إن تركنا جانبا ملفات الأزمة الخليجية، والحرب اليمنية، والحرب السورية، والتعقيدات الليبية، فإن الروح تكاد تبلغ الحلقوم في كل من العراق والسودان والأردن في أحدث أزمات ومحن المنطقة العربية. في العراق اتهامات متبادلة بارتكاب خروقات في الانتخابات الأخيرة وقانون برلماني جديد يكرس لهذه الاتهامات وفي الخلفية تفجير دموي يحصد 18 قتيلاً وإصابة أكثر من 90 آخرين في انفجار بحي مدينة الصدر معقل رجل الدين مقتدى الصدر الذي فازت كتلته السياسية في الانتخابات المطعون فيها من جانب المنافسين والتي أجريت في 12 مايو الماضي. في السودان تنازلات جديدة للإدارة الأمريكية دون أن يجزم أحد بأنها ستجدي فتيلا بشأن وجود السودان ضمن لائحة الدول الراعية للإرهاب، وهو الأمر الذي جعل من الرفع الجزئي للعقوبات الاقتصادية في يناير 2017 بدون جدوى. أما الأردن فيوشك ان تحوله الاحتجاجات الشعبية العنيفة على الأوضاع الاقتصادية إلى سوريا جديدة. ولم تهدئ الاطاحة برئيس الوزراء السابق من حدة التظاهرات. (1) لأول مرة في العراق يتعاون التيارين الرئيسيين لقطع الطريق أمام تحالف مقتدى الصدر الذي تسمح له نتيجة الانتخابات المُشكّك فيها بتشكيل حكومة جديدة خلفا لحكومة حيدر العبادي الحالية الذي جاءت كتلته في المركز الثالث. التياران؛ الأول الموالي لإيران والآخر الموالي للولايات المتحدة اللذان طالما كانا في حالة صراع وتنافس شديدين، لا يريدان أن يسمحا للاعب سياسي جديد في الساحة العراقية يقدم رؤية جديدة، فأستخدموا أغلبيتهما الميكانيكية في البرلمان لاصدار قانون يأمر بإعادة فرز الأصوات يدويا في الانتخابات التي جرت. وحل تحالف "سائرون" المدعوم من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في المرتبة الأولى يليه تحالف "الفتح" المكون من أذرع سياسية لفصائل "الحشد الشعبي" بزعامة هادي العامري. وبعدهما حل ائتلاف "النصر" بزعامة رئيس الوزراء حيدر العبادي. ولم يتوان مقتدى الصدر في دعوة كل من الولاياتالمتحدةوإيران إلى عدم التدخل في الشأن العراقي. (2) في السودان أعلن عن إلغاء كافة العقود الدفاعية مع كوريا الشمالية، بزعم تطبيق عقوبات مجلس الأمن الدولي على كوريا الشمالية. في حين أن المقصود تكرار محاولات مغازلة واشنطن وخطب ودها الذي بدا عصيا وصعب المنال. وأكدت الخارجية السودانية في بيان لها أن منظومة السودان للصناعات الدفاعية قد ألغت كافة العقود الموقعة بينها وجهات المنشأ بكوريا الشمالية، وأنهت أية علاقة معها مباشرة كانت أو عن طريق طرف ثالث. ومن قبل لم تجد مع واشنطن تنازلات الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي التي بلغت حدا بتصفية البرنامج النووي الليبي كليا. وقد خسرت الخرطوم من قبل العراق في عهد صدام كمصدر للسلاح، ثم خسرت لاحقا إيران التي قطعت علاقاتها معها بشكل دراماتيكي. وبوقف التعاون العسكري مع كوريا الشمالية تخسر الخرطوم آخر مصدر للسلاح، فهل تنال رضا الولاياتالمتحدة أم أنها لن تطول بلح الشام ولا عنب اليمن؟. (3) في الأردن لم تُهدئ الاطاحة بحكومة هاني الملقي الغضب الجماهيري الكاسح لأن رئيس الوزراء الأردني الجديد عمر الرزاز لم يبد عزمه في البداية اتخاذ أي خطوات بشأن قانون ضريبة الدخل لكنه أضطر لاحقا وتحت الضغط الشعبي بأن تعهد بسحب مشروع قانون الضريبة على الدخل خلال اجتماعه مع مجلس النقابات أمس الأول الخميس. ولم يجد الملك عبد الله بُدا من التعاطي الايجابي مع الاجتجاجات في محاولة لامتصاص غضب الشارع، وقال الملك إن 99 % من الموطنين الأردنيين الذين خرجوا إلى الشارع يتحدثون من قلوبهم لمصلحة مستقبلهم ومستقبل الأردن، لدينا أخطاء وعلينا العمل بجدية وشفافية ومن يرتكب خطأ يجب إخراجه فورا، فالوزراء باستثناء البعض كانوا نائمين، ومن لا يريد تحمل المسؤولية يجب أن لا يبقى. في المقابل كان لابد من تواصل مع صندوق النقد الدولي الذي يبدو أنه أضطر الحكومة السابقة لاتخاذ الاجراءات محل الغضب الشعبي، بيد أنه من غير الواضح ما إذا كانت الحكومة ستتخلى عن برنامج الصندوق وتتحمل تبعات ذلك أم أنها ستطلب تمديد أجله لعام أو عامين؟ عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. //////////////