وزير الخارجية المكلف يتسلم اوراق اعتماد سفير اوكرانيا لدى السودان    فيديو.. مشاهد ملتقطة "بطائرة درون" توضح آثار الدمار والخراب بمنطقة أم درمان القديمة    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تقارير: القوات المتمردة تتأهب لهجوم في السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    د. مزمل أبو القاسم يكتب: جنجويد جبناء.. خالي كلاش وكدمول!    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    الخارجية الروسية: تدريبات الناتو في فنلندا عمل استفزازي    مصر تنفي وجود تفاهمات مع إسرائيل حول اجتياح رفح    السوداني في واشنطن.. خطوة للتنمية ومواجهة المخاطر!    "تيك توك": إما قطع العلاقات مع بكين أو الحظر    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    منتخبنا يواصل تحضيراته بقوة..تحدي مثير بين اللاعبين واكرم يكسب الرهان    حدد يوم الثامن من مايو المقبل آخر موعد…الإتحاد السوداني لكرة القدم يخاطب الإتحادات المحلية وأندية الممتاز لتحديد المشاركة في البطولة المختلطة للفئات السنية    المدير الإداري للمنتخب الأولمبي في إفادات مهمة… عبد الله جحا: معسكر جدة يمضي بصورة طيبة    سفير السودان بليبيا يقدم شرح حول تطورات الأوضاع بعد الحرب    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأساطير المؤسسة للأزمة السودانية: فترة الاستعمار الذهبية والتكوين الخَارق للرعيل الأول .. بقلم: الغفاري فضل الله السيد
نشر في سودانيل يوم 23 - 06 - 2018

بعيداً عن الخِطابات غير العقلانية والمشروعات السياسية المجنونة التي تسُدُّ دروبَ الأفق استباقاً لوراثة الإنقاذ، بعد أن أفلس نظامُها، أو ما تبقى منه، على كافة الصُعُد وعُزل على المستوى المجتمعي، وكاد أن يُصبح مُعلقاً بالكامل في الهواء لولا لُحمةٌ من مصالح تشُدُه الى بعض القطاعات المؤثرة مجتمعياً، ومُسكةٌ من خوفٍ يتملّك الطامحين للتغيير كلمّا حدقوا عميقاً في قسمات هذه الخطابات غير العقلانية ومشروعاتها المجنونة. بعيداً عن هذا كلِّه، كنتُ ولا زلتُ معنياً بالطريقة التي يناقش بها السودانيون أزمتَهم تلك، لأنّ مُحصِّلة هذه المُقاربات تكشف عن المدى الذي بلغته الصفوةُ من النُضج، تلك الصفوة التي يُفترض أن تكون مستنيرةً وأمينةً على مستقبل بلادِها عبر الاستفادة من تجربة اخفاق الانقاذ، ليس على المستوى السياسي فحسب، ولكن أيضاً على المستوى المجتمعي والثقافي والإنساني الأكثر أهميةً في نظري. تلك التجربةُ التي تواصلت حلقاتُها تِباعاً لثلاثين سنةً، وتلك فترةٌ طويلة في تواريخ الأمم، والتي خلّفت لنا ميراثاً ثميناً جداً من الدروس والعِبر ليس من ورائِه زيادةً لمُستَزيد.
وأحد ثوابت خطاب الأزمة اليوم هو المقارنة المستمرة بين ماضٍ ذهبي خلفناه وراء ظهورنا فنحن نوغل ابتعاداً عنه كلّما تقدمت بنا السنون، ويحلوا للمُتدينين منّا، على نحوٍ خاص، أن يرددوا قول وقول منسوب لرسولنا الكريم (ص)، وينسبه أخرون الى الحسن البَصري، وهو قوله: "كُلُّ عَامٍ تُرْذَلُونَ"، وحديثه (ص) الآخر:" لَا يَأْتِي عَلَى أُمَّتِي زَمَانٌ إِلَّا الَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ "، وغير ذلك من مرويات الأحاديث والآثار. ولهذا فهم يصوغون الأزمة برُمتها في لغةٍ غيبية تؤكد حتميةً دينيةً تنتهي كثيراً بهم الى قول المُتصوفةِ والشيعة من بيننا في السودان بأن لا سبيل الى وقف هذا التدهور المستمر في بلدنا إلا بأن يقوم إمامٌ ناطقٌ في الكتيبةِ الخَرساء: أيْ انتظارُ خروج المهدي كمشروعٍ سياسي حقيقي لأناسٍ يمشون الآن بيننا مُطمئنين. أما غير المتدينين منّا فإنّهم يوافقون على الأُطروحة في مُجملها، ولكنّهم يقدمون حيثيات "علمانيةً" لإثباتها، مثل التباهي بمبلغ انفتاح السودانيين على العالم والثقافة الغربية التي ميّزت الحياة في الخرطوم خاصةً منذ الخمسينات الى صعود تيار الإسلام السياسي في السبعينات، ذلك الصعود الذي أفسد كلّ شئ، بحسب وجهة نظرهم.
ولكن المدهش حقاً هو أننا متى ما وضعنا ذلك الماضي الذَهبي المزعوم على السَفود، وجدناه لا يكاد يقفُ على ساقين، فلم تكن الحياة في السودان قَط تتميز بالرَغَد المزعوم، إلا في بعض الحواضر وعند مجموعةٍ محدودة من الناس فيها، هم الأفندية، الذين ورثوا جهاز الدولة الاستعماري وصرّفوه لمنفعتهم الأنانية بخاصة في مرحلة الدولة الوطنية. وإلّا كيف نُفسّر مجاعة 1914 التي يسميها أهلُنا سنة "أمْ عُضَام" حتى اضطُرت معها السلطات الاستعمارية حينها الى استجلاب أولى إغاثات السودان؟ وكيف نفهم موت الشاعر التيجاني يوسف بشير في شبابه الغُرانِق في ثلاثينات القرن الماضي بذات الصَدر كما علمُونا في المدارس، وهو مرضٌ يسببه الفقر وسوءُ التغذية أساساً؟ وكيف نفهم ذلك الفقر الذي ظلت تعيشه القرى والدساكر الى مفتتح الستينات؟ والذي أثبته لي أحدُ كبار السن من منطقتنا بسنار بقوله:" حياتنا الآن خيرٌ من حياتنا السابقة، كانت أمهاتنا وجداتُّنا يناديننا ونحن صغارٌ في الستينات بقولهن:" أقيف النَعمل لَيك كسرة بشِطَيطة"، وتلك، لمَن لا يعرف، تَعني مكوناتٍ من دقيق الذرة والملح والشطة والماء فقط. وكيف نفهم مجاعة 1984 التي مات فيها الناس جوعاً- أي لعدم وجود ما يأكلون - حتى تظاهر العالمُ الُحُر لنجدتنا؟
لهذه الأدلة، ولغيرها مما يضيق عنه المقام، كان ذلك الماضي الذي يتصف بِبُلَهنية العيش من تركيب خيال الأفندية الذين عاشوا فعلاً تلك العقود الماضيات ولكن حُرِمَ من خيرها، في ذات الوقت، إخوانُهم في الريف العريض ممن ساكنهم الوطنَ، كما حُرِمَ من خيرِها خَلفُهم من الأفندية الأتعس حظاً الذين ما بَرِحوا يتحسرون على ما فاتهم من نعيمٍ مُقيم كانت تَرنوا اليه أبصارُهُم ويظنون أنهم يستأهِلونَه لِمُجرّد امتياز التعليم الذي طالما زَهَوا به على بقية خلق الله من شُركاء الوطن. وهذا التحسّر المستمر الذي يبديه هؤلاء الخَلف على ذلك الماضي الذي يحسبون أنّه قد كان، هو المسؤول عن شيوع هذه الأكذوبة البَلقاء بيننا. ذلك أنّ الانفتاح والحياة الغربية الصرفة التي أُولعوا بوصفها لنا، لم تكن قطُّ شأنَ الريف الواسع الذي كان، ولا يزال، موطن إقامة الأغلبية الغالبة من السكان كما تقول بذلك الاحصاءات، والذي ظلّت القيمُ التقليدية سائدةً فيه مع الجهالة الجهلاء التي كانت تَسمُ بميسمها جميع مجلات الحياة بلا استثناء. إذن نظافةُ الخرطوم ونظامُها وجمالُ حدائقها وأهلها وحلاوةُ مَنطقهم وشِعْرِهِم وفَنَّهم وموسيقاهم وقَشيبِ زِّيِّهم وخلوهم من القلق والخوف والأمراض وانضباطهم شئٌ خُصوا به وحدهم دون الأنام كقلَّةٍ مُصطفاة دون الكَثرة الكثيرة من أبناء وبنات هذا الوطن في مُطّرَحَاتِهم المتباينة منه.
انطلت خُدعُ الأفندية هذه علينا رَدحاً من الزمان غيرَ قصير، وكان أهما خدعتان، تقول أولاهما بأن فترة الاستعمار كانت خيراً خالصاً لا يشوبه كدَر، أو هي خيرٌ كثير يمازجه شئٌ من الشر يسير، والحُكم على الشيء بما غلُب عليه، وهي، بالمحصلة، أفضل من كل ما تلاها من فترات الحكم الوطني الذي لم يستطع أن يُحافظ على ذلك الإرث العظيم الذي خلفته لنا عهودُ الاستعمار العذبة فضلاً عن أن يجيء بمثله. حتى صار الآن التحسر على فترة الاستعمار الفاضِلة تلك مما تسمعه أنى يممت في بلدنا وبين جميع طبقات أهلنا في حواضرهم وبواديهم، بل لقد تورّط في ذلك حتى بعض الأكاديميين منّا، عندما تباهى أمامنا أحد مشهوريهم عندما كُنّا طُلاباً بالجامعة بأن الإنجليز من حكامنا السابقين: "سيدخلون الجنة قبل الصَحابة!" هكذا. أما الخُدعة الثانية فهي تلك التي تقول بأن النخبة، التي عَرفنا لاحقاً إدمانها الشديد للفشل، التي كوّنها الاستعمار تربوياً وتعليمياً كأفضل ما يكون، كانوا لذلك مثالاً في الانضباط والوطنية والاخلاص للوطن ولأهلِه، كما أنهم كانوا القادة في أفريقيا لما جُبِلوا عليه من رُؤيةٍ أثقَب وعقلٍ أنجَب ولسانٍ أذَّرَب. غير أننا كنا نجادل، في هذه النقطة بالذات، ونقيس هذه المزاعم العريضة بنوعِ الوطن الذي خلفُوه لنا، فلو كانوا يتحلون بكلِّ تلك الفضائل حقاً، كيف يستقيم أن يصبح وطننا على ما هو عليه اليوم من خرابٍ وهو ميراثهم الوحيد؟
ثمّ لم نلبث أن عرفنا أن الاستعمار (24 نوفمبر 1899- 1 يناير 1956) قد أنشأ فِعْلاً السكة حديد لأغراض استراتيجية عسكرية مَحضة أول الأمر، ثم لأغراض وصل اقتصاد السودان المُتخلّف والبسيط القائم على تصدير المنتجات الزراعية المنتجة أساساً من القطاع التقليدي بشقيه النباتي والحيواني وصلاً له بالسوق العالمي والاقتصادات الاستعمارية العالمية. ولَم يكن الغرضُ ربط السودان بالعالم، فقد حرص المخططون الاستعماريون أن تكون قضبان تلك الخطوط أضيق من تلك التي توجد بمصر بسنتيمتراتٍ قليلةٍ حتى لا يتصل البلدان وينفتح السودان على العالم بالمعنى الدقيق للكلمة.
وأنشأ الاستعمار حقاً مشروع الجزيرة وهو معجزة هندسية لا شكّ فيها، إذ رُوِيَ مليون فدان بالري الانسيابي لعشرات السنين بواسطة خزان سنار(1924)، أي دون الحاجة الى طاقةٍ من أي نوع لرفعِ المياه الى مستوى سهول الجزيرة الخصبة. ولكنّه فعل ذلك لضمان مالية مستقلة لجهازه الاستعماري، ولكي يوقف التمويل المصري الكامل لحكومة السودان الثنائية من مالية الدولة المصرية الذي استمر منذ إعادة الفتح الى ميزانية العام 1914، ذلك التمويل الذي كان يرى فيه السير ريقنالد ونجت استمراراً للنفوذ المصري في السودان غير المرغوب فيه من سيادته. وعندما بدأت الحربُ العالمية الأولى وتحقق هدف ونجت، الذي حكم السودان 1899-1916، ذهبَ مندوباً سامياً للحكومة البريطانية في مصر بعد أن تحقق من أن مشروعه يسير على قدمٍ وساق. ولكن افتتاح هذا المشروع العملاق خلق مشكلتين كانتا ستتركان آثاراً كباراً على كُلّ مستقبل القطر: تحديد مكان السودان في السوق العالمي والتقسيم العالمي للعمل الذي أخذ في الظهور بداية القرن العشرين، حيث حُدِّد وضعُه كمنتجٍ للمواد الخام الزراعية الرخيصة، الوضع الذي استمر الى الآن تقريباً، والثاني هو خلق تفاوتات تنموية واضحة بين المنطقة الوسطى وبين أرجاء السودان الأُخرى، باعتبار أن التنمية التي تمت في المنطقة الوسطى "بالصدفة الاستعمارية البحتة" والتي ترتبَ عليها تقدمٌ في مجال التعليم ومختلف الخدمات الاجتماعية الاخرى، والتي تمّ لاحقاً تفسيرُها في فترة الدولة الوطنية (من قبل أفندية الهامش أيضاً) على أنها انحيازٌ من المركز لنفسه وتجاهلاً منه للمناطق الأخرى التي كانت تسكنها إثنياتٌ خاصة. وقد دَعم هذا الخط البرامج التنموية لما بعد الاستقلال والتي رأى الافنديةُ المخططون حينها ضرورة تنمية المنطقة الوسطى أولاً لأنها تحظى بالموارد والبنية التحتية النسبية (راجع كتاب عبد الرحيم ميرغني: التخطيط التنموي في الستينات: ملامح الخطة العشرية للتنمية)، الأمر الذي عَمّق الفروقات التنموية الموروثة من الاستعمار أيضاً، وأتاح فوراً مزيداً من المعقولية للتفسير الاثني الذي يتبناه دائماً أفنديةُ الهامش للتفاوتات الاجتماعية والتنموية بين أقاليم السودان المختلفة.
وعَمل الاستعمار كذلك على إنشاء جهاز خدمة مدنية مُنضبط وفعّال، ولكن كان هدفه إدارة العمليات الإجرائية للمنظومة الاستعمارية برُمتها، وليس خلق جهاز إداري فعّال ومستنيرٍ وقابل للحياة والاستدامة على المدى الطويل. بدليل أنه انهار فور خروج الانجليز تقريباً. إذ يرى عددٌ كبير من المهنيين (الأفندية) في السودان أن ثورة أكتوبر 1964 كانت صافرة البداية للتحطيم المُنظم الذي خضعت له الخدمةُ المدنية حتى وصلت الى حال فشلها التام وفسادها وعجزها الحالي، باعتبار أن تلك "الثورة" جعلت للنقابات والهيئآت غير المهنية دوراً مَرعياً ومُعترفاً به في اتخاذ القرارات الإدارية والفنية الصِرفة. قال هذا الكلام غير واحد من قادة الخدمة المدنية السودانيين الذين عاصروا تلك الحقبة ومنهم المرحوم حسن عبد الله هاشم رئيس مجلس إدارة مشروع الجزيرة الأشهر (1975-1981) وغيره كثير.
بَلى أنشأ الاستعمار قوة دفاع السودان كقوة عسكريةٍ منضبطةٍ في عمومها، تطورت لاحقاً الى قوات الشعب المسلحة السودانية الحالية. ولكنها كُوِّنت على أساس أن تصبح قوتَين منفصلتين تنظيماً وتشغلان حيزاً منفصلاً مكانياً في وقتٍ معاً: واحدة قوة دفاع شمال السودان- بحكم الأمر الواقع - والثانية قوات دفاع جنوب السودان - بحكم الأمر المُعلن - والتي كُوِّنت وحُفِوظَ عليها وفقاً لمنظومة عَقَدية عسكرية منفصلة. وهكذا، عندما تمّت محاولات الدَمج بينهما قبيل الاستقلال تمردت هذه الفِرق الجنوبية، أو قسمٌ كبيرٌ منها، في 18 اغسطس 1955 لتُغرق كلّ جنوب السودان في الفوضى ولتبدأ الحربُ الأهلية في السودان التي استمرت الى يوم الناس هذا.
فصَل الاستعمار منذ البداية جنوب السودان السابق عن بقية القطر، ثمّ قنّنَ ذلك الفصل بما عرف بقانون المناطق المقفولة (1922) والسياسة الجنوبية (1930) وسياسة النوبا (1931) في جنوب كردفان. عزلت هذه القوانين والأوامر الإدارية كلّ مناطق جنوب السودان السابق وكلّ جبال النوبا وكلّ دارفور وكلّ النيل الأزرق وأجزاء واسعة من شرق السودان الحالي، وعملت السلطاتُ حينها على منع الانتقال في حيزٍ جغرافي واحد منذ آلاف السنين ومنعت التواصل بين السودانيين وبثَّت الفرقة وعدم الثقة بينهم، ومنعت انتشار العربية والإسلام – عموديّ الهُوية الرئيسيين في الأجزاء التي بقيت مفتوحةً من السودان - وخوَّفت منهما في المناطق التي لم يصلاها باعتبارهما شرٌ خالص، ولم تُلغَ هذه القوانين إلا في العام 1946 بعد مؤتمر جوبا، وبعد أن حققتْ أغراضها. ولكن ما هو أخطر من ذلك، كان الطريقة التي عامَلت بها السلطات الاستعمارية الشعوب المقفولة في هذه المناطق، فبسبب من عدم رغبتها في إلحاق بعضهم بركب الاسلام والعربية، احتارت وتقلَّبَتْ لذلك على نحوٍ دائم في نوع وسياسات التعليم الذي ينبغي أن يحظَوا به في سبيل تطورهم مستقبلاً، وظلّ الضباط البريطانيون محتفظين بهم في مَعزَل بشريٍ كبير، أو على الرَّف، بحسب تعبير أحدهم، عقوداً كان فيها شمال السودان وأجزاؤه غير المقفولة تحقق تعليماً ورفاهيةً وانفتاحاً حسَناً على العالم، وبالتالي تعمّقت الفروقات أكثر بين مناطق الوطن الواحد. والآن كلُّ المناطق التي تشهد اضطراباتٍ سياسية وتمرد على سُلطة الدولة المركزية هي بالضبط تلك المناطق التي عزلها الاستعمار منذ الربع الأول من القرن العشرين، قبل أن تكون هناك دولةٌ مركزية ترعي الأسلمةَ والاستعراب: كجزءٍ مهمٍ من الأسباب المُعلنة لعدم الرضى في هذه المناطق.
كانت قوةُ دفاع شمال السودان هي القوة الباطشة للاستعمار في قمع كافة الثورات، بما في ذلك ثورة اللواء الأبيض في العام 1924، تلك التي لم تشترك فيها كلُ الوحدات السودانية المتمركزة في عاصمة البلاد. وهكذا أصبح عند هذه القوة منذ ذلك العهد تراثٌ عتيدٌ من الميل إلى قمع المدنيين واحتقارهم والأَنَفَة عن الخضوع لهم. وزاد الأمرُ ضِغثاً على إبالةٍ وضع الاستعمار معسكرات هذه القوة الشمالية في قلب عاصمة البلاد تماماً وتحت أهم الكباري مباشرةً فيها ليضَمن حمايته من الوطنيين لوجوده الدائم وسط جُموع بشرية كبيرةٍ تكرهه وتعاديه، ولذلك كان يُخلي العاصمة عند المَساء من كل المدنيين عدا قلة مُختارة، وقد مكّن وجودُ هذه المعسكرات على هذا النحو كلّ المُغامرين في تاريخ دولة ما بعد الاستعمار من الاستيلاء على الحكم متى ما أرادوا، لأن هذه المعسكرات تبعُد مئآت الأمتار فقط عن القصر الجمهوري والإذاعة الوطنية كليهما. ولَم تتأتى الجرأةُ للحكومات الديمقراطية المتعاقبة اللازمة لمطالبة القوات المسلحة بالبحث عن معسكرات لها خارج المدن ومناطق تجمعات المدنيين في كل البلاد، كما هو الحال في كل دول العالم المُتحضرة التي تحترم نفسها ومواطنيها، أليست هذه تركةٌ استعمارية بامتياز؟
أدخل الاستعمار أيضاً التعليم الحديث وفتح التعليم الابتدائي، لكن لأي غرض؟ ألم يقولوا عَلناً بأننا نريد اخراج نُخبة مُتعلمة، من عِليَة القوم، تدير دُولاب العمل الحكومي كأفندية: مآمير ومساعدي مُفتشين وموظفي مكاتب ومحاسبين مهرة وكَتَبة ومهنيين صغار؟ أي ليكونوا مُجرّد تُرُوس في الآلة الاستعمارية العملاقة التي خدموها بإخلاص بسبب نوعية التعليم الذي خضعوا له وأشرنا اليه أعلاه. ذلك التعليم الذي كان المستعمرُ واعياً منذ بالبداية بضرورة عدم تكراره تجربة النُخبة الهندية التي أخرجتها ذات المؤسسات التعليمية البريطانية في الهند.. فكوّنَت بذور الحركة الوطنية هناك. لنقرأ كتاب (موت دنيا) لمحمد احمد محجوب ود. عَبد الحليم محمد ونَرى كيف غضب المستر يُودِل غضبةً مُضرية عندما عَرَفَ أن المحجوب وآخرين غيره من الطُلاب آنذاك اخذوا في تعلُم اللُغة الفرنسية خِفيةً ومنعهم من ذلك بالعنف، لنفهم ذلك في ضوء ما أثبته إدوارد عطية حين قال واصفاً كلية غردون لذلك العهد بأنها "كانت تشبه الثُكنة العسكرية" (راجع كتاب: عربيٌ يروي قصَته، لإدوارد عطية). من الواضح أن المستر يُودِل لم يكن يريد لهم إلا ذلك النوع من التعليم الذي يصوغ عقولهم على عينه الاستعمارية، والتي هي بالضرورة عَن كلِّ استقلالٍ في التفكير وتنميةٍ لملكات النَقد كَليلةٌ. ومن هنا أيضاً كان عداءُ السُلطات لكل من التعليم الأهلي والديني والتعليم خارج السودان في مصر وغيرها، واضحاً جداً وجلياً طيلة فترة وجود ممثليها بين أظهرنا، حتى تحول افتتاحُ مدرسة او معهد صغير الى معركة وطنية تُنشأ فيها الملاحم الشعرية والغنائية (ما بَخُشْ مدرسةَ المُبشِّر، عندي معهد وطني العزيز): وذلك لأن هذه المعاهد والمدارس كانت ببساطة ستُخرّج نُخبةً من الأفندية خارج المنظومة الفكرية الاستعمارية. وقد وصفهم جميعاً أبو القاسم حاج حمد، مُحِقّاً، بأنّهم: "الذين حكموا هذا الوسط الكبير ومع انجازاتهم هم مُجرد كَتَبة ومحاسبين واداريين من ذوي المؤهلات الوسطى كفئة وطنية مساعدة للإدارة الاستعمارية، فلما اعتلوا سُدة السلطة بالسودنة، تكشف خلو اذهانهم من أي (منهجية) في الفكر والفلسفة ومن أي رؤية استراتيجية في السياسة والحكم والبناء الاقتصادي والتنموي وكانت عقليتهم عقلية (موازنة مالية) و(مراجع عام) وليس عقلية تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية."
والأفندية "مصطلح" للإشارة الى طبقة البرجوازية الصغيرة التي تعتمد على بيع مهاراتها skills التي اكتسبتها من خلال التعليم المُتمَدرِس عبر أجهزة الدولة التعليمية، وفِي الحالة السودانية، أجهزة الدولة "الاستعمارية" تحديداً، تلك المؤسسات التي لمْ تُمس أو تغير بنيتها الاستعمارية قَطْ. ونعني "بالمؤسسات الاستعمارية" هنا كل تلك المؤسسات التي تم انشاؤها في الحقبة الاستعمارية، واستمرت بعدها، تُؤدي نفس الوظائف بنفس الأساليب، وفي أحيانٍ كثيرٍ لتحقيق عينَ الأهداف. ووفقاً لهذا يمكننا فهم المؤسسات التعليمية مثلاً على أنها مؤسسات أوجدها الاستعمار، واستمرت بعده، تنظر الى قيمة وحقوق ورفاهية المواطنين باعتبارها شيئاّ ثانوياً، إلى جَنب أمورٍ أخرى عديدة أكثر أهميةً في نظرها، واستمرت تُمارس تقاليد الاستعمار القاضية بالنظر للمواطنين، وهم الوطنيون أو الأهلون (Natives) في فترة الاستعمار، استمرت تنظُرُ اليهم من عَلٍ، ولتحقيق نفس أهداف الاستعمار، وهي هنا استدامةُ سيطرة القِلة الغالبة من الأفندية على الأغلبية المغلوبة من جُمهور الناس: هذه الحقيقة الأخيرة في مُنتهى الأهمية.
وحتى نكون أكثر دقةً: هذه المؤسسات الاستعمارية التي أشرنا اليها أعلاه هي: جامعة الخرطوم منذ إنشائها في العام 1902، حنتوب، وادي سيدنا، وخور طقت، وبخت الرضا على النيل الأبيض، وكل تلك المؤسسات التي تفرَّعت لاحقاً عن هذه المؤسسات في تاريخ دولة ما بعد الاستعمار بالسودان. وتخرَّج في هذه المؤسسات النَفر الذين نسميهم في السودان عادةً بالنُخبة أو الصفوة، وهم ليسوا أرستقراطيين ولا رأسماليين لأنهم لا أصول نبيلة تمييزهم ولا رأسمال لهم، "معظمهم طَلَعوا من بيوت أمدرمان حَقّتْ الطِين دي"، كما أنهم ليسوا عُمّالاً بروليتاريين، لأنهم لا يبيعون قوةَ عملهم، وهم يمثلون الطبقة الوسطى التقليدية في كثير من المجتمعات، قبل تحولات الثمانينات الاقتصادية في السودان التي أصابت هذه الطبقة الاجتماعية في مَقتل، هذه الطبقة التقليدية، لأنّ هناك طبقة وسطى مُستَجدَّة تَسيَّدتْ المشهد بعد ذلك، في نظري، بسبب طبيعة تنظيم الاسلاميين للاقتصاد الوطني لعقود ثلاثة خَلت.
كانت الدولةُ هي المُوظِف الأساسي لهذه الطبقة البرجوازية الى الثمانينات، وكانت لذلك الدولة واجهزتُها التنفيذية هي مَناط نشاط هذه النُخبة الرئيس، حيث تربعت دائماً على قمة أجهزتها الدستورية والتنفيذية والإدارية ككبار الموظفين ومتوسطيهم رَدحاً طويلاً من الزمن، كما أنها كانت تعمل كذلك في القطاع الخاص. ونسبةً للتنشئة في "مؤسسات الاستعمار"، وهذه المصطلح مهمٌ للغاية، اتصفت هذه النُخبةُ بصفات محددة كانت في مجملها وللأسف الشديد سالبةً فيما يتصل بقضايا التنمية والبناء الوطني والتكامل القومي، من ذلك أن هذه الطبقة الاجتماعية، استعمارية التكوين، تتقاسمُ صفاتٍ خاصة تميِّزُها عن غيرها من ذلك مثلاً: النظر الى التعليم كامتياز، ذلك التعليم الذي يجعل لها مصالح طبقية بائنة كما يقول د. حيدر ابراهيم علي، ثمّ انفصالُها عن مجتمعها وتعاليها عليه، أنانيتُها المفرطة، ونرجسيتُها، التي يتحدث عنها الآن في السودان كلُّ شخص تقريباً، بل ربما عزَا السودانيون أو متعلمُوهم اليها وحدها انهيار الدولة، وطبعاً هذا غير صحيح، أو ليس الصورةُ مكتملةٌ على الاقل. كما أنها تتصف كذلك بتقديرها المرتفع لنفسها كنخبة والذي هو - اَي هذا التقدير المرتفع- في غير مكانه بالضرورة. تسنَمت هذه الطبقة عبر ما عرف بالسودنة (1952-1955) كل الوظائف الثمانِمائة التي خلفها الانجليز والمصريون وغيرهم في مجال الخدمة العامة قبيل الاستقلال، وعَملت على استمرار أجهزة الدولة الاستعمارية كما ورثتها، الى يوم الناس هذا. ولَم يريدوا، بل لم يكونوا يستطيعون، التفكير خارج الصندوق، بسببٍ من نشأتهم الاستعمارية التي أخضعت عقولهم عبر عملية تعليمية خاصة تتصفُ بالتلقينية وغيرَ نقدية بسبب طبيعة التعليم الاستعمارية، ونُكرر هذه الكلمة دائماً مرةً بعد أخرى لأهميتها. واستمرتْ هذه العمليةُ إلى أن انتهينا الى ما انتهينا اليه من دمارٍ كامل وشامل الآن.
كان خروجُ الاستعمار يعني، فيما يعني، استلامُ عقلية استعمارية محلية وطنية تختلف شكلاً ومضموناً عن تلك الذهنية التي خَلقتْ هذه النُخبة ابتداءً، استلامها دفة توجيه البلاد، وهي لم تكن على صِلة بمفاهيم الحداثة الغربية التي كان يمثلها الانجليز أنفسهم ويتمثلونها على نحوٍ جيد ودائم في سلوكهم، فأخذَ كلُ شيء في التداعي التدريجي منذ ذلك الوقت فنازلاً. لان القِيم قبل الحداثوية: مثل الدين والطائفية والقبلية والاسرة الممتدة ومختلف أوجه الثقافة المحلية، أخذت تتسرب لبناء الدولة البيروقراطي الذي خلفه الاستعمار مُعافىً، وإن بقيت صفتُه الاستعماريةً سليمةً ومُبرئةً الى حدٍ كبيرٍ مِن كل عيب. بَيد أنه وجب أن أشير هنا إلى أن هذا لا يعني أن السُلطات الاستعمارية التقليدية قبل الاستقلال لمْ تَستثمر في، أو تعيد إحياء، بل وخَلق، القِيم والعلاقات التقليدية قبل الحداثوية وتَستَثمر فيها، بل لقد فَعلتْ، ولكن بوعيٍ تام منها ودون ان تَنغمس هي فيه بالطبع.
كان هؤلاء الأفندية الأُوَلْ أمينين وعفيفي اليد واللسان معاً، ولكنهم لم يُوضَعوا في المِحَك الحقيقي لتُختَبَر أصالةُ أخلاقهم التي بَنَوها في أغلبهم داخل منظومة الاستعمار هذه، ولم يُختبروا أبداً كشأن الأفندية (الموظفين) الحاليين الذين ورثوا الدولة عن جيل أسلافهم وهي في حالة تراجُع وتحلُل مستمر على الأصعدة كافةً الى السبعينات، حتى دَالت دولةُ الأفنديةِ تماماً كما هو الحال اليوم. فقد كان الراتب الذي يحصلون عليه من وظائفهم تلك كافياً جداً، باعتبار أن الدولة كانت دولة أفندية بامتياز، بمعنى أنها كانت موجهةً دائماً لفائدتهم، كما أن الراتب، وغيره من المخصصات والامتيازات، كان كافياً لسدّ الحاجيات الاستهلاكية القليلة في ذلك الوقت (لم يتوسع الاستهلاك في السودان إلا مع السبعينات)، فَلم يكن هناك داعٍ أصلاً للفساد المالي وخراب الذِمم الذي استشرى اليوم حتى اتسع فتقُه على كلِّ راتق. ومع ذلك يرى د. حيدر أبراهيم علي أن فكرة الاعتماد على جهاز الدولة كمصدر للإثراء الشخصي، كانت موجودةً في مرحلة باكرة للدولة الوطنية في السودان، حيث كان الأفندية يتنادَون دائماً بعبارة :" كوِّن نَفسَكْ"، كلَّما تَسَنمَّ أحدُهُم غَاربَ منصبٍ عام.
ولن يُفيدنا هنا التعميم في شيء، إذ كان هناك دائماً الأفندية المسؤولون الذين عَرفوا مبكراً مشكلات السودان الحقيقية والحاجة الى تجاوز مرحلة الاستعمار عبر العمل الاجتماعي والسياسي، منهم مثلاً الاستاذ محمود محمد طه وابراهيم بدري وعبد الخالق محجوب، وغيرهم.
راجع بخصوصهم كتابات كل من د. خالد الكد، لاسيما كتابه الموسوم ب(الأفندية ومفهوم القومية في السودان)، وكتابات يوسف تكنه، مثلاً ورقته عن (السودان: الصراع على السلطة بين الافندية وشيوخ القبائل)، في كتاب (استقلال السودان ستون عاماً من التجربة والخطأ ( 1956-2016 ) تحرير د. حيدر ابراهيم علي عن مركز الدراسات السودانية، وكتابات المُفكر المرحوم أبو القاسم حاج حمد العديدة عنهم، من ذلك مثلاً ورقته المهمة عن: "إشكالية مفهوم الوسط"، التي تناول فيها، ضمن ما تناول، "عقلية الافندية" ونادى بالخروج عليها.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.