أقرع: مزايدات و"مطاعنات" ذكورية من نساء    بالصور.. اجتماع الفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة و عضو مجلس السيادة بقيادات القوة المشتركة    وزير خارجية السودان الأسبق: علي ماذا يتفاوض الجيش والدعم السريع    محلية حلفا توكد على زيادة الايرادات لتقديم خدمات جيدة    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    شاهد بالفيديو.. لاعبون سودانيون بقطر يغنون للفنانة هدى عربي داخل الملعب ونجم نجوم بحري يستعرض مهاراته الكروية على أنغام أغنيتها الشهيرة (الحب هدأ)    محمد وداعة يكتب: مصر .. لم تحتجز سفينة الاسلحة    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    الدردري: السودان بلدٌ مهمٌ جداً في المنطقة العربية وجزءٌ أساسيٌّ من الأمن الغذائي وسنبقى إلى جانبه    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    سوداني أضرم النار بمسلمين في بريطانيا يحتجز لأجل غير مسمى بمستشفى    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    مدير المستشفيات بسنار يقف على ترتيبات فتح مركز غسيل الكلى بالدندر    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    مناوي ووالي البحر الأحمر .. تقديم الخدمات لأهل دارفور الموجودين بالولاية    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    تنسيقية كيانات شرق السودان تضع طلبا في بريد الحكومة    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن كارل ماركس السودان المزور أكتب (1): د. محمد جلال هاشم :الغثاء النشط .. بقلم: على عسكورى
نشر في سودانيل يوم 01 - 07 - 2017

وصلتنى رسالة فى الواتسب تأكدت من لغتها أن كاتبها هو الدكتور محمد جلال هاشم فأنا اعرف لغته ومصطلاحته وتراكيبه للجمل.
كتب المفكر النحرير والعالم الفهّامة الذى نصب من نفسه كارل ماركس السودان رسالته التى أسماها:" الجاهل عدو نفسه: لكم ظلم عسكورى نفسه" سأقوم برد على تلك الرساله بأكثر من مقال لأبيّن زيف هذا الراجف الذى يقول أنه من دعاة الديمقراطية بينما يؤيد الإنقلابات ثم يتهافت ليقدم لنا محاضرة عن الثورة والشرعية والكفاح المسلح والمركز والهامش وغيرها فى خفة وإضراب فكرى يحسد عليهما.
سأضرب صفحاً عن تنصيب نفسه حاكماً على الآخرين كما أثبت فى عنوان رسالته، فتلك غطرسة أعرفها عنه، ولكننى أود أولاً أن اتناول ما وصفنى به من جهل.
فى البداية يقتضى الواجب عليّ ان اشكر الدكتور لإقتطاعه بعض الوقت من زمنه الغالى للتوقف لتذكيرى بجهلى. واود أن أؤكد للعلامة الفهامة اننى مقرّ بذلك تماما لانى على علم بقول الثقاة من العلماء:" لا خير فى معرفة لا تبيّن للإنسان جهله". فالجهل من حيث هو جهل ليس عيباً، إنما العيب هو إدعاء المعرفة عن جهل، او التثاقل عن طلب المعرفة والعلم. فى كل ذلك يظل إدعاء العلم والمعرفة اسوء بكثير من الجهل ومن التباطؤ فى كسب المعرفة. فالأثنيين " الجهل والتباطؤ" يمكن معالجتهم أما الإدعاء فلا علاج له. وما محمد جلال إلا شخص مدع لمعرفة لا يملك منها شروى نقير. لا ندع عليه بشئ بل سنبين له ذلك من كتبه! على النقيض مما يزعم ويهرف ويصك آذان الناس به، فكتبه لا تفيد بشئ يذكر عن تلك المعرفة التى يدعيها فى الفضاء العام .
يقول أهل العلم كلما إزدادت معرفة الإنسان كلما أكثر من " لا أدرى"، وذهب بعضهم الى القول أن كلمة " لا أدرى" هى سنام العلم". فالإنسان يجتهد ويكد ليتعلم ليخلص فى نهاية المطاف الى أنه جاهل. و كشخص مسلم أؤمن بأن العلم أصله من الله، كما قال تعالى: " وعلم آدم الأسماء كلها .. الآية" وفى إشارة أخرى فى القرآن فى قصة النبى موسى عليه السلام مع الرجل الصالح: "وعلمناه من لدنا علما.. الآية "، فالعالم بكل شىء هو الله، وقد اشار الخالق الى محدودية علم الإنسان: "وما أوتيتم من العلم إلا قليلا... الاية". وإن كانت الملائكة قد جهلت الأسماء التى علمها الله لآدم وجهل النبى موسى ما عُلِمه الرجل الصالح من العلم اللدنى، وفوق ذلك ما أثبته النص القرآنى بأن ما منحنا من علم قليل، فأنا بالقطع رجل جاهل ولذلك لا تثريب علي. وكنتيجة لعملى بجهلى فأنا اتبع ما أمر به نبينا عليه افضل الصلاة والتسليم " إقراء" وهى أول ما نزل من القرآن، نزلت حتى قبل الأمر بالصلاة. فأنا أمتثل للأمر الربانى "أقراء" وأسال الله أن يساعدنى على الإطلاع والقراءة. وحقيقة أنا أقراء واجتهد رغبة فى أن اصل الى مرحلة أن يستقر فى نفسى تماماً وأستيقن إننى جاهل، وهى أعلى مراحل العلم التى تقود الى الإيمان. غير أن الدكتور النحرير قصد ترقيتى درجات (ربما لانه صديقى) فقفز بى الى مرحلة الجهل التى أسعى لبلوغها، ولذلك فهو قد أشاد بى من حيث قصد إساءتى ربما من غير علم!
لكل ذلك أنا مُقر ان هنالك الكثير الذى لا أعلمه، ولكن من القليل جداً الذى أعلمه أن الدكتور محمد جلال هاشم كاتب مستهبل يستعبط قراءه بكثير من الغث والترهات التى لا تسوى الحبر الذى كتبت به ثم يسميها كتبا ونظريات ينشرها على العالمين. وسأبين له ببعض الأمثلة من كتبه أنه فعلاً كاتب مستهبل مدع لا يتبع اى منهج علمى فى ما يكتب ولا يهتم بفطنة القراء ولا تضيف كتبه الى من يقرأها شيئاً. وهو كاتب يجتهد لبيع الإفتراضات للقارئ على انها حقائق وذلك هومقتله.
لا أدرى لماذا أثار وصفى له بالمستهبل حفيظته! فقد سبقنى الى إستخدام ذات المصطلح الدكتور منصور خالد حينما وصف ربما كامل النخبة السودانية ب " الإستهبال" إبان حفل تكريمه ودعاهم للإعتذار للشعب السودانى. ولا أدرى لماذا لم يثر وصف منصور خالد حفيظة الدكتور النحرير وصمت عليه ولم يرد. هنالك أمران لفهم موقف محمد جلال ذلك. اولهما أن محمد جلال يعتقد انه فوق تلك النخبة التى عناها منصور خالد بالإستهبال ويقف على فراسخ منها لذلك فالنعوت التى تطلق عليها لا تشمله! اما ثانيهما، فإعتقاده بأن شخصى " سنة ناعمة" وصيد سهل، وهدف رخو كما وصفنى ولذلك يمكنه إفتراسى ببعض الشتائم والأراجيف وأساليب إغتيال الشخصية وهو أمر جديد أعترف أننى لم أكن اعرفه عنه رغم ان علاقتى معه تمتد لأكثر من ثلاثة عقود. لقد صدق عندما وصفنى بالجاهل. سأترك للقارئ أن يحكم على طبيعة لحمى وان كنت هدفاً سهل ورخو. فى الرد عليه؛ لن أجهل فوق جهل الجاهلينا كما قال عمرو بن كلثوم ، بل سأنزع منه نقاب الإدعاء والغطرسة والفهلوة والإستهبال الذى لسبه مؤخرا. لذلك سأركز فقط على ضحد اراجيف الرجل وفضح عوار ما يسميه نظرية ومنهج التحليل الثقافى. لن أت بشئ من عندى مطلقاً، سأعمتد فقط على ما كتبه من ترهات فى كتبه، فهى رغم ما يدعى ليست بمنهج ولا نظرية ولا تحليل ولا ثقافية. عبارة عن خلط " لملاح إم تكشوا بسَلَطَة الروب"! سأبين له قبل الآخرين إنه فعلا كاتب مستهبل!
أكرع الرجل فى شتمى والإساءة لى فقط لأننى إنتقدت ما أسماه " منهج التحليل الثقافى" وقلت عنه أنه "فشنك" وهو فعلاً كذلك، ولذلك أنا غير معنيّ بالسباب والشتائم الشخصية التى كالها لى، فأنا كما أكد فى مقاله وأكد جهلى، لست من أهل العلم والمعرفة التى تمكننى من إتقان ذلك الضرب من المعرفة الذى لا يبلغه إلا الراسخون فى العلم الذين بلغت بهم الوقاحة والسقوط بحيث لا يجدوا فى أنفسهم حرجا من وصف الآخرين "بالنخاسين". فأنا كما وصفنى " جاهل" وكسبى المعرفى قليل لا يؤهلنى من ممارسة الشتم والسب الذين يحتاجان لشهادات عليا ونظريات تالفة ما أنزل الله بها من سلطان.
عن كارل ماركس السودان المزور اكتب (2)
د. محمد جلال هاشم : الغثاء النشط
ذكرت فى مقالى الأول كيف أن الدكتور محمد جلال سقط فى مستنقع الشتم والإساءة لأفراد سودانيين واتهمهم بأنهم "نخاسيين" ومن درجة ما أكرع الرجل فى الشتم والسب، أصبحت هذه السمة ملازمة لكتاباته فى السنوات الأخيرة فدائماً يخرج عن الموضوعى الى الشخصى كما فعل مع آخرين ومعى، وبالطبع هنالك آخرين فى قائمته من واقع تنامى قائمة الاسماء عنده. الآن إنكشف أمر الرجل وإتضح أن معركته مع الاشخاص وليس مع الأفكار كما يزعم، فالعقول الصغيرة وحدها التى تغرق فى السب والشتم، ولا أعرف صاحب فكر سلك هذا المنحى لشرح فكرته. وحده الخواء الفكرى ما يمكن الشخص من الإنغماس فى شتم الآخرين، فكل إناء بما فيه ينضح. أغلب الظن أن ذلك هو الاساس الذى تقوم عليه نظريته " منهج التحليل الثقافى". فأنا فى حقيقة الأمر وكما وصفنى "جاهل" ولذلك لا استطيع الإدعاء بأن نظريته تقوم على شئ آخر سوى شتم الناس وكيل التهم لهم، لأننى لم أجد فى كتبه ما يفيد بنظرية إبتداءً ، وربما نكون قد ظلمناه فى تحميله تبعات ما أسماه النظرية، وإنما الأمر لا يعدوا أن يكون سباً وشتماً للأفراد كما يتضح من كتاباته.
أخطر ما اتهمنى به هو الإدعاء بأننى لم اقراء كتبه. حسناً، سأبين له أنى قراتها، ولأننى فعلت، ثبت لى أنه كاتب مستهبل يستخف باسس البحث والعلم والتثبت فى خفة عقل لأصدار الأحكام وطرح الفرضيات على أنها حقائق لا تقبل الجدل والتعامل مع قضايا خلافية على أنها قطعية.
فوق ذلك ثبت لى ومن واقع ما كتب أنه عنصرى من طراز فريد يصل حد النازية (ساقتبس ما كتبه عن هذا ونترك للقارئ الحكم إن كنت قد تحاملت عليه او ظلمته). وكما سبقت الإشارة، سأوضح ما أقول من كتبه خاصة كتابه" منهج التحليل الثقافى: مشروع الوطنية السودانية وظاهرة الثورة والديمقراطية" وتجنبا للتكرار فما أورده من ارقام صفحات هنا هو من ذات الكتاب ما لم اشر بغير ذلك.
يتصف محمد جلال بتضخيم للذات يفوق الوصف لم اعرفه عند غيره من الكتاب مطلقاً لا السابقين ولا اللاحقين. فمثلاً يقول عن كتابه فى صفحات (3،2) من المقدمة التى كتبها بنفسه:" فمع ما ميزه من مذهب فكرى ووضوح منهجى، إتصف الكتاب بدرجة عالية من التبسيط الذى لم يذهب برونق العمق. على هذا أقبل على الكتاب طلبة المساقات العلمية مثل الهندسة والعلوم والطب، فإذا بهم ألموا إلماما وإن يكن يسيراً إلا أنه مقدمة جيدة لموضوعات - [لاحظ ما يأتى] – مثل الجدل عند هيقل وماركس، والعقد الإجتماعى عند جان جاك روسو والليبرالية كما وردت عند جون ميل وجون لوك ومسألة إرتباطهما وافتراقهما عن الفكر الديمقراطى، وعلم النفس الإجتماعى، ثم علم الإجتماع، وما صدع به دوركايم، وقد أتيح لهم كل هذا تحت نظرية جديدة قوامها الثقافة وفق ما قال به تيلور وهكذا..الخ.." انتهى الإقتباس. إذن نحن أمام " مقدمة مبسطة لم تذهب برونق العمق". وإذا تجاوزنا الإتهام الصريح لطلاب المساقات العلمية بأنهم لا يفهمون فى نظريات العلوم الإجتماعية، وهو إفتراض يقدمه للقارئ كحقيقة دون أدنى سند علمى، إذا تجاوزنا ذلك، فلنا أن نحيل القارئ للكتاب لينظر كيف أن عبقرى زمانه هذا عالج كل كتابات ونظريات أولئك الفلاسفة والمفكرين الموضوعات التى أشار اإليها فى صفحتين (7،6) من الكتاب فقط، عالجها هذا العبقرى بدرجة عالية من التبسيط " لم يذهب برونق العمق"!
يريد محمد جلال أن يقول لنا أنه قراء ما كتبه اؤلئك الفلاسفة والمفكرون جميعا وإستوعبه تماماً بالقدر الذى يمكنه من تلخيصه مكتملا فى صفحتين وعدد من الاسطر للقارئ غير المختص ليستوعب ولو بالقدر "اليسير" ما كتبه اولئك المفكرون... هكذا!
ولكن ماكتبه فى كتابه لا يفيد بأن الرجل قراء اى من افكار ونظريات اؤلئك الفلاسفة والمفكرين، إذ لو كان قد فعل لما كتب ما كتب واعتبره نظرية ولما إتهمنى بالجهل لأنه على الأقل كان قد إكتشف جهله هو. أن يدع أى شخص أنه كتب مقدمة مبسطة لكتابات اولئك النفر من قادة الفكر فى العلوم الإنسانية والفلسفة فى صفحتين تمكن غير المختصين من فهم ما كتبوه فذلك إدعاء لا نظير له و لايمكن أن يقول به إلا شخص إمتلاء زهوا بذاته لم يسبقه عليه أحد. غير أن محمد جلال يسمى "الإشارة" للموضوعات التى تناولتها تلك الكتب ب " المقدمة"! مثال لذلك أن يقول شخص " أن منصور خالد كتب كتاباً عن الحرب الأهلية فى السودان رمى فيه باللوم على المجموعات الحاكمة" أو يقول آخر:" أن الراحل فرج فودة كتب كتاباً إتهم فيه الأخوان المسلمين بالإرهاب"، ثم يسمى هذه الإشارة "مقدمة" كافية ومن يقرأها سيفهم ماذا كتب منصور او فرج فودة! وإن كان محمد جلال لا يعلم الفرق بين الإشارة والمقدمة فتلك مصيبة، وإن كان يعلم وقصد التضليل فالمصيبة أكبر. وفى كلتا الحالتين إن لم يكن هذا هو الإستهبال بعينه فماذا هو الأستهبال فى الكتابة إذن!
عن كارل ماركس السودان المزور نكتب (3)
د. محمد جلال هاشم :الغثاء النشط
فى كتابه عن جزيرة صاى يشير محمد جلال الى المحاذير التى يجب على الباحث إتباعها (صفحات 39،38) ويحدد ثلاثاً من تلك المحاذير. ثم يمضى ليقول:" فإذا لم يستطع الباحث الى اى من هذا المحاذير سبيلا، وجب عليه أن يقدم تحليله على أنه لا يعدو أن يكون تخميناً وليكثر فى ذلك من إستخدام مفردات الشك المنهجى من "لعل" و "ربما"، هذا وإلا وقع الباحث فى شرك التخريج ولا يصبح عندها باحثاً اصيلا ولو دبجت صدره وكتفه نياشين الدرجات العلمية الرفيعة إذ لا تعدو كونها تشريفات وزينة بلا طائل". سنرى إن كان الدكتور محمد جلال يلتزم بالمعايير التى يشترطها على الباحثيين النوبيين الأخرين ، ام أن الأمر نوع من الهراء والغثاء الذى يحاول من خلاله إكساب أعماله صفة البحث العلمى الرصين خاصة وان كتاباته تتميز بالقطعيات، حيث يتعامل مع قضايا إفتراضية أو جدلية او نصف حقائق على انها قطعية. سنرى إن كان يطبق ذلك على نفسه أم انه فى مسعاه المستميت للتأسيس على ان لغة المحس (مجموعته) هى اللغة النوبية الأصلية التى تتفوق على لغات السكوت والدناقلة والحلفاويين، حيث حاول بكل السبل إزدراء كتابات الباحثين النوبيين الآخرين محمد عوض الله حمزة وصابر عابدين أحمد لأنهم ليسوا من مجموعته. يقول الرجل فى صفحات (20، 21): " وقد دفع هذا بعض العلماء الى أن يحددوا المنطقة التى كانت تتكلم باللغة النوبية القديمة على أنها نفس المنطقة التى تتكلم بلغة النوبيين الحديثة، كما دفع بآخرين كيما يطلقوا إسم لغة نوبين الحديثة فى الإشارة للغة المحسية الحديثة"، ثم يمضى ليقول فى نهاية ص 21 :" ثم يمضى كلود ريلى ليقول بأن اللغة المحسية الحالية قد تفرعت من اللغة النوبية القديمة، بينما تفرعت الدونقلاوية والكنزية معاً من اللغة الدونقلاوية القديمة". بالطبع هذه محاولة مستميتة لنسبة اللغة المروية للغة مجموعته من المحس ونفى وإبعاد اللغات النوبية الأخرى عن حضارة مروى القديمة. بمعنى آخر إحتكار التأريخ لمجموعته. ليس هدفنا هنا التثبت من صحة زعمه من عدمها، لكن ما نود الإشاره له هو الطريقة الجلفة والفجة التى تعامل بها مع الباحثين الآخرين لأنهما فقط حاولا تبنى نفس مزاعمه وربط لغات مجموعاتهم بالحضارة القديمة. يقول عن الباحث محمد عوض الله:" لم يخل كتاب محمد عوض الله حمزة بالعديد من التخريجات فحسب، بل يعتبر سلطة فى مجال التخريج والصدع بحكم الهوى ( صفحات 18،17). أما عن صابر عابدين فكتب يقول:" لم يذهب صابر عابدين أحمد مذهب محمد عوض الله ويعتمد ماقاله على أنه من المسلمات فحسب، بل تفوق عليه فى التحيز والصدع بأحكام ما أنزل الله بها من سلطان" (ص 19). ذلك حكم محمد جلال على بحوث نوبيين آخرين حاولوا إبراز وجهة نظرهم ودعمها. مستوى من التسفيه والإذدراء للآخر والإدعاء بامتلاك الحقيقة المطلقة فقط لأن بعض الباحثين الأوروبيين – حسب ما نقل عنهم - زعموا أن لغة مجموعته هى التى ترتبط باللغة المروية. إتخذ محمد جلال من تلك المزاعم حقيقة مطلقة، ولذلك لم يقم فقط بالرد على مخالفية، بل زجرهم زجرا وإذدراهم إزدارء لا اعرف له مثيلا مطلقاً.
يقول الرجل فى كتابه " منهج التحليل الثقافى: مشروع الدولة الوطنية، ص 13":" كان صراع الإنسان دائماً حول السلطة". هذا جزم واضح ونهائى بأن تاريخ الصراع البشرى كان حول السلطة! حسناً..! ولأن محمد جلال لم يحدد الفترة التأريخية التى يتحدث عنها، لذلك فذلك الإطلاق يعنى صراع الإنسانية منذ بدء الخليقة! إذن عليه أن يشرح لنا من أجل اى سلطة قتل قابيل أخاه هابيل؟ ثم عليه أن يوضح لنا من أجل اى سلطة كانت حروب القبائل العربية مثل داحس والغبراء فى ظل إنعدام سلطة مركزية ! عليه ايضاً أن يوضح لنا عن أى سلطة كان يبحث الإمبراطور عيزانا عندما غزى بلاد السودان ووضع حدا لحكم مملكة مروى ثم عاد الى بلاده دون أن يأسس اى سلطة خلفه. عليه أيضاً أن يشرح لنا منطق الحروب الدينية فى القرون الوسطى فى اوروبا! عليه ايضاً أن يفسر لنا الحروبات والصراعات القبلية التى لا تزال تدور رحاها فى دارفور (غير حرب الحكومة مع الحركات)!
فى كل ما كتب، لن يجد القارئ تعريفاً لمصطلح "السلطة" يترك الرجل للقارئ أن يستنتج أن الكاتب يتحدث عن العنف الرسمى الذى تقف خلفه مؤسسة الدولة. لكن العنف المجتمعى ( قبيلة ضد قبيلة مثلا) لا موقع له فى "نظريته". ايضا من واقع ما كتب يهدف للإيحاء للقارئ أن الدولة القومية ولدت مع ظهور البشرية على الأرض، أى أنها قامت بمجرد نزول ابونا آدم الى الأرض ! والدولة القومية ما هى فى حقيقتها إلا شكل طارئ ستزول عندما تفقد جدواها. كان عليه ايضاً أن يشير الى أن العنف الرسمى الذى نتج عن قيام سلطة مركزية بدأ فقط بعد إستقرار المجتمعات، أى بعد إكتشاف الزراعة، حيث إكتشف الإنسان قيمة الأرض وبدأ النزاع حولها وأصبح للسطلة المركزية دور أساسى فى السيطرة عليها وحمايتها. وكما يقول جان جاك روسو إن النزاع حول الأرض بدأ " بعد ان سوّر أحد الأشخاص أرضا وقال إنها ملكه". وكما يورد فيوكوياما عن رورسو فاسباب المظالم والتفاوت فى مستوى حياة البشر بدأ بعد إكتشاف الزراعة، لأن المجتمعات التى سبقت إكتشاف الزراعة لم تكن تعرف قيمة الأرض والموارد. لقد قادت ظاهرة إدعاء ملكية الأرض مباشرة الى النزاع والقتال، لأن أى محاولة لنزعها او أخذها عن مدعيها كان يعنى العنف والقتال والإسنتصار بالأبناء والعشيرة الخ.. وهو الأمر الذى قاد فى نهاية المطاف الى بروز السلطة المركزية للدفاع عن الأرض لأنها وسيلة البقاء الأولى! فالسلطة المركزية قامت أول ما قامت كضرورة جماعية كى تحمى المجتمعات حياتها وسبل بقائها ولم يكن لها شأن بإصدار القوانيين أو خلافه الى أن برزت مؤسسة الدولة فى الصين قبل حوالى ثلاثة آلاف سنة حسب ما يورد فيوكوياما (ص51).
يلاحظ أيضاً أن محمد جلال وقع فى تخليط مخل بين مفهوم "إرادة الفرد الحر" وبين مفهوم "السلطة"! يقول فى صفحة (14) :" كل ممارسات الإنسان فى حياته اليومية ما هى إلا شكل من اشكال ممارسة السلطة وانتاجها"! ولأن محمد جلال يخلط بين إرادة الإنسان الحر وبين السلطة، لذلك يعتقد أن ممارسة الإنسان للنوم او زيارة الاسرة او تزجية بعض الوقت مع الاصدقاء "سلطة"...! لا توجد اى سلطة هنا، لانه من السخف والإزدراء لابسط المفاهيم والبديهيات أن تقول أن فلان او علان يملك او يمارس سلطة على نفسه! لأنه ببساطة إن لم يكن يملك ذلك فإنه ليس إنساناً حراً..! إما أن يكون سجيناً او أسيراً أو مسترقاً، وحدهم الأرقاء او الأسرى وبدرجة اقل المساجين، لا يملكون حق التصرف فى وقتهم حتى للنوم او الراحة! ولكن الإنسان الحر هو من يملك ذلك الحق، أى إرادته وذلك هو أبسط الحقوق الطبيعية ولا تعتبر هذه سلطة بأى حال. فإرادة الأنسان للتقرير فى كيف يصرف وقته او ماذا يفعل فى حياته تسمى الحرية ولا تسمى السلطة، وهذا خلط لأبسط المفاهيم ما كان لكاتب ومنظر ومفكر نحرير لا يشق له غبار أن يقع فيه!
وخلافاً لما يزعم محمد جلال، فالصراع على السلطة يقع ليس لأنها سلطة من حيث هى سلطة، بل لأنها وسيلة للثروة والنفوذ والجاه، ولو فقدت السلطة هذه الميزات لما إنشغل بها أحد. فالذين ينشغلون بحل مشاكل البشر دون عائد او مقابل مادى او معنوى هو الأنبياء فقط، دون ذلك كلهم بشر لهم مطامع من بلوغ السلطة يغلفونها باسباب ومبررات شتى، كما غلف عبد العزيز الحلو مطامعه وقفز محمد جلال فى خفة يحسد عليها لتأييده، كما سنيين ذلك! لذلك أصاب جان جاك روسو عندما قال أن البشر لا يتصارعون عبثاً، إنما يتصارعون حول الأملاك والمقتنيات والأرض والأصول الخ... فغالب العنف الذى عرفته البشرية إرتبط بتلك الموارد أيا كانت طبيعتها ، لأن القتل من أجل القتل يسمى بربرية او همجية .
لكل ذلك فالجيوش التى خرجت من أوروبا فى نهاية القرن التاسع عشر لإحتلال إفريقيا وغيرها لم تخرج لإقامة سلطة للمجتمعات الإفريقية وحكمها عبثاً، إنما خرجت لنهب الموارد عن طريق القوة القاهرة، نهبوا ما نهبوا فى حراسة جيوشهم ، ثم عادوا أدراجهم بعد أن تركوا خلفهم آليات كفيلة بتحقيق ما يصبون اليه دون جيش او حرب. ولذلك فالسلطة من حيث هى سلطة، لا قيمة تذكر لها إن لم تكن وسيلة للوصول للموارد، كان الحاكم من أهل البلاد او مستعمرا من خارجها.
فالسلطة إذن وسيلة وليست غاية، والزعم بأن الصراع الإنسانى منذ بدء الخليقة كان حول السلطة لانها سلطة فقط بلا مضمون ، أمر خاطئ لا سند له من التاريخ. بل كان الصراع صراعاً من أجل البقاء والسلطة بوصفها أداة للوصول للموارد تضمن ذلك البقاء وتعزز من فرصه. لذلك فالزعم الذى قال به محمد جلال إنما هو "حدوتة" أراد محمد جلال تضلليل الناس بها وبيعها لهم كحقيقة يدعم بها إفتراضاته الجوفاء.
لكل ذلك إفتقد منهجه اسس البحث العلمى الرصين الذى نادى به فى كتابه جزيرة صاى فى محاولته لتبخيس مجهود الآخرين وإزدرائهم كما اوردنا فى صدر المقال. وكان عليه أن يستخدم "لعل" و"ربما" حتى يتسق مع نفسه حتى لا يصبح هو نفسه سلطة فى التخريجات كما وصف بذلك الباحث محمد عوض الله حمزة
عن كارل ماركس السودان المزور اكتب (4)
د. محمد جلال هاشم :الغثاء النشط
من اخطر الاشياء التى يمكن أن تؤخذ على الكاتب وتنسف مصداقيته هى التناقض فيما يكتب. بمعنى ان يذكر شيئا كحقيقة جازمة، ثم يعود لينقضه، ليس فى مقال لاحق او كتاب تالى، بل فى ذات الصفحة. لا يقع فى مثل هذا الأمر إلا كاتب لا يدرى ما يكتب ولا يهمه إن فقد مصداقيته عند القارئ. مثل هذا يصلح ككاتب للأنظمة الشمولية وليس كباحث رصين، دعك عن مفكر يدبج الترهات والفتن الإثنية على أنها فكر.
إن دل مثل هذا التناقض على شئ إنما يدل على تواضع المقدرة الفكرية عند الكاتب. فإن ينس كاتب ما كتبه فى أعلى الصفحة ليعود ليكتب كلاماً مخالفاً له أسفلها، لينسف تماماً الفرضية التى بنى عليها طرحه الاساسى، فذلك درك لا يسقط فيه إلا المبتدئون فى الكتابة قليلى المعرفة بأسس البحث العلمى، يكتبون فقط من أجل الكتابة لتزجية الوقت والشهرة، لا لطرح فكرة متماسكة يقنعون بها القارئ او المتلقئ، دعك من باحثين او مفكرين آخرين او واضعى سياسة عامة لحل مشكلة حساسة. لعلنا هنا نعيد للقارئ ما كتبه الصحفى محمد لطيف "صديقه" عن الدكتور محمد جلال هاشم حتى يستوعب لماذا يقع فى مثل تلك التناقضات المكشوفة. يقول محمد لطيف عنه:"حامل الدكتوراة من إحدى الجامعات البريطانية بعد أن حفيت أقدامه هنا وفشل فى الحصول على فرصة للتحضير فى جامعة الخرطوم بعد أن رفضت تعديل اللوائح من أجل عيون جلال، فهى لا تسمح لحملة الشهادات (المتواضعة) من التقدم فى سلم الدراسات العليا...فاستغل محمد جلال صداقته بأحد (الخواجات) وظل يلحّ عليه إلحاحاً عظيماً لتمكينه من التحضير فى الخارج". ربما يشرح لنا حديث محمد لطيف هذا لماذا وقع الدكتور محمد جلال فى تناقض بيّن فيما كتب فى صفحة واحدة.
فى كتابه (منهج التحليل الثقافى: صراع الهامش والمركز) فى الفصل الثالث " الأسس الفكرية للسودان الجديد – يلاحظ ان هذا الفصل مشار اليه فى صفحة المحتويات بأنه فى صفحة 47، بينما يقع حقيقة فى صفحة 41، ،وهذا خطاء يؤكد ان الكاتب لم يراجع ترتيب وتبويب الكتاب قبل طباعته، ولا يمكن لكاتب حريص أن يقع فى مثل هذا". وعلى كل فى صفحة 42 وكجزء من هجومه على الأحزاب السياسية وفى محاولة لتجريدها من أى معرفة بواقع المجتمع السودانى المتنوع، كتب الرجل:"كما أظهرت الأحزاب بيمينها ويسارها (الكلاسيكين) جهلاً تاماً بطبيعة وتركيبة الشعب السودانى من حيث التعددية الثقافية والإثنية الدينية". بهذه الجملة جزم الكاتب للقارئ بحقيقتين:
. جميع الأحزاب يمينها ويسارها
. جاهلة بتركيبة الشعب السودانى
كان الكاتب يتحدث عن فترة الإستقلال، رغم ذلك لم يوضح ما هى تلك الأحزاب، وكم عددها، وهل ما أورده يشمل احزاباً جنوبية او إقليمية الخ... وعلى كل فالرجل واثق وجازم من أن جميع الأحزاب "جاهلة" بواقعها ودليله على ذلك هو تبنيها لما أسماه الآيدولوجية الإسلاعروبية فقط! وكأن الذين يعتنقون تلك الآيدولوجية ليسو سودانيين! لم يلاحظ الرجل أن مجرد معرفة الأحزاب بالأيدولوجية الإسلاعروبية يخرجها من حالة الجهل بواقعها. ولذلك فالجزم القاطع بأن الأحزاب كانت "جاهلة" بواقعها خطل كبير وحكم غير سليم لا يقع فيه إلا باحث خفيف العقل والفكرة.
لكن دعنا نصرف النظر عن هذا الإتهام الخطير لكامل الأحزاب السياسية، لنرى ماذا ايقول الرجل فى ذات الصفحة بعد أن أطلق ذلك الإتهام الخطير: "ولتمكين هذه المركزية (يقصد الإسلاعروبية) سعت الدولة ممثلة فى القوى السياسية المتنفذة الى تحويلها لمركزية جغرافية وثقافية تجّييراً للمجموعات المنتمية للثقافة العربية بوسط السودان ومن شايعها من أبناء المجموعات المنتمية للثقافات الإفريقية". هنا، ألفت نظر القارئ لكلمة "تجّييراً". رغم ان كلمة " تجّييراً" ليست الكلمة الصحيحة هنا، لكنها فى كل الأحوال لا تعن شيئاً سوى "التبنى والإنحياز". يكتب الرجل هذا فى صفحة واحدة، "الجهل" بالواقع فى أعلى الصفحة، و " التجّيير" أسفلها. وإن كانت الأحزاب "جاهلة" بتركيبة الشعب السودانى وتعدده الثقافى ، إذن لا يصح القول عنها أنها " جيّرت" لصالح مجموعة محددة، لأن " التجّيير" يعنى أن هنالك من "يجيّير" لصالحه، وهذا يعنى أن الأحزاب لم تكن جاهلة، لأنها إنحازت لمجموعة ضد مجموعات أخرى، لأنه لا يصح عقلاً أن نتحدث عن " التجيّير" لمجموعة محددة دون العلم المسبق بخصائصها وسماتها الثقافية الخ... وإلا لما صح "التجيّير" من أساسه، لأنه فى انعدام العلم المسبق بالخصائص يصبح " التجيّير" عملية خبط عشواء، او " شختك بختك" كما يقولون، أى أن يتم "التجيير" لجهة مجهولة لا تعرف الأحزاب خصائصها. لذلك كان على الكاتب النحرير إما التمسك "بجهل" الأحزاب بواقع المجتمع، ولذلك لا يصح إتهامها ب "التجيّير"، أو إنها كانت تعلم بواقع المجتمع ثم "جيّرت" لصالح الإسلاعروبيين ولذلك لا يصح إتهامها ب "الجهل". الصحيح كان على الكاتب أن يشير الى محدودية معرفة الأحزاب بالواقع المتنوع وليس جهلها، لكنها الطريقة " الجازمة" للتعامل مع الإفتراضات على أنها حقائق وتلك هى السمة الأساسية لكتابات محمد جلال هاشم، فالرجل يعتقد أنه يمتلك الحقيقة المطلقة!
تناقض الكتاب ونفيه لما يكتب لا ينته، لأنه ببساطة ينسى ما كتبه فى السابق. فقد نسى أنه كتب من قبل ان قضية التنوع هذه كانت مطروحة فى الفضاء العام فى السودان أيام الإستقلال كما نبيّن.
أصدر الرجل كتابه المشار إليه فى العام 2014، أى بعد حوالى 16 سنة من ورقة له نشرها فى العام 1998 (رغم ان الورقة منشورة فى العام 1998 يشير إليها فى الكتاب على أنها منشورة فى العام 1999، ص 46، فالرجل لا يتذكر حتى تاريخ نشر أوراقه). وعلى كل، فى ورقته التى كانت بعنوان:" السودانوعروبية اوتحالف الهاربين: المشروع الثقافى لعبد الله على إبراهيم، مجلة الدراسات السودانية، إبريل 1998)، أكد محمد جلال أن قضية التنوع والهوية كانت متداولة فى الصحف وأن الناس كانوا يكتبون عنها. هذا الأمر وحده كافٍ لنفى جهل القوى السياسية بالقضية. يقول فى ورقته:" وعنما إستشرف السودان إستقلاله كتب بعض السودانيين فى الصحف مثيرين موضوع العروبة والإفريقية". لكن محمد جلال كباحث يسكنه السهو المزمن فى تجاهل المصادر، لا يذكر من هم أولئك الأشخاص الذين كتبوا وفى أى تاريخ واى صحف كتبوا، لكن ما يستفاد من ما كتب بنفسه، أن قضية التنوع كانت مطروحة فى الفضاء السياسى العام وتمت مناقشتها، وهذا يؤكد أن الأحزاب السياسية كانت تعلم بتركيبة المجتمع السودانى وأن إتهامه لها بالجهل خطأ شنيع لايمكن لكاتب مبتدئ أن يقع فيه دعك من كاتب يدعى المعرفة والفكر. وكما تبين قرائن الأحوال واضح جدا أن الرجل عندما كتب كتابه المشار اليه لم يراجع ما كتبه فى السابق عن ذات الموضوع، ولذلك أورد ما كتب فى الكتاب دون مضاهاته مع كتاباته السابقة، وهذه ابسط مقتضيات الإنضباط البحثى حتى لا يقع الكاتب فى التناقض المخل. فى مثل هذه الحالات وإن كان الكاتب قد غير رأيه فقد يحدث أحياناً أن يغير الباحث رأيه فى قضية ما إن إتضحت له معولمات جديدة، - كان عليه أن يشير لما كتب فى السابق ويوضح موقفه الجديد. أما أن يكتب فى ذات الأمر رأياً متناقضاً مع ما كتب عن ذات الموضوع فى السابق، فذلك قدر من السبهللية البحثية لا تليق من شخص نصب من نفسه باحثاً و مفكراً لا يشق له غبار! لأنه من غير المقبول أن يدعى الكاتب أن الموضوع كان مطروحاً فى الفضاء العام فى 1998 ثم يعود فى عام 2014 ليقول أن الأحزاب كانت تجهله دون أن يوضح لنا لماذا ذكر فى السابق ما ذكره! كان على محمد جلال كرجل يحمل من الدرجات العلمية أعلاها أن يتقن عمله حتى لا يتيح "للجهلاء" من أمثالى أن "يردحوا" فى ترهاته التى يريد أن يبعيها للسودانيين على أنها بحوث وفكر لا يأيته الباطل من تحته او فوقه.

عن كارل ماركس السودان المزور أكتب (5)
د. محمد جلال هاشم: الغثاء النشط
فى نازية د. محمد جلال
بينّا فى المقالات السابقة أن الدكتور محمد جلال هاشم لا يتبع أسس البحث العلمى فى كتاباته بالصورة المتعارف عليها وينحو نحو الجزم وبيع الإفتراضات على أنها حقائق ويخلط فى المفاهيم والمسلمات وهو الأمر الذى كشف تواضع مقدرته البحثية وضعف منطقه وحجته. كل هذه الأسباب مجتمعة لا تمكنه من طرح فكر أو منهج تحليل كما يزعم. ولذلك فكل ما يطرحه معلول وفاقد للمصداقية، بل ينحو نحو التخليط والإثارة، وما هو فى حقيقته إلا بثٌ متواصل للكراهية الإثنية بين المجموعات التى تسكن السودان لأن الرجل يركز فقط على نقاط الإختلاف ويتجاهل عمداً نقاط الإلتقاء ولذلك فكتاباته تضرب اللحمة الوطنية فى مقتل من خلال تأجيج الكراهية الأثنية.
ليس لدى أدنى شك فى أن الكراهية الإثنية التى تسود المناخ العام الآن قد أطلق عقالها محمد جلال وعالجها أبكر آدم بسياط من عنج ولذلك إندفعت كالثور الهائج فى مستودع الخزف حتى كادت أن تحطم كل الوشائج التاريخية القائمة بين المجموعات فى السودان. أطلق الأثنين حملة الكراهية الإثنية فيما اسموه تورية بصراع المركز والهامش او منهج التحليل الثقافى دون أدنى إعتبار لما يمكن أن يسببانه من فصم لعرى الروابط الإجتماعية وتدمير للروابط المجتمعية التى نشأت بين المجتمعات فى السودان عبر سيرورة تاريخية طويلة.
لكل ذلك فالتحدى الذى يواجه كل الحريصين على مقومات التعايش المجتمعى اليوم فى السودان هو التصدى لحملة الكراهية الإثنية التى يسميها محمد جلال بمنهج التحليل الثقافى.
لا نرميه بهذه التهمة الخطيرة جزافاً أو إفتراءً بل سنثبت له من كتبه كيف مارس بث الكراهية الإثنية ونهض للترويج لها بكل ما يستطيع.
فى حديثه عن مؤسسة الرق فى ورقته التى علق فيها على الدكتور عبد الله على إبراهيم (تحالف الهاربين) والتى سبقت الإشارة لها يقول:" واليوم لا يجوز التعجب والإستغراب من أن هذه ( يقصد مؤسسة الرق) لا تزال ناشطة فعلياً، ذلك أن الرق والتمييز العرقى لم يفارقا وجدان الثقافة الإسلاعروبية فى المركز حتى الآن"! ترى هل هنالك بث للكراهية العرقية أكثر من ذلك! فالرجل كعادته فى الجزم بالأكاذيب يرى أن مؤسسة الرق" لا تزال ناشطة فعلياً"، بينما هى حقيقةً ناشطة فى عقله المريض وأفكاره المضطربة! إلا أن الأغرب من كل ذلك أن هنالك من يقبل طباعة كتاب يحمل مثل هذه التهمة الضخمة لمجتمع ودولة بكاملها! كما أن المهتمين والمثقفين لا يتصدون لهذا الغثاء الذى يسمى فكراً! ترى أين توجد تلك المؤسسة، وأين تمارس نشاطها؟ فهى فى حقيقة لا توجد إلا فى خياله الصدئ حيث يجد فى نفسه من الوقاحة والجرءة ما يتهم به ثقافة كاملة (اتفقنا او إختلفنا معها) بأن لها مؤسسة للرق ناشطة فعلياً فى هذا الزمان! لا ادافع مطلقاً عن مايسميه الرجل بالثقافة الإسلاعروبية، فهى من وجهة نظرى مليئة بالعيوب والقصور، ولكن شطحة الرجل فى أن هناك مؤسسة للرق فى وقتنا هذا أمر يثير التقزز والغثيان. كان الواجب يقتضى على كل المهتمين التصدى لهذه التهمة الخطيرة ، فالرجل يتهم كامل الثقافة الإسلاعروبية بممارسة الرق وأن لها مؤسسة تعمل فيه! بالطبع هذا ليس إنتقاداً لممارسات عنصرية متحيزة تقع أحياناً من أفراد او حتى مؤسسات الدولة، إنما فى حقيقته إتهام صريح يحاسب عليه القانون! وإتهام بهذه الصورة الخطيرة لا يمكن إلا أن يصدر من عقل خفيف وجلف! فالإتهام موجه للمركز وهو يعنى به الدولة ومؤسساتها، ولو كان محمد جلال يعيش فى دولة تطبق القانون لقضى ردحاً فى السجن عقوبة لتلك التهمة الباطلة لأن للدولة ممثلة فى مؤسساتها شخصية إعتبارية أمام القانون وتملك حق مقاضاة الأفراد ولن يستطع محمد جلال أثبات تهمته! لكننا للأسف أبتلينا بدولة الأخوان المسلمين المتهافتة التى لا تعرف حقوقها كدولة! إذ كيف سمحت الدولة بصدرو الكتاب أصلا وهو يحمل كل تلك التهم الخطيرة لجزء كبير من المجتمع ولمؤسسات الدولة، لتأتى أجيال بعد مائة عام وأكثر لتقول بناء على ما كَتب هذا الدعى أن مؤسسات الرق كانت قائمة وناشطة فى السودان فى نهاية القرن العشرين! ولذلك فإن كتابات مثل هذا الجهلول يجب أن تراجع حرفاً حرفاً، فالكتابة ليست " لعب عيال" يسمح لكل من هب ودب أن يسود تاريخ شعب بكامله بأكاذيب من نسج خياله المريض!
إلا أن الرجل لا يتوقف عند بث الكراهية بين الإثنيات فقط بل كشف فى موقع آخر فى كتابه (صراع المركز والهامش) عن نازية مقيتة! يقول فى صفحة 62 فى حديثه عن الإنصهار القومى:" لقد تحققت بوتقة الإنصهار لكن بلا أى مشروع وطنى بخلاف تسويد العرب الوافدين الراقين عنصراً وثقافة على الأفارقة المنحطين عرقاً ولغة وثقافة"! وإن لم تكن هذه هى النازية بعينها فما هى النازية إذن! فالرجل يرى أن العرب"راقين عنصراً وثقافة" على الأفارقة "المنحطين عرقاً ولغة وثقافة"، وهل قال هتلر بغير هذا...!
ينشر الرجل هذا الحديث على الملاء فى كتب يجرى تداولها بين السودانيين حول العالم ولا أحد يتوقف لينظر فى الفتنة العرقية الخطيرة والنازية التى ينفث سمومها الرجل تحت ما يسميه " منهج التحليل الثقافى". الأسوء من كل ذلك أن هنالك من يصفق لهذا الغثاء ويسميه فكراً يحتفل به! وأكثر من ذلك تفتح المنابر للرجل ويجلس الكثير من خفاف العقول يستمعون لسموم الفتنة تلقى عليهم معتقدين أنهم يستمعون الى فكرة...! وهل كانت النازية فكرة ياترى! وكأن فتح المنابر له لم يكن كافياً، فقامت مجموعة منهم بتعيينه رئيساً لمجلس إدارة محطة تلفزيونية ليبث سمومه منها على أوسع نطاق! أنصاف المثقفين هؤلاء هم من يجد الرجل فيهم ضالته ! وما قتل السودان سوى أنصاف المثقفين وضرائبهم من نافخى كير هوس الأسلام السياسى!
اتهمنى الرجل فى رسالته (الواتسبية) أننى لم أقراء كتبه، وحقيقة أجد صعوبة فى تسميتها كتباً، وارجو أن يكون قد إقتنع الآن أننى قرأت الغثاء الذى كتبه، واننى كنت رفيقاً به فى نقدى له، مراعاة لرفقة قديمة تنكر لها الرجل فى رسالته! هددنى الرجل بأنه سيكتب عنى، وكأنه وحده الذى يجيد الكتابة ! إنطلق وأكتب ما تريد فأنت لا تكتب غير الغثاء، بل غير الفتنة الإثنية التى صبرنا عليها كثيرا ولكنى الآن التزمت بلجمها وسأفعل! لا أفعل ذلك من أجل الدفاع عن نفسى، لكن دفاعاً عن بلاد وشعب أحبهم وأسعى لحمايتهم من الفتن وأعمل لأراهم يعيشون فى سلام مع بعضهم البعض لأنى أؤمن أن ذلك ممكن!
ما اشرنا اليه واوردناه اعلاه إنما هو غيض من فيض من العنصرية والكراهية التى يؤطر لها الرجل فى ما يسميه بمنهج التحليل الثقافى، ونحيل القارئ للكتب - تقراء الغثاء- المشار اليها لمن شاء ان يطالع غثاء الرجل بنفسه.
عن كارل ماركس السودان المزور أكتب (6)
د. محمد جلال هاشم: الغثاء النشط
الفرق بين مشروع السودان الجديد
و منهج التحليل الثقافى
ذكرنا فى المقال الخامس كيف ان محمد جلال يسعى لتأجيج الفتنة بين المجتمعات المتساكنة مستغلا الفوارق الثقافية والعرقية والتأريخية المكونة للمجتمعات السودانية المختلفة .
لا أجد نفسى فى موقف أحتاج فيه لإعادة التأكيد على موقفى من مختلف أنماط الحكم التى قامت فى السودان منذ الإستقلال والطريق الأحادى الذى سلكته وما تبع ذلك من جرائم حرب وجرائم إبادة وتطهير عرقى وممارسات أخرى يندى لها الجبين خاصة تحت نظام الأخوان المسلمين. كل هذه الجرائم أدنّاها مع غيرنا بدءً من جرائم النظام فى جنوب السودان وحروبه الجهادية الى الابادة فى دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق وسفك دماء الشباب والطلاب فى شوارع الخرطوم والمدن الأخرى، بجانب فساد النظام المالى والإدارى والأخلاقى والتعذيب فى المعتقلات الذى شمل جميع فئات الشعب السودانى الخ.. وكل ما قامت به المجموعة المتسلطة التى تجد دعمها ليس من مجموعة ثقافية بعينها بل من مؤسسة
دولة مستعمرة باطشة لا وازع أخلاقى اوسياسى لها.
وإن كانت المجموعة الحاكمة تمارس القتل والإبادة فى دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق، فقد قتلوا أهلنا و طمروا حياتهم ودمروها وشردوهم الى رؤوس الجبال ومضوا لحالهم كأنهم لم يرتكبوا جريمة ضد الإنسانية. لكل ذلك فالزعم الذى يردده محمد جلال او ابكر آدم إسماعيل بأن المجموعة المتسلطة فى رقابنا تنتمى لثقافة محددة أمر غير سليم تدحضه جرائم النظام فى عاصمته نفسها! فى حقيقة الأمر هذه مجموعة مريضة شاذة لا تتبع إلا لنفسها! يصح ما يقوله محمد جلال وابكر آدم فقط إن كان بوسعنا تجريم كامل الحضارة الأوروربية لأن أدولف هتلر ومجموعته خرجوا من جنباتها! أو تجريم كامل الشعب الهولندى لأن مجموعة " البوير" تنتمى إليه! ذلك هو التعميم المخل الذى نرفضه والذى يضر بقضية البناء الوطنى. فالذى يرتكب جريمة يجب أن يحدد ويحاسب على جريمته دون تعميم مخل ليشمل آخرين يقفون مع الضحايا فى نفس الخندق يتمسكون مثلهم بضروة محاسبة من إرتكب تلك الجرائم. ولذلك فإن أخطر ما يقوله محمد جلال وابكر آدم هو تجريم ثقافات بكاملها، حتى لو كان ما يسمونه " الإسلاعروبية"، وسأعود فى مقالات لاحقة لفضح قضية "الإسلاعروبية" والأسس التاريخية التى بنى عليها محمد جلال أراجيفه الكثيرة وذلك لفضح الخلط القائم بين جرائم مؤسسات الدولة السودانية وبين الثقافة، أياً كانت تلك الثقافة. سنناقش إن كانت المجموعة " الإسلاعروبية" قد أقامت مركز خاصتها؟ أم أن ما يروج له محمد جلال وهم ناتج من خلطه الدائم بين مؤسسة الدولة وحيفها وبين ثقافة المجموعات الحاكمة.
من الناحية الأخرى، إن أكد وقوع مثل تلك الجرائم الفظيعه شئ هو سلامة موقفنا فى المناداة بمشروع السودان الجديد الذى يدعو الى إقامة دولة المؤسسات القائمة على المساواة الكاملة بين المواطنيين بصرف النظر عن أعراقهم أو أديانهم الخ..
من نافلة القول أن بناء السودان الجديد لن يتم إلا بالتركيز على القواسم المشتركة بين الشعوب السودانية وليس على تأجيج الفوارق ونقاط الإختلاف كما يفعل محمد جلال. ليس هناك أدنى شك أن منهج محمد جلال (إن كان له منهج) يغوّر الجراح ويضخم من الإختلافات ولا يهتم مطلقاً بالمشتركات بين شعوب السودان وهى كثيرة جداً. فالصورة التى يكتب ويحلل بها القضايا (إن كان يفعل) تغوّر من الجراح الوطنية ولا تساعد فى علاجها وهو بتلك الصورة يدعم مباشرة خط الإسلام السياسى ويقدم له خدمة جليلة فى ضرب المجتمعات السودانية ببعضها البعض، ويرفد النظام بجبال من الذخيرة المجانية من خلال ضربه على الفوارق الإثنية بين المجتمعات المختلفة! بالطبع إستفاد النظام أيما إستفادة من ما كتب محمد جلال فى تمزيق النسيج الإجتماعى فى دارفور وغيرها بل فى جميع أرجاء السودان. وبهذه الصورة يلتقى محمد جلال ويتماهى تماما مع إستراتيجية النظام، ربما ليس عن جهل!
فى حقيقة الأمر ومن واقع ما كتب فمحمد جلال يدعولإستبدال الضحايا بضحايا جدد، وذلك هو جوهر الخلاف معه،. لأن مشروع السودان الجديد يقوم اساساً على وضع حدٍ فاصل ونهائى للممارسات التى إتسم بها السودان القديم وقادت للجرائم التى اشرنا لبعضها أعلاه، وكانت أحدى نتائجها إنفصال الجنوب ووقوع التطهير العرقى والإبادة وكل الممارسات الأخرى التى يندى لها جبين الإنسانية.
لكل ذلك فمعالجة الممارسات القديمة التى قادت لوقوع الجرائم لا يتم بتأجيج الكراهية بين المجتمعات، إنما يتم من خلال مد جسور التواصل وتمتينها من خلال إتباع سياسات قصدية تقرب المجتمعات من بعضها البعض وتعيد الثقة فى إمكانية التعايش والتواصل وتفتح الطريق للأجيال الجديدة لتبنى مجتمعاً قائم على روابط أجتماعية نقية وسليمة.
إن من يدعو للتغيير البنّاء لا يمكن أن يكون شغله الشاغل تذكير المجتمعات بالفوارق بينها، إنما يتوجب عليه التركيز على المشتركات والإيجابيات، إذ من دون ذلك سيصعب فتح باباً للأمل للأجيال القادمة. وما يكتبه محمد جلال يفرق ولا يجمع، يقسم ولا يوحد، يهدم ولا يبنى يعزز من الكراهية الإجتماعية المنتشرة التى أجج نيرانها النظام حتى أصبحت تمثل العمود الفقرى لسياساته. هذه هى الفوارق الجوهرية بين طرحة المقزز وبين مشروع السودان الجديد الذى يدعو للوحدة والتآلف والإتفاق على أسس جديدة لإدارة الدولة تخرجنا جميعاً من مخمصة الحروب والإقتتال.
ولذلك عندما نتحدث عن مشروع السودان الجديد إنما نتحدث ليس فقط عن تغيير المركز وإستبداله بمركز جديد ليدخل فى ذات الدائرة الشريرة والممارسات القديمة، بل نتحدث عن تغيير شامل لطبيعة الدولة وبنية مؤسساتها وعلاقتها بمواطنيها ليس مهماً إن كانوا فى المركز او فى الأقاليم. فمن خطل القول الزعم بأن تغيير الشخوص فى المركز سيقود الى تغيير سياسية دولة تالفة! لذلك فمشروع السودان الجديد يتحدث عن تغيير المفاهيم والمؤسسات والشخوص، وهذا لن يتأت إن ظللنا نتحدث فقط عن الفوارق و نقاط الإختلاف بيننا.
فالأمر ليس كما يزعم محمد جلال أن برنامجه يلتقى مع مشروع السودان الجديد. فى حقيقة الأمر هنالك إختلاف جوهرى مع نهج محمد جلال، حيث يقوم مشروع السودان الجديد على دعم المشتركات وتطويرها والبناء عليها ومعالجة الإختلافات والحد منها بينما يقوم نهج محمد جلال على عكس هذه الأهداف.
وبالنظر للأهداف التى يدعو لها مشروع السودان الجديد وحجم التغيير الذى نصبوا اليه بسهولة يستطيع من يطلع على المشروع أن يلاحظ أنه مشروع طويل الأمد لا يمكن أن يكتمل بين عشية وضحاها لأنه عملية تغيير إجتماعى وسيرورة نسعى لوضع لبناتها القائمة على المساواة وإحترام الكرامة الإنسانية وحق الإختلاف لنفتح الطريق للأجيال القادمة لتكمل البناء على أسس متينة بعد أن تكون أجيالنا قد وضعت لبناتها.
لكل ذلك، فالمفاهيم والرؤى التى يدعو مشروع السودان الجديد لها تختلف فى جوهرها مع الفتنة التى يدعو لها محمد جلال من خلال تركيزه على نقاط الإختلاف . قليل جدا من الدول يخلوا من نقاط الإختلاف المجتمعى الذى يشير اليه محمد جلال.
وكمدخل سليم لمعالجة الجراحات التى اصابت الجسم الوطنى يقر مشروع السودان الجديد بالجرائم التى وقعت فى الماضى وحالياً تحت هذا النظام المجرم، لكنه لا يتوقف عند ذلك، كما يفعل محمد جلال، بل يمضى أكثر ويطرح رؤية جديدة لكيفية إعادة بناء اللحمة الوطنية وتعزيزها وهذه قضية على قدر من الأهمية تعادل بل ربما تفوق مهمة إسقاط النظام، إذ من نافلة القول إن لم تكن لنا رؤية واضحة للتعايش فسيصبح إسقاط النظام بلا مضمون، بمعنى ما هى الفائدة من إسقاط النظام إن كنا سنستمر فى القتل والتشريد وارتكاب الجرائم ضد بعضنا البعض أو تغيير الضحايا بضحايا جدد كما يستبطن نهج محمد جلال. إن مشروع السودان الجديد فى جوهره وصفة للتعايش والسلام والإستقرار.
ونختم بأمر اقرب " للحوت" فى ما يكتب الرجل وينشر . من يقراء كتبه سيلاحظ بسهولة أن الرجل مصاب "بفوبيا" ما يسمية الآيدولوجية " الإسلاعروبية". فمن الترهات المضحكة التى كتبها ونشرها فى كتابه " مشروع الوطنية السودانية وظاهرة الثورة والديمقراطية" هو جزمه الواضح بأن إنهيار الدولة الصومالية كان نتيجة "لإستزارع " العروبية فيها. حمل الرجل ذلك المفهوم التالف وذهب ليقول جازما أنه كان السبب الاساسى فى انهيار الدولة الصومالية.. يقول فى صفحة 72:" فى الحقيقة ما طحا بمؤسسة الدولة فى الصومال وذهب بريحها على ما فيها من تجانس إلا تفكيك لحمة ايدولوجيا الهوية الوطنية باستزراع الهوية العروبية بأمر وقرار سياسى بينما شعب الصومال بينه وبين العروبة بحور ومحيطات وسلاسل جبلية". وكعادته فى السبهليلية البحثية لا يشير الرجل الى ذلك القرار السياسى ومتى صدر، ومن هو الذى اصدره وماذا كان نصه..؟ هكذا فقط يتوجب على القارئ أن يصدق الكاتب بأن هناك قرار سياسى قد صدر وتقرر بموجبه "إستزراع" الهوية العربية فى الصومال ! هذا أدعاء لا يقدم عليه إلا كاتب هاوٍ لا يهتم بمصداقيته عند القارئ!
خلافاً لذلك يورد البروفسير الصومالى حسين آدم سبعة أسباب داخلية وواحد خارجى قادت الى انهيار الدولة الصومالية ليس من بينها قرار سياسى "باستزراع" الهوية العربية فى الصومال! وفى حقيقة الأمر فأغلب الناس يعلم ان ما قاد لإنهيار الصومال هو حكم الفرد والفساد وإعتماد الرئيس الاسبق سياد برى القبلية والعشائرية كمعيار للخدمة فى مؤسسات الدولة بما فيها الجيش والأمن. لكن المؤكد - حسب ما اورده البروفسير حسين آدم – عدم تسبب أى قرار سياسى باستزراع " العروبية" فى الصومال! (أنظر
Zartman, William eds ; "Collapsed States: The disintegration and Restoration of Legitimate Authority", Lynne Rienner, 1995, pp 69 -86
عن كارل ماركس السودان المزور أكتب (7)
د. محمد جلال هاشم: الغثاء النشط
أكذوبة مركزية "سنار" وبوتقة الإنصهار
لعلنا فى هذا المقال نتناول الفرضية الخاطئة التى بنى عليها محمد جلال إفتراضاته ثم ذهب يبنى قصوراً من الرمال على اساسها. سنذروها له كما تذرى الرياح أوراق أشجار النيم فى فصل الشتاء.
أكثر ما يميز الرجل أنه يفتقد العقل الناقد؛ ولذلك يأخذ ما كتبه الأخرون على أنه مسلمات لا يأتيها الباطل من تحتها او فوقها، ثم يذهب ليبنى عليها تحليلات "طائشة" لا تسمن ولا تغن عن جوع! يتعامل الرجل مع كتابات الآخرين بعقل مستسلم كسول يقبل بما يلقى عليه، ويتخذ منها مصدراً للنقل والإقتباس فقط، بإفتراض ان الإقتباس من أعمال باحثين آخرين كفيل بإقناع القارئ ان ما يزعمه الكاتب صحيح. يضاف الى ذلك فالرجل ينقل أفكار الآخرين وفى كثير من الأحيان دون الإشارة الى أنه ينقل منهم، وله مقدرة خارقة فى سرقة الافكار وإعادة صياغتها من جديد ونسبتها لنفسه. هذه بالطبع واحدة من أكبر الجرائم البحثية يعاقب عليها القانون، بجانب أنها تدمر مصداقية الكاتب وتنسفها تماماً. آمل أن اجد الوقت فى المقالات القادمة للتعرض للسرقة الفكرية او ما يعرف ب (البليقريزم) التى يمارسها الرجل فهى ليست موضوعنا الآن، أما إن نفى الرجل هذا الإتهام فسأجد نفسى مضطرا للخروج من المقالات والرد عليه وإن شاء فاليفعل!
فى تبنّية لما يسميه منهج التحليل الثقافى تعامل الرجل مع ما كتبه باحثون سبقوه مثل يوسف فضل و "اوفاهى" و "اسبولدينج" ومحمد ابو القاسم حاج حمد (بالرغم من أننى اعتقد ان الرجل لم يقراء ما كتبه محمد أبوالقاسم لأنى لم أجد فى كتاباته ما يفيد بأنه إطلع عليه مع أهمية ما كتب حاج حمد بالنظر لموضوع مركزية الثقافة "الإسلاعروبية" التى يزعم محمد جلال أن المجموعات العروبية أقامتها فى السودان)!
على كل، يتفق أولئك الكتاب بصورة أو أخرى أن سلطنة الفونج او سنار مثّلت مركزية الدولة ولذلك إستنتج محمد جلال من كتاباتهم أن سلطنة الفونج كانت تجسيداً لإرادة المجموعات "الإسلاعروبية"، أى انها دولتها التى إلتفّت حولها ومن ثم أصبحت رمزيتهم وهكذا صارت بوتقة إنصهار.
ربما يسآل القارئ لماذا نتناول دولة الفونج أو سنار ولماذا نذهب لتناول ذلك التاريخ البعيد وما علاقته مع ما يقول محمد جلال؟ فى حقيقة الأمر تناول دولة سنار فى غاية الأهمية لأنها تمثل حجر الزاوية الأول الذى بنى عليه الرجل مفاهيمة حول مركزية الثقافة الإسلاعروبية، ولذلك كان لا بد من النظر فى سنار ومكوناتها و ماتم فيها وذلك لهدم الركن الأساسى لفرضياته الجوفاء. لا نقصد بما نقول اى دفاع عن ما يسميه الثقافة "الإسلاعروبية" مطلقاً، بل نختلف معه لأنه من وجهة نظرنا أن الثقافة الإسلاعروبية نفسها تعرضت للسطو من حكومات فاقدة للشرعية ودولة تفتقد المشروعية، وتم إستخدام الإثنيين كغطاء سياسى لإصباغ شرعية على الحكومات المتعاقبة وسياساتها وعلى إيجاد مشروعية للدولة!
لعلنا نتوقف هنا لننظر فى قضية "مشروعية" الدولة التى من وجهة نظرى تمثل لب الصراع فى السودان، وليس ما يسميه محمد جلال ورهطه ب " الإسلاعروبية" . قبل ان نفصل ذلك دعنا نقتبس من فيوكوياما تعريف المشروعية:
" legitimacy means that the people who make up the society recognize the fundamental justice of the system as a whole and are willing to abide by its rule" p 42.
من وقائع التاريخ ومنذ هجرات العرب الكبيرة للسودان بعد معاهدة البقط 651 ثم لاحقاً بعد سقوط بغداد 1258 يمكن القول أن المجوعات "الإسلاعروبية" لم تعرف كيف توّجد مشروعية سياسية لنفسها، ببساطة لأنها غير مقتنعة إبتداءبأهمية الدولة لأن هذه المجموعات فى غالبها مجموعات رعوية ، بدوية( راجع مقالات النور حمد: العقل الرعوى موجودة على الشبكة فى مواقع مختلفة). لكل ذلك فعلاقتها بالسلطة المركزية ظلت دايما محل شك، فالبدو بحكم طبيعتهم لا يقرّون بسلطة تسيطر على حياتهم أو تضع لهم القوانيين والضوابط. ثم أن هذه المجموعات بعد هروبها الى السودان وبحكم قلة معارفها المهنية وإقتصار حرفتها على الرعى، إتجهت الى السهول والبوادى لممارسة نفس نمط الحياه الذى تعرفه، والبدو لا يبنون دول ولا يقيمون حضارة. لأننا نعرف من تاريخ البشرية أن الحرف الإنسانية الأخرى لا تتطور إلا فى مجتمع مستقروهذه المجموعات لم تجلب معها للسودان سوى حرفة الرعى. بمعنى آخر، كانت حياة النوبيين على النيل أكثر تمدناً وتطورا منها (نتناول هذا بتفصيل أكثر فى كتابنا عن حسن الترابى نتوقع صدوره مطلع عام 2018). هذا الأمر، أمر البداوة وإفتقاد تنوع الحِرف (اى عدم الحياة المستقرة او المدنية)، هو الأمر الوحيد الذى يفسر طول الفترة – أكثر من ثمانية قرون - التى إستغرقتها هذه المجموعات حتى تثنى لها تشكيل كتلة فاعلة سياسياً تمكنت بها من الهجوم على سوبا. ويبدو من ماهو متاح من وقائع تاريخية أن الهجوم على سوبا لم يكن لإسقاط مملكة النوبة وإقامة دولة بديلة بقدر ما كان من أجل السلب والنهب، ذلك وحده ما يفسر ما وقع من تخريب سارت بذكره الركبان وأصبح مضرباً للمثل!
لكل ذلك فهذه المجموعات " الإسلاعروبية" بوصفها مجموعات بدوية لم تكن إبتداء تفهم أهمية الدولة، وما هو الغرض او الهدف من بناء دولة إن تيسر لها تأسيسها؟ هذين السؤالين الجوهريين ظلا يواجهان هذه المجموعات منذ تاريخ هجرتها الى السودان الى اليوم. وعلينا أن نذكر دائماً أن هذه المجموعات وإن إشتركت فى الأصل العربى والعقيدة – حسب دعاويها - إلا انها لا تنظر لنفسها كمجموعة واحدة ، بل ظلت تركز على التكوين القبلى أكثر من تركيزها على ألاصل الواحد والدين الواحد. لكل ذلك فالتعامل مع هذه المجموعات على أنها كتلة صماء موحدة بالثقافة المشتركة والدين الواحد أمر خاطئ! وسنبين ما وقع بينها من تناحر مخيف فى العهد السنارى. وهذه الخصوصية (خاصية تنوع هذه المجموعات فى داخل ثقافتها الواحدة) لا يخاطبها إلا مفهوم السودان الجديد وما يطرحه من التنوع التأريخى، وليس منهج التحليل الثقافى الذى يتعامل معها ككتلة صماء وهو القصور الفاضح الذى يتسم به المنهج.
ولأن تلك المجموعات " الإسلاعروبية" لم تكن تفهم أهمية الدولة وما الغرض منها، فلذلك عندما هجمت مجموعة واحدة منها على سوبا ودمرتها، او بعد ما آلت إليها مقاليد السلطة بعد خروج البريطانيين لم تجد ما تستند إليه وتاسس عليه مشروعية دولتها سوى لغة وثقافة ودين مجموعتها بإفتراض أن الأثنيين (اللغة والدين) سيوفران مشروعية للحكم ومن ثم إلتفاف بقية المجموعات التى تتصف بذات الخصائص حول المجموعة الحاكمة لإصباغ المشروعية عليها.
هنا يجب التنويه بل التركيز على أن هذه المجموعات " الإسلاعروبية" لم تجتمع طوال تاريخها فى أى يوم كمجموعة " إسلاعروبية" لتقرر الإشتراك وبناء دولة لها او مع آخرين من المجموعات الإفريقية التى تشاركها بلاد السودان. هنا مقتل منهج التحليل الثقافى الذى يعمم ويتعمل معها ككتلة صماء متجانسة لاتوجد تناقضات داخلية بينها.
ولأن هذه المجموعات فشلت فى الإجابة على سؤال "المشروعية" او مشروعية الدولة، سنرى عندما نتناول سلطنة سنار كيف أنها سفكت دماء بعضها البعض مما يعجز القلم عن وصفه. وما وقع من قتل وحروب بين المجموعة " الإسلاعروبية" أثناء العهد السنارى وحده كاف لدحض منهج التحليل الثقافى من اساسه.
ولأننا على علم بكل ذلك التاريخ الدموى وبأن المجموعات "الإسلاعروبية" ليست كتلة صماء ولا يصح التعامل معها او النظر اليها على اساس أنها كتلة واحدة، كما انها غير متفقة فيما بينها على الغرض الاساسى من بناء الدولة، دعوّنا فى برنامج السودان الجديد الى بناء دولة " من جديد" تبدأ بتحديد الأهداف العليا لها، اى ماذا نريد نحن كسودانيين من الدولة!هذا السؤال الجوهرى لا يتناوله محمد جلال فى منهج تحليله الثقافى المتهافت.
سنواصل لنكشف له سنار التى يتحدث عنها كدولة وكبوتقة أنصهار، لنوضح له بؤس إفتراضاته التى بنى عليها منهجه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.