وكأنه لم ينقصنا أو يكفينا أستهجاناً أستطلاع المجلس العسكري الأعلي عن الترشيحات لرئاسة الجمهورية وأنشاؤه صفحة علي الفيس بوك لهذا الهدف وهو مايدلي بالكثير من علامات الأستغراب والعجب ، بل وعلامات الأستفهام المبهم من خلفه ؟ إلا أنه أيضاً وكواحدة من أهم أساليب الإلهاء وصرف النظر عن مطالب الثورة وأهم أهدافها والتي تتعلق في المحاكمات السريعة النافذة والناجزة في حق رؤس الفساد بداية من مبارك وزوجته وولديه أو بقية صبيانه وخصيانه من الفجرة وأسترداد ثروات الشعب من جبال المليارات النقدية منها والمنقولة والتي تم نهبها وتهريبها خارج البلاد من هؤلاء الذين نهبوا وقتلوا وهربوا ثرواتنا وأستحلوا فينا ومنا كل الأخضر واليابس ، أن مانراه مايحدث حالياً من لغط سياسي متعمد وصل إلي حد التهريج في المناوشات والمقالات والتشيع بين رواد الفكر السياسي وشباب الثورة الواعي وهو جدل بيزنطي مقصود أغراقهم فيه عن عمد بغية صرف أنظارهم عن محاكمة مبارك أس الفساد ونظامه الفاجر ، وعلي طريقة أغراقهم حتي الأعناق في السؤال البيزنطي البيضة الأول ولا الفرخة ؟ ، وهكذا أنشق الجمع وتفرق إلي شيع متنافرة ومتخاصمة فيما يخص الرؤية السياسية ( الدستور أولاً ثم الأنتخابات – أم الأنتخابات أولاً ثم الدستور ) ، موضوع تحول إلي شبه عراك سياسي وأخذ ونال من فكر وجهد شباب الثورة وكافة المفكرين والمثقفين والمشرعين والسياسين أكثر من اللآزم ولدرجة كأنهم كمن أصبحوا مكلفين بأكتشاف الحجم الحرج لكتلة نواة ذرة اليورانيوم المشع لصنع القنبلة النووية ، نوع آخر من المكر والأذي السياسي وطمس أهم الأهداف التي قامت من أجلها الثورة وتفريغها من أهم أهدافها ومضامينها، وهو شغل الجميع وإدخالهم في جدل بيزنطي عقيم لايغني ولايسمن من جوع ، وفي موضوع لايتطلب ولايحتمل كل هذا اللغط والغلط والأرتباك والحيرة المبالغ فيها في تلك الرؤي السياسية المتضاربة، فبعد ثورة الغضب الثانية والتي أخفقت أو أجهضت عن عمد والتي كانت تنادي بالأسراع والتعجيل في محاكمة رؤس الفساد وعلي رأسهم أس الفساد الأكبر مبارك المخلوع وزوجته وولديه ، وعلي الرغم من أن هؤلاء المعرفون بالأخوان المسلمين أو السلفيين أعلنوا من قبلها نيتهم عن عدم المشاركة فيها ؟ وهو مايلقي بظلال من الشك والريبة بأن هؤلاء الأخوان والسلفيون وفيما قرأنا من تصريحاتهم بعدم المشاركة وهم الأولي وألد أعداء مبارك ونظامه وكم عانوا من صنوف الأذي علي أيدي جلاديه ، وأن أعلانهم بعدم المشاركة في جمعة الغضب الثانية أنما يعني أن هناك أتفاقاً ما معهم يقدم لهم ألتزاماً ما أو صفقة ما قد رضوا بها ، أنا واحداً من عباد الله المؤمنين والمسلمين والكارهين بطبعي لمايسمي بالأخوان المسلمون ، حتي مجرد أسمهم يجعلني أشعر بمدي التعصب والعنصرية وكأنهم أختصوا أنفسهم بأنهم أخوان وأنهم مسلمون وربما ماعداهم ليسوا بأخوان ولا بمسلمين ، وأنا لاأثق أطلاقاً في هؤلاء من أصحاب اللحي الطويلة والتي تصل لحد الركبة وخاصة هؤلاء منهم الذين يفضلون مصالحهم الشخصية والدونية البحتة تحت شعار الدين أو التعصب وكلاهما ليسا من الأسلام ولا السلام في شيء ، وللأسف فيما أقرأ وأري أن هذا التنظيم قد أصابه الغرور في مقتل ، والغرور هو بداية الزوال والأنحسار والأنكسار ، ويعلم القاصي والداني أن جماعة الأخوان تهدف إلي السيطرة الكاملة علي مجلسي الشعب والشوري وأن يكون حزبهم هو الحزب الأقوي والأكثر عدداً ومقاعداً وهم بذلك يتشبهون بسلوك الحزب الوطني البائد وألد أعداؤهم بالأمس القريب ، ومن ثم فأن هذا الحزب وأن كثر عدد المنتسبين له ، إلا أنه وبالنهاية يذوب ويضيع بين شعب تعداده أكثر من 80 مليون مواطن فضلاً عن الأنقسامات الواضحة والتي بدأنا نقرأ عنها من رغبة بعض رموزه الترشح لرئاسة الدولة وهو الحالم تماماً ؟ مثل بقية زملاؤه الحالمين ببسط عبايتهم علينا وهو لن يكون ؟ ونعود مرة أخري لموضوع البيضة والفرخة ؟ فالدستور هو وببساطة شديدة مجموعة من النصوص القانونية والحاكمة والتي تترجم رغبات وأتجاهات وأحلام الشعب بجميع طوائفه في عوامه ومثقفيه ، ومن ثم فأن الدستور منبعه هو الرؤي والأهداف والأحلام الشعبية المتطلعة الخالصة وأن صيغت بأيدي قانونية محترفة تعي معني العقود والعهود ، وأنا عن نفسي طالما السادة أعضاء المجلس العسكري الأعلي مصممين أن يدخلونا في تلك الدوامة وهذا الجدل البيزنطي ؟ فأنني أري أن صياغة الدستور يجب أن تأتي ويكون سابقاً لأية أنتخابات ، لأن حتي الرئيس المنتخب لابد له أن يقسم علي الولاء للوطن والدستور ، وأن قسمه علي الولاء لدستور في علم الغيب ولم يولد ويصاغ يعد قسماً ناقصاً ومعيباً وغير معتد به شرعاً ولاقانوناً ، ولكنني أعيب علي جميع هؤلاء المثقفين والمفكرين والذين جعلوا من تلك ( الهيافة ) مشكلة ؟ ووصلت لحد التراشق بالألفاظ وربما الأشتباك بالأيدي في أحدي الحلقات التي تابعتها غلي قناة الجزيرة مباشر بين رموز من شباب الثورة وبعض المثقفين ؟! وكنت أحترمهم أكثر وسوف أحترمهم أكثر حين نبدأ فعلاً المجادلة والجهاد والأجتهاد وعن حق في مواد ونصوص تلك الدستور الحاكم ، في مدي الحريات التي يمكن أن يحتويها لشعب يستحق الحرية والأحترام والرفاهية ، في مدي تقليل السلطات في يد رئيس الجمهورية القادم ، ونريده من المدنيين والعلماء الأكاديميين وأصحاب السير الذاتية المشرقة والمشرفة وليس من العسكر في شيء ، مع حتمية الفصل بينه وبين رئاسة الجهاز القضائي أو الجهاز التشريعي أو التنفيذي للدولة ، بل وحتي الفصل بينه وبين كونه القائد الأعلي للقوات المسلحة وأن يتولي وزير الدفاع هذا المنصب في أستقلالية تامة بعيداً عن شخص الرئيس ، لانريد خلق فرعون جديد إن نحن أخفقنا في تفاصيل ومواد هذا الدستور ، نريد رئيساً للدولة المصرية لايمت بأي صلة برئاسة حزب معين من الأحزاب السياسية ، رئيساً متفرغاً فقط لإدارة شئون البلاد والعباد ومراقباً وحارساً أمينا عليها ، نريد رفع سمة الأستبدادية في الحكم بقصره علي مدتين رئاسيتين فقط لاتزيد عن 8 أعوام لضخ دماء وأفكار ورؤي جديدة ، نريد نصوصاً حاكمة لدور وتعريف ووظيفة المؤسسة العسكرية والقوات المسلحة والقائد العام لها ، لانريد قوات حرس جمهوري وكأنها جيش آخر منفصل بالدولة وخاضع لرغبة وإرادة وتحريك الرئيس ، نريد رؤية جديدة متحضرة لجهاز الأمن والشرطة كما هو الحال في بريطانيا وأمريكا وألمانيا ، ووضع الصياغة القانونية المتحضرة والتي تفصل بين حق المواطن وحقوق وواجبات رجل الشرطة وإخضاع كل الرقاب تحت سلطان وسيف قضاء نزيه مستقل لاسلطان عليه من أحد إلا من رب العالمين ومن ضمير القاضي الحر والحي ، نريد أن يتم تعيين القضاة ورؤساء المحاكم والنائب العام والمحامون الأول وجميع المناصب القضائية الحساسة علي أساس الأنتخاب الحر في أطار أسرة القضاة أنفسهم دونما حشر لمنخار رئيس الدولة أو أي جهة أخري سيادية فيها ، نريد تعيين المحافظون والنواب ورؤساء المحليات بالأنتخاب الحر وعلي أسس عادلة ليس منطقها وركيزتها الظالمة والجائرة أن يكونوا من العسكر المحالون للتقاعد كما هو الحال الجائر ؟ ولكننا نريد عسكر أو مدنيين وأن يكون معيار الأختيار هو الكفاءة والسيرة الذاتية والمؤهلات والأكثر قدرة علي الخدمة والأبتكار والأرتقاء بصالح الوطن والمواطن ، نريد إعادة لجميع نصوص قوانين العقوبات المتقادمة من الأربعينات والثلاثينات ؟ وبما يكفل نظافة وتطهير المجتمع وأنزال أشد أنواع العقوبات علي البلطجية والغوغاء ومحترفي الأجرام ، نريد ونريد ونريد ...ألخ ، هذا هو مايجب أن نتحاور عليه وأن نجعله محلاً للنقاش الهادف الواعي والمتحضر ، نعم نصوص الدستور ومواده الحاكمة هي التي يجب أن نضعها في أم أعيننا ونراقب صياغة كل حرف في كل كلمة ترد فيه ، وأما نتجاذب ونتشابك عن أيهما الأول الدستور أو الأنتخابات فهو موضوع أراه محسوماً وأن جاء علي غير رغبة البعض من أصحاب الهوي والفتن وذوي المصالح الدونية والخاصة ، وعليه فأنه يجب علينا الأتفاق علي أن تكون صياغة مواد الدستور هي الأولي ، ثم بعد ذلك تأتي الأنتخابات والتي سيحكمها وينظمها ويضمن نزاهتها هذا الدستور والذي يريد البعض القفز عليه ، وكأنه كمن يصعد السلم من درجاته الأخيرة وهو أمر منافي للمنطق والعقل والأصول والقانون الطبيعي ، ولكنني أعيد لأذكر جميع مواطني مصر الشرفاء وشباب مصر والثورة وأولياء دم الشهداء وجميع جرحي ومعوقي شباب الثورة وجميع الشرفاء ورموز المجلس العسكري الأعلي أننا لم ولن ننسي دم أبناؤنا وأخواننا شهداء الثورة وجرحاهم ومعوقيهم وطالما ظلت بداخلنا قلوب تنبض ، وأننا ننتظر علي مضض وعلي رماد أو رمضاء وجمرات ثورة لن تهدأ ولن تهنأ إلا بالقصاص العادل والعاجل من مبارك وزوجة مبارك وجميع القتلة وجميع اللصوص ورموز الفجر والضلال والذين أستحلوا أموالنا وأرواحنا وأعراضنا ، وأننا نراقب عن كثب وعن مضض وترقب وننتظر تحقيق وعد السادة العسكريين في محاكمة كل رؤس الفساد وأولهم الرئيس المخلوع والفاسد مبارك وأسرته وأصهاره ورموز فجره وصبيانه ، وأن غداً لناظره قريب ، وأنا لمنتظرون وصابرون . [email protected]