توقفت منذ زمن بعيد عن نفي حكومة الإنقاذ عن الإسلام. ومنطقي بسيط. فمن قال أنا سمين نقوللو آمين. ولا أصدر في هذا عن شفقة بالإنقاذ بالطبع. ولكني أخشي أن نقع في محاذير فكرية متي جردنا الإنقاذ من الاسلام. فالذي ينفي الإنقاذ عن الاسلام يورط نفسه في الزعم بامتلاك سلطة تفتيش عقائد الناس والدول وموافقتها للإسلام الصحيح. وهذا منهاج للتكفير لا للتفكير. وانصرفت بدلاً عن "الفتوى" بمفارقة الإنقاذ الإسلام و"إستغلالها" له إلى دراسة دعوتها الإسلام ومؤسساتها حاملة تلك الدعوة أو الدعوى. وكان ديوان الزكاة شاغلي لأنه شعيرة من ضمن خمس قام عليها الإسلام. بل قلت إنني لا أرى كمسلم غضاضة في أن يكون الديوان فينا نحن المسلمين بقيت الإنقاذ أم ذهبت. ومَثَّلت عليه منظمة "يونايتد وي" الأمريكية التي كان موظفو الجامعة التي عملت لها وغيرهم "يزكون" أموالههم لها بسخاء متطوعين "عن يد" خصماً من مرتباتهم تعظيماً للإحسان في المجتمع. ولأنني على هذه الفطرة الفكرية حيال الزكاة وجدتني لا أفوت خبراً عن ديوانها. وليس كلها مما يسر. قرأت عن الديوان في جريدة الحرة (4 فبراير 2010) أنه سير قافلة بعنوان "التواصل لأعز الديار" لولاية نهر النيل حملت 1000جوال قمح و100 كيس سكر (زنة 10 كيلو) و500 جوال ذرة و500 جوال فول مصري و360 ناموسية 50 فرشة مسجد. وقال الديوان إن تلك هي قافلته الرابعة إلى أعز الديار، ولاية النيل، وكشف عن مشروع إنشاء مصائد مختلفة سيجري تدشينه بمحلية البحيرات بالولاية وأنه وقف مع المتأثرين بقيام السدود منذ 2008 إلى جانب تنفيذه ل 33 مشروع إعاشة. كما قال الديوان إنه رتب قوافل أخرى لولايات أخرى. هذا خبر يشفق به المواطن المسلم عن المدى الذي تورط فيه الديوان في سوق الله أكبر. فقافلة الديوان حوت سلعاً اشتراها من ذلك السوق كلفت الشيء الفلاني. وطبيعي أن يسأل السائل إن كان للديوان قواعد مرعية في التعامل مع السوق تقيه مغبة فخاخ السوق في النفع والاستنفاع؟ فهل يحتكم الديوان إلى شرعة العطاءات مثلاً ليحصل على أفضل السلع بأفضل الأسعار وعلى مرأى من الناس ومشهد؟ وربما كان الاستثمار في بقول قافلة النيل وفومها سقط مال. إلا أن السلع التي درج الديوان على شرائها من السوق في نهجه الاستثماري المبتكر من معدات طبية وحاصدات عالية التكلفة مما يسيل لها لعاب السواقة ويتهافتون عليها في مزايدة محمومة تبذل العمولات وغير العمولات. فهل تحسَّب الديوان لفعل السوق الذي يحمده رابحه؟ وما هي صور هذا التحسب لتسلم هذه الشعيرة من زيغ النفوس الذي أساء إليها مراراً؟ سألت نفسي بعد قراة خبر "الحرة" عن الطريقة التي سيٌدَفتر الديوان بها الأنصبة الشرعية لقافلة النيل. فالقافلة تقع عندي في باب العلاقات العامة. فهل ستقع تكلفتها تحت بند العاملين عليها؟ ولكنها حملت فولاً وفوماً لفقراء دار الأعزة : فهل ستذهب التكلفة إلى سهم الفقراء والمساكين؟ ولكن لاحظ أن بها فرشات للمساجد: هل سيدخل هذا في باب في سبيل الله؟ لا مهرب أن تقف قرون استشعار تقوانا كمسلمين حين نرى ديوان عهدنا إليه شعيرة إسلامية مركزية يهبط إلى السوق وقد تأبط أموالاً ليست بوسع أي ديوان من دواوين الحكومة أو خزائن القطاع الخاص. أتمنى أن يأتينا من الديوان ما يهدي روع قوم مسلمين عن متانة شعيرتهم.