لاشك إن تفعيل العمليات المصرفية الالكترونية وإصدار وسائل الدفع للنقود الالكترونية أحدث ثورة حقيقية في العمل المصرفي، وفي صناعة الخدمات المصرفية والمالية على المستوى العالمي؛ ولكن نجد أن هذه النقلة التكنولوجية والتقنية أدت إلى ازدياد المخاوف من مخاطر هذه العمليات مما يجعل بالضرورة البحث عن سبل لإيجاد ضوابط وتوفير متطلبات ضرورية لحماية أنظمة الدفع الالكترونية من المخاطر، قبل الشروع في توفير امكانية عمليات الدفع والشراء الالكترونية . ووسائل الدفع الالكتروني هي منظومة متكاملة من الأنظمة والبرامج، التي توفّرها المؤسسات المصرفية والمالية الحكومية من أجل تسهيل عملية الدفع الالكتروني، وبشكل آمن، حيث تعمل هذه المنظومة وفق مجموعة من القواعد والقوانين، التي تضمن للمستخدم السرية التامة، من حيث تأمين وحماية إجراءات عملية الشراء والدفع وسداد الالتزامات. هذا الواقع الجديد واتجاه الحكومة والبنوك لتشجيع المواطنين للتعامل الالكتروني لا شك يفرض تحديات جديدة أمام السلطات التشريعية والإشرافية ومديري البنوك المؤسسات الحكومية والعاملين بها، وينبغي التعامل مع مستجدات العمل المالي الالكتروني بفعالية وانفتاح وكفاءة، لأن التطورات التكنولوجية ذات مسار متجدد بصورة سريعة، في ظل نقلة نوعية من اقتصاد الموجودات إلى اقتصاد المعلومات؛ ومسار هذا التطور التكنولوجي يمر الآن بمرحلة الخدمات المصرفية الالكترونية ومنتجات النقد الإلكتروني، ويجب أن نفهم هذه المسألة في إطار التطورات المرغوبة والضرورية لمواكبة العالم الرقمي. إذ على البنوك والمؤسسات المالية والحكومية أن تسرع في التكيف مع هذه المعطيات الجديدة وأن تكون مستعدة للدخول في عالم المعلوماتية ومنافذ الثورة التكنولوجية من أجل الاندماج في الاقتصاد الجديدNew Economy أو اقتصاد الانترنت، والتجارة الالكترونية . ومما يسترعي الانتباه أن التشريعات القائمة حالياً غير كافية على استيعاب هذه التطورات وغير قادرة على حماية عمليات الدفع الالكترونية ، ويتطلب الأمر استحداث تشريعات جديدة أكثر مواءمة مع طبيعة الشبكة التكنولوجية المتطورة، ومن أجل حماية مستخدمي الشبكات والمتعاملين مع البنوك الالكترونية عبر الشبكة الدولية للمعلومات، وإزالة القيود الإدارية والقانونية المعوقة للعمل المصرفي الإلكتروني؛ وفي السودان تم اصدار لائحة تنظيم أعمال نظم الدفع للعام 2013م والتي استند اليها البنك المركزي في اصدار معايير وضوابط منظمة لخدمات الانترنت المصرفي في 25 فبراير 2014م، واشتملت هذه اللائحة على المواصفات والمعايير الفنية لخدمة الانترنت المصرفي بالإضافة الي المتطلبات التشغيلية لخدمة الانترنت المصرفي، لكن لم تتطرق اللائحة الى مواصفات الشركات المؤهلة التي تقدم وتشرف على هذه الخدمات التي أرى انها تمثل نقطة ضعف حقيقة في تطبيق وسائل الدفع والتحصيل الالكترونية، أيضاً الجهة الحكومية المختصة بتحديد كفاءة هذه الشركات، كما لم تتطرق اللائحة الي البنية التحتية لوسائل الدفع الالكترونية، علماً بأن المرحلة الاولى لعمليات الدفع بدأت في عام 2016م بمشروع التحصيل الالكتروني. وطورت وزارة المالية عدد من الأنظمة في اطار البرنامج الخماسي للإصلاح الاقتصادي (2015م-2019م) شمل نظام الخزانة الواحدة ونظام البنك الاساس ونظام المعاملات المالية بالإضافة الى نظم التحصيل الالكتروني؛ كما ان نظام اصلاح المالية تضمن نظام حوسبة المرتبات. كذلك تطرقت هذه اللائحة فقط الي الجيل الثالث لمعيار أمان بيانات صناعة بطاقات الدفع، وهي مجموعة من السياسات والإجراءات التي يديرها مجلس معايير أمن صناعة بطاقات الدفع (PCI SS) والتي تختص بضمان أمان بيانات الدفع الالكترونية وبيانات المصادقة الحساسة، ولم تتطرق وتحدد نظم الدفع التي يجب تطبيقها مثل نظام مقاصة الشيكات باستخدام صور الشيكات، ولا شبكة ربط أجهزة الصرف الآلي وكيفية ادارتها، ولم تحدد نظام حماية الأجور، وكذلك لم تتطرق الي توصيات بنك التسويات الدولية الذى اصدر مبادئ أساسية لنظم الدفع، ولم تحدد اللائحة جهة واحدة مخولة لإصدار مثلا البطاقات الائتمانية والصراف الآلي. لذلك لابد من وجود عدة إجراءات وآليات لضمان نجاح وسائل الدفع الالكترونية منها ما يلي: - تطبيق برنامج حوسبة الرواتب ليس في المؤسسات الحكومية فحسب بل يشمل ذلك الشركات والمؤسسات الخاصة. - العمل على نشر الوعي المصرفي الإلكتروني، ودفع البنوك لتشجيع العملاء لإجراء معاملاتهم إلكترونياً. - العمل على تطوير البني التحتية لشبكات الاتصالات المحلية لتكون قادرة على مواكبة التطورات التكنولوجية. إن عدم وجود تشريعات وقوانين وضوابط ومسارات آمنة لدى استخدام الشبكة الالكترونية لإجراء التعاملات المالية قد تتسبب في عرقلة مسار الخدمات الالكترونية المالية والمصرفية، مما يؤدي إلى الحد من الخدمات المصرفية والمالية الالكترونية وزعزعة ثقة المتعاملين بهذا النوع من الخدمات؛ لذلك ذلك لابد من وجود متطلبات وعناصر مهمة منها ما يلي: - متطلبات الأمن والمخاطر وسلامة المعلومات على الشبكة الالكترونية . - متطلبات المعايير التقنية والأنظمة الواجب اعتمادها على هذه الشبكات لحماية الأنظمة الداخلية للبنوك المؤسسات الحكومية. - ضرورة اشتراك البنوك في الهيئات والمؤسسات الدولية ذات الصلة بأنظمة الدفع. إن الافتقار إلى الخبرة والمعرفة التقنية داخل المؤسسات المصرفية والمالية ولدى الشركات المشغلة يمثل أحد أهم العقبات التي تواجهها البنوك والمؤسسات الحكومية والمالية الراغبة في الدخول إلى عالم التكنولوجيا، وهذه المؤسسات لم تنمي قدراتها في مجال التجارة الدولية والتجارة الالكترونية بسبب الحصار الاقتصادي الامريكي، لذلك وجدت نفسها عاجزة عن مواكبة التطورات التكنولوجية، بالإضافة الي عدم وجود العمالة الماهرة والمديرين الأكفاء في كثير من التخصصات التكنولوجية؛ ولإحداث تغيير لابد من تنمية الموارد البشرية والتقنية في مجال الأعمال الالكترونية . أخيراً وفي ظل عدم الثقة في الجهاز المصرفي ونزوع التجار واصحاب الأموال والمضاربين والقطاعات غير المقننة الي الاكتناز السلبي، ومع بروز سوق تجارية تختص ببيع ببعض الفئات النقدية الورقية والتي ظهرت مع اجراءات الحد من السيولة النقدية وتقييد السحب النقدي من الحسابات البنكية، واجراءات تبديل فئة 50 جنيهاً؛ ومتطلبات عمليات الدفع الالكتروني التي ذكرنا هل تنجح مساع تفعيل وسائل الدفع الالكترونية . الصيحة: 02/07/2018 عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.