4 أكتوبر 1957م إسبوتنيك 1 يدور حول الأرض كأول قمر صناعي روسي تجئ الذكري الستون لاطلاق أول قمر صناعي للفضاء الخارجي كحدث جد مهم في التاريخ الإنساني مما دعي الجمعية العامة للأمم المتحدة لإتخاذ ذلك التاريخ كاحتفال باسبوع لعلوم و تكنولوجيا الفضاء- في هذا العام يتم التركيز علي الأستروبايولوجي (أحياء الفضاء- مجال قد لا ندري كنهه !! ومن هنا تأتي أهمية الاحتفال مع العالم الذي أضحي بفضل علوم الفضاء بلدة صغيرة و يتجه الناس ليكونوا إخوةٌ ) مع أنشطة الفضاء و تعزيز التعاون الدولي و رفع الوعي. بدأ السباق نحو الفضاء الواسع بين الاتحاد السوفيتي السابق و ولايات أميركا المتحدات كمشروع لتعزيز الشعور القومي و حشد الناس نحو هدف كبير وإستغلال قدرات الأمة في التعليم و العلوم مع التكنولوجيا، حيث أطلقت الأولي أول قمر صناعي في 4 أكتوبر من عام 1957م و كان قطره 60 سم ! وسرعان ما دار يوري قاقارين حول الأرض كأول رائد فضاء علي متن السفينة فوستوك 1 في 12 إبريل من عام 1961م. ليزداد الخوف الأميركي و بما يحرك حكومتها لفعل شئ يُضاهي تلك الأعمال و هنا يجئ مشروع أبولو لإنزال أول رجل علي القمر! و قد تمكنت من ذلك في عام 1969 في 21يوليو، حيث خطي أولدين ألدرين علي سطحه و قال كلمة أضحت آبدة ، شرد بها الناس " هذه خطوة صغيرة لرجل و لكنها قفزةً كبيرة للإنسانية " فيا لحكمته ! لقد قام بتهدئة السباق قليلاً ، إذ نسب ذلك الانجاز إلي كل الناس ! و لكن للمشاريع الكبيرة أحياناً نتائج كارثية ! إن لم تُحسن السياسات التي توجهها ! فقد إنتهت الدولة الروسية الكبيرة جراء تلك المشاريع خلال عهد الرئيس ريقان ،إذ أوهم روسيا بحرب للنجوم قادمة، فزادت من صرفها علي الفضاء بما عرضها للجوع و النهاية الحزينة لبلد كبير ! كانت أميركا تسخر كثيراً من التكنولوجيا الروسية و لكنها لم تستنكف من إستغلالها ، فقد ذهب كثير من رواد الفضاء الأمريكان إلي الفضاء علي السفينة الروسية مير و عند نهاية حياتها بعد حوالي خمسة عشر عاماً إعترفت أميركا بأن مير كانت قطعةً من التقنية العالية ! و لكن كثير من الضرر قد حدث لروسيا ! ومع ذلك ما زالت روسيا متطورة جداً في علوم و تكنولوجيا الفضاء ، إذ تستعين الولاياتالمتحدة بالمركبات الروسية و صواريخها لارسال روادها مع الامدادات الغذائية لمحطة الفضاء الدولية. وقد سمعت أحد الأمريكان و هو يحذر من خطورة الإجراءات التي إتخذتها الحكومة الأمريكية بفرض عقوبات علي روسيا قائلاً " يجب ألا ننسي باننا نعتمد علي روسيا في تشغيل محطة الفضاء الدولية و نرسل روادنا و لوازمهم علي متن السفن الروسية" وتواصلت مسيرة غزو الفضاء مع الأفكار الكبيرة للإستفادة من الفضاء كمنصة عالية للإتصالات و للبث الإذاعي و التلفزيوني و غير ذلك.و تنوعت الأقمار الصناعية : من أقمار ثابتة علي مدارات بعيدة (36000كم) مما يمكن لثلاثة منها أن تغطي الأرض كلها.و أقمار علي مسارات قطبية من الشمال للجنوب بعضها متزامن مع دوران الأرض حول نفسها و حول الشمس لتخدم في مراقبة الأرض و منها ما يجري علي مدارات إستوائية أو شبه ذلك. بدأت الولاياتالمتحدة في الاستفادة من تكنولوجيا الفضاء في مراقبة الأرض ، في عام 1973باطلاق سلسلة أقمار لاندسات ليبلغ عددها 8 وعمر إفتراضي حوالي العامين و لكن كثير منها تخطي ذلك العمر لتصل إلي حوالي العشرين عاماً ! ولكن بعضها لم يبلغ العام فقد تحدث مشاكل مثل إنفجار الصاروخ الذي يحملها أو توقف الخلايا الشمسية التي تمدها بالطاقة من الانطلاق أو لأي سبب آخر. لذلك من السياسات المتبعة أن يتم تجهيز قمرين في ذات الوقت ! حتي لا يصبح كطلقة تُصيب أو تُخطئ ! ليكون الثاني جاهزاً للانطلاق ! من الاستخدامات التي قربت المسافات و سهلت التواصل بين الناس أقمار الملاحة الجوية و الارصاد الجوي و أقمار الاتصالات الفضائية و تحديد المواقع الأرضية و رصد المحيطات و البيئة و الاستشعار عن بعد. تستخدم لأغراض الاتصالات الفضائية عدد من الأقمار الصناعية ففي منظومة الثريا بلغت نحو 18 قمراً و كذلك في تحديد المواقع الأرضية تزداد أعداد الأقمار الصناعية لتبلغ نحو 22 قمراً في نظام الجي بي إسGPS ومن سخرية الأقدار فقد بدأت روسيا هذه التكنولوجيا و شاركتها أميركا و مع عقليتها التجارية طورتها إلي المنظومة المعروفة والتي تتحكم فيها و في دقتها . ولكن أدركت كثير من الدول هذه المشكلة فلجأت إلي إنشاء منظومتها لتحديد المواقع مثل النظام الروسي قلوناس و النظام الأوروبي جاليلو .. إن نظام الحكم الديمقراطي و التجارة الحرة ضروري جداً لتطوير التكنولوجيا ! أي تكنولوجيا ! فقد حرر الرئيس ريقان تكنولوجيا الفضاء ، مما سمح لعدد من الشركات الجديدة بالعمل و تطويرها. فنجد عدداً من الشركات في مجال الاستشعار عن بعد ، مما مكن من مراقبة الأرض بأقمار ذات دقة عالية بلغت متراً و بعضها بضع سنتميترات ! بالرغم من أنها مدنية الطابع و لكنها أضحت عسكرية. إن ريادة الأعمال لا تثمر إلا في ظلال الحرية و يتجسد ذلك في القناة التلفزيونية الأولي وهي السي إن إنCNN فقد قام السيد/ تيرنير بإستئجار أقمار روسية و أميريكية لاطلاق هذه الخدمة في العالم.و شبيه بذلك ما فعله مواطننا السيد/ نوح سمارة حيث تمكن من إنشاء شركة للبث الاذاعي ، أسماها عالم الفضاء! و لكنها للأسف لم تعش طويلاً .لقد جاء سمارة للبلاد عدداً من المرات و لكن صحافتنا و بقية إعلامنا لم يوليه إهتماماً ، فقد شاهدتُ صورة له مع صلاح إدريس و كمال حسن بخيت علي الصفحة الأخيرة من صحيفة الرأي العام قبل سنوات ! صلاح إدريس من المساهمين في تلك الشركة ! قد يكون مفيداً الاشارة إلي عجلة تطور التكنولوجيا الآن : فقد أمكن عبر الانترنيت الوصول لقنوات البث الاذاعي و الفضائي و ربما يكون من السهل جداً إنشاء محطات منزلية أو جوالة ! قد يكون هذا هو السبب في إفلاس شركة عالم الفضاء ! أو ربما لسبب آخر ! موضوع للتحقيق الصحفي و دونكم السيد صلاح إدريس ! فهو قد ساهم بعشرين مليوناً من الدولارات الأمريكية ! في تلك الشركة !! لم تكن الولاياتالمتحدة مقتنعة بدخول بعض الدول الفقيرة مثل الهند و الصين لنادي الفضاء المكلف ! فهي تعتقد بأن أولويات تلك الدول تتمثل في الفقر و الغذاء ! و لكن لم يكن أحداً يدري بأن تكنولوجيا الفضاء يمكن أن تساعد في نشر التعليم و في توفير الغذاء و محاربة الآفات و بعض الأمراض مثل الملاريا ! و أكثر من ذلك تنتج و تولد علوماً و تقانات جديدة و تُعزز الشعور القومي و تحرك الهمم الفاترة! ومن سخرية الأقدار فقد إعترفت أميركا بريادة الهند في مجال الاستشعار عن بعد تصبح أقمارها بديلاً لسلسلة لاندسات ، بل أفضل منها – بشاهدة الأمريكان أنفسهم ! و بتكنولوجيا تم تطويرها في الهند و في فرنسا في ذات الوقت تقريباً أوائل الثمانينيات من القرن الماضي ! وقد تخطت فرنسا أميركا بسلسلة إسبوت SPOT وهي تعني المراقب أو الراصد الأمين للأرض ! حيث بلغت دقت بعض صوره 10*10 أمتار و في الأخيره أجزاء من المتر ، مما أهلها لتستخدم عسكرياً و لعل بعض الناس سمع عن مقايضة كارلوس بصور من ذلك القمر الفرنسي أُستخدمت لاستعادة جبل بوما ! تتطور تكنولوجيا الأقمار الصناعية لمراقبة الأرض ، كما تطورت المفاهيم و الأفكار اللازمة لتشغيلها – حيث أمكن لمركز الفضاء التابع لجامعة سيري Surrey Univ. أن يحدث نقلةً هائلة في مجال الأقمار الصناعية الصغيرة و تصنيع عدداً منها لدول و جهات كثيرة منها: باكستان، تايلاند ، نيجيريا، الجزائر و الجيش الأميركي ..بلغ وزن القمر الصناعي حوالي 57 كجم مقارنة مع لاندسات الذي يبلغ وزنه حوالي 3000كجم ! و أدخل مفهوماً جديداً لإدارة تلك الأقمار كمنظومة واحدة بالرغم من إختلاف مُلاكها ، أطلق عليها إسم "نادي سيري" إذ يمكن للدولة المشاركة أن تحصل علي صور قمر تايلاند عند مروره فوقها و كذلك للدولة الأخري !وقد تمكن ذلك المركز من الاستفادة من المساحات الشاغرة في صواريخ بعض الدول مثل روسيا لوضع أقماره الصغيرة و هو ينوي أن يصل بها لحوالي 3 كجم أو أصغر من ذلك !! قابلتُ مدير ذلك المركز و طلبت منه إعداد دراسة للسودان و قد أرسلها خلال شهرين تقريباً و قد حوت صورة للخرطوم من قمر تايلاند ! (يوجد ملف للدراسة بهيئة الاستشعار) الآن قد لا تكون ثمة حاجة لقمر صناعي إذا ما تحسنت علاقات الحكومة مع العالم إذ يمكن شراء صوراً من منظومة الأقمار الصناعية العالمية ، فقد جاءت مرحلة الأقمار الافتراضية و المحطات الافتراضية في واقعنا الافتراضي !! قد يحسن مراجعة سياساتنا في هذا المجال إن وُجدت ! أما في أوقات الكوارث الطبيعية فهنالك إتفاق لإمداد أي دولة تتعرض للكوارث بصور الأقمار الصناعية التي تساعدها في إدارة الكارثة و في تقدير الخسائر و في الوصول إلي مناطقها .يقوم مكتب الأممالمتحدة بهذا العمل مجاناً.كما تقوم الأممالمتحدة بأعمال كثيرة لبناء قدرات الدول و مساعدتها في وضع السياسات و الاستفادة من علوم و تكنولوجيا الفضاء.و قد تم وضع الكثير من القوانين التي تُلزم الدول بتسجيل أقمارها و مركباتها الفضائية و تعويض غيرها في حالة سقوطها علي بلد آخر، كما تلزمها بامداد الدول التي تصورها بالصور بسعر معقول و تدريب مواطنيها . و لتكن هذه الذكري للعبرة و مراجعة أعمالنا في مجال تكنولوجيا و علوم الفضاء: 1- هنالك حاجة لبناء المركز القومي للاستشعار عن بعد علي موقع ثابت و كبير قابل للتوسع ليشمل مرافق أخري مثل سكن الباحثين و المهندسين و المتدربين و مكتبة و ربما محطة صغيرة لأغراض التدريب.وقاعات للمحاضرات.يمكن إستغلال قطعة الأرض ببيعها للبناء علي موقع آخر أكبر و أنسب_ للمقارنة : تبلغ مساحة المركز السوري حوالي 350000متر مربع ! وهو يحوي فندقاً و بيتاً للضيافة و عمائر سكنية للباحثين وحديقة مثمرة مع مطعم و حوض سباحة ! وهو يتبع لوزارة الدفاع و مديره وزير دولة بالوزارة . بينما قطعة الأرض الحالية لمركز الاستشعارتبلغ حوالي 4000 متر و هنالك وعد من سلطات الأراضي بضم المساحة التي تشغلها منظمة كير الأمريكية إلي المركز القومي للاستشعار عن بعد ! كان ذلك حوالي عام 1990 أو 1991م و ما زالت المنظمة تعمل ! تمر هذه الذكري و لما نزل وقوفاً علي أطلال دمنة و البكاء- نصف الزمن من الستين عاماً و نحن ننتظر بناءً صغيراً علي قطعة من أراضي السودان الواسعة التي يتخطفها الناس ! فيا لمصيبة أهل السودان ! مع الفارق بين مساحتي الدولتين ، سوريا و السودان ! تُري ما هي أحوال ذلك المركز و العاملين فيه مع الحرب اللعينة ؟ الأمل في سلامتهم و سلامة مركزهم الجميل. 2- النظر في تبعية مركز الاستشعار للمركز القومي للبحوث ليصبح جسماً مستقلاً يتبع لرئاسة الوزراء مثل المساحة أو المواصفات.فهو ذي أهمية كبيرة للأمن القومي و لو أنه كان فعالاً لقام بدور كبير في مشكلة دارفور و قد يذكر البعض حديث الصادق المهدي عندما أشار إلي أن الأمريكان قدموا صوراً زعموا أنها لقري في دارفور ! و يذكر الجميع كيف تم التلاعب بصور العراق و حديث الجنرال كولن باول مدعوماً بالصور. مع العلم بأنه قد يصعب جداً التحقق بأن تلك الحرائق كانت لقري أو لغابات أو لأرض معشبة أو حتي لقري في السودان أو في النيجر أو مالي ! قراءة صور الأقمار الصناعية قد تحتاج إلي إلمام بالأوضاع الاجتماعية و الاقتصادية لأي بلد فقد يصعب جداً لأفضل خبير أميركي قراءة صورة لقرية في بعض مناطق السودان ! لا بد من التحقق علي الأرض أو من المعلومات المثبتة علي الصورة ، مثل الاحداثيات ! 3- تخصيص وظائف جديدة في أول الخدمة ومن الخبرات ليتواصل العمل – مع وضع هيكل ليتسق مع الأهداف الموضوعة 4- السعي للاستفادة من الفرص المتوفرة للتدريب و بناء القدرات. بنك التنمية الاسلامي بجدة يمكنه أن يساعد في ذلك و ربما بمنح غير مستردة.علينا أن نثبت فائدة هذا المركز للدول الاسلامية في مكافحة الارهاب و في الحد من إنتشار زراعة المخدرات و في التهريب و في تجارة البشر و تجار السلاح. 5- سيساعد هذا المركز في الأمن الغذائي و في تحديد أوقات الزراعة و في تقديرات الأمطار و في الاحصاء الزراعي.و ربما في تقديرات الزكاة و ضرائب المحاصيل .لذلك الأمل في الاهتمام بهذا المركز.وسانحة للتذكير بأن شركة شيفرون جاءت للسودان علي ضوء صور القمر الأميركي لاندسات- إذ قام جيولوجي في قسم الأبحاث بشفيرون بتجميع عدداً من صور لاندسات ليجمعها فيما يعرف يالموزايكو و من ثم يكتشف حوضاً رسوبياً هائلاً ،تمكنت الشركة لاحقاً من الحفر فيه و إثبات وجود النفط. و من سخرية الأقدار يمكن الآن لأي جيولوجي مبتدئ معرفة ذلك الحوض من النظر لخريطة السودان و من شكل الوديان التي تصب فيه من الجنوب و من الشمال .قام ذلك العالم بوضع كتاب في الاستشعار عن بعد و قد أورد فيه ذلك المثال كتطبيق ناجح ! و من هنا تجئ هذه الدعوة للاهتمام بالبحث العلمي و بدعم مراكزه و توجيه كافة الشركات لانشاء أقسام للابحاث تبدأ صغيرة لتنمو- حتي في القطاع الخاص علي أن تدعم الدولة ذلك العمل بإعادة ما يُصرف علي البحث العلمي لتلك الشركات.مثلما هو الحال في التبرعات و أموال المسئولية الاجتماعية !و لتكن من سياسات الدولة لتطوير العلوم و التكنولوجيا. وعلي الاعلام القيام بدوره لنشر الوعي بأهمية تكنولوجيا و علوم الفضاء . وعلي الحكومة الاهتمام بهذا المجال الهام !! عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.