شاهد بالصورة والفيديو.. مطربة أثيوبية تشعل حفل غنائي في أديس أبابا بأغنية الفنانة السودانية منال البدري (راجل التهريب) والجمهور يتساءل: (ليه أغانينا لمن يغنوها الحبش بتطلع رائعة كدة؟)    شاهد بالفيديو.. ظهر بحالة يرثى لها.. الفنان المثير للجدل سجاد بحري يؤكد خروجه من السجن وعودته للسودان عبر بورتسودان    شاهد بالصورة والفيديو.. مطربة أثيوبية تشعل حفل غنائي في أديس أبابا بأغنية الفنانة السودانية منال البدري (راجل التهريب) والجمهور يتساءل: (ليه أغانينا لمن يغنوها الحبش بتطلع رائعة كدة؟)    شاهد بالفيديو.. ظهر بحالة يرثى لها.. الفنان المثير للجدل سجاد بحري يؤكد خروجه من السجن وعودته للسودان عبر بورتسودان    شاهد بالفيديو.. وسط تصفيق وزغاريد وتفاعل الحضور.. عازف العود الشهير عوض أحمودي يفاجئ المعازيم بحفل زواج بالقاهرة ويردد رائعة الهرم وردي "أقابلك"    الهلال السعودي يتعادل مع ريال مدريد بهدف لكلٍ في كأس العالم للأندية    مانشستر سيتي يستهل مونديال الأندية بالفوز على الوداد المغربي بهدفين دون مقابل    وزارة الصحة تستقبل طائرة مساعدات إنسانية وطبية تركية تبلغ 37 طناً لمكافحة الكوليرا    هل هناك احتمال لحدوث تسرب إشعاع نووي في مصر حال قصف ديمونة؟    تقرير أممي: الجيش مسؤول عن الجرائم وتدهور الوضع الإنساني في السودان    ماذا يفعل كبت الدموع بالرجال؟    أمام الريال.. الهلال يحلم بالضربة الأولى    الإدارة العامة للمباحث الجنائية المركزية تتمكن من الإيقاع بشبكة إجرامية تخصصت فى نهب مصانع العطور بمعاونة المليشيا المتمردة    كامل إدريس يؤكد عمق ومتانة العلاقات الثنائية بين السودان والكويت    "الدعم السريع" تبسط سيطرتها الكاملة على قاعدة الشفرليت العسكرية    ترامب: "نعرف بالتحديد" أين يختبئ خامنئي لكن لن "نقضي عليه" في الوقت الحالي    كامل إدريس ابن المنظمات الدولية لايريد أن تتلطخ أطراف بدلته الأنيقة بطين قواعد الإسلاميين    9 دول نووية بالعالم.. من يملك السلاح الأقوى؟    عَوض (طَارَة) قَبل أن يَصبح الاسم واقِعا    إنشاء حساب واتساب بدون فيسبوك أو انستجرام.. خطوات    عودة الحياة لاستاد عطبرة    السهم الدامر والهلال كريمة حبايب في إفتتاح المرحلة الأخيرة من الدوري العام    الصحفية والشاعرة داليا الياس: (عندي حاجز نفسي مع صبغة الشعر عند الرجال!! ولو بقيت منقطها وأرهب من الرهابة ذاتا مابتخش راسي ده!!)    شاهد.. عروس الموسم الحسناء "حنين" محمود عبد العزيز تعود لخطف الأضواء على مواقع التواصل بلقطات مبهرة إحداها مع والدها أسطورة الفن السوداني    التهديد بإغلاق مضيق هرمز يضع الاقتصاد العالمي على "حافة الهاوية"    تدهور غير مسبوق في قيمة الجنيه السوداني    كيم كارداشيان تنتقد "قسوة" إدارة الهجرة الأمريكية    "دم على نهد".. مسلسل جريء يواجه شبح المنع قبل عرضه    ايران تطاطىء الرأس بصورة مهينة وتتلقى الضربات من اسرائيل بلا رد    خطأ شائع أثناء الاستحمام قد يهدد حياتك    خدعة بسيطة للنوم السريع… والسر في القدم    السلطات السودانية تضع النهاية لمسلسل منزل الكمير    المباحث الجنائية المركزية ولاية الجزيرة تنفذ حملة أمنية كبري بالسوق العمومي وتضبط معتادي إجرام    مباحث شرطة الولاية الشمالية تتمكن من إماطة اللثام عن جريمة قتل غامضة وتوقف المتورطين    بلاغ بوجود قنبلة..طائرة سعودية تغيّر مسارها..ما التفاصيل؟    المملكة تستعرض إستراتيجية الأمن الغذائي لدول مجلس التعاون الخليجي    "خطوة برقو" تفجّر الأوضاع في دارفور    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    الترجي يسقط أمام فلامنغو في مونديال الأندية    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    إدارة مكافحة المخدرات بولاية البحر الأحمر تفكك شبكة إجرامية تهرب مخدر القات    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذكريات وطرائف ومواقف شخصية مع من أثقلني بديونه وفجعني رحيله .. بقلم: د. عثمان الوجيه
نشر في سودانيل يوم 01 - 04 - 2018

عرفت الدكتور صادق عبد الله عبد الماجد قبل عقد ونصفه كصحفي في الزميلة أخبار اليوم.. ولم نكترث لتباين رؤانا الفكرية والسياسية،، وظللت على تواصل معه بإتصال شبه إسبوعي "كنت أتردد على مصر وكان يكتب مقالات عن إستثمارات –أحمد بهجت / المشبوهة في السودان- وما أدراك ما دريم لاند ؟؟" وفي صحيفة –المشهد- تحديداٌ يوم الخميس 31 ديسمبر 2012م إستغاث بي أحد الزملاء -كان يريد إجراء عملية جراحية عاجلة في عمان لأصابته بالفشل الكلوى تكلفتها باهظة جداً- فقلت له :- أن أي نداء إنساني لن يجدي،، لكني طالبته أن ينظرني حتى نهاية اليوم وقلت له بالحرف "أعرف –ماسح دموع- وله علاقات دولية،، خاصة بالمشافي الأردنية،، يمكنه أن يتوسط لتخفيض المبلغ ومن ثم يتحرك لتوفير الباقي –وقد كان- نسأل الله القبول" لم أجد صعوبة في الحصول على عنوانه فمن أول إتصال عرفت أنه يقيم بشمبات غرب مسجد الشيخ البشير الذي أدركت فيه صلاة المغرب وسألت أول من صافحني بقوله :- حرماً عن منزله فخرج معي –حافياً- ووصفه لي.. طرقت الباب فخرج من باب اْخر وما أن وقعت عيناه علي سرعان ما قال لي :- يبدو أن الأمر جلل وإلا لما تكبد الدكتور عثمان الوجيه مشاق المواصلات من أمدرمان حتى بحري مغبراً أقدامه الطاهرة بزيارة منزلنا المتواضع في أمسية خميس ورأس سنة!! فأوقفت تريقته بسؤالي له :- أين منزلك الباب الذي تقف أمامه أنت أم الباب الذي أقف أمامه أنا؟؟ فقال لي :- لمنزلي بابين الكبير مخصص لدخول السيارة والسيدات أما الصغير فخصصته للنِحاف –الزيي وزيك- فصاحته ودخلت معه وسلمت على الموجودين –كانوا يهمون بالصلاة- فإستلقيت على أحد الأسرة،، فقال لضيوفه :- أصلهم الشوعيين ما بيصلوا ولو سألتوه ح يقول ليكم عنده ظرف!! فقلت له :- أشهد الله على أني صليت بمسجد البشير،، فقال لي :- لماذا الإستعجال أليست هناك باقيات صالحات؟؟ فقلت له :- أنا أفضل منكم لأني أديت الصلاة في وقتها بالمسجد أما أنتم فربما ترغبون في قصر المغرب مع العشاء!! فقال لي :- عشان –لداحتك- دي ما ح أضيفك إلا بعد ما أصلي،، فقلت له :- سأضيف نفسي حتي لا أشغلك عن النوافل،، فقال لي :- الثيرموس فيه شاي وإنت ما بتشربه وعشان ما تعمل لي فيها –كردافي- وتطالبني بحليب وعصير -قنقليز بالأنقارة- نحن دليرين نتغدى بعد الصلاة مباشرة،، ودخلوا في صلاتهم.. أنهوا صلاتهم وتغدينا وإحتسينا القهوة وصلينا العشاء فإستاذن ضيوفه وإستدعاني للصالون وقال لي :- قبل أن أسمعك أنا عاوزك في موضوع شخصي منذ ستة أشهر ولما سألت عنك علمت أنك في غانا،، فقلت له :- أن زيارتي لأكرا كانت لمؤتمر لإسبوع فقط وفي تسفاري أفعل خاصية التجوال الدولي لذلك أفضل أن أناقش سبب مجئي لك -أنهى الأمر جذرياً خلال نصف ساعة بإتصالين أحدهما محلي والاْخر دولي- ثم عاد للموضوع الذي يريدني فيه منذ نصف عام وهو –توسطه لي لعمل في بيرطانيا من مكتب في مصر- فقلت له :- أُناقِش الأثناء عرض اْخر من الأمارات وأفضله ليس حباً في الخليج ولا طمعاً في دراهمه إلا أنني أرى أن العمل في دبي أفضل من القاهرة -لحسابات شخصية- إضافة إلى ذلك سأكتب باللغة العربية،، فرفض حتى أن يناقش معي تبريري وحسم الأمر بأن وجودي في القاهرة –في تلك الفترة- الأفضل وكتابتي باللغة الإنجليزية في برطانيا الأفيد،، وأصر على الأمر وألح فيه وناقشناه تفصيلياً طوال ستة أشهر حتى إقتنعت بالأمر وكان خروجي الأخير من السودان –لم يكتفي بتذكيتي فحسب بل تابع معي تفاصيل العقد وإجراءات السفر وتكفل بالتذاكر وودعني بالمطار- 173 يوم هي فترة قربي منه حيث كنا نهاتف بعض كل بضع ساعات وأزوره يومياً ونخرج معاً إسبوعياً،، لذلك عرفته أكثر من غيري وحفظت له من طرائفه ما لم يستمتع بها غيري وتعلمت الكثير من حنكته.. كان محباً للغة العربية لدرجة الغيرة عليها،، ذات مرة دخل أحد تلامذته –يعمل مستشاراً بوزارة الخارجية- مع صديقه بنيامين –فرنسي يعمل أستاذاً بجامعة بورتسودان الأهلية- فتباهيت لهم بأنني أتحدث اللغة الإنجليزية –أهم لغة في العالم- فتحداني بنيامين بأنه يتحدث اللغة الفرنسية –التي كتب بها القانون الدولي- فقال لنا :- أنه يتحدث اللغة العربية –التي أنزل بها القراْن الكريم- فقلت له :- لا داعي للمزايدات بالدين نحن نتحدث عن أهمية اللغة فقط،، على الفور قام بسرد –قصة / المزارع الحكيم- رواها لبنيامين بالفرنسي ثم تجرجمها لي بالإنجليزي ثم حكاها للموجدين بالعربي،، وفي مرة أخرى وجد مقال عن الأستاذة التي قالت لطلابها أن الاْية 96 من سورة اْل عمران بها خطأ طباعي -في مفردة بكة- إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِين،، فإحتفظ بالصحيفة وإنتظرني بها ليسخر من بني جيلي فقلت له :- نحن لم ندرس بالخلاوي ودراستنا للقراْن الكريم في مادة التربية الإسلامية للتحصيل الأكاديمي فقط وعن نفسي لم أك أعرف أن الاْية الأولى من سورة مريم تقرأ خمسة أحرف إلا بعد دخولي الجامعة،، أعجبه نطقي للمفردة فحفظها وإحتفظ بها ولما هممت بالمغادرة كان يحتاجني في أمر وأراد أن يقول لي أجلس فقال لي –كَهْيّعِص- فقلت له –كُهِيّعْصُت- فقال لي :- عليك التفرقة بين المبني للمجهول والمبني للمعلوم وتذكر أن هناك أحرف زيادة يمكن إستخدامها،، ثم شرح لي متى أقول –كُهيعصت ، كَهيعصت ، إكهيعصت وإتكهيعصت- وحذرني من إستخدام حرف السين بشرح وافٍ.. كان يجبرك على إحترامه لأنه لا يجرحك البتة،، ذات مرة هاتفني وطلبني فوعدته بزيارته السابعة مساء –شاءت إرادة الله أن أكتب يومها مقال بعنوان :- ثقافة فاتني القطار / عن سبهلليتنا كشرق أوسطيين وعدم إحترامنا للوقت- فوصلته الساعة الثامنة وخمس دقائق،، كان متفق مع زوجته للخروج الساعة الثامنة،، ولما وصلته قال لي :- قرأت لك مقال اليوم وحمدت الله على كونك ح تعيش ملك في أوربا لكن ساعتك -الشربانة موية- دي غيرها،، فحاولت –التظارف- وقلت له :- أنا وعدتك بالتوقيت القديم،، فقال لي :- تخلف وعدك ما مشكلة بس تكضب دي جديدة عليك ولن أسألك عن الخمسة دقايق،، ثم طالبني بالركوب معهم لأن لديه مشوار وسيتحدث معي في الطريق وبعد أن يصل يقوم السائق بإيصالي لوجهتي،، جلست مع زوجته في المقعد الخلفي وإنتظرته ليبدأ الحديث –بطبعه يسمعك جيداً لكن لو كان الموضوع مفيد يتحدث أكثر منك- ولما لم يتحدث معي أيقنت بأنه غاضب مني فشرحت له سبب تأخري ومعاناتي مع المواصلات –باللغة الإنجليزية- صمت لمدة ثم قال لي :- خلاص خلصت كلامك؟؟ فأجلته بالإثبات،، فقال لي :- المدام حاصلة على درجة الماجستير في اللغة الإنجليزية والسائق خريج ترجمة من جامعة جوبا –أشهد الله من يومها لم أتحدث باللغة الإنجليزية أمام من لا أعرفه مهماً كانت خصوصية الأمر- كان ينتزع البسمة لإسعاد الجميع،، ذات مرة دخلت عليهم ووجدتهم يتناولون طعام الغداء فرفعت قطعة موز فمسك يدي وقال لي :- دي عشان ما عندكم ليها في أبي زبد!! فقلت له :- أنت لست –بحراوي- وأقنعني أين يزرع –الأمدرمانيين- الموز؟؟ فقال لي :- نحن لا نزرعه لكنا نأكله بالأتكيت –يعني تنهي أكلك بالأول ثم تحلي بالفاكهة أي كان نوعها- فقلت له أنا لا أرغب في الأكل الاْن لذلك أكتفيت بالموز –فسألني عن سبب إمتناعي عن الأكل- فقلت له :- في طريقي إليك علمت بعودة –الفنان / صلاح بن البادية- من رحلة إستشفاء خارجية فعاودته وتغديت معه،، فقال لي :- مسكين ود البادية الدخل قائمة النخب السودانية الجوعتك!! فقلت له :- كيف هذا؟؟ فقال لي :- ود البادية بيكرم ضيوفه بطريقتين،، الأولى –غداء الفنانين- ودة بيكون بيتزا على السفرة وكل واحد يشيل شوكة وسكين –وما أظنك بتعرف كدة- أما الطريقة الثانية فهي –غداء الشيوخ- ودة بكون في سجادة كبيرة وعليها صينية يشيلوها أربعة أنفار وفيها أربعين صحن لحمة وإنت ما بتاكل لحمة.. كان لديه طريقة في الإقناع بتبرير لطيف،، إلتقيته مصادفة في المجلس التشريعي لولاية الخرطوم كان على عجالة من أمره،، مع –الوالد الراحل / عبد الله عبيد– رحمهما الله،، كانا في معا في هيئة تسمية شوارع الخرطوم،، فمر بنا الشقيق –أحمد دولة- فقال لنا :- كدة في تكافؤ بين –أصحاب اليمين وأصحاب الشمال- فقلت له :- الأستاذ عبد الله عبيد طلق الشيوعية زمان والأستاذ أحمد دولة ما ح يعترف ليك إنه المؤتمر الوطني جزء من الأخوان المسلمين وأنا نفسي ما قدركم إنتو الثلاثة،، فقال لي :- طيب وكت ما قدرنا الموقفك معانا شنو –يلا مع السلامة- وإستأذننا وإنصرف.. لن أنقض له أجره وكرمه يعرفه القاصي والداني وما شهدته بأم عيني يحتاج لمجلدات وأشهد الله لم أر في حياتي أكرم منه في هذه البسيطة،، وكثيراً ما أتساءل حينما أجد العشرات في منزله –بدون تنسيق- لكنهم يتناولن جميعاً –الإفطار، الغداء، العشاء، حتى الشاي باللبن والبسكويت متاح لزوار الصباح- بل كان يعول أُسر وطلاب براتب شهري بالرغم من أنه لا يعمل وليس لديه دخل ثابت،، ذات مرة طلبت منه مبلغ مالي ضخم فأقسم لي بالله العظيم أنه لا يملك في جيبه غير عشرين جنيهاً لكنه طالبني بالإنتظار حتى نهاية اليوم لأنه متوقع إستلام إيجار –مكتبته بأمدرمان مستأجرة ورشة- فقلت له أن المبلغ لا يكفيني وبما أنه في أمس الحاجة له سأصرف النظر فدخل علينا أحدهم وسلمه مبلغ بقدر ما حددته له وقال له –هي أمانة كلف بها لأجله من إحدي الجهات- وخرج،، ناولني المبلغ فرفضت لأنه ليس معه غيره وكان هناك العشرات من الموجودين –أعرفه يودع زواره بالمال- فقال لي :- أنت طلبت المبلغ ووصل في وجودك فهو نصيبك والموجودين لو عندهم نصيب ح يصل،، إفترحت عليه أن نقتسمه فوافق بشرط أن يكون ديناُ عليه فرفضت أن أخذ منه مال وأعيد له جزء منه كدين،، فدخل علينا أحدهم وسلمه مبلغ بقدر –نصف المبلغ الذي فضلت تركه معه- وقال له –هي أمانة كلف بها لأجله من إحدي الدول- على الفور وضعت المبلغ علي جيب حقيبة حاسوبي وحمدت الله على صفاء نيتي وإكتفيت بقولي له :- سبحان الله.. كان عطوفاً وحنوناً بدرجة لم أشهدها لأحد في حياتي وكان شديد التأثر بما يرويه له زواره وكان كثيراً ما يزرف الدمع حينما يحل مأساة غيره لكن دمعه يزداد حينما يلجأ له صاحب حاجة ولم يستطيع أن يفعل شيئاً لأجله،، تعرض محمد الغبشاوي –إبن أخته- لوعكة أجبرته أن يستشفى بالقاهرة فحرص ألا يخطره قبل سفره لكي لا يكبده مشقة التحرك من شمبات إلى المهندسين لمعاودته ولما عاد الأبن وصل لخاله وكان قدري أن أشهد إستقباله ببكاءه كالأطفال علمت أنه يحب جميع أفراد أسرته لذلك يستأثر بألامهم وأحزانهم.. سألته ذات مره عن سبب إغلاقه لمكتبه كمحام فقال أنه يستحي أن يترافع أمام مظلوم بمقابل ويصعب عليه تسيير المكتب بالمجان،، فإستفسرته إن كان هذا السبب الذي دفعه للتدريس بالأحفاد الثانوية فأقنعني بأن ريع المحاماة أكثر من التدريس والمحامي أكثر دخلاً من المدرس فعرفت أنه الدافع الإنساني الذي عمل لأجله طوال عقود.. أجريت معه حوار وإخشوشنت معه بأنه سبب تعاسة السودان لأنه جاء بفكر حسن البنا من مصر وذهب للترابي في حنتوب لتجنيده فأقسم أن ما فعلته الحركة الإسلامية بمؤتمرِّيها لا علاقة له بفكر الأخوان المسلمين،، ولما سألته عن تساهله في قيادة الجماعة قبل إنشقاق الرعيل الأول للحركة الإسلامية قال أنه أراد ألا يسجل التأريخ أي ديكتاتورية بإسمه لأنه كان موقن بأن الترابي لن يقبل بغير الزعامة،، وسألته عن الموقف المحرج –حينما ترشح للبرلمان برمز الزجاجة- وكانت ساعتها البلد علمانية وما أدراك ما مناكفات السياسين من شاكلة –الأمة عند الله مشفوعة والراية في الأنداية مرفوعة- فقال لي أن وكيله أول من أدرك الأمر لذلك كانت حملته الإنتخابية من شاكلة :- الزجاجة فيها عسل، الزجاجة فيها لبن، الزجاجة فيها ماء، لأنها كوكب دري.. الخميس 21 يونيو 2013م كنت على موعد مع خروجي الأخير من السودان فأعلنت الخبر قبل 24 ساعة فقط لمعارفي الذين صدموا لكوني ضد هجرة الشباب فطالبني بعض المعارف أن نناقش الأمر في المطار الذي وصلته الرابعة عصراً بالرغم من أن موعد مغادرتي الحادية عشرة مساء لكن الزمن لم يكفيني لدرجة أني أخرت موعد إقلاع طائرة مارسلاند لساعة لأنني حصلت على ختم المغادرة على جوازي وخرجت للوفود المتقاطرة بتصريح خاص فما كان منهم غير تخصيص النداء
الداخلي والخارجي بصالتي الوصول والمغادرة لمعرفة مكاني.. المهم فاجأني الراحل بوصوله للمطار بالرغم من أني حسمت معه أمر وداعي هذا ووعدته بأن أول إتصال أجريه من لندن سيكون معه فقال لي أتاني لثلاثة أسباب أخرج لي نسخة من القراْن الكريم –رفضت إستلامها / بطبعي لا أقبل لأن رمزيتها الوداع الأخير- وسألني بالله أمام المودعين أن أنشر مذكراتي –مسافر زاده الطريق / مجموعة أوراق لطرائف تسفاري ولقاءاتي بنخب في الداخل والخارج / يا لخجلي ضاعت الأوراق وأضعت عدة حواسيب وهواتف وأضعت الصور وبقيت الذكريات في ذاكرتي فقط- ثم إنفرد بي ونظر إلى الأرض وبدأ يثني علي وعلي تربيتي وأنه لا يشك أبدا بأن الإنفتاح الأوربي سيؤثر علي ثم تلعثم،، فقلت له أنت عاوز تقول لي أعمل حسابك ما تنحرف صاح؟؟ هنا رفع وجه في وجهي وأوما بالإيجاب ولم يستطيع فتح فمه أو يغالب دمعه وتعانقنا وكان العناق الأخير بالرغم من أنه إستشفى بالقاهرة لكني كنت خارج مصر وإكتفينا بالأتصالات فقط اخرها كانت –عشية طرد الحكومة السودانية لقادة الأخوان المسلمين / قبل أسابيع- لكني إختصرته لعلمي بحالته الصحية رحمه الله.
خروج :- مدان لرهط من الجالية السودانية بمصر الذين وصلوني للتعزية بالقاهرة من –مطروح، الإسكندرية، ومحافظات الدلتا والقناة، دمياط- وممتن للزملاء الذين هاتفوني معزيين من داخل وخارج السودان وشاكر للأصدقاء بوسائل التواصل الإجتماعي لتفاعلهم مع الهاشتاج الذي دشنته #رحم_الله_عبده_صادق_عبد_الله_عبد_الماجد ولن أزيد والسلام ختام
--
د. عثمان الوجيه / صحفي سوداني مقيم بمصر
YOUTUBE GOOGLEPLUS LINKEDIN TWITTER FACEBOOK INSTAGRAM SNAPCHAT TEEGRAM PINTEREST SKYPE : DROSMANELWAJEEH
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.