عبد الواحد، سافر إلى نيروبي عشان يصرف شيك من مليشيا حميدتي    المريخ يستانف تدريباته بعد راحة سلبية وتألق لافت للجدد    هنري يكشف عن توقعاته لسباق البريميرليج    تعادل سلبي بين الترجي والأهلي في ذهاب أبطال أفريقيا في تونس    باير ليفركوزن يكتب التاريخ ويصبح أول فريق يتوج بالدوري الألماني دون هزيمة    كباشي يكشف تفاصيل بشأن ورقة الحكومة للتفاوض    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    مقتل مواطن بالجيلي أمام أسرته علي ايدي مليشيا الدعم السريع    تمبور يثمن دور جهاز المخابرات ويرحب بعودة صلاحياته    تقرير مسرب ل "تقدم" يوجه بتطوير العلاقات مع البرهان وكباشي    حملة لحذف منشورات "تمجيد المال" في الصين    بعد الدولار والذهب والدواجن.. ضربة ل 8 من كبار الحيتان الجدد بمصر    محمد وداعة يكتب: معركة الفاشر ..قاصمة ظهر المليشيا    مصر لم تتراجع عن الدعوى ضد إسرائيل في العدل الدولية    أمجد فريد الطيب يكتب: سيناريوهات إنهاء الحرب في السودان    زلزال في إثيوبيا.. انهيار سد النهضة سيكون بمثابة طوفان علي السودان    يس علي يس يكتب: الاستقالات.. خدمة ونس..!!    عصار الكمر تبدع في تكريم عصام الدحيش    (ابناء باب سويقة في أختبار أهلي القرن)    عبد الفضيل الماظ (1924) ومحمد أحمد الريح في يوليو 1971: دايراك يوم لقا بدميك اتوشح    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالألوان الطبيعية بين كمال الجزولي والشيخ القرضاوي ... بقلم: خالد موسي دفع الله
نشر في سودانيل يوم 26 - 01 - 2010


الثلاثاء:
حسنا فعلت وزارة الخارجية ، بالأحتجاج لدي الحكومة الكينية ، علي الفيلم الذي جري تصويره في أحد معسكرات النازحين الكينية، بأعتباره معسكرا للنازحين في دارفور.فقد حملت الأنباء أن وزارة الخارجية أستدعت السفير الكيني بالخرطوم ، طالبة من حكومته التدخل لمنع عرض فيلم (الأنتقام) الذي تم تصويره بواسطة شركة هولندية في معسكر البنزر للنازحين بمدينة كيكوبي التابعة لمحافظة الأخدود الكيني العظيم في الفترة من 20-24 أكتوبر 2009 . وكانت المخرجة الهولندية بيير قد أختارت معسكر كيكوبي للنازحين بكينيا،الذي يضم ضحايا عنف الأنتخابات الكينية عام 2007 لطبيعته الصحراوية، ومشابهته للبيئة الجغرافية لدارفور. وقد وصفت وزارة الخارجية السودانية الفيلم بالعنصرية ، كما أنه يؤثر سلبا علي التسامح العرقي في دارفور. وقد أستغلت الشركة الهولندية المنتجة للفيلم حالة الفقر التي يعاني منها النازحون في معسكر كيكوبي الكيني، فأغرتهم بالمال ، وببعض المساعدات الأنسانية البسيطة للمشاركة في تمثيل الفيلم الزائف بأعتبارهم نازحيين سودانيين في أحد المعسكرات بدارفور. وقالت أحدي النازحات المشاركات في تمثيلية الفيلم وتدعي أيثر ناينبورا والتي تبلغ من العمر 15 عاما، بأنها لم تستطع مقاومة أغراء المال الذي قدمه فريق الفيلم عندما قدموا للمعسكر في أكتوبر الماضي، وأشارت الي أنها تلقت مقابل عملها في الفيلم وجبات غذائية لمدة خمسة أيام، ومبالغ مالية تكفيها لشراء شنطة مدرسية، وأقلام، وحذاء جديد، وهدايا لأخوتها وأغراض شخصية أخري. وقالت بأن القصة بدأت عندما حضر فريق الفيلم الهولندي علي متن بص، وهم يحملون تصديقا من معتمد نيفاشا للعمل في المعسكر..وبعد أن نصب فريق العمل خيامه علي طرف المعسكر، قاموا بتوقيع عقد مع النازحين، ينص علي مشاركتهم في التمثيل مقابل أجر يومي، كما نص العقد أيضا علي أن النازحين يفهمون طبيعة العمل ويوافقون علي المشاركة فيه بحر أرادتهم الطوعية، وذلك منعا لأي مساءلة قانونية في المستقبل. أقام أفراد الفريق شهرا في المعسكر يخططون ، ويدربون الممثلين علي الأدوار المطلوبة. وقالت شاهدة عيان إن الهولنديين أستجلبوا حوالي 100 شخص كيني الي المعسكر يتميزون بالطول، والسحنة الداكنة ويتحدثون السواحيلية بطلاقة ، وقد تم أحضارهم من منطقة كبيرا الفقيرة في ضواحي نيروبي. وتقول لوسي وامبي البالغة من العمر 30 عاما ، إن فريق العمل قدم لهم ملابس لتغطية الرأس ليتشبهن بنساء دارفور، كما قام بألباس الرجال جلاليب بيضاء ليقوموا بتمثيل دور الجنجويد، وطلبوا منهم ترديد بعض العبارات والكلمات العربية. وكان دور النساء يتمثل في الصراخ والعويل في الوقت الذي يداهم فيه الرجال المعسكر بالبنادق، و يتراوح أجر المرأة التي تنطبق عليها المواصفات المطلوبة من 700 الي 1000 شلن كيني في اليوم، والأطفال دون الخامسة يتراوح أجرهم بين 350-500 شلن كيني في اليوم. هذا بالأضافة الي الوجبات طوال اليوم . و ذكرت الصحافة العالمية ، أن هؤلاء الفقراء لا يعلمون أن النقود التي تقاضوها ، والوجبات التي أستمتعوا بها ترتب عليها عتاب دبلوماسي بين السودان وكينيا، رغم أنهم ما زالوا يتذكرون المشاهد التي قاموا بتمثيلها في الفيلم، ويستمتعون ببقية النقود و بتانكر المياه الذي تركه فريق الفيلم، وبقايا المستشفي الميداني الذي شهد تصوير بعض مشاهد الفيلم بداخله. من المتوقع أن يعرض الفيلم في أغسطس من هذا العام، وقد صدق وصف الناطق الرسمي لوزارة الخارجية ، بأنه يعتبر أمتدادا لذات الذهنية التي أنتجت فيلم (فتنة) الذي أستشار الغضب الأسلامي في كل أرجاء المعمورة. لا شك أن فكرة الفيلم ، وطريقة تصويره ، وتوقيت عرضه في أروبا، تعكس رغبة بعض القوي الدولية لأستمرار أزمة دارفور دون حل، ويصب أنتاج هذا الفيلم في تكريس الصورة النمطية عن دارفور، مما يعقد أسس الحل السلمي والتسوية السياسية المحتملة.
ولعل مما يخفف من غلواء هذا الظلم ، هو صدور الطبعة العربية لكتاب البروفيسور محمود محمداني ( المنقذون والناجون) عن مركز دراسات الوحدة العربية ببيروت، وهو كتاب مشهور أنتقد فيه حملة تحالف أنقاذ دارفور، ودورها في تعقيد الصراع، كما أكد علي أن الحل يكمن في العدالة السياسية وليس الجنائية عن طريق التفاوض والتسوية السلمية.
الأربعاء:
أثمن عاليا لفتات الفكر، وتداعيات القلم التي يزين بها الأستاذ كمال الجزولي جيد الصحافة السودانية العاطل في زوايته الأسبوعية الشهيرة. حيث تحمل الروزنامة قيمة أضافية بفعل رصانة أسلوبها، وتنوع موضوعاتها، وأبداعية كاتبها ، وسلاسة تقديمها في ترقية الجدل الوطني العام. ذكر الأستاذ كمال الجزولي في روزنامته الصادرة يوم 4 يناير ردا علي مقالي المنشور في الأحداث يوم 23 نوفمبر 2009 تحت عنوان (الجلاد والضحية في تاريخ أحمد سليمان المحامي)، أنني تجهمته بقول غليظ في أطار تحقيقه للدور الذي لعبه الراحل في أنقلاب الأنقاذ. وأستبعد الأستاذ كمال مصيبا، الأغراق في الجدل حول تأويل المقاصد لأنه تقدير ذاتي. و أنتقي في رده بعضا من الحجاج الذي سقته بأنه ما كتب ذلك إلا بعد رحيل الأستاذ أحمد، وقال أن ذلك طعن خشن في الأخلاق، واستدل علي ذلك بمقال نشره في سبتمبر 1999 والأستاذ أحمد سليمان حي يرزق.
أبدأ بما يسميه الفقهاء تحرير مناط الخلاف،لأن الأستناذ كمال كان قد أفصح في مقاله المشار اليه آنفا أنه يضمر أهتماما خاصا بحادثة التحريض علي الأنقلاب ، وأكد علي أن ذلك ليس من باب المبالغة في تقدير دور الفرد ،ولكن في عدم الأهدار المطلق لهذا الدور. وفي المقابل أوضحت أن البحث في دور الأستاذ أحمد في الأنقلاب يعتبر نوعا من التعسف البحثي لأن أنقلاب الأنقاذ تتحمله نخبة ما زالت تعترف آناء الليل وأطراف النهار بمسئوليتها السياسية والأدبية عن الأنقلاب منهم من قال أنه " خطيئة الأسلاميين"، ومنهم من قال أقبل مبدأه ولكن أرفض نتائجه. لهذا يظل السؤال قائما:لماذا البحث عن دور الأستاذ أحمد سليمان المحامي في الأنقلاب، والنخبة التي صنعته تعترف به وتتحمل مسئوليته السياسية والأدبية؟.وقلت إن هذا منهج بائس في البحث التاريخي ، لأنه يركز علي دور الأفراد في صنع التغيير لأغراض التجرييم السياسي،متناسيا الظروف التي أنتجت هذا التغيير ، وتؤكد الأعترافات الموثقة أن الأنقلاب قرار أتخذته النخبة الأسلامية وفقا لتقديراتها السياسية، وبالتالي تنعدم المسئولية الأدبية والسياسية عن الأستاذ أحمد سليمان إلا أن يكون ذلك لأغراض التجرييم السياسي. وبالتالي فأن مناط الخلاف ليس توقيت تحرير المقالة بعد وفاة الأستاذ أحمد سليمان، لأنني لا يمكن أن أغمط الأستاذ كمال الجزولي شكيمته الأدبية، والسياسية ،في نقده وحجاجه للرجل وهو علي قيد الحياة ، ولكن الخلاف حول نزعة التجرييم السياسي لحدث تعترف به النخبة التي صنعته علي رؤوس الأشهاد. وتستبين لدي الكاتب ملكة المحاماة والبراعة القانونية، عندما يلخص كل التدافع القلمي في شأن الراحل أحمد سليمان بالعبارة التي صككتها لتقرير حال المقال بأنه "تصفية حسابات مع الموتي".وأنتقي في رده أفتتاحية المقال وعبارته الخاتمة ، وتجاوز الأشارة الي تفنيد الحجج والروايات التي سقتها ، دحضا لمنهجه في أثبات النزعة الأنقلابية للراحل. ولا شك أن في أنتقاء هذه العبارة وتحميلها ظلال المعاني تعتبر أبتسارا للجدل القائم ، فقد كان ظني وما يزال أنه ليس من الحصافة في حفريات المنهج التاريخي البحث عن أدوار الأفراد في الأحداث الكبيرة بأفتراضات تجريمية، ولكن المنهج الموضوعي يتوخي البحث عن ظروف الصراع السياسي والأجتماعي والطبقي والمؤثرات الخارجية وتقديرات القوي المتصارعة لمسيرة ومآلات الأحداث. أقدر تماما أن السيرة الذاتية للرجل ملغومة بالحساسيات التاريخية والشحنات العاطفية، لأنها أرتبطت بأكثر الفترات دموية في تاريخ الحزب والسلطة المايوية، وأن هناك نزعة تجريمية ، تحمله جزءا من المسئولية تجاه التصفيات التي حدثت لقيادة وزعامة الحزب الشيوعي. ولكن تلك فترة لها حيثياتها وملابساتها، و لكن أن تمتد تلك النزعة التجريمية لتشمل مشاركته السياسية اللاحقة وأنتقاء الروايات لأثبات تحريضه علي أنقلاب الأنقاذ ، وتحميله المسئولية الفردية في ظل الأعتراف الجماعي الذي أكدته النخبة الأسلامية، فذلك يخالف مناهج البحث الموضوعية لأستدراك كنه ودوافع الأحداث. ولعل كتاب الأستاذ المحبوب عبدالسلام الذي صدر في بداية هذا العام عن تجربة الأنقاذ يؤكد كذلك أن الأستاذ أحمد سليمان لم يكن من المجموعة التي أسند إليها تنفيذ الأنقلاب، بل أكد أن فكرة الأنقلاب نفسها لم تكن وليدة الفترة الديمقراطية ولكنها مستبطنة منذ أواخر العهد المايوي أي قبل أن ينضم الراحل الي صفوف الأسلاميين. ولعل هذا هو جوهر مناط الخلاف، وليس العبارة المجازية العابرة عن تصفية الحسابات مع الموتي.أشكر للأستاذ كمال الجزولي رصانة رده، وهدوء منطقه وأسهامه الباذخ في تطوير وترقية النقاش والجدل الوطني العام.
الخميس:
إعترف الدكتور مصطفي الفقهي، سكرتير المعلومات الأسبق للرئيس المصري، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب المصري، بدور السودان المحوري والبارز في أنتخاب وفوز الدكتور محمد البرادعي في منصب مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وأكد بأن مصر حينها لم تكن تؤيد ترشح الدكتور البرادعي للمنصب، بل قامت بترشيح شخصية أخري. وأشاد الفقهي بالدور الكبير الذي لعبه السودان ممثلا في شخص السفير الراحل المقيم أحمد عبدالحليم سفير السودان الأسبق لدي القاهرة الذي قام بأقناع المجموعة الأفريقية لتتبني ترشيح البرادعي نيابة عنها رغم عدم موافقة مصر.وقال إنه قدم أجابة دبلوماسية حصيفة عندما سئل عن موقف البلد الأصلي للمرشح فقال إن مصر لا تعترض علي مرشح أفريقيا لأنها جزء من القارة. وفي ذات الحوار فجر الدكتور الفقهي قنبلة جرت عليه الكثير من المتاعب عندما قال إن الرئيس القادم لمصر لا بد أن يأتي بموافقة أمريكية وعدم أعتراض من أسرائيل. فقام الأستاذ هيكل بمراسلة رئيس تحرير الصحيفة التي أجرت الحوار طالبا منه أستكمال الخبر بطريقة مهنية بحتة، أي الأجابة علي أدوات الأستفهام (كيف، متي ، أين، لماذا، من). فقال الفقهي إن هيكل أراد أن يستخدمه في معركته مع الحكومة، رغم أنه سبق وأن دفع الثمن من قبل، فقد تم أيقافه من الكتابة في الأهرام عندما كتب مقالا أثني فيه علي هيكل.وقال دكتور الفقهي أنه سيعتزل العمل العام ، وذلك ردا علي الهجوم الكاسح الذي تعرض له من أحد رؤساء تحرير الصحف القومية الذي وصفه قائلا أنه "لا ينظر إلا الي محفظة النقود وجونيلات النساء".هنا فقط أدركت أن الصحافة السودانية لا تجيد الضرب تحت الحزام.
الجمعة:
سعدت بالمراسلات وردود الفعل التي وصلتني تعليقا علي مقال (المسكوت عنه في تاريخ سلاطين باشا)، فقد أبلغني من أثق في روياته عبر عنعنة متصلة السند والرواة الثقاة ، أن لسلاطين باشا حفيدة ما زالت تسكن أم درمان ، وتنتسب الي أحدي أسرها العريقة.و رغم نفي المهندس بول سلاطين حفيد سلاطين باشا الذي زار السودان مؤخرا عن وجود أي حفدة وأبناء لجده في السودان ، إلا أن قواعد البحث الموضوعي ترجح أحتمالات أخري، فمن المعروف أن لسلاطين زوجة واحدة تزوجها في فيينا عقب هروبه من أسر الخليفة، وأنجب منها أبنته الوحيدة آن ماري التي تزوجت وأستقرت في لندن وأنجبت جورج ، كارولين وألكساندر، وأشرنا في المقال الي أن جورج سيمثل دور جده في الفيلم الذي سيجري تصويره في السودان عن السيرة الذاتية لسلاطين باشا. لقد عاش سلاطين باشا 16 عاما في السودان، تزوج ثلاث مرات، وقد تحاشي في كتابه الأشارة الي علاقاته النسائية وزواجه، وأكد أن ظل يرفض المحظيات اللاتي قدمهن له الخليفة لكسب وده وولاءه ، كما أنه رفض الزواج من أبنة عمة الخليفة، ومن أحدي محظيات الخليفة بعد أن أعتقها، وأعترف بأن تزوج لوقت قصير من أحدي السيدات التي كانت تسمي فاطمة البيضاء، و كانت تنحدر من أب مصري ،و أم حبشية. ولعل النظر الموضوعي يرجح أن سلاطين ربما يكون قد أنجب أثناء وجوده في السودان الذي أستمر لمدة 16 عاما، محصورا في منطقة محدودة، أرجو أن تتكرم تلك الأسرة بكثير من الأعزاز والود وخدمة لتوثيق تاريخنا المعاصر أن تروي قصتها ، وتلقي بالأفادات والأشارات حتي تكتمل الحيثيات من وجهة النظر السودانية، وحتي نستطيع تكييف الرد علي الروايات النمساوية لتاريخ سلاطين باشا في السودان.
السبت:
تبارت عددا من الصحف القاهرية في نشر مذكرات الدكتور مصطفي محمود رجل العلم والأيمان، الذي روي تفاصيل أول زياراته للسودان.وذكر أنه زار السودان في المرة الأولي من جزئه الجنوبي قادما من كينيا، فزار جوبا وبعض المدن الأخري، وقال أنه خاف علي نفسه عندما عرض عليه زعيم قبلية النيام نيام تزويجه أحدي بناته، لأن زعيم القبيلة كان متزوجا من خمسين أمرأة.وحكي في زيارة لاحقة مشاهداته عندما أستغل الوابور النهري من كوستي الي مدن الجنوب المختلفة، ووصف ما أسماه الأدغال التي تمرح فيها الحيوانات الوحشية وتتراقص فيها التماسيح علي ضفة النهر، ووصف العقائد الدينية لقبيلة الشلك، وروح الإله التي تتمثل في الحيوانات والكجور ، وقال إن النيكيانج وهو إله الشلك حسب زعمه لا يتم الأتصال به إلا عن طريق تقديم القرابين من الحيوانات.ووصف بعض القبائل في الجنوب بأنها كانت تفضل العري حسب ثقافتها وتقاليدها وكذلك بتأثير الفاقة والجهل، مشيرا في الوقت نفسه الي أن العري في فرنسا لا يحتوي علي دلالات جنسية، ولكن يحتوي علي مضامين جمالية لأن أروبا تجاوزت هذه النظرة البهيمية. أظن أن الدكتور الراحل مصطفي محمود أراد أن يقدم صورة أسطورية تشبه الميثلوجيا القديمة عن طبيعة الحياة في أفريقيا، فقام بتقديم نماذج حكائية تناسب العقلية العربية الفضولية للأشباح والأساطير والسحر في الأدغال الأفريقية.
في هذا السياق أنوه الي وفاة الصحفي المصري الأستاذ يوسف الشريف ، الذي ربطته بأهل السودان علائق خاصة منذ منتصف الستينات والذي وافته المنية الأسبوع الماضي بعد صراع طويل مع المرض. فقد كان الأستاذ يوسف الشريف شاهدا ومراقبا لكثير من الأحداث السياسية والأجتماعية في السودان، لا سيما وهو قد عاصر ثورة يوليو ، وكان شاهدا علي تطورات الحقبة المايوية،حيث رافق النخبة الحاكمة وجالس مثقفيها ووزراءها وكتابها. كما أرتبط ايضا بعلاقة مصاهرة ونسب مع السودان ، حيث تزوج أحد مثقفي النخبة الأقتصادية في السودان من شقيقته. ورصد في كتابه أسرار السياسة والمجتمع في السودان الكثير من الأحداث والتحولات، وجلسات السمر، وقدم وصفا دقيقا لكثير من عظماء ورجالات السودان. بالأضافة الي السودان يرتبط الراحل أيضا بعلاقات وطيدة حميمة مع أهل اليمن.
الأحد:
أحدث فيلم (بالألوان الطبيعية) الذي يجري عرضه هذه الأيام في مصر ضجة كبري في الأوساط الثقافية والأعلامية، لتعرضه لقضية الدين والمجتمع والفن. وقد تعمد المخرج معالجة موضوع الفيلم بطريقة مبتكرة، بحيث يغوص سيناريو الفيلم في العلاقات الشخصية داخل كلية الفنون خاصة بين طاقم التدريس والطلاب، وبين الطلاب والطالبات.وكشف الفيلم عن التفاعلات الأجتماعية والمحمولات القيمية التي تمور وتصطرع في الكلية، وعرض نماذج لشخصيات متعارضة منها المنهزم، والمثالي ، والضائع والحالم وغيرها من الشرائح التي تتعرض لمس الفن والجمال. ولعل النقاش الذي فجره الفيلم في الشارع المصري، هو الحد الفاصل بين القيم الجمالية ذات المحمولات الثقافية الليبرالية ، والقيم الأجتماعية المحافظة، وأشتكت بعض الطالبات اللائي يدرسن في كلية الفنون من الأثر السالب للفيلم في تغيير نظرة المجتمع تجاههن حيث تعرضن للأسئلة والمضايقة في المركبات العامة بعد عرض الفيلم.وقد دافع كثير من أساتذة الكلية عن البيئة الدراسية للكلية، مشيرين الي أن النماذج الدراسية التي كانت سائدة في السابق خاصة نموذج رسم الموديل، وهو رسم جسد المرأة قد تم حذفه الآن.ولم تعد الكلية تستأجر فتيات للقيام بهذا الدور أمام الطلاب. ذكرني هذا الجدل، بجدل مماثل أشتعل في أوائل التسعينات بين فصيلين من طلاب معهد الموسيقي والمسرح. حيث كان يري فصيل ينتمي الي الأسلاميين في معهد الموسيقي والمسرح ضرورة تنقية المقرر من كل النماذج التي تصادم القيم الأسلامية ، وأستدلوا بمادة في مقرر المسرح تسمي كسر الحاجز، يقصد بها التدريب للتجرد من النزعة الحسية في خشبة المسرح بين الممثلين والممثلات. وأستخدم ذلك الفصيل في معركته صحيفة المسيرة ذات الأسلوب الثوري في النقد والمجارحات،فقامت بنشر تحقيق من داخل الكلية أثار الأسئلة حول ذات القضايا. وما لبث بعض طلاب الكلية من أهل اليسار إلا إن رفعوا دعوي قضائية ضد الصحيفة للضرر العام،ولما أختفي ممثلوا الفصيل الذي كان يحمل سيف التطهرية ، وأصلاح المناهج بما يتوافق مع القيم والمعايير الأسلامية، تكاسلت الصحيفة عن توفير الدفوع القانونية حتي حكمت المحكمة بأدانة وتغريم الصحيفة للضرر الذي أصاب الطلاب. إن فيلم بالألوان الطبيعية، وأستدعاء هذا النموذج من تاريخ كلية الموسيقي والمسرح يفتح باب التساؤلات عن طبيعة الفن ، والقيم السائدة في المجتمع. هل يتعامل الناس مع الفن بأعتباره نمطا أبداعيا يتجافي عن أصول التقييد القيمي، أم أنه يمكن أن يخضع لسلطة ورقابة المجتمع حسب الأعراف السائدة. . أرجو أن يتحفنا الكتاب والمختصون من خلال تجربتهم الأبداعية بتسليط الضوء والتعليق علي هذه القضايا لتعم الفائدة.
الأثنين:
عاد الدكتور القرضاوي الي دائرة الضوء والجدل في الأوساط الغربية مرة أخري، فبعد أن عرضت قصته صحيفة الواشنطون بوست في صفحتها الأولي قبل ثلاث سنوات، عقب رفض السلطات في لندن منحه تأشيرة دخول أستجابة لضغوط اللوبي الأسرائيلي في أروبا، عادت مجلة فورن بوليسي هذا الأسبوع، لتؤكد أن الدكتور القرضاوي ما زال يملك كثير من التأثير والتعاطف في الشارع الأسلامي ، خاصة بعد أنتقاده للرئيس الفلسطيني ، وكذلك مع حكومة بلده الأصلي مصر التي أنتقدها في مسألة بناء الجدار الفولاذي. وفي ذات الأطار قام الدكتور صامويل هلفونت بأستعراض كتابه الذي صدر العام الماضي بأسم الحداثة والأسلام.ويعمل صامويل في برنامج الدكتوراة في جامعة بريستون بالولايات المتحدة، وهو ضابط مخابرات متخصص في الأسلام والشرق الأوسط ، سبق وأنة عمل في العراق. وقد أهتم مركز ديان في أسرائيل بترجمة الكتاب الذي أعتمد عليه الدكتور صامويل في أستعراضه وأبداء كثير من الملاحظات النقدية. قال الدكتور صامويل إن القرضاوي يمثل نموذجا حيا لقضية الأسلام والحداثة لأن يتعاطي مع السياسة في قمة تعقيداتها ، كما يتناول القضايا الفقهية المرتبطة بمقتضيات الحياة العصرية. ويظن المحلل أن هذا السبب هو مصدر تأثير القرضاوي في الشارع الأسلامي لأهتمامه بقضايا العصر والحداثة، وأستدل الكاتب بفتاوي القرضاوي في تأويل آية الأستعداد بالقوة ورباط الخيل، مؤكدا أن أمتلاك الأسلحة الحديثة من مدافع ودبابات وصواريخ يدخل في معاني القوة ورباط الخيل، كما أشار أيضا لأجتهاداته في موضوع فقه الأقليات، وهم المسلمون الذين يعيشون في المجتمعات الغربية، وكذلك في عدم تطليق الكتابية التي أسلمت مع بقاء زوجها علي دينه.ورغم أشتهار وريادة الشيخ حسن الترابي في قضية فقه الأقليات، وأستمرار زواج المسلمة من الكتابي، والمشاركة في الديمقراطية إلا أن الغربيين ينسبون هذه الأجتهادات الي الشيخ القرضاوي الذي تبناها مؤخرا بعد أن كان من أكبر معارضيها عندما صرح بها الترابي منذ أكثر 25 سنة ماضية. ويعيب دكتور صامويل علي القرضاوي فتواه بجواز العمليات الأستشهادية التي يطلق الأنتحارية.ويخلص صامويل في أستعراضه لأجتهادات القرضاوي علي ضرورة أعتباره فقيه حداثي معاصر وليس تقليدي،وذلك لأقدامه و تعامله مع واقع مدني معقد، مع تداخل الوسائل والوسائط التي يستخدمها للتأثير علي مجتمع متداخل، ونزوعه الي تأويل النصوص المقدسة خارج سياقاتها التاريخية.ويقول الكاتب إن أعتبار القرضاوي فقيه حداثي ومعاصر لا يعني أنه وسطيا ومعتدلا بأي حال من الأحوال Modern not moderate ، وأكد أن القرضاوي يتحاشي التمادي في تقديم تفاسير وتأويل لكثير من النصوص مثل قضية الحجاب،ولا يفعل ذلك إلا مضطرا خاصة إذا أحس أن الأسلام مهددا أو إذا أجبرته التحديات المعاصرة الي صياغة آراء فقهية في حقوق الأنسان، الديمقراطية ، قضايا المرأة والأقتصاد، وقال في ظل أنعدام سلطة سياسية تدعم أنفاذ هذه الفتاوي بقوة السلطان فأن الفقهاء المعاصرون مثل القرضاوي يستمدون تأثيرهم من المؤسسات والوكالات الأجتماعية والوسائط الأعلامية لمخاطبة ملايين الناس. وللأحتفاظ بقوة و جاذبية التأثير علي الناس يستخدم الفقهاء خطابا معاصرا يخاطب تطلعات وتحديات الأجيال الراهنة. ويختم الدكتور صامويل دراسته بملاحظتين هامتين، قدمهما كتوصية لصانعي السياسات في الغرب:
الأولي: إن الحداثة لا تعني الوسطية بأي حال من الأحوال ، فأن وصف القرضاوي بالمعاصرة والحداثة لا يعني وصفه لزوما بالوسطية. فالقرضاوي حسب زعمه حداثي التوجه ولكنه ليس معتدلا أو وسطيا مستدلا بفتواه بشأن جواز العمليات الأستشهادية التي يسميها إنتحارية.
ثانيا: إن أجتهادات القرضاوي وفهمه للأسلام قائمة علي فقه الواقع والوقائع ، وهو بذلك لا يعبر عن المدرسة التقليدية، و الفهم القائم علي قراءة النصوص المقدسة، وأنفاذها حرفيا دون أجتهاد. وبالتالي فأن هذا الفهم يتأثر بالمتغيرات علي الأرض لا علي النصوص القطعية المقدسة.
ختاما: يوصي الكاتب صانعي السياسة الأمريكية بعدم تفضيل نمط القرضاوي الفقهي في تسهيل أنفاذ سياسة أمريكا الخارجية، لأنه فقه قائم علي المتغيرات والوقائع، وأن يصوبوا النظر بدلا عن ذلك علي المفاهيم والقضايا الكلية مثل الديمقراطية، حقوق الأنسان ، الشفافية ، والقضايا الأقتصادية، ويري بأن تثبيت وأقامة الحوار علي المفاهيم والقضايا ، بدلا عن الأعتماد علي النمط الفقهي سيحل كثير من الأشكالات القائمة بين الأسلام والغرب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.