شاهد بالصور.. الفنانة مروة الدولية تكتسح "الترند" بلقطات رومانسية مع زوجها الضابط الشاب وساخرون: (دي اسمها لمن القطر يفوتك وتشتري القطر بقروشك)    شاهد بالفيديو.. بشريات عودة الحياة لطبيعتها في أم درمان.. افتتاح مسجد جديد بأحد أحياء أم در العريقة والمئات من المواطنين يصلون فيه صلاة الجمعة    شاهد بالصورة.. زواج الفنانة الشهيرة مروة الدولية من ضابط شاب يقيم بالقاهرة يشعل مواقع التواصل السودانية    شاهد بالصورة.. زواج الفنانة الشهيرة مروة الدولية من ضابط شاب يقيم بالقاهرة يشعل مواقع التواصل السودانية    القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح: بدأت قواتكم المشتركة الباسلة لحركات الكفاح المسلح بجانب القوات المسلحة معركة حاسمة لتحرير مصفاة الجيلي    مصطفى بكري يكشف مفاجآت التعديل الوزاري الجديد 2024.. هؤلاء مرشحون للرحيل!    شاهد مجندات بالحركات المسلحة الداعمة للجيش في الخطوط الأمامية للدفاع عن مدينة الفاشر    إجتماع مهم للإتحاد السوداني مع الكاف بخصوص إيقاف الرخص الإفريقية للمدربين السودانيين    وزير الصحة: فرق التحصين استطاعت ايصال ادوية لدارفور تكفى لشهرين    وكيل الحكم الاتحادى يشيد بتجربةمحلية بحرى في خدمة المواطنين    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    ضربة موجعة لمليشيا التمرد داخل معسكر كشلنقو جنوب مدينة نيالا    مدير مستشفي الشرطة دنقلا يلتقي وزير الصحة المكلف بالولاية الشمالية        ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيوعيون الذين عرفناهم كانوا مثالا للأمانة .. بقلم: شوقي بدري
نشر في سودانيل يوم 13 - 08 - 2018

قام شخص غير سوي بالهجوم على الشيوعيين في موضوع حوى كثير من الترهات وبدون خيط واحد من الادلة وصفهم بالفساد. الشيوعيون الذين عجمنا عودهم ،صادقناهم وعرفناهم كانوا ابعد البشر عن الفساد .
اقتباس من موضوع الاخوة المسيحيين
عندما صرت عضو سكرتاريه اتحاد الطلاب السودانيين فى براغ استلمت المنصب من جون بطرس . المعروف بجون جندى وكان هو واميل بطرس وابن عمهم جوزيف بطرس من زعماء الطلا ب السودانيين فى براغ .
وفى الثمانينات كان جون يزورنا فى السويد مع زوجته . وكان طلبه براغ يجتمعون فى داره الصغيره بالعشرات عندما كان مهندس الكهرباء فى الخرطوم . ولان شركتنا النيل الازرق كانت تشترك فى كثير من مناقصات الكهرباء فلقد اتصلت به مع صلاح ومهندس الشركه جاد كريم . فرحب بنا بحراره واكد لنا انه سيعطينا كل المواصفات المطلوبه للعطاءات ثم اضاف وهذه المعلومات انا اعطيها لكم ولاى انسان آخر يطلبها لانو انحنا عاوزين يكون فى تنافس والبلد تشترى الحاجه الكويسه . وانا ما متوقع رشوه من زول ولا عاوز عموله ولا اى شئ . انا كفانى بيتى الصغير ده ومرتبى . ثم نصحنا ان نصرف رأينا عن استيراد المولدات لان الخطه التى كان يضعها للكهرباء ستقضى على كل حاجه لاستيراد مولدات . الا ان للبعض مصلحه فى عدم تنفيذ تلك الخطه لانهم يستفيدون من استيراد وبيع المولدات .
نهاية اقتباس
الشيوعيون ليسو بانبياء ولكن هم الاقرب الى الانبياء عندما يتعلق الامر بألأمانة والبعد عن السرقة .
في بداية الثمانينات قمت بشراء 2500 متر مربع من الاخ الفاتح محمد التجاني طيب الله ثراه في المنطقة الصناعية الخرطوم بحري شرق مصنع النسيج الياباني . وكان من المقرر ان ابني فيها مصنعا وورشة حسب الاتفاق مع السلطات. ولكن بالرغم من حضور اثنين من الفنيين سكان مالمو السويد والكثير من المعدات تأخر البناء بسبب وجود عمودين للكهرباء تزود الصبابي بالطاقة . وكانت هنالك بئر ارتوازية بغرفة من المسلح تم تلجينها . وإحتجنا لموافقة المياه الجوفية لازالة البناء . وتكاسلوا في تزويدنا بالشهادات .
والمشكلة الاكبر كانت توصيل المياه الى الموقع والخواجة السويدي يستغرب على التأخير ونحن نعرف الكثيرين . المشكلة كانت الاخ الحبيب طيب الله ثراه
عمر السيد شقيق الشيوعي الكبيرمحمد نور السيد والشفيع السيد في الدنمارك وآخرين من اهل بحري الاصليين احفاد حمد وخوجلي ومن اكبر المناضلين . وعمر درس في براغ وعرف ب الجلنيك . وجلنيك تعني عامل باللغة الشيكية . ولقد اطلق عليه هذا الاسم الشقيق منوا بيج ابن خال مولانا نائب رئيس الجمهورية ابل الير . وهم في كورس اللغة في بلدة دبروشكا كانوا يستمعون لاغنية الشفيع .... انا امدرمان للشاعر عبد المنعم عبد الحي ...وعنما وصلت الاغنية والجميع يعانون من الشوق للوطن .... يا الفي الجنوب حيي الشمال دخل منوا بيج طيب الله ثراه بروحه المرحة . فانتفض عمر الجلنيك وتعلق بعنق منوا . واستفسر منوا عن السبب فقال الجلنيك نحن اخوان يا منوا . فتظاهر منوا الذي صار مهندسا عظيما فيما بعد .... اخوان شنو ، انت واحد جلنيك ساكت . فعمر كان كل حياته يتحدث عن العمال والطبقة العاملة الخ . وصار اسم الجلنيك طاغيا , واختفى اسم عمر . الجلنيك كان مسؤولا عن الماء في بحري . وكان شقيقي يوسف بدري يفتح الماسورة في منزلنا ويقول له ما بتخجلوا دي موية دي لونها ذي الشاى ؟ الجلنيك يعتذر بسبب الفيضان ويضيف انهم قد مدوا خط انابيب عن طريق الكوبري من بحري لامدرمان لحل المشكلة . وعلى يوسف واهل امدرمان شكر بحري العريقة .
اخيرا اتصلنا بالجلنيك الذي عين لنا طاقما من الفنيين والعمال . وحذر شقيقي بابكر بدري بأنه سيدخلنا السجن اذا دفعنا فلوسا للطاقم ، لأن هذا فساد . وهو كان يعمل كالنحلة ولا يتوقف عند ساعات العمل الرسمية . ولم يتم توصيل الماء لفترة طويلة. الى ان نصح احدهم شقيقي باكرام الطاقم الذي كان يتحايل بعدم وجود الاكواع . والجلنيك كان يتابع مع شقيقي ويحذر من الدفع . وبعد وصول الماء بفترة مر بلدوزر كبير وتم كسر الخط . وعدنا للمربع الاول . والتيم كان يرحب بالاكراميات ولكن يخاف من المهندس الشيوعي ، الذي لا يأكل ولا يترك الآخرين يأكلون .. وبعد الدفع كما سمعت من شقيقي بابكر حضر الطاقم . واحسست بمعاناتهم في الحفر والتبلل بالماء البارد في شتاء السودان . وطلبت من بائع الشاي ان يتواجد معهم طيلة الوقت . وفقط بعد النهاية احتراما للجلنيك قمت باكرامهم . حتى لا يكون الامر رشوة . والجلنيك كان يسأل كل الوقت مهددا ...دفعتوا ؟؟
دفعة منوا والجلنيك كانت الاكبر ففي تلك السنة انضم 67 طالبا وطالبة لبراغ ، كنت عضو سكرتارية اتحاد الطلاب الضخم . وصرنا مجموعة طلابية اجنبية كبيرة مؤثرة . وكان هنالك اليوم الذي لم يأكل فيه الطلاب السودانيين طعام الغداء في كورس اللغة ، فعند تسلم اول الخطابات من الوطن ذهب الجميع لغرفهم كما اخبرني مامون يوسف المامون . وبكى الفتيات والفتية لذكرى الوطن الذي تركوه قبل اسابيع . واليوم تدفع الامهات اطفالهم لركوب البحار والاهوال للهرب من السودان .
وانا في الامانة العامة للإستثمار بالقرب من فندق الهيلتون ، فاجأني احد المسؤولين بالاعتذار لانه قد تقرر تغريمي مبلغ 5 الف جنيه ووقتها كان المبلغ يعتبر ثروة . ومرتب صغار الاطباء كان 150 جنيها . والسبب هو تأخيري في البناء .
المسؤول كان يقول لي انهم قد حاولوا تجنيبي الغرامة لأن التاخير خارج ارادتي ، ولكن احد المسؤلين كان مصرا على الغرامة وأثر على الآخرين . وواصل المسؤول .... انت بتعرف الشيوعيين ديل صعبين في الحاجات دي ما بيلعبوا ما بجاملوا . . وبعدها بدقائق كان المسؤول الذي سبب الغرامة يجلس بجانبي في السيارة لنذهب الى المنزل لتناول الغداء فبالرغم من تقارب السن ، وكنا في نفس الفصل الدراسي فلم يكن مسموحا لى بمراجعة قراراته كالعادات السودانية القديمة. ولم يتطرق هو للموضوع ولم يكن في امكاني ان المح حتى للموضوع . كان ذلك شقيقي محمد صالح الشنقيطي ابراهيم بدري .
في نفس الاجتماع تطرقوا لصاحب المخبز التي صدق له ب 300 متر مربع في المقرن وقام ببناء الفرن في الطابق الارضي ثم اضاف مترين من كل جانب بطريقة ,,فلاي أوفر,, . وتم بناء اربعة طوابق اضافية . وناقش البعض فكرة هدم المبنى لانه غير قانوني ومن دافع عن صاحب المخبز كان الشنقيطي الذي يحترم كلمته الجميع . واقترح فرض غرامة على صاحب الفرن ودفع فرق سعر المساحة المسروقة في الهواء والاخلال بعقد البناء. ويضيف ان البلد فقيرة وهدم المبنى اهدار للمال . والغرامة كانت 20 الف جنيها .
قبل انتقال الامانة العامة للسوق العربي ثم منطقة المقرن كانت في مبنى وزارة المالية , وفي احد الايام تأخرت قليلا مع ضيف اتي في الصباح الباكر فقال لي الشنقيطي . لوما طلعت دلوكت حأخليك . وهو لم يكن يقود السيارة ولكن صديقه عبد الوهاب يقود سيارته او يوصله سائق العائلة بسيارة الاسرة . لانه المسؤول عن الدوام في المالية . ويقول ما ممكن اجي متأخر . وعندما وصلنا وزارة المالية اندفع الشنقيطي للبوابة وبدأ في النظر لساعته . وفي تمام الثامنة طلب من الغفير قفل الباب ووضع جسمه القوي معتمدا على ساعده لقفل الباب. وحضر البعض من من هم اقرب اصدقاءه متاخرا . ولم يحابي احدا . تم تسجيل الاسماء لكي يكتبوا استجوابا . هكذا كان اغلب الشيوعيين الذين عرفناهم قديما يمكن الاختلاف معهم معاداتهم ، ولكن لا يستطيع اى انسان ان يتهمهم بالفساد او المحاباة . وطبعا تجد الشواذ .
في نهاية حكم نميري كان الدكاترة يلعبون دورا كبيرا . كان للشيوعيين دورا ابرز في المعارضة وكشف النظام .
وكان دكتور بشير الياس اخصائي الانف الاذن والحنجرة كعادته لا يخاف ولا يساوم . فقال احد الكيزان انه لم يحدث ان قابل رجلا في شجاعة دكتور بشير رحمة الله علية . بشير الياس وزوجته كلارا الاسلوفاكية تركا سمعة طيبة في بورسودان . وكانت لكلارا عيادة مجانية في شمال بحري وعرفت المحطة بمحطة كلارا . ولهما طفلين صارا من الاطباء وهما القرشي تيمنا بالنقابي القرشي ، وقاسم تيمنا القائد العمالي قاسم امين .
في بداية الانقاذ تلقى دكتور مامون محمد حسين الاخصائي حكم الاعدام بكل هدوء وكان في يتصرف وكأن الامر لايهمه ويساعد بقية السجناء في كوبر ويشحذ من عزيمتهم الخ . ولقد زاملت الاثنين في براغ وكانا من اعظم البشر . معهم كان الدكتور فاروق فضل الذي تأثرت به وكنت احترمه جدا لموضوعيته وشجاعته . وهو زوج الدكتورة خريجة براغ ابنة الخال آمال الدرديري . ولا يمكن نسيان الطبيب المتجرد منصور نصيف بشاربه الاشقر وابتسامته الدائمة وروحه الحلوة ، ومجموعة من الاطباء منهم الجنتلمان عبد الوهاب سنادة لم يفكروا ابدا في المال واستغلال المرضى . في الثمانينات كان الاخصائي منصور نصيف يقول انه اراد ان يستأجر منزلا في الخرطوم وكان الايجار 600 جنيه ومرتبه 500 جنيه . ودكتور منصور كان متجردا لا يؤمن بالعيادات الخاصة وحلب المرضى . زوجة الدكتور منصور نصيف سيدة رزينةعملت في المدرسة العربية في ميدان ليتنا في براغ . وعند الامتحان وجدت رجالا من السفارات يجلسون بجانب ابن السفير والقنصل الخ لمساعدتهم . فقامت بطردهم ولكنهم رفضوا الخروج لأن ابناء كبار الدبلوماسيين يجب ان ينجحوا . فتركت العمل مباشرة لانها لا تريد ان ان تشارك في تلك المهزلة . هكذا كان الشيوعيون .
في 1984 وخلال اضراب الدكاترة تم طردهم من ميز الدكاترة . وكان منزل كمال ابراهيم بدري في العباسية خاليا وانتقل اليه الدكاترة منهم الجراح فيما بعد معاذ الخليفة وطارق الكارب وآخرين اغلبهم من تشيكويلوفاكية. وكانوا بالرغم من الظروف الصعبة على روح عالية . وكان منزلنا كالعادة يمتلئ بالزوارالشيوعيين . ولقد قال لي المناضل والفيلسوف الخاتم عدلان انه كان من سكان منزلنا في فترات مختلفة . وكان في امكان الخاتم والشيوعيين العيش في رغد ...... لماذا عرضوا انفسهم لكل تلك الظروف الكريهة ؟؟؟؟ انا اقول انه بسبب حبهم للسودان . وقد نختلف معهم كثيرا في طرحهم. ولكن الحقيقة هي انهم ضحوا اكثر وبتجرد.
في 1965 اتي الى براغ الطلبة بكري طنون ومعه في نفس الطائرة علي عبد المجيد ، وصارا من الاطباء وفي نفس الدفعة كمال خليل الذي تخصص في الطب الرياضي وعلى الوكيل وآخرون . واثناء اضراب الاطباء كان على عبد المجيد متزوجا على عكس الاغلبية . وظهرت فرصة العمل في مستشفى جبل الاولياء وبه مسكن للطبيب . واغلب الاطباء كانوا لا يريدون ترك الخرطوم . وعندما وصل على لجبل الاولياء رحب به المتعهد . وقال له انه يتوقع ان يتواصل التعاون معه مثل الطبيب الذي سبقه لمصلحة الاثنين . فانفجر على في وجه المتعهد وافهمه انه لن يتلاعب بغذاء المرضى لأن الغذاء جزء من العلاج . والميزان سيكون الحكم بينهم . و ان من سبقه كان كوزا بلا ضمير . فقال المتعهد .... الدكتور القبالك عنده حق لمن قلت ليه عرفني بي الدكتور الجديد قال لي .... ده شيوعي الله ما بيعرفوا . فقال علي ... انا شيوعي وبعرف الله علشان كده ما بسرق ، انتو الما بتعرفوا الله . ويمكن ان يكون هنالك من سكان جبل الاولياء من يتذكر الدكتور ابن البلد الاصيل على عبد المجيد وتردده على الجامع .
في بداية الثمانينات عدت الى المنزل فقالت والدتي ... اصحابك الشيوعيين جوا سألوا منك . واظنها كانت تريد ان تحدد بسبب الاعداد الهائلة التي تتردد او تسكن في المنزل . وكانت تقصد اعظم البشر الاخت اميرة الجزولى ومحجوب شريف طيب الله ثراه . فقلت مستغربا ... عرفتيهم كيف شيوعيين . ونسيت ان النساء في السودان في بيوت البكاء والنفاس الخ يتداولن كل الاخبار ويعرفن ادق التفاصيل عن مجتمع امدرمان . قالت والدتي ....اجي يا ولدي اكان اهلي الدناقلة ما عرفتهم ، الشيوعيين ما بعرفهم ... الشيوعي الكبير ما ياهو الراقد بره داك والبيت ما طوالى ملان شيوعيين . وكانت تقصد ابنها الاكبر وفخر الاسرة وامدرمان الشنقيطي . واضافت ...
لكن كلهم اولاد ناس .
كانت لنا غرفتان عند الباب الخارجي لا يغيب عنهما ابدا الزوار . وكان اهل امدرمان يفتخرون ويحترمون الشيوعيين . اخي الصغير محمد سعيد العباسي بدري كان لاعب سلة واجتماعي جدا في فترة الثانوية . ولكن كان الشنقيطي يمنعه من الخروج لكي يخدم الضيوف في الصالون الكبير لأن عندهم كما يقول ....اجتماع ناس المالية لانه كان يعمل في وزارة المالية . ومحمد سعيد العباسي كان يتضايق لانه يريد الانطلاق . وفي احد الايام اتي الماضل نقد طيب الله ثراه . وعندما ناداه الشنقيطي للخدمة قال بطريقة الرباطاب ..... ونقد ده برضوا معاكم في المالية ؟ عازة التجاني الطيب بابكر كانت رئيسة تلك الوحدة التي ضمت العظماء من الرجال .
الدكتور حسن عبد السلام كان يقول لي مازحا في منزلنا ... ياخي شوف اخوك ده واحمد سر الختم وبلنجة ديل موظفين كبار في المالية وانحنا اصحابهم مفلسين . الدكاترة زملانا في الميز اصحابهم افندية صغار بيجيبوا معاهم ويسكي وشية . ويواصل مازحا .... الطبية دي لو فيها اكل كان اكلنا .... اخوانك ديل في المالية وانحنا اصحابهم مفلسين ما عندنا حق الفول .
ويضحك ابن الشرق احمد سر الختم وهو يقوم بعجن السفة في يده ويقول .... اول ما تظهر مامورية او شغلانة فيها سف وسرقة يقولوا ودو الشيوعيين العورة . عارفننا ما بنسرق او ناكل . الباقين غنوا وارتاحوا وانحنا لسة في فلسنا .
قال لي الدكتور احمد ابو شام ،،الشيوعي ،، وخريج شرق اوربا وهو اليوم رئيس الجبهة للتغيير ويسكن ويعمل في لندن ، انهم احتاجوا كشف مرتبات الجيش والامن . وبكل شجاعة وتجرد اعطاهم بلنجة الكشف . وكشف الحزب ان الطبيب في نهاية حكم نميري كان يتقاضى 150 جنيها بعد 5 سنوات من الدراسة الجامعية وسنة ونصف فترة الامتياز ومناطق الشدة والعمل في اقصى مناطق البلاد . وكان الجاويش في الجيش يتقاضى مرتبا يزيد عن الطبيب . ومن الممكن ان الجاويش لم يكمل سوى اربعة سنوات في المدرسة وقد يكون اميا . وله مخصصات وامكانية شراء بعض الاغذية ومستلزمات الحياة باسعار رمزية الخ . وفي امكان الجندي ان يبلغ رتبة الجاويش في 12 الى 15 سنة فاذا كان قد تم تجنيده وهو في الثامنة عشر فقد يكون جاويشا بعد بلوغه الثلاثين . وهذا نفس عمر الطبيب الذي كدح واجتهد . وتلك المجموعة كانت من خريجي تشيكوسلوفاكية . وهذا يعني انهم قد اضاعوا وقتا في انتظار البعثة وسنة في تعلم اللغة . وعادوا بلغة اجنبية وتجارب اوربية الخ . و يتحصلون على دخل جاويش لم يضع قدمه في المدرسة .
بلنجة وسر سر الختم كانا مثل الكثير من الشيوعيين عنوانا للسوداني البسيط المهذب وفي نفس الوقت لا يهاب الطرد من الوظيفة او السجن . وبلنجة هى الاسم التلغرافي لسكك حديد السودان وهى قطعة من الحديد تستخدم في قضبان السكك الحديدية .
بعد موت محمد صالح الشنقيطي طيب الله ثراه وانا في السويد ،. كان قد صدق للشنقيطي بقطعة ارض درجة اولى عندما كان يعمل في المالية . وبالسؤال عرفت ان الشنقيطي لم يسع للارض ولكن اصدقاءه طالبوه واصروا على تقديمه بطلب للارض . وصدق له بقطعة ارض في امدرمان في الدرة الاولى . وبعد ان طرد من المالية التي خدمها باخلاص وتفاني بواسطة الكيزان ، رفض استلام الارض لانها منحت له تحت اسم محمد صالح ابراهيم نائب الوكيل في المالية .
في الثمانينات ارادت الاحفاد في شارع الموردة ان تخرج اصحاب الدكاكين على السور الشرقي . وكان الاخ محمد ادريس طيب الله ثراه يمتلك ما عرف ببازار الاحفاد وكان من معالم امدرمان . واضطرت الاحفاد لمقاضاة محمد ادريس . واستعان محمد البازار بمحمد صالح الشنفيطي بدري . وكان الشنقيطي يقول في المحكمة اننا منذ ان كنا اطفالا صغار في الخمسينات كان البازار وموجودا ومحمد ادريس صاحبة . وكان عمي محمد بدري يحضر لاخذ الشنقيطي للمحكمة لكي يقف ضده كشاهد . والاثنان قد عرفا بالانتماء للحزب الشيوعي . ولم يخرج محمد ادريس من الدكان .
في ايام الانتخابات لنميري اجبر موظفي الوزارات والمصالح على التصويت بلاء او نعم . وكان صندوق نعم على الواجهة وصندوق لا في نهاية القاعة . وبعد ان تخطى الشنقيطي صندوق نعم بدا الجميع بالصراخ .... لا .. لا ياشنقيطي لا لا . وبعد ان وضع الشنقيطي الورقة في صندوق لا وجد نظرات الغضب من الموظفين ورجال الامن . والشنقيطي كان قليل الكلام ولكن له ردود ساخرة وحس فكاهي . فقال ردا على اعتراضهم ..... ما كلكم يتكوركوا ... لا لا . عملت بي طلبكم وصوتا لا .
احد اقرب اقربائي ب . م . ع كان يحضر مع بعض معارفة من عندهم اعمال في الامانة العامة للاستثمار . وبعد فترة يحضر لمنزانا مع نفس الشخص ولانه رجل ظريف تهرع والدتي واهل المنزل للترحيب به . ويدخل المطبخ ويحضر مشروبا للضيوف ويطلب الشاي او القهوة حسب طلب الضيوف .
بعد فترة اشتكى رجل لشنقيطي ان المبلغ المطلوب منه كبير لدراسة الجدوى التي كتبها لهم . وافهمه شنقيطي انه يقوم بكل هذه الدراسات بدون مقابل . ويساعد الجميع لأن البلد يجب ان تتطور وتوظف رؤوس الاموال في القطاع الصحيح . وعند مواجهة قريبي كان رده .... ما انت بليد تساعد في الناس وما عاوز تستفيد خلينا انحنا نستفيد . وبعدها صار محرما عليه التردد على الامانة العامة . وتحجمت علاقتهما . والشنقيطي يقول له .... اى حاجة اعملها بتتحسب على الحزب الشيوعب انا بتهمني سمعة الحزب اكتر من سمعتي .
بعد حضور الخواجات وكان لي مكتب كبير في العمارات شارع واحد ملاصقا لفندق الارز وشاحنات وبوتيكات بجانب وكالات شركات وورشة مصنع بحري الخ .كنت اقول للشنقيطي انه من غير المعقول ان يوظف مديرين يستلمون ضعف ما يستلم هو في المالية. وبعضهم يقوم بالسرقة وتسبيب المشاكل زحسب العرف السوداني لا يمكن وضعهم في السجون . لماذا لا يترك عمل الامانة العامة للاستثمار . وكان يرفض ويقول انه اذا ترك وظيفته فسيأتي انسان آخر وسيجعل حياة الناس جحيما . وقبل عيد الاضحي انتظرناه لمدة طويلة امام الامانة العامة للاستثمار . ولم يحضر وكنا نري الموظفين متحلقين امام المبنى والاصوات تعلوا من الطابق الثاني . وعندما اتي لحقة بعض الموظفين الكبار . وطلبوا رجوعه وسيناقشون الموضوع .
المشكلة ان عشرة من الرؤساء قد احضروا 27 الف جنيه من المالية لكي يتقاسموها .ورفض الشنقيطي الامر وطالب بتقسيم المال على الجميع . والكبار يقولون انهم قد عملوا في المساء وتعبوا . والشنقيطي يقول . انتم تعملون في المساء
لانكم لا تتواجدون كل الوقت في مكاتبكم . وعندما تعملون في المساء يساعدكم بعض الموظفين ، السكرتيرات ،الفراشين والبواب. هؤلاء يريدون ان يستمتعوا بالعيد وان يشتروا الخراف .... انا لا اريد اى شئ . ويردون .... انت لا تحتاج ان لك سيارة مرسيدس وسائق ولا تهتم بمرتبك ويذهب اغلبه للآخرين . نحن عندنا عوائل عاوزين نضحي . وكان الرد .... الباقين ديل عندهم عوائل وعاوزين يضحوا ، طلوع الفلوس دي من الخزنة بالطريقة دي غلط . ما تسمعوا كلامي انا حابلغ عليكم . كلو واحد فيكم يشيل الف السبعتاشر الفي تتقسم على الباقين .
وبعد مناقشات واحد الكبار يقول لهم انتو بتعرفوا الشنقيطي حيبلغ عليكم ، اقبلوا . وكان بقية الموظفين يترقبون بعيون مترقبة . وعندما وافق الكبار ، ظهر الفرح على وجه المنتظرين .
عندما كان البطل ابوحريرة وزير التجارة طيب الله ثراه بضع الضوابط لصالح الشعب . كان الشنقيطي يقول ان ابو حريرة رجل عظيم ولكن سيتحالف ضده الافندية والتجار . ومهما كانت القوانين واضحة وصارمة يجد الافندية طرقا لتكسيرها . مشكلة السودان اليوم هم الافنديةلانو التجار خربوهم ونظام مايو ساعد على الفساد .
في 1984 توفي احد مشاهير السودان العم خدر رحمة الله الياس عثمان المشهور بالحاوي قذهبت مع ابنه حسين للسودان . وكان عدد المعزين مهولا .والموسيقار عبد اللطيف خدر واهل الدار يتحدثون عن السكر وصعوبة التحصل عليه . ولانني اعرف ان آلاف البشر لا يرفضون طلبا للشنقيطي طلبت منه الحصول على بعض السكر ورده كان مافي مشكلة . وعندما سألت عن السكر في اليوم التالي كان الرد ...مافي . وكان هذا يعني نهاية المحادثة . وبعد انصرافه عرفت من السائق احمد انهم ذهبوا لاحد اصحاب مصانع الطحنية وبدلا عن جوال سكر واحد وضع جوالين في السيارة . وعندما سأله الشنقيطي عن الثمن رفض صاحب المصنع الكلام عن الفلوس . وقال للشنقيطي انت عملت لينا دراسة الجدوى مجانا ووفرت لنا الآلاف . والرد كان يعني عاوز تدفع لي ؟ شيل سكرك . وبالرغم من اصرار الرجل وتقبله اخيرا لاستلام الثمن ، كان الرد .... ما دام بديت بالطريقة دي ما عاوز السكر .
https://i.imgur.com/NWqR33y.jpg
محمد صالح الشنقيطي ابراهيم بدري ، اول سنة في براغ
https://i.imgur.com/PeK1AON.jpg
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.