اكد الرئيس التشادي ادريس ديبي الاثنين للرئيس السوداني عمر البشير انه يأتي الى الخرطوم ليؤكد عزمه على احلال السلام بين البلدين الجارين اللذين ساد التوتر علاقاتهما وتبادلا على مدى خمسة اعوام التهم بدعم حركات مسلحة. ووصل الرئيس التشادي قبل الظهر الى مطار الخرطوم حيث كان في استقباله نظيره عمر البشير ووزراء واعضاء السلك الدبلوماسي في العاصمة السودانية. وعلى الفور اجرى الرئيسان محادثات في مركز المؤتمرات في وسط العاصمة السودانية على الضفة الشرقية لنهر النيل. وقال ديبي في مستهل المحادثات بالفرنسية "اتينا الى هنا مثل حمامة سلام .. اتخذنا قرارنا لنأتي لتحطيم بعض الحواجز والقيود التى تمنع الشعبين من العيش بسلام، جئنا دون ان نطلب اذنا من احد او نستشير اي شخص، ونود ان نغادر ومعنا السلام". واضاف الرئيس التشادي الذي يقوم باول زيارة الى السودان منذ تلك التي قام بها في تموز/يوليو 2004 وتمت انذاك في الجنينة عاصمة دارفور الغربية الملاصقة للحدود التشادية "اتينا لنعرب عن رغبتنا واستعدادنا والتزامنا بالعمل على عودة السلام والثقة" بين بلدينا. وقال ان "السلام مسؤوليتنا الشخصية انا والرئيس البشير لتوفير الظروف السياسية والضرورية للسلام. في السابق كونا لجانا ولجانا فرعية ولكن الان علينا ان نعلن ارادة صادقة نحو السلام. وفي السابق وقعنا الكثير من الاتفاقيات والتقينا اكثر ولكن عدنا ووجدنا انفسنا في الموقف عينه، ولا اعتقد بان اللجان ستخرجنا من هذا الوضع ما يخرجنا هو اتخاذ القرارات السياسية". وتابع "ها نحن نرفع ايادينا بيضاء دليلا على ارادة السلام، ومنذ الان لن يستطيع شخص فرض ازمة بين السودان وتشاد وسنعمل من اجل ان لا تكون هناك ازمة بيننا". وساد توتر على العلاقات بين السودان وتشاد على مدى خمسة اعوام مع تبادلهما الاتهامات بدعم حركات التمرد المناهضة لكل منهما في البلد الاخر. ووقع البلدان منتصف كانون الثاني/يناير في نجامينا "اتفاقا للتطبيع" ملحقا "بمذكرة تفاهم لارساء الامن في الحدود". واكد الرئيس البشير من جهته "نؤكد التزامنا بتنفيذ كافة الاتفاقات الموقعة بيننا". ويلتزم البلدان في الاتفاق بالكف عن اي دعم لحركات التمرد في البلد الاخر ونشر قوة مشتركة على الحدود التشادية السودانية قوامها ثلاثة آلاف رجل يساهم كل بلد بنصف عديدها. واضاف البشير "ان العلاقات التاريخية بين شعبي بلدينا لا يمكن ان تتاثر بسحابة عابرة، ونحن قادورن على اعادتها افضل مما كانت عليه طالما توفرت لدينا الارادة الجادة والرغبة الاكيدة بغية تحويل المنطقة الحدودية بين بلدينا الى منطقة امن وسلام وتبادل منافع لبلدينا والمنطقة". وختم البشير قائلا ان "عودة العلاقات بين بلدينا الى طبيعتها سيكون له دور مؤثر في استتاب الامن على جانبي الحدود بين بلدينا ولاهلنا في دارفور". واخفقت عدة محاولات مصالحة بين البلدين بما فيها معاهدة عدم التعدي التي اطلق عليها اسم "اتفاق دكار" وابرمت في اذار/مارس 2008 في العاصمة السنغالية. الا ان هذا الاتفاق لم يدم طويلا بحيث خرق بعد بضعة اشهر عندما شن متمردون في دارفور من حركة العدل والمساواة هجوما غير مسبوق على ام درمانالمدينة المتاخمة للخرطوم. ثم شنت حركة التمرد التشادية هجوما بلغ حدود نجامينا. واعلن دبلوماسي طلب عدم كشف اسمه لوكالة فرانس برس ان "الامور تبدو جدية هذه المرة". واضاف ان "البلدين في حاجة للمصالحة في الوقت الراهن"، مشيرا الى ان "تشاد تستعد لانتخابات تشريعية في تشرين الثاني/نوفمبر ورئاسية في نيسان/ابريل 2011 بينما الانتخابات على الابواب في نيسان/ابريل المقبل في السودان ثم الاستفتاء في كانون الثاني/يناير 2011" حول احتمال انفصال جنوب السودان. واعلن وزير الخارجية السوداني دينغ ألور ان زيارة ديبي سيكون لها "انعكاس ايجابي على مفاوضات الدوحة". وتشهد منطقة دارفور غرب السودان حربا اهلية مستمرة منذ العام 2003 اسفرت حتى الان عن سقوط نحو 300 الف قتيل بحسب تقديرات الاممالمتحدة، وعشرة آلاف قتيل بحسب السلطات السودانية، اضافة الى نزوح 2,7 مليون شخص. ورحب رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي جان بينغ الاثنين في بيان تلقت وكالة فرانس برس نسخة منه، باستئناف الحوار بين تشاد والسودان مع زيارة الرئيس التشادي ادريس ديبي الى الخرطوم. وقال البيان ان بينغ "رحب بلقاء القمة في الثامن من شباط/فبراير في الخرطوم بين الرئيس ديبي اتنو (...) والرئيس عمر حسن البشير رئيس جمهورية السودان في اطار الحوار المباشر الذي قرر البلدان اقامته منذ شهر تشرين الاول/اكتوبر 2009". واضاف البيان "ان لقاء القمة هذا سيعطي الدفع الضروري لاجتماعات العمل التي توصلت الى قرارات سيؤدي تطبيقها الى احلال امن سريع وافضل على الحدود المشتركة". وقال البيان ايضا ان بينغ "جدد مرة اخرى دعم الاتحاد الافريقي لهذا الحوار بين البلدين الشقيقين والجارين اضافة الى استعداده لمواكبتهما في ترسيخ النتائج التي تم التوصل اليها حتى الان وتطبيق الاتفاقيات التي تم توقيعها".وتابع انه "يشجع مجددا تشاد والسودان على مواصلة طريق الحوار والتعاون على اسس دائمة ومفيدة لكلا الطرفين". و"يامل في ان تسود روح المصالحة والاحترام المتبادل والاخوة في هذه المرحلة المميزة من تاريخ العلاقات السودانية التشادية وتصل الى حل كل المشكلات العالقة في المنطقة وخصوصا ازمة دارفور لكي يعم السلام والامن والتنمية لمصلحة الشعوب المعنية وافريقيا عموما".