الدعم السريع: الخروج من الفاشر متاح    لماذا اختار الأميركيون هيروشيما بالذات بعد قرار قصف اليابان؟    12 يومًا تحسم أزمة ريال مدريد    تشكيل لجنة تسيير لهيئة البراعم والناشئين بالدامر    البرهان يتفقد مقر متحف السودان القومي    التفاصيل الكاملة لإيقاف الرحلات الجوية بين الإمارات وبورتسودان    بيان من سلطة الطيران المدني بالسودان حول تعليق الرحلات الجوية بين السودان والإمارات    الطوف المشترك لمحلية أمدرمان يقوم بحملة إزالة واسعة للمخالفات    "واتساب" تحظر 7 ملايين حساب مُصممة للاحتيال    السودان يتصدر العالم في البطالة: 62% من شعبنا بلا عمل!    نجوم الدوري الإنجليزي في "سباق عاطفي" للفوز بقلب نجمة هوليوود    كلية الارباع لمهارات كرة القدم تنظم مهرجانا تودع فيه لاعب تقي الاسبق عثمان امبده    بيان من لجنة الانتخابات بنادي المريخ    رواندا تتوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة لاستقبال ما يصل إلى 250 مهاجرًا    يامال يثير الجدل مجدداً مع مغنية أرجنتينية    شاهد بالفيديو.. السيدة المصرية التي عانقت جارتها السودانية لحظة وداعها تنهار بالبكاء بعد فراقها وتصرح: (السودانيين ناس بتوع دين وعوضتني فقد أمي وسوف أسافر الخرطوم وألحق بها قريباً)    شاهد بالفيديو.. فنان سوداني يعتدي على أحد الحاضرين بعد أن قام بوضع أموال "النقطة" على رأسه أثناء تقديمه وصلة غنائية بأحد المسارح    شاهد بالصورة.. بعد أن أعلنت في وقت سابق رفضها فكرة الزواج والإرتباط بأي رجل.. الناشطة السودانية وئام شوقي تفاجئ الجميع وتحتفل بخطبتها    تقارير تكشف خسائر مشغلّي خدمات الاتصالات في السودان    توجيه الاتهام إلى 16 من قادة المليشيا المتمردة في قضية مقتل والي غرب دارفور السابق خميس ابكر    تجدّد إصابة إندريك "أحبط" إعارته لريال سوسيداد    السودان..وزير يرحب بمبادرة لحزب شهير    الهلال السوداني يلاحق مقلدي شعاره قانونيًا في مصر: تحذير رسمي للمصانع ونقاط البيع    ريال مدريد الجديد.. من الغالاكتيكوس إلى أصغر قائمة في القرن ال 21    "ناسا" تخطط لبناء مفاعل نووي على سطح القمر    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    مسؤول سوداني يردّ على"شائعة" بشأن اتّفاقية سعودية    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انتخابات نقابة المحامين... وقائعها ومآلاتها .. بقلم: محمود دفع الله الشيخ/ المحامى
نشر في سودانيل يوم 07 - 01 - 2018

قبل العام 1989 كان عددُ المحامين لا يتخطى ً ثلاثة ألاف وبضع، وظلت الإجراءات المتعلقة بانتخابات النقابة تجرى بسلاسة ودون تعقيدات وسط أجواء وفاقية، ولم يكن المحامون يختلفون حول منصب النقيب أو تسمية أعضاء مجلس النقابة ، اللّهُم إلا فى إنتخابات العام 1986 ،حين توحدت القوى الديمقراطية فى مواجهة قائمة مرشحى الجبهة القومية الإسلامية، والسبب فى ذلك يرجع لإدراكهم أن الإسلامويين يرغبون فى اعتلاء مقاعد مجلس النقابة بغيِّة التكريس لسيئة الذكر (قوانين سبتمبر) ، ولزيادة نفوذهم وهيمنتهم على الأجواء السياسية ، بعد أن نجوا من المساءلة جرَّاء مساهمتهم فى العسف الذى انتهجه جعفر نميرى بإسم ( الإسلام ) فى سنواته الأخيرة .
بعد العام 1989، وعقب استيلاء الإسلامويين على مقاليد الحكم والسلطة، عملوا على الحيلولة بين القوى المعارضة ونقابة المحامين ، ليقينهم التام، أن تلك النقابة ستكون هى رأس الرمح فى أى عمل معارض، فهى تعتبر من أهم أدوات الانتفاضات الشعبية. فرأت السلطة الإنقلابية حرصاً على وجودها وبقاء حكمها، أن تحل النقابات ، وانتظر الناس حتى حل عليهم العام 1993 الذى كُوِّنت فيه لجان التسيير .
شهد العام 1997 اتحاداً بين المحامين الديمقراطيين ، نتج عنه تكوين تحالف بإسم(التحالف الوطنى لإسترداد الديمقراطية) والذى رأسه لأول مرة المرحوم الأستاذ/ غازى سليمان ، ومن خلاله تم خوض أول إنتخابات لنقابة المحامين أجريت فى هذا العهد. وقد أجمع الكل ،بمن فيهم بعض المنتسبين للنظام الحاكم على اكتساح التحالف لتلك الانتخابات، ولكن الأساليب الملتوية التى مارستها السلطة ومنسوبوها أظهرت نتيجة مخالفة للواقع.
فى العام 2005 تقرر تغيير إسم التحالف ليصير بإسمه المعروف حالياً (التحالف الديمقراطى للمحامين) وعبره تم خوض أربع دورات انتخابية، بخلاف دورة 2001 التى انسحب منها التحالف، ، كما تم من خلاله أيضاً التصدى لقضايا الحريات العامة وحقوق الإنسان والممارسات المنتهكة للدستور والمواثيق العالمية وكل المطالب والحقوق والنقابية.
الانتخابات الخاصة بنقابة المحامين أرادت لها السلطة الحالية أن تأخذ طابعاً سياسياً مُغلَّفاً بالمهنيِّة، ولم يكن أمام المحامين الديمقراطيين من سبيل سوى التلاقى فى جسم واحد ، فى ظل عدم سماح السلطة الحاكمة لأى فرد لا يتبع لجماعتها أو يساير توجهاتها أن يتولى منصب النقيب، أو حتى ينال عضوية المجلس، فكان ذلك التحالف بغرض استعادة النقابة لأجل أن تلعب دورها الطبيعى والتاريخى فى الدفاع والتصدى لكافة حقوق الوطن والمواطنين والمحامين.
التحالف فى وقته الحالى يتكون من محامين ممثلين لتسعة تنظيمات سياسية : (الجبهة الديقراطية " وهو تنظيم يجمع المحامين الديمقراطيين والمحامين الشيوعيين" – حزب الأمة القومى – الحزب الإتحادى الديمقراطى الأصل- حزب المؤتمر السودانى- حزب البعث السودانى –حزب البعث العربى الإشتراكى" الأصل"- الناصرى الوحدوى – الإشتراكى العربى الناصرى – الحزب الوطنى الديمقراطى) بجانب هيئة محامى دارفور وعدد من المحامين الذين ليس لديهم إنتماء تنظيمى وممثلات المرأة وممثلين للشباب.
(2)
ابتدأ التحالف الديمقراطى للمحامين استعداده لخوض انتخابات النقابة لهذه الدورة باكراً، وقبل سبعة أشهر من انطلاقها ، عاقداً عدة ندوات وليالٍ ثقافية، لكنه ترك أمر اختيار المرشح لمنصب النقيب وتسمية أعضاء مجلس النقابة فى آخر جدول أعماله، ويعد ذلك خطأً فى تقديرى، لأن ذلك التأخير -إضافة إلى انسحاب ثم عودة الحزب الإتحادى الديمقراطى وحزب المؤتمر السودانى- أدى لاستهلاك وقتٍ كان التحالف فى أمس الحاجة إليه لإنجاز أولويات أخرى ، أهمها التركيز على حشد المحامين للتصويت .
التحالف الديمقراطى للمحامين قام بعمل طوافات متعددة إلى قواعده من المحامين فى العاصمة والولايات بغرض تنويرهم وتبصيرهم بأهمية خوض الإنتخابات والإدلاء بأصواتهم فيها ، ونجح التحالف بامتياز فى استقطاب عددٍ مقدر من المحامين العاملين فى الولايات، وقاد حملة اعلامية مكثفة بخصوص الانتخابات ، ومعارك قضائية ضد لجنة قبول المحامين ، وساهمت الصحف عبر تواصل التحالف معها فى تسليط مزيد من الضوء على الانتخابات وأطرافها المتنافسة ،ولكن ، رغم ذلك الجهد ، فإن محصلة التصويت كشفت إحجام القواعد عن المشاركة... فما هى أسباب ذلك الإحجام ؟
بُناءً على استطلاع عاجل، فقد رأى البعض أن أسباب الإحجام تشمل ولا تنحصر فى الآتى:-
أ‌. وجود حالة يأسٍ وإحباط تعترى الكثير من قواعد المحامين (شأنهم شأن بقية المواطنين )، مما جعلهم يتعاملون مع الوضع السياسى الراهن والنظام الحاكم كأمرٍ واقعى، فضلاً عن يأسهم من إيجاد البديل، ففضلوا التعايش والتماهى مع ذلك الواقع.
ب‌. معظم المحامين ليس لديهم انتماء لتنظيمات سياسية، ولكثيرٍ منهم وجهة نظر فى أداء التحالف، بحجة عدم وجود فاعلية لتنظيمات التحالف وسط المحامين، بجانب الموسمية التى لازمت عمل التحالف.
ت‌. هنالك قلة فى الوعى السياسى والثقافى اعترت الوسط (خصوصاً بين الذين لاتتخطى خبراتهم العملية سنوات سبع ) وهم عدد لا يستهان به فى قطاع المحامين. ويعزى ذلك لتغيب الثقافة والمعرفة ووسائلها عمداً بواسطة الحاكمين، سواء فى المدارس أوالجامعات وغيرها من الدور التى كانت تسهم فى رفد المعرفة، بالإضافة إلى الضعف الذى اعترى الدراسة الأكاديمية مؤخراً لعدم تأهيل معظم القائمين عليها تأهيلاً كافياً.
ث‌. اختيار يوم السبت لانعقاد الجمعية العمومية والتصويت (وهو يوم عطلة ) أدى لذلك الإحجام، وربما يكون فى نظر البعض أن العطلة هى أفضل الأوقات لخلوها من الإلتزامات العملية ، ولكن من الناحية الواقعية تعد سبباً سالباً ، فلو أقيمت الانتخابات يوم عمل لتمكن المحامون الديمقراطيون الذين يقودون سيارات من اصطحاب أكبر عدد من زملائهم وزميلاتهم لمراكز التصويت المتعددة والمتباعدة، فصعوبة الحركة وتعدد المواصلات بجانب قلة الإمكانيات و التشتييت المعتمد لمراكز الانتخابات تعتبر عوامل مهمة تركت أثرها فى حصيلة التصويت ، وكان بالإمكان كذلك – إن لم يصادف يوم التصويت عطلة- تجميع المحامين من المحاكم والمكاتب مع توفير سيارات للنقل الجماعى. كما ساهم أيضاً ذلك اليوم فى تغيب عدد غير قليل من السيدات والآنسات المحاميات بسبب الواجبات المنزلية والاجتماعية الملقاة على عاتقهن فى أيام العطلات. فالاعتماد على الحس الوطنى فقط للمحامين والمحاميات كدافع للتصويت فى العملية الانتخابية لهو أمرٌ خاطىء فى ظل معركة كبرى كهذى.. إذ لابد من توفير المعينات التى تجنبهم المشاق التى تلازم عملية التصويت.
ج‌. محاصصة التنظيمات على مقاعد النقابة عادة ما ينتج عنها بعض المرشحين ممن لا يكون لقواعد المحامين أى معرفة بهم ، والأجدى أن ترشح التنظيمات شخصيات مهنيِّة معروفة ولها وجود فى المحاكم ، حتى وإن كانت لا تنتمى لها تنظيمياً أو فكرياً.
(3)
العملية الانتخابية وفيما يخص النقابات -على وجه التحديد – تستند على سجل العضوية ، وقد ظل سجل المحامين محل جدلٍ وشدٍّ وجذبٍ بين التحالف الديمقراطى للمحامين ولجان قبول المحامين المتعاقبة على النقابة فى ظل هذا النظام ، فالتحالف ظل على الدوام يقول بأن السجل غير منقح، وبه محامون يزاولون مهن أخرى بخلاف مهنة المحاماة بما يتعارض مع القانون، فى حين ظلت تلك اللجان تستعصم برفض تسليم نسخة من السجل، لعلمها بحقيقة مايقول به التحالف وأعضاؤه، ولأن معظم هؤلاء المحامين الذين يمارسون مهن أخرى ينتمون للتنظيم الحاكم. وفى هذه الدورة تم اكتشاف 217 محام ومحامية يشغلون وظائف أخرى، قاموا بتجديد تراخيصهم المهنية ، وما من سبب لتجديد تلك التراخيص إلا التصويت فى انتخابات النقابة. وقد تم تقديم طلبات بشأنهم إلى لجنة قبول المحامين التى لم تتكرم بالرد عليها ، مما حدا بأعضاء التحالف لأن يلجاوا إلى قاضى محكمة الإستئناف المختص بنظر الطعون الإدارية إزاء الإمتناع عن تسليم السجل وبسبب عدم البت فى طلبات وقف تراخيص من ثبت أنهم يجمعون بين المحاماة ووظائف أخرى .
لم يمضى وقتٌ طويلٌ لإثبات صحة ما ذهب إليه التحالف وأعضاؤه، إذ رصد مناديب التحالف مشاركة ما يزيد عن خمسين شخصاً فى التصويت لصالح قائمة المؤتمر الوطنى فى الانتخابات الأخيرة، بينما هم مشتغلين فى وظائف حكومية.
احتكار لجنة قبول المحامين للسجل وعدم تمكين أى طرف آخر من حيازة نسخة منه ، اضافة إلى تضيق الفترة الخاصة بالطعون (لسويعات) أدى إلى أن تسقط أسماءٍ عديدة من كشوفات الناخبين ...ولك أن تصدق الكيفية التى تمت بها معالجة مشكلتهم ! تم السماح لهم بالتصويت فى مركز دار المحامين بعد أدائهم القسم بأنهم لم يصوتوا من قبل فى مركز آخر !!!!! وقبل ذلك التزمت مراكز محددة بوضع صبغة ملونة على أصبع كل من قام بالتصويت ، كيما يتم تمييزه عن الآخر الذى لم يدلى بصوته بعد. ولم تلتزم بقية المراكز بهذ الأمر .!!!
(4)
من الخبل بمكان أن نطالب الطرف الآخر بالاستناد على القانون والقواعد الشرعية للعملية الانتخابية ، فإذا كان التنظيم الذى ينتمى إليه ذلك الطرف قد أتى لسدة الحكم عنوةً واقتداراً ، خارقاً للدستور، ضارباً بالعملية الديمقراطية عرض الحائط ، ليربط بالسلطة مصيره ومصير البلاد، فلا غرابة البتة فى الاستماتة لتكريس سلطة التنظيم فى كل القطاعات، للدفاع عن( عدم مشروعية وجوده)!
هذا النظام الذى حكم البلاد ثلاثين عاماً ،عجز عن إيجاد عدد مقدر من المحامين لمناصرته ، فطفق يسوِّدُ صفحات الصحف بأحاديث غير صحيحة واحصائيات ليست سليمة، بأن عضويته فى قطاع المحامين قد بلغت آلافاً تسعة، فى حين أنه إذا اعتمدنا نسبة التصويت فى الانتخابات الأخيرة،سنجد أن عدد المصوتين لصالح قائمة المؤتمر الوطنى قد تجاوز الألف الرابع بقليل، فأين ذهبت الآلاف الخمسة المتبقية التى ادعى المؤتمر الوطنى مناصرتها له؟ وحتى أولئك الذين صوتوا لصالح قائمة المؤتمر الوطنى، هل معظمهم ممن يحق لهم التصويت وعلى أصواتهم تستند النتائج؟!
بعض الناس قد طالبوا التحالف بإثبات أن المؤتمر الوطنى قد مارس تزويراً فى أصوات الناخبين ، ففى رأيهم أن التزوير فى هذه الحالة يكون (بانتحال إسم محامٍ آخر،أو أن يتم إغراق صناديق الانتخابات بأوراق اقتراع بأسماء لأشخاص لا وجود لهم). والصحيح هو أن التصويت يعتمد على سجل المحامين، والذى بشأنه قد نص قانون المحاماة على عدم جواز الجمع بين المحاماة ومهنٍ أخرى، ومن ثبت عليه ذلك الجمع وجب وقف ترخيصه ، وبالتالي يترتب على ذلك خلو قوائم الناخبين من إسمه، بحيث يحرم من الترشح ومن الانتخاب. ولأن لجنة قبول المحامين تعى ذلك الأمر ، وليقينها أنه متى ما تم نشر كشوفات الناخبين باكراً ، فإن نتائج الطعون لن تبقى للمؤتمر الوطنى من المحامين الذين يحق لهم ممارسة المهنة والتصويت فى انتخابات النقابة سوى بضع مئات، هذا إذا اتضح بعد الاطلاع على ملفاتهم المودعة فى النقابة أن أولئك المئات قد استوفى(معظهم) المستندات المطلوبة لممارسة المهنة !
(5)
إن هذه الانتخابات كانت وبالا على المؤتمر الوطنى؛ قد أكدت فشله وهزيمته السياسية ، بل وبرهنت على عدم وجود أى قواعد حقيقية له وسط المحامين ، حين لجأ إلى أساليب ملتوية بغرض الظفر بمقعد النقيب وعضوية المجلس ، (فالواثق من نصره لا يستقوى برئاسة الجمهورية كما أظهرت الصحف وعلى صفحاتها الأولى، دون مواربة أو خجل ، والمتيقن من الفوز لا يرفض طلب إيقاف تراخيص من جمع بين المهنة ومهن أخرى ، ولا يشرك كذلك القوات الأمنية فى إنتخابات نقابة، ولا ينهى اجراءات الجمعية العمومية بطريقة مسرحية مخافة المساءلة التى يترتب عليها هتك حجب الميزانية وما ورد فى خطاب الدورة ، ولا يعمل كذلك على حرمان الناخبين من التصويت عبر تشتيت المراكز وعدم تحديد معايير اختيارها ، ولا يجبر اللجنة المشرفة على الانتخابات على تغيير أرقام المرشحين عدة مرات بغرض إرباك الناخبين، ولا يصدر بطاقات لممارسة المهنة قبل موعد الإنتخابات بأسبوعين ،حتى تفضحه الماكينات وأجهزة الحاسب الآلى وتستعصى عليه، فتغير لغتها من العربية إلى الإنجليزية ) !!!
(6)
التحالفات السياسية قد تكون تاكتيكية وقد تأتى إستراتيجية ... وهى بشقيها لا تعنى حرمان كل حليف من رؤيته المنفصلة فى بعض القضايا ، ولكن بما لا يضير الهدف الأساسى الذى من أجله نشأ التحالف. ويجب كذلك أن تعمل مكونات هذه التحالفات بصورة متسقة، بجانب ضرورة إعمال الآلية الديمقراطية والقبول بها لحسم المسائل المختلف حولها لتحقيق الهدف المشترك، ولذا، فإن مكونات التحالف الديمقراطى للمحامين قد توافقت(بعد الضرورة التى أملاها الواقع المعاش) على وجوب هيكلة التحالف وضبط أعماله وقرارته . وكان هذا الأمر لزاماً لتصحيح المسار . وقبل حدوث ذلك أقول : لابد وأن يتشارك الجميع مشاركة حقيقية مسؤلية العمل الذى من أجله قد تحالفوا ، ولا ينبغى للبعض أن ينشغل عن واجبه المفروض عليه ، أو يعمل على عكس ما تم التوافق عليه .
(7)
السلطة القضائية ؛ بيدها لا بيد عمرو، اختارت عدم تجنب مواطن الشبهات، وذلك بقبولها الإشراف على انتخابات نقابة المحامين، فليس هنالك من مبرر لذلك، ولا إلزام عليها حتى وإن خاطبتها وترجتها نقابة المحامين ، لكونها تعلم علم اليقين أن كل الطعون التى ستنجم عن العملية الانتخابية ستصب لاحقاً فى محاكمها ، عندها ستصبح هى الخصم والحكم.
سيكتب التاريخ أن اللجنة العليا للانتخابات ارتضت لنفسها لائحةً وأوامر للانتخابات تكرس لعدم النزاهة والشفافية عبر حصرها لكل العملية الإنتخابية (نشر كشوفات الناخبين- الطعن فيها – الفصل فى تلك الطعون – نشر الكشوفات النهائية) فى فترة لا تتجاوز ثمانية وأربعين ساعة، ،ولن ينسى المحامون واقعة استبدال أرقام مرشحى التحالف لمصلحة مرشحى المؤتمر الوطنى دون سند ، ثم رفض الطعن المقدم فى هذا الصدد ، ثم إعادة الترقيم الأول- أيضاً دون سند- ونقض الغزل للمرة الثالثة بالإبقاء على الأرقام المستبدلة !
إن هذا التصرف لوحده كفيلٌ بنزع دثار الإنصاف والشفافية والنزاهة عن أعمال تلك اللجنة، ولم يعد أمام السلطة القضائية من سبيل سوى(الفصل بحياد فى الطعن المقدم لها بخصوص عدم قانونية النظام الأساسى للنقابة وما ينسحب على ذلك من عدم شرعية الانتخابات .) بخلاف ذلك ، فعليها وحدها تقع التبعات.
(8)
نأتى لمستقبل العمل العمل السياسى وأثر انتخابات نقابة المحامين عليه ، وخصوصاً انتخابات 2020 المتعلقة برئاسة الجمهورية.
لقد كشفت انتخابات نقابة المحامين بجلاء تام ، أنه لا مستقبل على الإطلاق لأى عمل سياسى مبنى على النزاهة والمنافسة الحرة فيما يخص منظومات أعلى الهرم السياسى، وأن الحزب الحاكم عبر سيطرته على مفاصل الدولة لن يسمح لأى تنظيم آخر بأن ينافسه منافسة مشروعة للظفر بمقعد رئيس الجمهورية، أو حتى حيازة أغلبية مقاعد البرلمان، مما يعنى أن مجمل العملية السياسية قد باتت تحصيل حاصل، وأنها مبنية على مشاركة ديكورية تخلو من أى قيمة سوى التكريس لهذا النظام وايجاد شرعية له.
(9)
ها قد انتهت انتخابات نقابة المحامين ، التى من خلالها ثبت على وجه اليقين، أن التحالف الديمقراطى للمحامين قد خاضها ضد دولة بمؤسساتها، وليس منتسبين إلى حزب أو زملاء مهنة . ولذلك فإن النتيجة الحقيقية لتلك الانتخابات لاتكمن فى عدد الأصوات أو فى منصب، فمكاسبها النضالية هى الأهم ، فما الذى يفوق أهمية تعرية الطرف الآخر الذى لطالما تباهى وتفاخر بقوته وشديد بأسه ، وذلك عبر اظهار حقيقة وضعه، وتنوير الشعب والرأى العام أن قاعدة المحامين التى يستند عليها المؤتمر الوطنى لا وجود ولا أثر وفعل لها ، وليس بمقدورها وحدها التخطيط لعملية انتخابية مطلقاً، إنما توكل تلك المهمة لأجهزة الدولة. وسيظل انشقاق محامى المؤتمر الوطنى -على قلتهم- وقد صار حديث الصحف على صفحاتها الأولى والداخلية، بجانب تدخل القيادات العليا للدولة فى الانتخابات ،اسعافا لحالة من والاهم وبه يستقوون فى قطاع المحاميين، هو تاج تلك المعركة، الذى كلل جبين التحالف الديمقراطى للمحامين، بما يؤكد سابق قولنا بضرورة خوض أية انتخابات تخص العمل القاعدى فقط، وذلك لهدم الركائز التى يستند عليها المؤتمر الوطنى بما يساهم فى خلخلته.
(10)
آخر القول ......لم يشق اليأس والقنوط طريقاً له فى قلبى ذات يوم.. قناعاتى التى منها انطلق وعلى اساسها أعمل ، أنه ما تمنى المرءُ شيئاً وعمل من أجله بكدٍ ، و أوفاه حقوقه ومستلزماته إلا وكان النصر حليفه، وإن تطاول زمان الخسران، وتكالبت الخطوب،واتحدت عاديات الدهر، فخسفت للحظ قمرا، فحتماً إن لشمس الخلاص بزوغ، وستملأ أشعتها الأرض نوراً من بعد طول ظلام..
يومها سيأتلف الرجال مع الحرائر والكهل مع الوليد،وسيكون الزمان للسنابل الملأى، وليس لأشجار (العُشر) ومن والاها واهتدى بهديها من ( البروس).
انتهى،،،،،،،،،،
محمود، ، ،
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.