كلية الارباع لمهارات كرة القدم تنظم مهرجانا تودع فيه لاعب تقي الاسبق عثمان امبده    بيان من لجنة الانتخابات بنادي المريخ    بيان من الجالية السودانية بأيرلندا    رواندا تتوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة لاستقبال ما يصل إلى 250 مهاجرًا    يامال يثير الجدل مجدداً مع مغنية أرجنتينية    شاهد بالفيديو.. السيدة المصرية التي عانقت جارتها السودانية لحظة وداعها تنهار بالبكاء بعد فراقها وتصرح: (السودانيين ناس بتوع دين وعوضتني فقد أمي وسوف أسافر الخرطوم وألحق بها قريباً)    شاهد بالصورة.. بعد أن أعلنت في وقت سابق رفضها فكرة الزواج والإرتباط بأي رجل.. الناشطة السودانية وئام شوقي تفاجئ الجميع وتحتفل بخطبتها    البرهان : لن نضع السلاح إلا باستئصال التمرد والعدوان الغاشم    وفد عسكري أوغندي قرب جوبا    تقارير تكشف خسائر مشغلّي خدمات الاتصالات في السودان    مجاعة تهدد آلاف السودانيين في الفاشر    تجدّد إصابة إندريك "أحبط" إعارته لريال سوسيداد    توجيه الاتهام إلى 16 من قادة المليشيا المتمردة في قضية مقتل والي غرب دارفور السابق خميس ابكر    لدى مخاطبته حفل تكريم رجل الاعمال شكينيبة بادي يشيد بجامعة النيل الازرق في دعم الاستقرار    عثمان ميرغني يكتب: لا وقت للدموع..    السودان..وزير يرحب بمبادرة لحزب شهير    الهلال السوداني يلاحق مقلدي شعاره قانونيًا في مصر: تحذير رسمي للمصانع ونقاط البيع    "ناسا" تخطط لبناء مفاعل نووي على سطح القمر    ريال مدريد الجديد.. من الغالاكتيكوس إلى أصغر قائمة في القرن ال 21    تيك توك يحذف 16.5 مليون فيديو في 5 دول عربية خلال 3 أشهر    صقور الجديان في الشان مشوار صعب وأمل كبير    الإسبان يستعينون ب"الأقزام السبعة" للانتقام من يامال    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    مسؤول سوداني يردّ على"شائعة" بشأن اتّفاقية سعودية    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذكريات وطرائف ومواقف شخصية مع من أثقلني بديونه وفجعني رحيله .. بقلم: د. عثمان الوجيه
نشر في سودانيل يوم 01 - 04 - 2018

عرفت الدكتور صادق عبد الله عبد الماجد قبل عقد ونصفه كصحفي في الزميلة أخبار اليوم.. ولم نكترث لتباين رؤانا الفكرية والسياسية،، وظللت على تواصل معه بإتصال شبه إسبوعي "كنت أتردد على مصر وكان يكتب مقالات عن إستثمارات –أحمد بهجت / المشبوهة في السودان- وما أدراك ما دريم لاند ؟؟" وفي صحيفة –المشهد- تحديداٌ يوم الخميس 31 ديسمبر 2012م إستغاث بي أحد الزملاء -كان يريد إجراء عملية جراحية عاجلة في عمان لأصابته بالفشل الكلوى تكلفتها باهظة جداً- فقلت له :- أن أي نداء إنساني لن يجدي،، لكني طالبته أن ينظرني حتى نهاية اليوم وقلت له بالحرف "أعرف –ماسح دموع- وله علاقات دولية،، خاصة بالمشافي الأردنية،، يمكنه أن يتوسط لتخفيض المبلغ ومن ثم يتحرك لتوفير الباقي –وقد كان- نسأل الله القبول" لم أجد صعوبة في الحصول على عنوانه فمن أول إتصال عرفت أنه يقيم بشمبات غرب مسجد الشيخ البشير الذي أدركت فيه صلاة المغرب وسألت أول من صافحني بقوله :- حرماً عن منزله فخرج معي –حافياً- ووصفه لي.. طرقت الباب فخرج من باب اْخر وما أن وقعت عيناه علي سرعان ما قال لي :- يبدو أن الأمر جلل وإلا لما تكبد الدكتور عثمان الوجيه مشاق المواصلات من أمدرمان حتى بحري مغبراً أقدامه الطاهرة بزيارة منزلنا المتواضع في أمسية خميس ورأس سنة!! فأوقفت تريقته بسؤالي له :- أين منزلك الباب الذي تقف أمامه أنت أم الباب الذي أقف أمامه أنا؟؟ فقال لي :- لمنزلي بابين الكبير مخصص لدخول السيارة والسيدات أما الصغير فخصصته للنِحاف –الزيي وزيك- فصاحته ودخلت معه وسلمت على الموجودين –كانوا يهمون بالصلاة- فإستلقيت على أحد الأسرة،، فقال لضيوفه :- أصلهم الشوعيين ما بيصلوا ولو سألتوه ح يقول ليكم عنده ظرف!! فقلت له :- أشهد الله على أني صليت بمسجد البشير،، فقال لي :- لماذا الإستعجال أليست هناك باقيات صالحات؟؟ فقلت له :- أنا أفضل منكم لأني أديت الصلاة في وقتها بالمسجد أما أنتم فربما ترغبون في قصر المغرب مع العشاء!! فقال لي :- عشان –لداحتك- دي ما ح أضيفك إلا بعد ما أصلي،، فقلت له :- سأضيف نفسي حتي لا أشغلك عن النوافل،، فقال لي :- الثيرموس فيه شاي وإنت ما بتشربه وعشان ما تعمل لي فيها –كردافي- وتطالبني بحليب وعصير -قنقليز بالأنقارة- نحن دليرين نتغدى بعد الصلاة مباشرة،، ودخلوا في صلاتهم.. أنهوا صلاتهم وتغدينا وإحتسينا القهوة وصلينا العشاء فإستاذن ضيوفه وإستدعاني للصالون وقال لي :- قبل أن أسمعك أنا عاوزك في موضوع شخصي منذ ستة أشهر ولما سألت عنك علمت أنك في غانا،، فقلت له :- أن زيارتي لأكرا كانت لمؤتمر لإسبوع فقط وفي تسفاري أفعل خاصية التجوال الدولي لذلك أفضل أن أناقش سبب مجئي لك -أنهى الأمر جذرياً خلال نصف ساعة بإتصالين أحدهما محلي والاْخر دولي- ثم عاد للموضوع الذي يريدني فيه منذ نصف عام وهو –توسطه لي لعمل في بيرطانيا من مكتب في مصر- فقلت له :- أُناقِش الأثناء عرض اْخر من الأمارات وأفضله ليس حباً في الخليج ولا طمعاً في دراهمه إلا أنني أرى أن العمل في دبي أفضل من القاهرة -لحسابات شخصية- إضافة إلى ذلك سأكتب باللغة العربية،، فرفض حتى أن يناقش معي تبريري وحسم الأمر بأن وجودي في القاهرة –في تلك الفترة- الأفضل وكتابتي باللغة الإنجليزية في برطانيا الأفيد،، وأصر على الأمر وألح فيه وناقشناه تفصيلياً طوال ستة أشهر حتى إقتنعت بالأمر وكان خروجي الأخير من السودان –لم يكتفي بتذكيتي فحسب بل تابع معي تفاصيل العقد وإجراءات السفر وتكفل بالتذاكر وودعني بالمطار- 173 يوم هي فترة قربي منه حيث كنا نهاتف بعض كل بضع ساعات وأزوره يومياً ونخرج معاً إسبوعياً،، لذلك عرفته أكثر من غيري وحفظت له من طرائفه ما لم يستمتع بها غيري وتعلمت الكثير من حنكته.. كان محباً للغة العربية لدرجة الغيرة عليها،، ذات مرة دخل أحد تلامذته –يعمل مستشاراً بوزارة الخارجية- مع صديقه بنيامين –فرنسي يعمل أستاذاً بجامعة بورتسودان الأهلية- فتباهيت لهم بأنني أتحدث اللغة الإنجليزية –أهم لغة في العالم- فتحداني بنيامين بأنه يتحدث اللغة الفرنسية –التي كتب بها القانون الدولي- فقال لنا :- أنه يتحدث اللغة العربية –التي أنزل بها القراْن الكريم- فقلت له :- لا داعي للمزايدات بالدين نحن نتحدث عن أهمية اللغة فقط،، على الفور قام بسرد –قصة / المزارع الحكيم- رواها لبنيامين بالفرنسي ثم تجرجمها لي بالإنجليزي ثم حكاها للموجدين بالعربي،، وفي مرة أخرى وجد مقال عن الأستاذة التي قالت لطلابها أن الاْية 96 من سورة اْل عمران بها خطأ طباعي -في مفردة بكة- إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِين،، فإحتفظ بالصحيفة وإنتظرني بها ليسخر من بني جيلي فقلت له :- نحن لم ندرس بالخلاوي ودراستنا للقراْن الكريم في مادة التربية الإسلامية للتحصيل الأكاديمي فقط وعن نفسي لم أك أعرف أن الاْية الأولى من سورة مريم تقرأ خمسة أحرف إلا بعد دخولي الجامعة،، أعجبه نطقي للمفردة فحفظها وإحتفظ بها ولما هممت بالمغادرة كان يحتاجني في أمر وأراد أن يقول لي أجلس فقال لي –كَهْيّعِص- فقلت له –كُهِيّعْصُت- فقال لي :- عليك التفرقة بين المبني للمجهول والمبني للمعلوم وتذكر أن هناك أحرف زيادة يمكن إستخدامها،، ثم شرح لي متى أقول –كُهيعصت ، كَهيعصت ، إكهيعصت وإتكهيعصت- وحذرني من إستخدام حرف السين بشرح وافٍ.. كان يجبرك على إحترامه لأنه لا يجرحك البتة،، ذات مرة هاتفني وطلبني فوعدته بزيارته السابعة مساء –شاءت إرادة الله أن أكتب يومها مقال بعنوان :- ثقافة فاتني القطار / عن سبهلليتنا كشرق أوسطيين وعدم إحترامنا للوقت- فوصلته الساعة الثامنة وخمس دقائق،، كان متفق مع زوجته للخروج الساعة الثامنة،، ولما وصلته قال لي :- قرأت لك مقال اليوم وحمدت الله على كونك ح تعيش ملك في أوربا لكن ساعتك -الشربانة موية- دي غيرها،، فحاولت –التظارف- وقلت له :- أنا وعدتك بالتوقيت القديم،، فقال لي :- تخلف وعدك ما مشكلة بس تكضب دي جديدة عليك ولن أسألك عن الخمسة دقايق،، ثم طالبني بالركوب معهم لأن لديه مشوار وسيتحدث معي في الطريق وبعد أن يصل يقوم السائق بإيصالي لوجهتي،، جلست مع زوجته في المقعد الخلفي وإنتظرته ليبدأ الحديث –بطبعه يسمعك جيداً لكن لو كان الموضوع مفيد يتحدث أكثر منك- ولما لم يتحدث معي أيقنت بأنه غاضب مني فشرحت له سبب تأخري ومعاناتي مع المواصلات –باللغة الإنجليزية- صمت لمدة ثم قال لي :- خلاص خلصت كلامك؟؟ فأجلته بالإثبات،، فقال لي :- المدام حاصلة على درجة الماجستير في اللغة الإنجليزية والسائق خريج ترجمة من جامعة جوبا –أشهد الله من يومها لم أتحدث باللغة الإنجليزية أمام من لا أعرفه مهماً كانت خصوصية الأمر- كان ينتزع البسمة لإسعاد الجميع،، ذات مرة دخلت عليهم ووجدتهم يتناولون طعام الغداء فرفعت قطعة موز فمسك يدي وقال لي :- دي عشان ما عندكم ليها في أبي زبد!! فقلت له :- أنت لست –بحراوي- وأقنعني أين يزرع –الأمدرمانيين- الموز؟؟ فقال لي :- نحن لا نزرعه لكنا نأكله بالأتكيت –يعني تنهي أكلك بالأول ثم تحلي بالفاكهة أي كان نوعها- فقلت له أنا لا أرغب في الأكل الاْن لذلك أكتفيت بالموز –فسألني عن سبب إمتناعي عن الأكل- فقلت له :- في طريقي إليك علمت بعودة –الفنان / صلاح بن البادية- من رحلة إستشفاء خارجية فعاودته وتغديت معه،، فقال لي :- مسكين ود البادية الدخل قائمة النخب السودانية الجوعتك!! فقلت له :- كيف هذا؟؟ فقال لي :- ود البادية بيكرم ضيوفه بطريقتين،، الأولى –غداء الفنانين- ودة بيكون بيتزا على السفرة وكل واحد يشيل شوكة وسكين –وما أظنك بتعرف كدة- أما الطريقة الثانية فهي –غداء الشيوخ- ودة بكون في سجادة كبيرة وعليها صينية يشيلوها أربعة أنفار وفيها أربعين صحن لحمة وإنت ما بتاكل لحمة.. كان لديه طريقة في الإقناع بتبرير لطيف،، إلتقيته مصادفة في المجلس التشريعي لولاية الخرطوم كان على عجالة من أمره،، مع –الوالد الراحل / عبد الله عبيد– رحمهما الله،، كانا في معا في هيئة تسمية شوارع الخرطوم،، فمر بنا الشقيق –أحمد دولة- فقال لنا :- كدة في تكافؤ بين –أصحاب اليمين وأصحاب الشمال- فقلت له :- الأستاذ عبد الله عبيد طلق الشيوعية زمان والأستاذ أحمد دولة ما ح يعترف ليك إنه المؤتمر الوطني جزء من الأخوان المسلمين وأنا نفسي ما قدركم إنتو الثلاثة،، فقال لي :- طيب وكت ما قدرنا الموقفك معانا شنو –يلا مع السلامة- وإستأذننا وإنصرف.. لن أنقض له أجره وكرمه يعرفه القاصي والداني وما شهدته بأم عيني يحتاج لمجلدات وأشهد الله لم أر في حياتي أكرم منه في هذه البسيطة،، وكثيراً ما أتساءل حينما أجد العشرات في منزله –بدون تنسيق- لكنهم يتناولن جميعاً –الإفطار، الغداء، العشاء، حتى الشاي باللبن والبسكويت متاح لزوار الصباح- بل كان يعول أُسر وطلاب براتب شهري بالرغم من أنه لا يعمل وليس لديه دخل ثابت،، ذات مرة طلبت منه مبلغ مالي ضخم فأقسم لي بالله العظيم أنه لا يملك في جيبه غير عشرين جنيهاً لكنه طالبني بالإنتظار حتى نهاية اليوم لأنه متوقع إستلام إيجار –مكتبته بأمدرمان مستأجرة ورشة- فقلت له أن المبلغ لا يكفيني وبما أنه في أمس الحاجة له سأصرف النظر فدخل علينا أحدهم وسلمه مبلغ بقدر ما حددته له وقال له –هي أمانة كلف بها لأجله من إحدي الجهات- وخرج،، ناولني المبلغ فرفضت لأنه ليس معه غيره وكان هناك العشرات من الموجودين –أعرفه يودع زواره بالمال- فقال لي :- أنت طلبت المبلغ ووصل في وجودك فهو نصيبك والموجودين لو عندهم نصيب ح يصل،، إفترحت عليه أن نقتسمه فوافق بشرط أن يكون ديناُ عليه فرفضت أن أخذ منه مال وأعيد له جزء منه كدين،، فدخل علينا أحدهم وسلمه مبلغ بقدر –نصف المبلغ الذي فضلت تركه معه- وقال له –هي أمانة كلف بها لأجله من إحدي الدول- على الفور وضعت المبلغ علي جيب حقيبة حاسوبي وحمدت الله على صفاء نيتي وإكتفيت بقولي له :- سبحان الله.. كان عطوفاً وحنوناً بدرجة لم أشهدها لأحد في حياتي وكان شديد التأثر بما يرويه له زواره وكان كثيراً ما يزرف الدمع حينما يحل مأساة غيره لكن دمعه يزداد حينما يلجأ له صاحب حاجة ولم يستطيع أن يفعل شيئاً لأجله،، تعرض محمد الغبشاوي –إبن أخته- لوعكة أجبرته أن يستشفى بالقاهرة فحرص ألا يخطره قبل سفره لكي لا يكبده مشقة التحرك من شمبات إلى المهندسين لمعاودته ولما عاد الأبن وصل لخاله وكان قدري أن أشهد إستقباله ببكاءه كالأطفال علمت أنه يحب جميع أفراد أسرته لذلك يستأثر بألامهم وأحزانهم.. سألته ذات مره عن سبب إغلاقه لمكتبه كمحام فقال أنه يستحي أن يترافع أمام مظلوم بمقابل ويصعب عليه تسيير المكتب بالمجان،، فإستفسرته إن كان هذا السبب الذي دفعه للتدريس بالأحفاد الثانوية فأقنعني بأن ريع المحاماة أكثر من التدريس والمحامي أكثر دخلاً من المدرس فعرفت أنه الدافع الإنساني الذي عمل لأجله طوال عقود.. أجريت معه حوار وإخشوشنت معه بأنه سبب تعاسة السودان لأنه جاء بفكر حسن البنا من مصر وذهب للترابي في حنتوب لتجنيده فأقسم أن ما فعلته الحركة الإسلامية بمؤتمرِّيها لا علاقة له بفكر الأخوان المسلمين،، ولما سألته عن تساهله في قيادة الجماعة قبل إنشقاق الرعيل الأول للحركة الإسلامية قال أنه أراد ألا يسجل التأريخ أي ديكتاتورية بإسمه لأنه كان موقن بأن الترابي لن يقبل بغير الزعامة،، وسألته عن الموقف المحرج –حينما ترشح للبرلمان برمز الزجاجة- وكانت ساعتها البلد علمانية وما أدراك ما مناكفات السياسين من شاكلة –الأمة عند الله مشفوعة والراية في الأنداية مرفوعة- فقال لي أن وكيله أول من أدرك الأمر لذلك كانت حملته الإنتخابية من شاكلة :- الزجاجة فيها عسل، الزجاجة فيها لبن، الزجاجة فيها ماء، لأنها كوكب دري.. الخميس 21 يونيو 2013م كنت على موعد مع خروجي الأخير من السودان فأعلنت الخبر قبل 24 ساعة فقط لمعارفي الذين صدموا لكوني ضد هجرة الشباب فطالبني بعض المعارف أن نناقش الأمر في المطار الذي وصلته الرابعة عصراً بالرغم من أن موعد مغادرتي الحادية عشرة مساء لكن الزمن لم يكفيني لدرجة أني أخرت موعد إقلاع طائرة مارسلاند لساعة لأنني حصلت على ختم المغادرة على جوازي وخرجت للوفود المتقاطرة بتصريح خاص فما كان منهم غير تخصيص النداء
الداخلي والخارجي بصالتي الوصول والمغادرة لمعرفة مكاني.. المهم فاجأني الراحل بوصوله للمطار بالرغم من أني حسمت معه أمر وداعي هذا ووعدته بأن أول إتصال أجريه من لندن سيكون معه فقال لي أتاني لثلاثة أسباب أخرج لي نسخة من القراْن الكريم –رفضت إستلامها / بطبعي لا أقبل لأن رمزيتها الوداع الأخير- وسألني بالله أمام المودعين أن أنشر مذكراتي –مسافر زاده الطريق / مجموعة أوراق لطرائف تسفاري ولقاءاتي بنخب في الداخل والخارج / يا لخجلي ضاعت الأوراق وأضعت عدة حواسيب وهواتف وأضعت الصور وبقيت الذكريات في ذاكرتي فقط- ثم إنفرد بي ونظر إلى الأرض وبدأ يثني علي وعلي تربيتي وأنه لا يشك أبدا بأن الإنفتاح الأوربي سيؤثر علي ثم تلعثم،، فقلت له أنت عاوز تقول لي أعمل حسابك ما تنحرف صاح؟؟ هنا رفع وجه في وجهي وأوما بالإيجاب ولم يستطيع فتح فمه أو يغالب دمعه وتعانقنا وكان العناق الأخير بالرغم من أنه إستشفى بالقاهرة لكني كنت خارج مصر وإكتفينا بالأتصالات فقط اخرها كانت –عشية طرد الحكومة السودانية لقادة الأخوان المسلمين / قبل أسابيع- لكني إختصرته لعلمي بحالته الصحية رحمه الله.
خروج :- مدان لرهط من الجالية السودانية بمصر الذين وصلوني للتعزية بالقاهرة من –مطروح، الإسكندرية، ومحافظات الدلتا والقناة، دمياط- وممتن للزملاء الذين هاتفوني معزيين من داخل وخارج السودان وشاكر للأصدقاء بوسائل التواصل الإجتماعي لتفاعلهم مع الهاشتاج الذي دشنته #رحم_الله_عبده_صادق_عبد_الله_عبد_الماجد ولن أزيد والسلام ختام
--
د. عثمان الوجيه / صحفي سوداني مقيم بمصر
YOUTUBE GOOGLEPLUS LINKEDIN TWITTER FACEBOOK INSTAGRAM SNAPCHAT TEEGRAM PINTEREST SKYPE : DROSMANELWAJEEH
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.