حقاً على قدر أهل العزم تأتي العزائمُ.. فهناك من (تسمو همته في الفساد) فيسرق المليارات وهناك من تقعد به وضاعته فيسرق (العجوة الرمضانية) التي تتبرع بها بعض الدول الخليحية في الشهر المبارك للمساكين في الدول الفقيرة أو الدول التي أفقرها حكّامها! وهكذا تتفاوت الهمم.. وسبحان من قَسَم الحظوظ فلا عتاب ولا ملامة.. أعمى وأعشى ثم ذو بصرٍ وزرقاء اليمامة! الواقعة ليست غريبة! واقعة أن بعض الموهوبات والهدايا والإغاثات التي تأتينا من الخارج تجد طريقها للسوق وتُباع عياناً بياناً..والدولة تنظر!! هذه من الأمور المعروفة والراتبة والمتكررة في السودان وأباطرتها معلومون و(أهل السلسلة) فيها ظاهرون بنوباتهم وبيارقهم! فكم من أدوية وألبان و(خيام وبطاطين) جاءت بلادنا ضمن شحنات الإغاثة ووجدها الناس صباح اليوم التالي تُباع علناً في سوق الله أكبر! ولا تظن يا صديقي أنها من سرقات الأفراد العاديين؛ فلو كانت كذلك وكانت الدولة تعاقب عليها لما تمّت السرقة.. فما أسهل التقصي والرقابة لمسيرة الإغاثات ورصد أي إنحراف في طريقها حتى وصولها إلى مستحقيها؛ وما أيسر معرفة (اليد الأولى) التي تتاجر في مواد الإغاثة وتتبّع حلقات اللصوصية إلى مرحلة عرضها في الأسواق، ثم القبض على المنتفع الأول صاحب الجُرم الأكبر!.. فبالله عليك هل يظن (أصحاب السُحت) هؤلاء أن عمائلهم هذه لا يطّلع عليها سفراء الدول المانحة للإغاثة وهم موجودون معنا هنا في الخرطوم يرون ويسمعون ويعرفون إلى أين انتهت إغاثاتهم! ولك أن تتخيّل دولة يريد الآخرون مساعدة منكوبيها أو (مشاطرة العجوة مع صائميها).. فتنتهي الإغاثات إلى (فجّارها) الذي لا يتورّعون من أكل ناقة صالح! وماذا يمكن أن نسمى بالله عليك اولئك الذين يبيعون الإغاثات (بدمغتها وديباجتها) المكتوب عليها بوضوح "هدية مجانية ليست للبيع"؟! هل هناك اسوأ من (حرامية هذا الزمان) الذين يسرقون البطانية من كتف النساء واللبن من أفواه الأطفال ويسحبون الخيمة من (الدركانين) في وحل الفيضانات والكوارث الطبيعية ومن فقدوا مساكنهم وباتوا تحت السموم أو الزمهرير، فإذا بالهدية التي جاءتهم من الخارج سلعة تباع وتشترى بالفلوس، ويذهب الريع للحرامية ولبعض الهيئات السياسية والفئوية التي تحمل إسم (الشرف والنجدة القومية) خدعة وتمويهاً؛ وهم ليسوا إلا من فئة لا تعرف غير (اللغف والسرقات النهارية) وهذا أمر تربّوا عليه وخبروه من كبارهم فحملوا (الجينوم) الخاص به وتناولوا (حقنة المناعة) التي تضمن لهم (الحصانة من العيب) ومن وخذة الضمير ومن مخافة الله.. فليس فيهم أحد إلا وهو يحمل هذه الصفات جميعها مع غلظة الحس والشره والجوعة التي لا تشبع..والتي يقول عنها المثل (جوعة الأكلتْ رحطها)! وهو مثل سوداني موجع ولكنه بالغ الذكاء؛ حيث أن الرحط هو إزار في هيئة سيور من الجلد تُربط على الخاصرة وتختص به الفتاة البكر تحت سن الزواج.. فما ظنك بجوعة تجعل الفتاة تأكل رحطها؟ سواء كان ذلك بالمعنى المادي المباشر.. أو المعنى المجازي! عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.