[email protected] جاء رجل الى خليفة المسلمين عمربن الخطاب رضى الله عنه ومعه زوجه وبناته الست فقال:( يا عمرهؤلاء بناتي ستٌ وأمُّهُنَّ، أطعمهنَّ واكسهنَّ وكُنْ لَهُنَّ من الزمان جُنَّة) قال عمر: (وماذا إذا لم أفعل؟) قال الأعرابي: (سأذهبن) قال عمر: (وماذا إذا ذهبت؟) قال: (عن حالِهنَّ يومَ القيامةِ لَتُسألَنَّ، الواقِفِ بينَ يديِ اللهِ إما إلى نارٍ وإما إلى جنَّة)، قال عمر: (لن تضيع هذه الأمة ما دام فيها أمثال هؤلاء). يتبين من هذه القصة مدى الواجب الملقى على عاتق المسلمين وسلطانهم، فإن الرعوية واجب من أهم واجبات الراعي، فدين الإسلام يهتم بالإنسان ورعاية شؤونه، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ قَالَ فَسَمِعْتُ هَؤُلَاءِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَحْسِبُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَالرَّجُلُ فِي مَالِ أَبِيهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ} فهذا واجب الرعوية الذي يميز أمتنا بعظمة القيم التي تؤمن بها وتعمل بها، فكان منه قول الرسول صلى الله عليه وسلم (... وَأَيُّمَا أَهْلُ عَرْصَةٍ أَصْبَحَ فِيهِمُ امْرُؤٌ جَائِعٌ، فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ تَعَالَى) وقال عليه الصلاة والسلام: ( ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به)، وقد أوجب الإسلام علينا حفظ هذه الأحكام وقيمها، وجعل وجود السلطان واجباً لرعاية شؤون الأمة ليحفظ لها حقوقها الشرعية، ويسد حاجاتها الأساسية كلها، عَن سَلَمَة ابْن عُبَيْد الله بْن محصن عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ أَصْبَحَ آمِناً فِي سِرْبِه، مُعَافى فِي بَدَنِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيا بِحَذَافِيْرِهَا) فقد جعل الإسلام أساسيات ستاً لا بد من اشباعها للفرد والجماعة، منها في هذا الدليل الأمن والصحة والمأكل، والبقية الملبس والمسكن والتعليم، ولكن بزوال دولة المسلمين الخلافة انعدمت تلك الرعاية التى سادت لاكثر من ثلاثة عشر قرناً من الزمان تلك الدولة التى كان خليفتها يقول والله لوعثرت بغلة فى سواد العراق ان الله سائلنى عنها لِمَ لَمْ أُسوِّ لها الطريق، تلك الدولة التى كان خليفتها يوزع المال حتى لا يوجد فقير يستحق الصدقة. ولكن أتى مكانها النظام الراسمالى الذى أشقى البشرية جمعاء واندثر فيها مفهوم الرعوية وصارت الدولة لاهم لها سوى جمع المال وتكثيره بينما الرعية يتضورون جوعا وألماً وبلا مأوى! وما كان ذلك إلا لتقصير الدولة فى رعاية شئون رعاياها وكلنا قرأ وسمع عن موت هؤلاء الأبرياء المشردين، وبأعداد هائلة، فقد كشف مدير شرطة ولاية الخرطوم الفريق محمد الحافظ عكاشة أن جملة المتوفين بمادة الاسبرت وصلت الى(71) شخصا منهم( 38) من محلية امدرمان و(33 ) بمحلية الخرطوم، موضحا ان اعمار المتوفين تتراوح مابين ال(20_35) عاما وان جلهم من المشردين عدا حالتين لاشخاص ابلغت عنهم اسرهم. وقال والي الخرطوم فى المؤتمر الصحفى الذى نظمته وزارة التنمية الاجتماعية بالولاية عن برنامج الوزارة لمعالجة ظاهرة التشرد أن جملة ( 72%) من المشردين من خارج الولاية بسبب التفكك الاسرى مشيرا الى وجود حوالى ( 556) من المشردين من كبار السن واكثر من ( 300 ) من الاطفال بالدور الايوائية واوضح الوالى ان الميزانية التى خصصتها الولاية للبرامج الاجتماعية بلغت ( 100 ) مليون جنيه وفى ذات الوقت اشار مدير شرطة ولاية الخرطوم الى تمكنهم من ضبط 9 من المتهمين فى ترويج مادة الاسبرت من بينهم تجار الاانه لم يكشف عن هوية المتهمين منوها الى ان الامر ما زال قيد التحرى. إن هذه الحوادث (اى موت المشردين) لم يحدث فى يوم واحد بل فى عدة ايام ففى كل يوم يموت عدد مقدر منهم وكان على الدولة ان تجد فى هذا الموضوع اكثر من ذلك حتى نتفادى موت هؤلاء المشردين وخاصة بعد ان عرفت الدولة بتلك المواد السامة التى يتناولونها فالامر يتعلق بارواح الناس الذين هم أمانة في عنق الدولة وعنق المسلمين. وقبل هذا كله فالسؤال الذى يطرح نفسه لماذا التشرد فالاسباب كثيرة ولكن اهمها الفقر والعوذ الذى ألم باسر هؤلاء المشردين فلا يوجد شخص عاقل يعيش فى اسرة ميسورة الحال ثم يختار التشرد والجوع وحتى لو طعم طعاماً فإنه ياكل الفتات من الطعام، وطالما نحن مسئولون حتى عن الحيوانات التي تعيش معنا فالسؤال عن حال بعضنا هو من باب أولى وللدولة نصيب الاسد فى ذلك وخاصة ان الله سبحانه وتعالى اوجب الرعاية عليها كما اوردنا سابقا وهؤلاء المشردون ليسو فى السودان فقط انما هم فى كل الدنيا وهذا نتاج طبيعى لغياب احكام الاسلام عن واقع حياتنا وغياب الدولة التى تطبق تلك الاحكام التى تسعد البشرية جمعاء.