فقد قضي حياته بين التوازن والوسطية وهو إستثنائي في الحالتين أغسطس 28 الساعة السادسة والنصف صباحاً تلقيت مكالمة بصوت يغلب عليه الحزن من الأخ العميد(م) الباقر عبدالوهاب إستهلها بقول (عندي ليك خبر ما كويس) الفريق محمد زين توفي. بعدها بقليل و في بريدي الخاص وجدت رسالة الأخ الصديق/ سلمان محمد أحمد سلمان ينعي فيها صديقنا المشترك الفريق/ محمد زين العابدين رحمه الله، تلي ذلك إتصالي بزملاء الفقيد/ العميد (م) محمد أحمد الريح وهو أول الناعين والعقيد (م) مصطفي التاي والعميد (م) مجاهد حسن طه. تعرفت علي الراحل لأول مرة قبل ربع قرن تقريباً عن طريق الفريق(م) سمير مصطفي خليل الملحق العسكري آنذاك بسفارة السودان بالعاصمة السعودية الرياض، وقد كان الفقيد في طريق عودته للسودان من الصين ضمن وفد حكومي في مهمة رسمية. كما هو حال الأيام يتداولها الناس فقد إلتقينا في ظروف مختلفة وبلاد مختلفة في الثقافة والعقيدة وحطت بنا في ولاية ميريلاند الأمريكية وفيها كان محمد زين (كما يحلو لزملاء المهنة مناداته وقد سمعتها لأول مرة من الفريق/ سمير مصطفي خليل وأخيراً من العميد ود الريح) نعم الجار، فمحمد زين هو محمد زين، لم يتغير ولم يتبدل لا برتبة رسمية عالية و لا بدونها. ومما يميز شخصية الراحل، الإبتسامة المطبوعة علي وجهه الصبوح والتفاؤول حتي في كتاباته وكذا الكرم، فكثيراً كانت لقاءاتنا في بيته العامر بجيرمان تاون مع كوكبة خيرة من أصدقائه من المدنيين والعسكريين. كانت للراحل إسهامات في الشأن العام فبين التوازن والوسطية في قضايا مستعرة وأخري مشتعلة وجد طريقاً للحياة رسمه بهدوء محمد زين المعهود والذي يميز شخصيته الرزينة فكان مهموماً كمواطن وكمسؤول وككاتب بمشاكل بلاده يستشعر الواجب تجاه وطنه و مدركاً في كل إسهاماته التي لم يروج فيها لرؤية آحادية أن يجد من يتفق أو يختلف معه وهو بذلك يتلفح باجتهاداته ومعاني كلماته وعلي سياقات تعابيرها فهو رجل أخلاقي ورقيق وهو إستثنائي في الحالتين. كل من عرف محمد زين لم يعرف له تمجيد فكرة غير الجندية والوطن مقيدة بمبدأ الهوية. «سُئل الإمام أبو حنيفة: من أعلم الناس؟ قال: أعلمهم باختلاف الناس» ليس لمحمد زين العابدين الجندي فهم معوج للتاريخ كما مسيسي العسكرتارية في الأنظمة الثيوقراطية وذلك لأن أهدافه الرئيسية لا الفرعية مبدئية، صانته من الإنزلاق وحفظته من الاختطاف. نرثي محمداً بقول الشاعر: بكيت محمداً إذ مضى لسبيله بعين تكاد الروح في دمعها تجري وإني لأدري أن حزني لا يفي برزئي ولكن لا سبيل إلى الصبر وكيف أذود القلب عن حسراته وأهون ما ألقاه يصدع في الصخر إذا المرء لم يفرح ويحزن لنعمة وبؤس فلا يرجى لنفع ولا ضر لقد خفف البلوى وإن هي أشرفت على النفس ما أرجوه من موعد الحشر من أحاديث المشاهير * محادثة الإخوان في الليالي القمر على الكثبان العفر * أكلنا الطيب ولبسنا اللين وركبنا الفاره وامتطينا العذراء فلم يبق إلا صديق أطرح بيني وبينه مؤونة التحفظ صادف يوم وشهر رحيل محمد زين يوم وشهر إعدام 28 من أبنائه وزملائه أبناء قوتنا المسلحة رحمهم الله جميعاً أحر التعازي والهم السلوي حرمه سلوي وأبناءه أحمد والزين وكريمته ريم وشقيقه الفاتح وبقية أفراد الأسرة عبد الرحمن حامد