وليد السيد: ماحدث نتيجة للتطبيع السريع للشعبية مع تل أبيب نصر الدين كوشيب: الوطني يسعى إلي إقصاء الشعوب الأصلية بالسودان هانئ رسلان: الأحداث تنذر بحرب استنزاف طويلة المدى القاهرة- أفريقيا اليوم :صباح موسى [email protected] اشتعلت الحرب مجددا في ولاية النيل الأزرق السودانية بنفس ذات السيناريو الذي اشتعلت به في ولاية جنوب كردفان، وهما ولايتان حدوديتان بين دولتي شمال وجنوب السودان، ويعرف عنهما أنهما المعقل الرئيس للحركة الشعبية قطاع الشمال، البعض يرى أن الحركة الشعبية التي تتولى مقاليد الأمور الآن في جنوب السودان تريد جر السودان الشمالي إلى حرب تعطي ذريعة للتدخل الدولي به لمزيد من تفتيته وتقسيمه، في حين يرى بعض آخر أن المؤتمر الوطني الذي يتولى مقاليد الحكم بالشمال يعي هذا المخطط تماما ويريد أن يكون البادئ بضربة استباقية قوية تبدد هذا المخطط من بدايته. مابين هذا الطرف وذاك هناك حرب إعلامية أكثر شراسة ، فهناك من يروج للأحداث باعتبارها ثورة هامش في ظل مايحدث من ثورات بالمنطقة، وهناك من يراها حربا على الجمهورية الثانية التي أعلنها الرئيس البشير في السودان. وتعد ولاية النيل الأزرق التي شب بها القتال أحد أكبر الولايات الغنية بالمعادن، ويعول كثيراً على تلك الخاصية في تغطية ما خلفه ذهاب الجنوب وبتروله وتقدر مساحتها ب (250 × 200) كيلومتر مربع، وتحدها ولايتي سنار وأعالي النيل وأثيوبيا. وتشتهر الولاية الشرقية بالغابات التي تشكل (65%) من مساحتها. وهي ولاية ممطرة ويشق أراضيها النهر الأقوى في البلاد والذي أخذت منه إسمها وتقطعها كذلك خيران موسمية شديدة الجريان نحو (يابوس، الدمت). أشهر مدن الولاية على الإطلاق هي العاصمة الإدارية الدمازين، وقيسان المدينة التجارية الأولى المماسة لإثيوبيا، والروصيرص التاريخية، بجانب الكرمك الدائنة بصورة كبيرة للحركة الشعبية، أما عن أشهر معالم الولاية فهو خزان الروصيرص لتوليد الطاقة الكهربية وري المشروعات الزراعية، والذي شهد مؤخراً إنتهاء تعليته لزيادة طاقته الاستيعابية. ذلك إلى جانب المشروعات الزراعية الكبرى نحو مشروع التكامل السوداني المصري، بالإضافة إلى مشاريع أخرى كبيرة، وتنتج تلك المشروعات الذرة والسمسم وعباد الشمس فضلاً عن الصمغ العربي. دارت الحرب بين قوات الجيش الشعبي وجيش شمال السودان في الأيام الماضية راح ضحيتها عدد من القتلى والجرحى وعلى اثرها قام الرئيس البشير بعزل والي الولاية مالك عقار وفرض حالة الطوارئ على المنطقة. رئيس مكتب المؤتمر الوطني بالقاهرة الدكتور وليد السيد يؤكد أن ما يحدث بالنيل الأزرق هو أحد حلقات التآمر على السودان، ويقول ل " أفريقيا اليوم" www.africaalyom.com كنا نتوقع هذه الأحداث بعد إجتماع كاودا بين قطاع الشمال بالحركة الشعبية ومتمردي دارفور، ورفض الحركة لوقف إطلاق النار من طرف واحد في جنوب كردفان، مضيفا أن حكومة الجنوب تتصور أنها بعد التطبيع السريع مع تل أبيب أصبحت بمنأى عن المجتمع الدولي، مؤكدا أن هذا تصور ساذج، مبينا أن هذا هو مخططهم للسودان الجديد, وقال كانوا يريدون إنفصال الجنوب وزعزعة استقرار الشمال. وتابع ما حدث من قبل في جنوب كردفان لم يكن مبررا، وأنهم ضربوا منطقة الدمازين في ولاية النيل الأزرق والتي لم يكن بها حرب من قبل طيلة الخمسين سنة الماضية، وهذا يدل على نيتهم لخلق واقع جديد بالمنطقة بها نازحيين تستوجب وجود للأمم المتحدة بها، موضحا أن حكومة الشمال فطنت لهذا المخطط منذ البداية، وقال أن اختيارهم لشعار النجمة والهجمة في الإنتخابات السابقة يدل على نية مبيتة للحرب، منوها أن الأوضاع مستقرة الآن بالدمازين، ووصف قادة قطاع الشمال بالحركة الشعبية ( مالك عقار- عبد العزيز الحلو- ياسر عرمان) بخميرة عكننة بين شمال وجنوب السودان بعد الإنفصال وأيام إتفاقية السلام بين الطرفين، متهما الثلاثة بأنهم السبب في توتر العلاقة بين الشمال والجنوب، لافتا أن إجتماع الرئيس البشير بالقوى السياسية الشمالية سيناقش هذه الأحداث، مجددا رفض حكومته لأي سياسة خارجية وعسكرية وإقصائية. في المقابل يرى رئيس الحركة الشعبية بالقاهرة نصر الدين كوشيب أن مادار في النيل الأزرق هو سياسية المؤتمر الوطني التي يسعى من خلالها إلى إزالة الشعوب الأصلية في السودان -على حد قوله-. ويقول ل " أفريقيا اليوم" أن مايحدث هو مواصلة لهذا السيناريو الذي يهدف إلى إجهاض حقوق أهالي النيل الأزرق في ممارسة حقوقهم الديمقراطية، مضيفا أن المؤتمر الوطني أحس بنشوة في دخوله لمنطقة أبيي، وأراد نزع سلاح الجيش الشعبي في جنوب كردفان، وضرب بإتفاق الترتيبات الأمنية عرض الحائط، وقال أن وقف إطلاق النار الذي أعلنه البشير من طرف واحد في جنوب كردفان دليل على نيته للضرب في النيل الأزرق، موضحا أنه لايوجد وقف إطلاق نار من طرف، وأنه لابد من الإتفاق بين الطرفين حول هذا الأمر، وزاد أن هذه كانت خطة لسحب القوات من جنوب كردفان لضرب النيل الأزرق، وأن هذا تم بالفعل ففي يوم إعلان وقف إطلاق النار بجنوب كردفان حرك الجيش قواته من 3 محاور إلى النيل الأزرق، مبررا لقاء رئيس حكومة الجنوب سلفاكير ميارديت مع والي النيل الأزرق مالك عقار بجوبا بأنه كان لمناقشة ملفات مازالت عالقة، وأن اللقاء ليس له علاقة بما أشاعه المؤتمر الوطني بالتآمر عليه، وقال أن ماحدث يستوجب حرب شاملة لإسقاط نظام الخرطوم بكل الطرق السياسية والعسكرية، وأنه لابد من مواصلة الجهود حتى إزالة هذا النظام حتى لانرى مزيدا من تفتت البلاد على يديه. رئيس وحدة السودان وحوض النيل بمركز الأهرام الإستراتيجي " هانئ رسلان" يؤكد أن هذه الأحداث كانت متوقعة، لأن المنطقتين تمثلان معقل رئيس للحركة الشعبية. ويقول " رسلان" ل " أفريقيا اليوم" أن ما حدث في النيل الأزرق ينذر بحرب استنزاف طويلة ستتحول إلى حرب عصابات، مضيفا أن القوة العسكرية لن تستطيع حسم الموقف حتى لو وجهت ضربة قوية لقوات الحركة الشعبية، مؤكدا أن هذا سيدخل في إطار الصراع بين الدولتين، وأن الوضع قد ينذر بتكرار سيناريو دارفور. وقال أن الأحداث ستفرز أعدادا من النازحين سيىتم استخدامها كذريعة للتدخل الإقليمي والدولي، موضحا أن كل طرف له رؤيته بإتهام الآخر، وقال ليس مهما أن نعرف الآن من هو السبب في هذه الأحداث، فما حدث تطور متوقع، وكان سيحدث إن لم يكن اليوم فغدا، وتابع أن حكومة الشمال تهدف إلى توجيه ضربة قوية إستباقية إلى قوات الحركة الشعبية للحيلولة دون أن تكرس من نفسها قوة في المستقبل، وفي نفس الوقت الحركة الشعبية تسعى للتحول إلى فاعل سياسي يستند إلى قوة، وأن هذا الأمر غير مقبول على الإطلاق، فأي قوة خارج سيادة الدولة مرفوض في أي مكان بالعالم. وتوقع رسلان بأنه إذا لم تستطع الحكومة السودانية إكتساب تأييد القوى السياسية بالشمال لمساعدتها في هذه الجولة فإن الأمر سيتحول لوضع شبيه بدارفور، لصالح تحقيق أهداف لمزيد من الضغط على الخرطوم. وقال أن الخرطوم ربما تكسب حزب الإتحادي الديمقراطي وعدد من الأحزاب الصغيرة إلى جانبها، أما باقي الأحزاب ربما يكون لها رأي مخالف.