عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. فحوى الرسوم: في مطلع شهر يوليو من العام الجاري بدأت المملكة العربية السعودية بفرض رسوم على الوافدين ومرافقيهم بلغت 100ريال شهرياً للمرافق أو التابع الواحد (زوج، زوجة، جميع الأبناء بغض النظر عن أعمارهم، الوالدين والعمالة المنزلية – إن وجدت) وستتضاعف هذه الرسوم سنوياً حتى تصل إلى 400 ريال في الشهر الواحد للمرافق أو التابع الواحد بنهاية العام 2020م بالإضافة إلى فرض رسوم مربوطة بنسبة التوطين على العاملة التي تزيد عن الربط المستهدف والتي ستبدأ برسم قدره 400 ريال لعام 2018م للشخص الواحد وتنتهي بمبلغ 800 ريال للعام 2020م، فضلاً عن رسوم تأشيرة الخروج والعودة التي أصبحت 100 ريال شهرياً (حسب فترة الخروج والعودة)، بجانب فرض رسوم على زيارات الأقارب، وزيادة بعض أسعار المنتجات الاستهلاكية مؤخراً، كما أن هناك ضريبة القيمة المضافة التي ستفرضها المملكة على عدد كبير من المنتجات اعتباراً من يناير 2018م، والهدف من هذه الخطوات هو تنويع مصادر الدخل وتعزيز عملية التوطين. إن هذا كله سيلقي – حتماً – بمزيد من التحديات على دخل المغترب، فمن دخله يتحمل ذلك؟، وما هي الحلول ؟.. ولماذا التخوف؟، قراءات وايماءات حول تخوف المغترب من العودة: قد يتساءل الكثيرون لماذا يتخوف المغترب السوداني من العودة إلى الوطن الغالي؟ ولماذا الهروب من الواقع، هل الغربة أفسدت طبائعنا، فتخيلنا أن بلد المهجر هو بلدنا وللأسف أن مرافقينا أو تابعينا، قد لبسوا أو تلبسوا بلباس أهل بلد المهجر ونسوا أن لهم بلدا اسمه (السودان) مهما طال الغياب عنه لابد من الرجوع إليه وذلك في ظل صعوبة التجنس في معظم بلدان الخليج. إن قرار العودة أصبح بعبع يرجف أمامه الأسد الهصور من المغتربين، هل لأن القرار بالفعل صعب نتيجة للأوضاع الاقتصادية الحالية في السودان (وهي لا تخفى على أحد) أم بعضنا لا يملك بيتا يأويه أو استثمار (نقاطة) تغذي نفقات الأسرة المتضاعفة، أم أنه تخوف غير مبرر باعتبار أن هناك أكثر من 35 مليون نسمة حالياً بالسودان (منهم الأم والأب والأخ والأخت والأعمام والعمات والأخوال والخالات والأصحاب والأغنياء والفقراء من عموم أهلنا في السودان)، والجميع يعيش في السودان وينعم بالحياة حلوها ومرها (شظفها ورفاهيتها) ومنهم أصحاب ملك لعقار أو مستأجرين. أم أن التخوف أصبح مربوط بأن سوق العمل لم يعد كما كان عليه الوضع قبل سنين متأثراً بانخفاض أسعار البترول وغيرها من متغيرات إقليمية ومحلية، حيث انحسرت الأعمال وقلت الأرباح أو تحولت لخسارة في بعض المؤسسات الكبيرة ومتوسطة الحجم والمشاريع الصغيرة وبالتالي أثر سلباً على الرواتب ومواعيد دفعها للبعض والنظر في المخصصات والمكافآت الأخرى التي كانت ضمن الحسبة، ولم تعد هناك أو قلت لدرجة التلاشي، هذا إن لم يكن تم الاستغناء أصلا عن العامل أو هناك إرهاصات بهذا الصدد. أم أن البعض منا يخشى شماتة الأهل والحُسّاد، خاصة بعضنا قد أمضى أكثر من 15 أو 20 عاما ببلد الغربة، وقد يعود بعض المغتربين الآن إلى السودان وهو متأبطٌ خفي حنين ولا يملك شبراً واحداً في هذه الرقعة الجغرافية الواسعة التي تسمى "السودان"، لأن كل ما كان يجمعه من مال، إما ضاع في الإيجارات ومصاريف الدراسة والعلاج ونفقات الأسرة (التي لا تنتهي) أو مساهمات وهدايا للأسرة الممتدة في السودان. أو يؤجل قرار العودة خوفاً من اللسان اللاذع لأم العيال التي تتشبث بالجلوس في بلد الغربة – مخافة الشماتة –، وقد تكون (ولا أعمم) هي السبب في عدم التوفير والتحويش، نتيجة للبوبار والكشخات غير المبررة وضعف شخصية الرجل، والتي يدفع ثمنها (حالياً) جميع أفراد الأسرة. وقد يمزح بعضنا ويقول ربما أصبحنا نعشق الحليب الصناعي (ونسينا لبن "أم بُوَّح" طازج لذة للشاربين) ونستأنس بالنوم تحت المكيفات (وعندنا ضل الضحى والهمبريب ودُعاش الخريف) ونأكل اللحوم المجمدة (وعندنا أفخر اللحوم الطازجة) ونشرب الماء المُحلَّى (ولدينا ماء النيل عذب فرات وحلو كالعسل)وغيرها كثير من النعم. لأم لأننا ننعم بالهدوء هنا ونخشى صوت الرقشات (التكتك) وضجيج الكاسيت في معظم مركباتنا ومطاعمنا ونخشى كتاحة الصيف وهجيره وذباب وناموس الخريف، أم توافد أهل العوض صباح ومساء (بدون سابق انذار)، ورغم أن البعض تزعجه هذه الأمور والعادات، إلا أنه ملاقيه لا محالة، فتحسّب لها واستمتع بها بدلاً من الشرود منها. وخلاصة الأمر أن خوف بعضنا من العودة - أحياناً يكون مبرر وأحياناً غير مبرر، بل قد يصعب اسقاط كل هذا الإيماءات على الجميع. شكر وتقدير: ولإثبات الحق لأهله، فإن السعودية أهلها طيبون وحكومتها كريمة وقد أعطونا وأعطوا غيرنا من الجنسيات الأخرى الكثير ومازالوا يعطوا، وقد عشنا في المملكة كما نعيش في بلدنا، فما علينا إلا أن نشكرهم – حكومة وشعباً - بأحر العبارات فبارك الله لهم في أرزاقهم وحكومتهم وقياداتهم. أما التقصير، فيرجع لنا لأننا لم نخطط لهذا اليوم وعادة جلنا ننفق كل ما نملك على أهلنا في السودان او احتياجاتنا وكشخاتنا في بلد الغربة نساء ورجالا، بخلاف بعض الجنسيات الأخرى التي تخطط وترتب للعودة من أول يوم، فلا تتفاجأ بمثل هذه القرارات وتتحسب لها. خاصة أن هذه السياسات– بما فيها حملة وطن بلا مخالف - للمتابع عن كثب جاءت وفق خطة مدروسة من قبل المملكة تنسجم مع رؤية المملكة 2030م. كن إيجابياً: رغم كل هذه المنعطفات، لا تتردد أخي المغترب في قرار العودة وكن إيجابياً– إن لم يكن لك دخل يسمح بالبقاء ولا بدائل أخرى مضمونة - إن سوداننا بخير والعمل أو الاستثمار فيه مازال بكراً في كل المجالات (الأعمال الحرة، العقار، المطاعم، التعليم، الصحة، الزراعة ..الخ)، أو على الأقل أرسل اسرتك وعش حياة العزوبية ولو لسنوات حتى تنعم أسرتك بالاستقرار في السودان، فعلينا ألا ندخل في حزن وحالة من البؤس وهناك بدائل أخرى تحتاج إلى اجتهاد وتوكل، ولا يدري أحدنا أين يكمن الخير له، مع خالص تحياتي للجميع.