بالصورة.. "الإستكانة مهمة" ماذا قالت الفنانة إيمان الشريف عن خلافها مع مدير أعمالها وإنفصالها عنه    «صقر» يقود رجلين إلى المحكمة    شرطة محلية بحري تنجح في فك طلاسم إختطاف طالب جامعي وتوقف (4) متهمين متورطين في البلاغ خلال 72ساعة    شاهد بالفيديو.. فنانة سودانية مغمورة تهدي مدير أعمالها هاتف "آيفون 16 برو ماكس" وساخرون: (لو اتشاكلت معاهو بتقلعه منو)    بالفيديو.. بعد هروب ومطاردة ليلاً.. شاهد لحظة قبض الشرطة السودانية على أكبر مروج لمخدر "الآيس" بأم درمان بعد كمين ناجح    ناشط سوداني يحكي تفاصيل الحوار الذي دار بينه وبين شيخ الأمين بعد أن وصلت الخلافات بينهما إلى "بلاغات جنائية": (والله لم اجد ما اقوله له بعد كلامه سوى العفو والعافية)    منتخب مصر أول المتأهلين إلى ثمن النهائي بعد الفوز على جنوب أفريقيا    شاهد بالفيديو.. وسط سخرية غير مسبوقة على مواقع التواصل.. رئيس الوزراء كامل إدريس يخطئ في اسم الرئيس "البرهان" خلال كلمة ألقاها في مؤتمر هام    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان شريف الفحيل يفاجئ الجميع ويصل القاهرة ويحيي فيها حفل زواج بعد ساعات من وصوله    النائب الأول لرئيس الإتحاد السوداني اسامه عطا المنان يزور إسناد الدامر    إسبوعان بمدينتي عطبرة وبربر (3)..ليلة بقرية (كنور) ونادي الجلاء    لاعب منتخب السودان يتخوّف من فشل منظومة ويتمسّك بالخيار الوحيد    الدب.. حميدتي لعبة الوداعة والمكر    منشآت المريخ..!    كيف واجه القطاع المصرفي في السودان تحديات الحرب خلال 2025    صلوحة: إذا استشهد معاوية فإن السودان سينجب كل يوم ألف معاوية    إبراهيم شقلاوي يكتب: وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    كامل إدريس في نيويورك ... عندما يتفوق الشكل ع المحتوى    مباحث قسم الصناعات تنهي نشاط شبكة النصب والاحتيال عبر إستخدام تطبيق بنكك المزيف    عقار: لا تفاوض ولا هدنة مع مغتصب والسلام العادل سيتحقق عبر رؤية شعب السودان وحكومته    بولس : توافق سعودي أمريكي للعمل علي إنهاء الحرب في السودان    البرهان وأردوغان يجريان مباحثات مشتركة    وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    عثمان ميرغني يكتب: لماذا أثارت المبادرة السودانية الجدل؟    ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخبير الاقتصادي محمد إبراهيم كبج: الآن نستورد ما يعادل (30) ضعف ما كنا نستورده عند إعلان سياسة الاكتفاء الذاتي
نشر في سودانيل يوم 17 - 08 - 2017

الخبير الاقتصادي محمد إبراهيم كبج يتحدث ل(الصيحة) بالأرقام:
الآن نستورد ما يعادل (30) ضعف ما كنا نستورده عند إعلان سياسة الاكتفاء الذاتي
الوضع الاقتصادي في السودان خطير للغاية .. ولا أحد منتبه
الحكومة تسلمت (70) مليار دولار من عائدات البترول مخصصة للتنمية
استوردنا غذاء ب(10) مليارات دولار منذ انفصال الجنوب
بنك السودان زاد العملة (40%) خلال عام واحد
× سياسة التحرير أطلقت العنان للتضخم ووسعت دائرة الفقر
قال الخبير الاقتصادي محمد إبراهيم كبج، إن حجم عائدات البترول التي وصلت للحكومة منذ بداية الإنتاج والتصدير في العام 1999م وحتى يومنا تبلغ (70) مليار دولار، علاوة على (20) مليار دولار أخرى عبارة عن عائدات الصادرات التقليدية، مبدياً استغرابه من لجوء الحكومة لتنفيذ مشروعات التنمية من طرق وسدود وكبارٍ بقروض ومنح من الصين والصناديق والبنوك العربية وذلك دون انفاق أي دولار من هذه العائدات والحصائل الضخمة التي يقول يقول إنه جرى صرفها ببذخ وعلى بنود هامشية حد تعبيره.
ووصف كبج نسبة الفقر وسوء التغذية في البلاد بأنها خيالية وباعثة على الخجل، وتساءل في حوار مع "الصيحة" عن سبب الفقر المدقع في بلاد تسلمت حكومتها حوالي (90) مليار دولار من عائد صادراته، وقال: (الوضع في غاية الخطورة، ولا يلفت انتباه أحد).فإلى مضابط الحوار.
كيف تقرأ الوضع الاقتصادي في السودان؟
السودان يعاني من مرضين: الأول ارتفاع في الأسعار نتيجة زيادة معدلات التضخم، والثاني ركود الأسواق جراء تدني القوة الشرائية الناتجة من ارتفاع الأسعار، وكل واحد من هذين المرضين يتعارض علاجه مع الآخر.
ما هو العلاج الأنسب؟
هذه معادلة معقدة للغاية لأنها تحتاج ل (وزنة) معينة. الركود علاجه ضخ مزيد من العملة في الاقتصاد السوداني، لكن هذا العلاج حتى إن تم بمستوى عادي سينتج عنه مزيد من التضخم، وهذا أشبه بالمريض الذي يعاني من السكري ويعاني – كذلك- من ال (استون)، وفي مثل هذه الحالة يلجأ الأطباء إلى إدخال المريض في العناية المكثفة وأي تفريط أو إفراط في العلاج يلفظ المريض أنفاسه.
ما الخلل الذي أدى لظهور وتفاقم المرضين؟
السبب سوء إدارة المال العام وسوء ترتيب الأولويات، فسياسة الإنقاذ منذ أن وصلت للحكم في العام 1989م كانت سياسة تضخمية، إذ ضخت مبالغ نقدية هائلة في الاقتصاد بنسبة أكبر مما هو مسموح به، في مجافاة لكل النظريات الاقتصادية والعلمية، وهذا نتج عنه ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم، فالتضخم بصورة مبسطة هو أموال كثيرة مقابل سلع قليلة وإنتاج ضعيف. وهذا ما يعيشه السودان حالياً، لا سيما بعد انفصال الجنوب الذي ذهب ب(75%) من البترول السوداني قبيل الانفصال.
هل سياسة التحرير الاقتصادي كانت مناسبة لبلد كالسودان؟
سياسة التحرير الاقتصادي أعلنتها الإنقاذ في أيامها الأولى، وهي سياسة لا تلائم السودان أسوة ببقية البلاد الفقيرة، ويقول خبراء الاقتصاد إن سياسة التحرير في البلاد الفقيرة تعني إنتاج مزيد من الفقراء.
هناك من يعد سياسة التحرير الاقتصادي وسيلةً لمحاربة الفقر والندرة؟
سياسة التحرير لا تساعد على محاربة الفقر، فالفقر يحارب بالتنمية وزيادة الإنتاج، بينما تطلق سياسة التحرير العنان للتضخم، وهذا ما فعلته حكومة الإنقاذ باتباعها للسياسات التضخمية رغم أنها حين مجيئها أوهمتنا بأن لها مختصين في كل المجالات، وأعلنت العمل وفق ما عُرف بالخطة الاستراتيجية العشرية التي وعدت أن تنتهي بالاكتفاء الذاتي من الغذاء في السودان مع حلول العام 2002م، وزادتنا من الوعد بيتاً بأن أعلنت أنها ستمد العالم بمزيد من الغذاء.
وهل في مقدور السودان تحقيق الاكتفاء الذاتي ومد العالم بالغذاء؟
رغم العداء الذي تبديه الدول الكبرى بقيادة أمريكا للسودان، إِلَّا أنها وبشهادة المؤسسات الاقتصادية والزراعية الكبرى ترى أن السودان يمتلك قدرات اقتصادية وموارد بشرية وأرضاً ومياهاً تمكنه من أن يكون مع استراليا وكندا سلة غذاء العالم. وبالرغم مما فعلته الإنقاذ لا يزال العالم يرى أن السودان قادر على مده بالغذاء ذلك إن أُحسنت عملية إدارة الموارد الطبيعية فيه.
برأيك ما هي نوعية الفقر الموجود حالياً في السودان؟
الفقر الحالي في السودان من النوع المدقع، فالفقراء لا تكفي مداخيلهم لتوفير وجبة واحدة في اليوم، أي أنهم لا يحصلون على غذاء كافٍ لأسرهم.
إذاً كيف تقرأ الشعارات التنموية التي رفعتها الإنقاذ والطفرة التي أحدثتها في الإنتاج؟
عندما أعلنت هذه الشعارات التنموية في العام 1990م كنا نستورد غذاء ب(72) مليون دولار، وبمقتضى الشعارات أعلنت الإنقاذ أنها ستوقف استيراد الغذاء في العام 2002م مع نهاية خطتها العشرية مع تصدير الفائض للبلاد العربية، لكن هذا الوعد استمر ل (26) عاماً بينما فجوة الغذاء في زيادة متسارعة، حيث نستورد غذاء سنوياً ب(2.2) مليار دولار أي ما يعادل (30) ضعف ما كنا نستورده عندما أعلنت سياسة الاكتفاء الذاتي، إذاً وبدلاً من أن نصدر القمح بلغ حجم استيرادنا من القمح والدقيق (2.2) مليون طن. وصحيح أن الشعارات نجحت عندما كان د. أحمد علي قنيف وزيراً للزراعة تم إنتاج (850) ألف طن من الغذاء، كانت محض فقاعة سرعان ما انتهت.
ما كان سيحدث إن استطعنا تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء؟
إن نجح السودان في تحقيق الإكتفاء الذاتي لوفر مبالغ طائلة تعوض عائدات البترول التي فقدها بانفصال الجنوب، فمنذ انفصال جنوب السودان وحتى الآن استوردنا غذاء ب(10) مليارات دولار.
كم يبلغ حجم الفجوة المالية التي خلفها انفصال الجنوب بآباره النفطية؟
الفجوة الإيرادية التي أحدثها انفصال جنوب السودان حسب التقرير الحكومي (4.4) مليار دولار بحسبان أننا فقدنا نصف إنتاج البترول.
كيف تقارن التضخم عند مجيء الإنقاذ وحالياً؟
هنا تكفي شهادة علي عثمان طه زعيم المعارضة في البرلمان وقتذاك. فقبل ساعات من انقلاب الإنقاذ وفي السادسة مساء قال إن التضخم سيصل هذا العام ل(35%) وبعدها استلموا السلطة ليصل حجم التضخم في عام 1996م إلى (166%) بسبب السياسات التضخمية التي اتبعتها الإنقاذ (هذا رقم خيالي لم تشهده إِلَّا ألمانيا خلال الحرب) وهو أن تأخذ أموالك في (قفة) لتعود بغذاء تحمله بطرف أصابعك في كيس، ما يعني أن السياسات التضخمية هي الضرر الأكبر الذي أصاب الاقتصاد السوداني وتبع ذلك ركود في الأسواق لقلة القدرة الشرائية للجنيه ولم تطرأ أي زيادة في معدلات الدخل بالنسبة لمحدودي الدخل من العمال وموظفي الحكومة والقطاع الخاص.
ما سر الاستقرار الذي لازم فترة د. عبد الوهاب عثمان في وزارة المالية؟
لا بدّ من إنصاف فترة د. عبد الوهاب عثمان -عليه الرحمة- حيث تبنى سياسات مغايرة لما اتبعه سلفه من سياسات تضخمية، إذ اتبع سياسة انكماشية أي عدم ضخ أوراق نقدية أكبر من حجم الاقتصاد، وهي طريقة شحيحة تقلل من حجم العملة في الاقتصاد، وتبعاً لذلك يقل التضخم. واستمر عبد الوهاب بهذه السياسة الانكماشية حتى مغادرته في العام 2002م بعد أن وجد ممانعة لسياساته التي أصر على اتباعها، لا سيما في معارضته لسياسة الإعفاءات الجمركية التي تمنحها الإنقاذ للأغنياء الجدد من الموالين لها في إطار سياسة التمكين التي اتبعتها.
ما الخلل الذي حدث بعد مغادرة عبد الوهاب؟
من جاءوا بعد عبد الوهاب عادوا للعمل بسياسة التحرير الاقتصادي ورفضوا سياسته الانكماشية رغم نجاحها في إحداث توازن نسبي، حيث ضخوا كميات كبيرة من العملة بما يجافي الأسس العلمية وهذا ما أفرز الوضع الحالي: أسعار متصاعدة وعملة متدنية.
كيف يمكن أن نوازن بين استخدام الحكومة للبترول السوداني وحديثها عن رفع الدعم؟
للأسف نحن نستخدم البترول السوداني وسعر الجالون يساوي (24) جنيهاً، أي مايعادل (2400) جنيه للجالون (بالقديم) مع أنه وساعة مجيء الإنقاذ كان سعر الجالون (11) جنيهاً، وعليه لاحظ الفرق الذي يكشف بوضوح عن تدهور قيمة العملة السودانية نتيجة التضخم، هذه مأساة، فالحكومة قامت بسحب ثلاثة أصفار من قيمة العملة بمعنى أن الألف من الجنيهات باتت توازي جنيهاً واحداً، وبمعنى ثانٍ أن سعر الثلاث أرغفة بجنيه حالياً يساوي ألف جنيه بالقديم، بينما كان سعر قطعة الخبز عند مجيء الإنقاذ (50) قرشاً بالجنيه القديم.
كيف تنظر للجنة التي كونها النائب الأول لدراسة أسباب ارتفاع الأسعار؟
استغربت من تكوين مثل هذه اللجنة، لتبحث ماذا؟ فالأسعار ارتفعت بسبب سياسات الحكومة التضخمية وضخها لأموال تزيد عن حجم الاقتصاد(مال كثير في مقابل إنتاج وسلع قليلة).
على ضوء ذلك كيف تنظر للوضع الاقتصادي؟
صورة كالحة تعكس وضعاً شاذاً ترتفع فيه الأسعار بموازاة التضخم الناتج من زيادة ضخ أموال في الاقتصاد بطريقة غير علمية.
هل يصح القول إننا تجاوزنا صدمة انفصال الجنوب؟
هنا تكفي الإشارة إلى أن بنك السودان بعد الانفصال وخلال عام واحد قام بزيادة العملة في الاقتصاد بنسبة (40%) وهذا سبّب زيادة الأسعار بالصورة التي نشهدها حالياً وذلك من جراء قلة الإنتاج وزيادة العملة. وما نسمعه من وعيد ما هو إِلَّا دليل على فشل الإنقاذ في تحقيق أي نجاح في امتصاص صدمة الانفصال، يظهر ذلك في عدم تحسن مستوى معيشة المواطن التي تتدهور بصورة متسارعة يومياً، وهنا تجدر الإشارة لاعتراف وزير الصحة بحر إدريس أبوقردة وقوله بوجود (5.8) مليون مواطن في الريف السوداني يعانون من نقص الغذاء، كما أن تقرير رسمي صادر عن وزارة الزراعة ويخص الأمن الغذائي السنوي أظهر أن نسبة سوء التغذية في الجزيرة مركز ثقل الإنتاج في السودان أصبح يساوي (65%)، وفي القضارف (75%). وأن يعاني مواطنو سلة غذاء السودان من سوء التغذية؛ فهذا أمر مخجل للغاية، ولم يكن موجوداً في السابق.
كيف تقرأ العقود التي أبرمتها الحكومة مع الشركات المنتجة للبترول؟
هناك حقيقة يجب أن يعلمها الجميع بأن الشركات المنتجة للبترول في السودان (صينية وماليزية وغيرها) تعطي الحكومة السودانية نسبة (20%) من البترول المنتج مجاناً دون أن تدفع مليماً واحداً لهذه الشركات.
وهل استعادت شركات النفط أموالها التي استثمرتها سابقاً؟
هذه الشركات استعادت كل أموالها التي استثمرتها في استخراج البترول بأرباحها، وما تجنيه حالياً هو مزيد من الأرباح.
كم تبلغ نسبة البترول الذي تسلمته الحكومة مجاناً؟
الكمية التي نص عليها العقد مع هذه الشركات تساوي في السنة الأولى (20%) من جملة الإنتاج، ما يعني أن الحكومة تسلمت من أول مليون برميل منتجة (200) ألف برميل مجاناً. كذلك ينص الاتفاق مع هذه الشركات على أن نسبة ال(20%) تزيد من عام لآخر حد أن وصلت حالياً لأكثر من (60%) من نسبة البترول المنتج في شمال السودان.
فعلياً هل تسلمت الحكومة كل هذه الكميات المجانية؟
نعم الحكومة تسلمت كل هذه الكميات وقامت بتصديرها كخام بعائدات تساوي (40) مليار دولار. ومن ثم أخذت من ذلك البترول ودفعت به في مصفاة الجيلي وباعته للاستهلاك المحلي بما يزيد عن (30) مليار دولار. وبالحساب فإن حكومة السودان تسلمت من عائدات البترول ما يزيد عن ال(70) مليار دولار منذ بداية الإنتاج في عام 1990م.
كم حجم ما أنفق من هذا المبلغ في التنمية؟
للأسف كل مشروعات التنمية خاصة الطرق التي يتم التباهي بها نفذت بقروض صينية، والأغرب أن المنفذ شركات صينية تعود بالأموال التي اقترضناها من الصين إلى الصين مجددًا لتصبح ديناً على الأجيال القادمة.
كيف تنظر لرفض العالم التعامل مع السودان في مسألة إعفاء الديون؟
نحن نشكو لطوب الأرض من هذا الرفض، في حين أن حكومة الإنقاذ قامت بتوقيع قروض بما يزيد عن (6) مليارات دولار أدخلتها في الاقتصاد، فانظر للمفارقة هنا، حكومة تسلمت أكثر من (70) مليار دولار عبارة عن نصيبها في البترول المنتج مضاف الى ذلك (10) مليارات دولار من صادراتنا التقليدية أي ما جملته (90) مليار دولار تسلمتها حكومة السودان خلال فترة ال(26) عاماً من عمر الإنقاذ، ولكن مع ذلك الحكومة اقترضت ما يزيد عن (6) مليارات دولار.
من أين حصلت على نسبة ال (70) مليار دولار؟
هذا ما قلته لوزير المالية السابق علي محمود في مؤتمر انعقد أخيراً: (أنتم لا تريدون الإفصاح عن كم حصيلتنا من البترول، ولكنني حسبتها بطريقتي بصورة دقيقة ووجدت أنكم تسلمتم 70 مليار دولار لم تذهب للتنمية التي تتم بقروض أجنبية) وتحديت الموجودين وبينهم امبراطور بنك السودان صابر محمد الحسن ووزير المالية ود. حسن أحمد طه وغيرهم، ودعوتهم لفتح بلاغ ضدي بإشانة السمعة إن كنت كذبت، بيد أنهم لم ينفوا ما أوردته من أرقام حتى لحظة لقائنا هذا.
ماذا عن قضية الديون الداخلية؟
الديون الداخلية فاقت الحد المسموح للحكومة أن تأخذه من المصارف.
كيف نتصور أن السودان استلم هذا المبلغ الضخم ويعاني من أزمة اقتصادية؟
هذا أمر محير للغاية، كل هذه الأموال والسودان ما يزال يعاني من أزمة اقتصادية. إن أدخلت هذه الأموال في الزراعة لتمنت ماليزيا أن تكون مثل السودان، كذلك لم توجه للتعليم ولا الصحة لكن هذه الأموال أهدرت في مشاريع هشة وسهل نهبها، ما أوصلنا لهذا الوضع المعقد في دليل على فشل كل السياسات التي اتبعتها حكومة الإنقاذ، والتي يبدو أنها غير راضية عن صبر الناس على سياساتها المفقرة.
إذن ما المخرج من هذا الوضع القاتم الذي رسمته؟
لا أرى أي مخرج في ظل وجود هذه الحكومة التي صبر الناس عليها طيلة 26 سنة رغماً عن المبالغ الطائلة التي بددتها.
كيف ترد على مقولة المسؤولين إن الذهب سيكون هو المخرج؟
الحكومة تحاول أن توهم الناس أن المخرج في الذهب لكن قبل ذلك عليها أن تجيب على سؤال أين ذهبت أموال البترول وكل المشروعات التنموية التي نفذت بقروض، فتعلية خزان الرصيرص تمت بقرض بلغ (500) مليون دولار، وسد مروي بقرض (6) مليارات دولار، حالياً خزان أعالي عطبرة وستيت بقرض، وكذا الكباري والطرق والمطار الدولي في مروي والذي يتم استخدامه موسمياً إبان الحج.
أين يكمن فشل وزير المالية الحالي رغم السياسات التي اتبعها؟
بدر الدين جاء للمالية في وضع معقد للغاية، ويكمن العيب في سياسات سابقيه، التي أوصدت الباب أمام أي إصلاحات.
كيف ترد على حديث وزير المالية بأن الشعب السوداني غير منتج؟
القضية الأفظع أن وزير المالية كبّل البنوك عن دعم القطاع الخاص، وكما يسأل بعضهم أين يذهب الدعم الذي تضخه البنوك، فهو لا يذهب لتمويل الزراعة كرافد رئيس للاقتصاد، ولكنها –أي الزراعة- لا تجد الدعم، واستغرب للعناد في مواصلة هذه السياسات التى أثبتت فشلها وأفقرت الشعب.
كم تبلغ نسبة معدلات الفقر في السودان؟
آخر إحصاء أجرته الحكومة لمعدلات الفقر في العام 2009م أظهر أن (46.5%) من السودانيين يعيشون تحت خط الفقر وهذه نسبة مذهلة في بلد إيراداته بلغت (90) مليار دولار، على الرغم من أن الحكومة تحاول أن تتجمل بقولها إن نسب الفقر متفاوتة في السودان حيث تبلغ في الخرطوم (26%) وهي أدنى ولاية في الفقر، وفي الشمالية (33%) وفي نهر النيل (36%)، لكنها تصل إلى أعلى مستوى لمن هم تحت حد الفقر في ولاية شمال دارفور ل(69.5%) أي بين كل (10) مواطنين تجد (7) منهم تحت حد الفقر.
السيد الرئيس قال في مقابلة مع قناة سكاي نيوز إن دخل الفرد في حدود (2500) دولار شهرياً وعندما جاءوا كان (900) دولار؟
هذه معادلة مختلة وغير صحيحة إذ تقوم على قسمة الدخل على عدد السكان وهو ما يغفل وجود أغنياء جدد في مقابل مواطنين بنسب عالية أظهرتهم مسوحات حكومية على أنهم تحت خط الفقر، وأن محدودي الدخل يحصلون على غذاء ناقص لهم ولأسرهم بسبب غلاء الأسعار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.