ما بين ادعاءات المؤتمر الوطني ، والتي تؤكد زيارة وفد الحركة الشعبية قطاع الشمال ، إلى إسرائيل ، والتي أوردت جريدة الرأي العام الحكومية الخبر ، وتفاصيل الزيارة ، والتي كانت برئاسة ياسر عرمان وعضوية عمر عبد الرحمن آدم ومبارك أحمد ورمضان حسن نمر، كما ذكرت المصادر بان الوفد التقى يهود باراك وزير دفاع العدو الإسرائيلي ..... وان الوفد قد تحرك بطائرة إسرائيلية خاصة من جوبا ....... لم يرد من الحركة الشعبية ، قطاع الشمال بيان حول هذه الزيارة حتى كتابة هذه الأسطر ، وإن صدقنا المصادر الحكومية ، وسلمنا جدلا بقيام هذا الوفد بهذه الزيارة فما سبب هذه الزيارة المثيرة للجدل ، والتي تتحدى الأعراف السياسية السودانية ، والقيم التي قامت عليها الأحزاب ، السودانية منذ القدم ،،، ولم نسمع غير قبل فترة قصيرة أصداء عن زيارة عبد الواحد محمد نور ، لإسرائيل ..... ولنقم بتشريح هذه الزيارة وما هي الفوائد والمكاسب التي ستجنيها الحركة الشعبية قطاع الشمال ، وخصوصا أن الخبر بان هذه الزيارة قد تمت بطلب من الحركة الشعبية قطاع الشمال عن طريق السفير الإسرائيلي غير المقيم بجوبا ، وليست دعوة محرجة من الكيان الصهيوني ، لهذا الوفد ،،،، إن الحركة الشعبية قطاع الشمال ، هي الوجه الثاني ، أو المسمى الثاني ، للنفوذ الشيوعي في الشمال ، وهذا لا يخفى على أحد ، وإن وجود هذه الحركة ، أو الحزب بهذا المسمى في الشمال لا مر غريب جداً ، فهل الشيوعيون لا يبالون من التعامل مع دولة الكيان الصهيوني ( إسرائيل ) وهل للحزب الشيوعي السوداني ، سوابق تعامل مع إسرائيل ؟ أم أن الأمر لا يتعدى مجرد تجديدات في سياسة الأحزاب السودانية التي تعدت وتخطت كل الحدود الفاصلة ، والخطوط الحمراء التي أقرتها الأعراف السودانية ؟ وبالرجوع إلى التاريخ ودراسة علاقة الأحزاب الشيوعية العربية ، باليسار الإسرائيلي ، وخصوصا بعد الحرب العالمية الثانية ، حيث كان الأمر قبل الحرب العالمية الثانية ، لا يتعدى الأوامر العسكرية من القيادة العليا إلى قيادات الأحزاب الشيوعية العربية أو غير العربية ، أيا كانت بالرجوع إلى تقرير السيد كورت زايبت في قسم الاتصالات الدولية للحزب الاشتراكي الألماني ، في العام 1977 والذي يؤكد الدور القوي الذي لعبه الحزب الشيوعي الألماني في تقوية الصلات مع الأحزاب الشيوعية الأخرى ، وذلك عقب زيارته للعراق يؤكد ، العلاقة القوية بين الحزب الشيوعي الإسرائيلي ، مع الأحزاب الشيوعية العربية ، ومدى تغلغل الحزب الشيوعي الإسرائيلي وقوة تأثيره على الأحزاب الشيوعية العربية ، عقب شيخوخة الاتحاد السوفيتي ..... وظهور قوى داخل منظمة التحرير الفلسطينية للتعامل مع الحزب الشيوعي الإسرائيلي ،،،، وتشير هذه الوثيقة إلى انه قد تم الترتيب للقاء بين الحزب الشيوعي السوداني بقيادة زورانج ، والحزب الشيوعي الإسرائيلي بقيادة طوبي وزوجته بألمانيا ، وكان من المفترض أن يتم ذلك في فبراير من العام 1965 ، إلا أن حل حكومة السودان للحزب الشيوعي السوداني آنذاك ، قد أدى إلى تأجيل هذا اللقاء ...... وبعد الرجوع إلى التاريخ نجد أن الحزب الشيوعي السوداني ، تاريخيا ليس لديه أي مانع من التعامل مع إسرائيل ولكن يظل السؤال قائما ما فائدة الحركة الشعبية قطاع الشمال من هذه الزيارة وفي هذا التوقيت بالذات ؟ فهل اكتفت هذه الحركة ، بالقيادات الشيوعية التابعة لها ، ولا تريد مطلقا ، استقطاب أي شخص خارج إطار الحزب الشيوعي السوداني ؟ وهل تم استفتاء أعضاء الحزب ، واقروا هذه الزيارة مما يؤكد ، موافقة القاعدة الحزبية لهذه الزيارة ، أم أن هذه الزيارة تمت دون موافقة أعضاء الحزب ؟ أما من الناحية الأخرى وما يخص حكومة السودان ، وأخص حزب المؤتمر الوطني ، ومسجل الأحزاب في السودان ، فهل قانونا يمنع قيام أي حزب سوداني من قيام علاقات مع إسرائيل ، كما تمنع الحكومة رعاياها من السفر إلى إسرائيل ؟ وهل سيتم حل حزب الحركة الشعبية قطاع الشمال ، بموجب هذه الزيارة ، ومحاكمة من قاموا بالزيارة ..... أن الظروف الحالية لحكومة السودان ، لا تسمح لها بإثارة أي غبار و لربما تكتفي فقط ، بالاحتفاظ بهذا الملف ، في دولاب الغبن السياسي ، والدموع السائلة ، ليعبر عرمان وصحبه ، بمطار الخرطوم عبر صالة كبار الزوار ، ويدلي بتصريح حول الزيارة ، وأهدافها ومراميها ، وتقوم أجهزة الإعلام ببث هذه التصاريح ، وتئن الحكومة وتدمع لتنتظر تحسن الأوضاع العامة ، لإخراج الملف من دولاب الغبن السياسي ، ومحاكمة عرمان وصحبه .... أم أن الحكومة سوف لن تكترث بالظروف السياسية والاقتصادية المحيطة بها ، وتقوم باتخاذ خطوات ، قوية وجادة كطرد عرمان وسحب الجنسية منه ، ولربما كان ذلك الطعم الذي من أجله ، كانت الزيارة ، أو أنه أحد أهداف الزيارة ...... ومهما يكن من أمر ، ولندع الحركة الشعبية قطاع الشمال ، وحزب المؤتمر الوطني الحاكم ، جانبا ، ولنضع السودان نصب أعيننا ، وهمنا الأول والأخير ،،،، فما الفائدة العامة التي يتحصل عليها السودان من هذه الزيارة ؟ مكةالمكرمة 16/8/2011