلادها باسم الله أي حاولت تسييس المتعالي أو التعالي بالسياسة كما قال الجابري فتفشل عندما تصطك بعورات جدل النص والواقع..فتقمع الواقع بالنص أي نص سعياً لإخضاع المجتمع لسلطانها وهو سلطان بشري بالكامل لكنه باسم الذات العليا المتقوي بإسمها .
أذكر بأن حالة الإذدهار التي شهدتها الخلافة الإسلامية في العهد العباسي أصبحت ممكنةعندما فتح العباسيون الباب للفقه العقلاني وللتلاقح الثقافي والحضاري فاستحضرت الحضارة الاسلامية التراث الحضاري الإغريقي والروماني وفتحت الباب للترجمة ثم استعانت بأتباع الكنيسة المشرقية من نساطرة ويعاقبة سريانيين وآشوريين شرقيين وهم كانوا علي عكس المسلمين بارعين في العلوم والطب والفلك فكان أن إعتمد عليهم الخلفاء العباسيين في بناء النهضة العباسية وفنونها التي لا زالت آثارها تجمل وجه التاريخ الإسلامي وذلك قبل أن يغلق باب الإجتهاد ويكفر الفلاسفة فتدخل الخلافة في دورة إنحطاطها ..أي دورة قمع الآخر.
والقمع لايستلزم دائماً استصحاب أدوات البطش المادية فهنالك قمعاً آخر ذو بأس شديد وهو لازم من لوازم الإنحطاط الآيدولوجي ومفعوله مستتر لا تظهر آثاره في أحيان كثيرة إلا بعد فوات الأوان ومثال لهذا التطرف هو الفتاوي القامعة للمجتمع وخلفياتها الآيدولوجية التي تسعي إلي خلق سلطة قمعية غير متسامحة تحدد هي خيارات الناس ولا مكان فيها لغير خياراتها حتي في ما نأكل ونلبس ونسمع وكل ما عدا خياراتها هو الكفر والحرب علي الله أي توظيف الدين لبسط الهيمنة الإجتماعية والسياسية وقطع الطريق أمام أي شرعية تكتسب بوسيلة العقل والحداثة ومناهج التأويل الفقهي العلمية كالهرمونيوطيقا لأن المناهج العلمية الحديثة لاتأول المقدس وهي ولدت في بلاد الكفر فتصبح من الكفر ومن يدعو لها كافر ومن يؤيده كافر...قولوا لي أي قمع يمارسه فكر المواطن علي فكر أخيه في الوطن أكثر من استعصامه بقداسة السماء حيث لا تتاح بعد مشيئة السماء مشيئة أو قول لبشر رفعت الأقلام وجفت الصحف فولوستوب
هذا هو التعالي بالنص وتأويله علي الآخر المشارك في الوطن وهو من أرعن مسالك التطرف فلأن تفتح السلطات الباب لمثله بحجة حماية الدين عليها إذن الإستعداد لأن تحصد عواقبه لأنها به تتيح الفرصة لظرف أعنف من ظروف الترعيب بالمقدس لأن مثل هؤلاء الشيوخ لن يقفون عند هذا الحد أو ذاك بل سيتمددون تطرفّاً في ممارسة سلطتهم الميسرة لهم للهيمنة علي المجتمع ومفيش حد أحسن من حد ....مثال لذلك أنه عندما وظفت الجبهة الترابية الدين لشرعنة سلطة إنقلابها فتحت الباب لمحمد عبدالكريم لممارسة سلطة الله التي يجب أن يكرسها في الأرض فمضي وجماعته حتي إغتالوا من دخل البلاد بعهد سلم وأمان ثم ساهمت السلطات أكثر من ذلك في تهريب من إغتالوه..إنها بداية الطريق فهل ننصح من لا ولا يستبين النصح الا ضحى الغد.
يقول الغزالي في إحياء علوم الدين (والأصل في الأصوات حناجر الحيوانات، وإنما وُضِعَتْ المزامير على أصوات الحَنَاجِر، وهوَ تَشْبِيه للصَّنعَة بالْخِلْقَة إلى أن قال :
فسماع هذه الأصوات يَسْتَحِيل أن يُحَرَّم لِكَوْنِهَا طيبة أو موزونة، فلا ذاهب إلى تحريم صوت العندليب وسائر الطيور، ولا فرق بين حنجرة ولا بين جماد وحيوان فينبغي أن يُقَاسَ على صوت العندليب الأصوات الخارجة من سائر الأجسام باختيار الآدمي، كالذي يخرج من حلقة أو من القَضِيب والطبل والدُّف وغيره.)
جاء في صحيح البخاري:دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان ، تغنيان بغناء بعاث : فاضطجع على الفراش وحول وجهه ، ودخل أبو بكر فانتهرني ، وقال : مزمارة الشيطان عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فأقبل عليه رسول الله عليه السلام فقال : دعهما . فلما غفل غمزتهما فخرجتا . وكان يوم عيد ، يلعب السودان بالدرق والحراب ، فإما سألت النبي صلى الله عليه وسلم ، وإما قال : تشتهين تنظرين . فقلت : نعم ، فأقامني وراءه ، خدي على خده ، وهو يقول : دونكم يا بني أرفدة . حتى إذا مللت ، قال : حسبك . قلت : نعم ، قال : فاذهبي .
و روي ابن حزم بسنده عن ابن سيرين : أن رجلاً قدم المدينة بجوارٍ فأتى عبد الله بن جعفر فعرضهن عليه ،‌فأمر جارية منهن فغنّت ، و ابن عمر يسمع ، فاشتراها ابن جعفر بعد مساومة ، ثم جاء الرجل إلى ابن عمر فقال : ني أبا عبد الرحمن ؛ غبنت بسبعمائة درهم ! فأتى ابن عمر إلى عبد الله بي جعفر فقال له : إنه غبن بسبعمائة درهم ،‌فإما أن تعطيها إياه ،‌ و إما أن ترد عليه بيعه ، فقال : بل نعطيه إياها . قال ابن حزم : « فهذا ابن عمر قد سمع الغناء و سعي في بيع المغنية ، و هذا إسناد صحيح ، لا تلك الملفقات الموضوعية » (انظر المحلى : 9/63 ) .
وقد جاء في باب الدف واللهو في النكاح في نيل الأوطار الآتي:باب الدف واللهو في النكاح 2766 - ( عن محمد بن حاطب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { فصل ما بين الحلال والحرام الدف والصوت في النكاح } رواه الخمسة إلا أبا داود ) .
عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { أعلنوا هذا النكاح واضربوا عليه بالغربال } رواه ابن ماجه.
عن عائشة : أنها زفت امرأة إلى رجل من الأنصار ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : { يا عائشة ما كان معكم من لهو فإن الأنصار يعجبهم اللهو } رواه أحمد والبخاري.
عن عمرو بن يحيى المازني عن جده أبي حسن : { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكره نكاح السر حتى يضرب بدف ويقال : أتيناكم أتيناكم ، فحيونا نحييكم } رواه عبد الله بن أحمد في المسند.
عن ابن عباس قال : أنكحت عائشة ذات قرابة لها من الأنصار ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : { أهديتم الفتاة ؟ قالوا : نعم ، قال : أرسلتم معها من يغني ؟ قالت : لا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الأنصار قوم فيها غزل ، فلو بعثتم معها من يقول : أتيناكم أتيناكم فحيانا وحياكم } رواه ابن ماجه .
عن خالد بن ذكوان عن الربيع بنت معوذ قالت : { دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم غداة بني علي ، فجلس على فراشي كمجلسك مني وجويرات يضربن بالدف يندبن من قتل من آبائي يوم بدر ، حتى قالت إحداهن : وفينا نبي يعلم ما في غد ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تقولي هكذا وقولي كما كنت تقولين } رواه الجماعة إلا مسلما والنسائي.
يقول الشيخ يوسف القرضاوي في كتابه عن الإسلام والفن :
قرر علماء الإسلام أن الأصل في الأشياء الإباحة لقوله تعالى : ( هوَ الَذِي خَلَقَ لَكم مَا فِي الُأَرُضِ جَمِيعَاَ ) (البقرة (29) ) ، و لا تحريم إلا بنص صحيح صريح من كتاب الله تعالى ، أو سنة رسوله ( صلي الله عليه و آله و سلم ) ، أو إجماع ثابت متيقن ، فإذا لم يرد نص ولا إجماع . أو ورد نص صريح غير صحيح ، أو صحيح غير صحيح ، بتحريم شيء من الأشياء ، لم يؤثر ذلك في حله ، و بقي في دائرة العفو الواسعة ، قال تعالى : ( وَقَدُ فَصَلَ لَكم مَا حَرَمَ عَلَيُكمُ إِلَا مَا اضُطرِرُتمُ إِلَيُهِ ) (الأنعام (119)) . و قال رسول الله ( صلي الله عليه و آل و سلم ) : « ما أحل الله في كتابه فهو حلال ، و ما حرم فهو حرام ، و ما سكت عنه فهو عفو ، فاقبلوا من الله عافيته ، فإن الله لم يكن لينسى شيئاً » ، و تلا : ( وَ مَا كَانَ رَبكَ نَسِيَاَ (رواه الحاكم عن أبي الدر داء و صححه ، و أخرجه البزّار – و الآية من سورة مريم(64) ) .
و قال : « إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها ، وحد حدوداً فلا تعتدوها ، و سكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها » (أخرجه الدارقطني عن أبي ثعلبة الخشني ، و حسنه الحافظ أبو بكر ا لسمعا ني في أماليه ، والنووي في الأربعين .).
و لو تأملنا لوجدنا حب الغناء و الطرب للصوت الحسن يكاد يكون غريزة إنسانية و فطرة بشرية ، حتى إننا لنشاهد الصبي الرضيع في مهده يسكته الصوت الطيب عن بكائه ، و تنصرف نفسه عما يبكيه إلى الإصغاء إليه . و لذا تعودت الأمهات و المرضعات و المربيات الغناء للأطفال منذ زمن قديم . بل نقول : إن الطيور و البهائم تتأثر بحسن الصوت و النغمات الموزونة حتى قال الغزالي في « الإحياء » : «‌ من لم يحركه السماع فهو ناقص مائل عن الاعتدال ، بعيد عن الروحانية / زائد في غلظ الطبع و كثافته على الجمال و الطيور و جميع البهائم ، إذ الجمل – مع بلادة طبعه – يتأثر بالحداء تأثر يستخف معه الأحمال الثقيلة و يستقصر – لقوة نشاطه في سماعه – المسافات الطويلة ، و ينبعث فيه من النشاط ما يسكره و يولهه . فترى الإبل إذا سمعت الحادي تمد أعناقها ، و تصغي إليه ناصبة آذانها ،‌ و تسرع في سيرها ،‌ حتى تتزعزع عليها أحمالها و محاملها » .
و إذ كان حب الغناء غريزة و فطرة فهل جاء‌ الدين لمحاربة‌ الغرائز و الفطر و التنكيل بها ؟ كلا ، إنما جاء لتهذيبها و السمو بها ، و توجيهها التوجيه القويم . قال الإمام ابن تيمية رحمه الله : إن الأنبياء قد بعثوا بتكميل الفطرة و تقريرها لا بتبديلها و تغييرها .
و مصداق ذلك أن رسول الله ( صلي الله عليه و آل و سلم ) قدم المدينة و لهم يومان يلعبون فيهما ، فقال : « ما هذان اليمان » ؟ قالوا : كنا نلعب فيهما في الجاهلية . فقال عليه السلام : « إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما : يوم الأضحى و يوم الفطر » (رواه أحمد و أبو داد و النسائي . )
إن المسلمون اليوم يتدبرون أمر المستحدث من إشكالات الواقع ومآلات المعاملات مستخدمين آليات أصول الفقه لمقاربة احكامهم حول ما يستجد عليهم وفقاً لما كان قد إستشرع من طرائق النظر أو وسائل الإستنباط عبر الأدلة التي تواترت من قبل يقيناً أو إحتمالاً لمقاربة المستحدث من المشكلات مثل قضايا التربية والتعليم وعلي رأسها المدرسة الحديثة والجامعة الحديثة والتربية الحديثة والرياضة الحديثة والأنظمة القانونية والصحية والزراعية الحديثة والتعامل مع ربوية دورة الإقتصاد العالمي التي لم يعرفها تاريخنا القديم لأنها منتج حداثي غربي بكل مبانيه ومناهجه كيف يتعامل مثل هذا المنهج الإصولي مع هذه الحياة الحديثة وهم لا يتسلحون إلا بأجمد مافي الماضي ولا يحتفون بأنشطة تجديد الفقه ومناهج تأويل النص الحديثة ولعلنا نتساءل كيف يتعاطي هؤلاء مع من عينةالحديث الصحيح الذي يقصرالحكم والولاية في القريشيين فقط وهممن بلاد لا يوجد بها قريشيون.
لقد رفض هؤلاء المشايخ السلفيون من قبل الميكرفون والراديو أول ما دخلا العالم الإسلامي وحرماهما ومن بعدهما حرموا التلفون علي إعتبارأن كل ذلك بدعة ورجس من عمل الشيطان وهكذا ما زالوا حتي يومنا هذا يحرمون الدش والغناء والرقص والصور والتماثيل ووصلت الإختلافات بين العلماء حد التكفير والتفسيق فجاءت الحاجة لعلم جديد حتي تتوحد مسارات التشريع عبره وإلي حد ما كان ذلك مفيداً إلا انه لم يوحد المدارس السنية بإختلافاتها والشيعية الإخبارية وغير الإخبارية فكان علم إصول الفقه قال ابن خلدون في مقدمته (واعلم أن هذا الفن يقصد علم أصول الفقه من الفنون المستحدثة في الملة) لبعث الحياة في الإجتهاد والفسح لتعدد الآراء والأئمة والمدارس الفقهية.
أن الفقه الإسلامي ليس صندوقاً مغلق بل أحكام تتولد بإستمرار من المتفق عليها والمختلف فيها نعلم أن هنالك إتفاق غالب علي القرآن والسنة والإجماع والقياس لكن هنالك أيضا المصالح المرسلة والإستحسان
وكل ذلك فتح الباب واسعاً للتعاطي مع التراث العالمي تؤخذ منه الحكمة أياً كان وعاؤها وللإجتهاد بما ييسر علي الشعوب المسلمة التناغم الجميل في العلم ضمن جدل واع بين نصوص التراث وحرارة الواقع ومن هذا ماجعل بعض فقهاء الإسلام يرون متسعاً في تشريع حلية شراء المسلم في الغرب لبيت لسكنه ولو بالربا ومنهم من أحل أكل لحم الخنزير وكشف الوجه للمرأة وكلهم فقهاءْ...
إن الإسلام ليس فقط حلال أو حرام بل فيه الحلال المباح والحلال المكروه والحلال المندوب المستحب والمرخص كما العزائم وتلكم هي المرونة الضرورية لحفظ معادلة الثابت والمتغير في الدين وأن القاعدة الأصولية تقول أن الأصل في الأشياء الإباحة كما ذكرت أعلاهقال تعالي (هوَ الَذِي خَلَقَ لَكم مَا فِي الُأَرُضِ جَمِيعَاَ ) (البقرة ) كانت رسالة الشافعي ضربة بداية موفقة ثم أتي بعده من أتي مثل الجويني والغزالي الأشعري والذي رغم ممالئته للحكام وحملته علي ابن سينا وابن رشد إلا أنه يعتبر الغزالي الملقح الرئيسي للمنطق الأرسطاطاليسي بعلوم التشريع الإسلامي يظهر هذا جلياً في اسلوبه ومنطقه السهل المتمنع لا سيما مقدمة كتابه الفقهي الشهير المستصفى والتي أبان فيه كيف أن منطق أرسطو يمكن إعتباره شرطاً من شروط الاجتهاد وفرض كفاية على المسلمين، وإختلاف الأئمة رحمة بالعباد وأصحاب الرسول كالنجوم بأيهم إقتضينا إهتدينا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.