منذ لحظة إعلان "حوافز المغتربين" من قبل مجلس وزاء الحكومة السابقة ، قبل أشهر ، قلنا إن هذه الحوافز بحاجة لشرح وافٍ وواضح ، حتى يتبين الأمر بجلاء لمعشر المغتربين ، غير أن أي من المعنيين بالأمر وفي مقدمتهم جهاز شئون السودانيين العاملين بالخارج لم يقدم إيضاحات شافية ، بدليل أن أي من المغتربين حتى يومنا هذا لا يعرف على وجه الدقة .. كيف له أن يصدر سيارة الى السودان ، وماهو المبلغ المطلوب تحويله من أجل الاعفاء ، وماهي تفاصيل الموديلات وأنواع السيارات ، وما السعر الذي يمنح للمغترب من قبل بنك السودان، كما لا يعرف طبيعة التمويل العقاري . لا أفهم كيف يتناسى من يقومون على الأمر أن ثقة المغتربين في الدولة "أصلا مهتز" ة ، وهي ليس بحاجة لمزيد من الهزات حتى تهوي ، غير أن الذي حدث يعني أن الطريق أصبح ممهدا الى هذه الهاوية . حديث كثيف دار حول هذه الحوافز وأُشُبعت إشادة من قبل المختصين الذين تستضيفهم "الفضائيات السودانية" ، مع أنهم لا يعرفون عن المغتربين والإغتراب غير أن هناك نفر من السودانيين يصرفون مرتباتهم ب "العملة الصعبة " وعليهم إدخالها الى"البلد" حتى تنتعش خزينة الدولة ،وهم يبتعدون في تحليلاتهم عن واقع الاغتراب، وعن مطالب معشر المغتربين واحتياجاتهم الحقيقة التي ينبغي أن تقدم لهم من قبل الحكومة قبل أن يشرعوا في الاصطفاف أمام البنوك الخارجية بغرض تحويل مدخراتهم . المغترب الذي يدفع رسوم دراسة أبناءه في الجامعات السودانية وفي مقدمتها جامعة الخرطوم بالدولار ، لن يكون حريصا على تحويل أمواله بسعر الصرف الذي يحدده بنك السودان أو قل اللجنة المختصة حتى لو تجاوز ال50 فحتما في السوق الموازي سيجد 60.. مالم تكون هناك معالجة حقيقة لقصة سداد الرسوم بالدولار . المغترب الذي يشتري الأدوية من الصيدليات خارج السودان ليرسل بها الى ذويه في السودان لن يودع دولارا واحدا في البنك المركزي ، مالم تعالج هذه القضية. المغترب الذي يعاني الويلات نتيجة ظلم مؤسسته أو كفيله في ديار الاغتراب ، لن يجد في نفسه حماسا يجعله يودع بطيب خاطر ما لديه في البنك المركزي ، مالم يحظى باهتمام الدولة والوقوف الى جانبه لمعالجة ما يعانيه من مشاكل. المغترب الذي بعث أسرته الى السودان ،وهو لايزال على رأس الاغتراب ، بينما اسرته تعاني لجهة تنقل الأبناء الى مدارسهم وجامعاتهم ، بينما سيارته التي يريد ان يرسلها الى السودان لتكون من بعد الله عونا لهم ، يعجز عن تصديرها حيث تتصاعد أرقام فلكية لتخليصها من الجمارك، هذا المغترب لن يبعث بأمواله الى السودان ، حتى لو زاره وزير المالية في منزله . المغترب أي كان طبيبا أو أستاذا في جامعة أو مهندسا أو راعي ضان في صحاري وجبال الخليج ، لن يتجاوب مع القرارات والحوافز المقدمة للمغتربين مالم تكون واضحة ومحددة ، وذات مصداقية عالية ، وان تكون أصلا مشجعة لا بعد حد .ودون ذلك ستصبح قصة استقطاب 6 مليارات دولار سنويا من قبل المغتربين مجرد "خيال" لا يمت للواقع بصلة. كل الحديث الذي يدور حاليا عن حوافز المغتربين لن يعدو غير أن يكون " مجرد كلام " . إن كان هناك أمرا جديا يجب أن يقدم للمغتربين الان ، وعلى رئيس الوزراء ووزير المالية معتز موسى أن يتولى هذا الملف الكبير. Mmuha;عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.