لا يستطيع احدا ان ينكر ما قامت بها دولة قطر من اجل ايجاد حل لمشكلة دارفور التي ظلت عصية على كل الحلول والمبادرات التي انطلقت منذ اندلاع شرارة الثورة في هذه المنطقة البعيدة في غرب السودان عندما رفعت ابناءها السلاح ، لتقويم الخلل في موازين تقسيم السلطة والثروة في السودان، تلك الموازين التي وجدت مختلة منذ اليوم الاول من اعلان استقلال السودان ومالت كفتها لصالح نخب نيلية وقتها حظيت بقدر من التعليم والمعرفة مكنتها من ادارة دواليب الحكم زهاء نصف قرن من الزمان تاركا اثار وخيمة على الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للبلاد. لن تتوانى هذه النخب المتهيمنة على مقاليد السلطة بالبلاد في اتباع كل الطرق والاستراتيجيات الغير الاخلاقية في سبيل تشبثها بمقاليد الحكم والاستئثار بمقدارتها البلاد ، ومها اختلفت هذه النخب في منطلقاتها الفكرية والعقائدية فانها تتفق في مشروعها القائم على احتكار السلطة واقصاء الاخر وتبادل الادوار مهما كانت التكاليف ولو ادي تقسيم البلاد وتغيير جغرافيتها كما شهدناه قبيل ايام من ذهاب جزء عزيز من الوطن وايضاء اصرارها على اتباع الحلول الامنية في جنوب كردفان والنيل الارزق والتلكؤ في حل قضية دارفور كلها تكشف بجلاء رغبة النخبة النيلة في تفتيت البلاد وتفكيكها لضمان البقاء ولو على رقعة صغيرة على مساحة البلاد. برزت مشكلة دارفور كمحاولة جادة لتنبية المركز بالضرورة تغيير نهجها في التعامل مع اطراف البلاد وتوسيع مواعين المشاركة لتشمل اطراف والتخفيف من القبضة الحديدة للمركز لصالح الاقليم الهاميشية التي لن تجد حظها من التعليم والتنمية والصحة والتنمية، الا ان النظام المؤتمر الوطني التي تمثل اليمين المتطرف للنخب الشمالية رفضت وبعنف مطالب الاقليم ووأدات تطلعاتها العادلة في الحياة الكريمة على اسس المساواة والعدالة في دولة مدنية تكون فيها الحقوق والواجبات اساس للمواطنة تعترف بالاختلاف والتنوع العرقي واللغوي والديني والثقافي وحق في التنمية المتوازنة والتعليم والصحة وهي حقوق تكفلها كل الاعراف والنواميس والقوانين التي تحكم عالم اليوم. رد نظام على هذه المطالب هو النكران وصل الي حد الغلو والتطرف واعتماد سياسة ارض محروقة من حرق القرى وهلك الزرع والضرع والتقتيل والتنكيل بابناء هذا الشعب المسلم واستذكر هنا قول فرنانذير القائم بالاعمال الامريكي السابق بالسودان عندما قال ذات مره " لا يوجد في دارفور كافر واحد" هذا خلاف لسيلسية الاعلامية والدبلومساية التي يوجها النظام الي الدول العربية والاسلامية خاصة دول الخليج ،ان الثورة في دارفور تمثل راس الرمح للصهيونية للحد من المد الاسلامي والعروبي في القارة الافريقية .. وهي توجه اذا تم تصديقها والاخذ بها كفيلة لتؤمن كل اسباب الدعم المادي واللوجستي تمكن النظام من المواصلة القمع والقتل والبطش بالمسلمين في دارفور بمقدرات المسلمين. ان الحرب في دارفور وعن النقيض تماما لا تحركها اي عامل اجنبي او تيار فكري او عقيدة دينية او نزعة عنصرية او رغبة انفصالية ،وهي حرب قامت لتحقيق اهداف عادلة نبيلة واضحة ترمي الي تحقيق التنمية المتوازنة تقوم على تاسيس البنية التحتية والتنمية المستدامة والمشاركة الفاعلة في السلطة وتقاسم الثرة في جو ديمقراطي متعافي وهي قيم عادلة تطوق الي تحقيقها كل الشعوب الحرة في ارجاء المعروفة. جاءت دولة قطر ودورها كرد طبيعى لحالة التخبط التي لازمت الساحة الدولية والاقليمة وعجزها في التعامل مع ملف ظلت الاعقد من نوعها في هذا الحقب من الزمان ،واستعصت معها كل الحلول التي جربت لمعالجتها ، ولا يخفى على احد اسباب الفشل التي تمثلت في كثرة المبادرات الاقليمية والدولية بعد اتفاق ابوجا تمخضت عنهاسباق وتنافس اقليمي محموم.. الكل مدفوع باجندته وغايته حتى تم اختطاف القضية وصارت اسيرا لامزجة واجندات بعض دول الاقليم ، دخلت تحت زريعة القرب الجغرافي و ادعاء المعرفة بدارفور وقدرة الثاتير على قياداتها . سر تميز مبادرة دولة قطر عن غيرها في التعاطي مع المشهد الدارفوري يكمن في بعدها الجغرافي الذي ابعد عنها شبه الاجندات الداخلية اوالتوجس من الادوارالدول الاقليمية الجارة ، كما جاء متماشيا مع مطالب الحركات والمهتمين بالشان الدارفور حول اهمية البحث عن منبر اخير في دولة بعيدة عن السودان.. ومما زاد من ثقة قطر واهليتها لادارة الازمة في الاقليم هو مدخلها الجيد ومخاطبتها للازمة من كل جوانبها السياسي والتنموي والانساني .. وايضا المتابعة اللصيقة للاموارعلى الميدان عبر وكالاتها الانسانية التي ساهمت كثيرا في رفع معاناة الناس في المعسكرات وايضا الزيارات الميدانية للقيادت السياسية والالتحام مع الجماهير، اكسبتها مزيدا مع الثقة والخبره في ابتكار انجع السبل الكفيلة لوضع حد للهذا النزاع ، ولا يغيب على احد الزيارت المتكررة لوزير الدولة بالخارجية القطرية غير عابه بعناء السفرالي مدن وقرى ومعسكرات دارفور في البحث عن السلام المتعثر هناك..ولربما هذه الزيات ولدت قناعة لدى القيادة في ضرورة اقحام فئات المجتمع الدافوري الصامته ضمن العملية السلام وهي نفس الفئات التي يطلق عليها دكتور سيسي باصحاب المصلحة الحقيقيين .. وقد لعبت هذا الفئات في اضفاء شريعية كبيرة لمنبر الدولة ، وسببا لنجاحها في الوصول الي وثيقة سلام ينتظر تطبيقها في الواقع... وخلافا ما تتناقله بعض الاقلام نري ان ظروفا موضوعية قد توفرت لامكانية تطبيف الاتفاق على الارض لو اوفت الاطراف بالالتزاماتها تجاه الوثيقة واهل دارفور،، فالاوضاع على الارض تغيرت كثيرا مع تنامي الوعى والمعرفة بين سكان دارفور وبين المعسكرات اللجوء والنزوح،، والتسليم بعدم جدوى الحلول العسكرية وتراجع التأييد العمياء للحركات المسحلة التي سلكلت بعض الطرق الغير الاخلاقية لاستدرار الدعم والابقاء على الولاء الدائم، ادت معظمها الي ضرب النسيج الاجتماعي واذكاء الصراعات الدامية في المعسكرات مثل كلما والحميدية ..زد الي ذلك ادراك القبائل المختلفة الي اهمية التعايش السلمى ونبذ الفرقة والتشات واصلاح ماخربته السياسية وعدم جدوي التفكير في اقصاء الاخر وتهميشة او العيش على ارض الغير والاعتداء على الاخر ..وذلك متسفيدين من سنوات الصراع الذي اقحموا فيها ولن يحصدوا الا سنوات سنوت عجاف عنوانها الذل والهوان . في الحقيقة. اننا لا نرى جدوى لحركات دارفور الاختلافات والصراعات والمواقف متضاربة حول مخرجات الدوحة ووثيقتها التي دفع فيها القيادة القطرية كل ما يملكها من مقدرات مادية هائلة وقدرات تنظيمية جبارة ووعود يمكن ان تغير ان قدر الايفاء بها الكثير من طبيعة الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في دارفور بل السودات باسره،، وليس من التسليم بما نراه من حملة اعلامية شرسة التي يطال الدكتور تجاني سيسي بمجرد انه ساهم بجهده وفكره في احياء فرصة للسلام المتعثر في الاقليم،، ومهمها قلنا لا نستطيع ان نكر انجازاته خلال عملة في دافور ومساهماته في التعريف بالقضية وابعادهه اقليميا و دوليا وحتى وظيفته الدولية يجب الا يكون مكان تندر كما نرى عند البعض بل مكان فخر لابن من ابناء دافور وصل المصاف الموظفين الدوليين الذي صعب على الكثيرين الوصول اليه. اخيرا: استوقفني حديث الدكتور السيسي في حفل التوقيع على وثيقة الدوحة للسلام وهو حديث يبعث بالفخر والثناء لما حملته كثير من دروس وحكم يمكن الاستفادة منها والذي اكد خلاله استعداده بالقبول لاي اتفاق لدارفور ياتى بوثيقة احسن من الدوحة الذي قال فيها انهم وضعوا فيها عصارة فكرهم ، وايضاء عدم نيته لاحتكار الوثيقة لجهه دون اخرى بل مملوكة لاهل دارفور وابدي كذلك استعداده لضم الاخرين والتقاسم معه من اعادة دافور الي سيرتها الاولى وهي اشياء تبعث بالامل والاطمئنان لان بين اهل دارفور اناس يمكن الاعتماد عليهم في الوصول الي الغايات النبيله في سبيل رفعة انسان دارفور والسودان. وقد اتفق معظم اهل دارفور وحركاتهم الرافضة والموقعة على ان وثيقة الدوحة يمكن ان يمثل اساسا جيد لسلام دائم في دارفور مما يحتم على الاطراف المختلفة العمل بكل جدية في وحدة عضوية متناسقة ومتماسكة لحمل النظام لتطبيقها نصا وروحا و توفير البيئة الملاءمة لعودة النازحين واللاجئين الي قراءهم الاصلية ووتشجيع دولة قطر للايفاء بالتزاماتها حتى يعود السلام المستدام في الاقليم وتعود دارفور الي سابقات عهدها.