جاء في الأخبار اليوم اختيار إمرأة رئيساً لجمهورية إثيوبيا ، هي السيدة سهلي ورق زودى. تلك دون شك قفزة جديدة تحسب لصالح الجارة التي تعمل الآن على إتساق النهضة الإقتصادية الهائلة جنباً إلى جنب مع الوعي المجتمعي في إدارة البلاد. فإذا كانت المرأة قد حظيت في حكومة الرئيس أبي احمد بنصف المقاعد الوزارية بما فيها وزارة الدفاع ، ويحدث في ذات الوقت اختيار إمرأة رئيساً للجمهورية ممثلة لسيادة البلاد، فإن ذلك يعني أنّ الجارة إثيوبيا قد تفوقت في قسمة إدارة البلاد بين الجنسين على دول عديدة في العالم الصناعي. ورغم أن تلك البلاد قطعت شوطاً في التمدين والإستقرار، لكن ما يزال حظ المرأة فيها في إدارة دفة البلاد يأتي في المرتبة الثانية بعد الرجل. نعرف أن القرار التنفيذي في النظام البرلماني بيد رئيس الوزراء والبرلمان المنتخب من لدن الشعب، لكن تبقى السيدة رئيس الجمهورية - التي اختيرت بأغلبية مطلقة - هي من يمثل سيادة البلاد.. يعني في حالة أن تزور ملكة بريطانيا مثلاً أو رئيس جمهورية الولاياتالمتحدة أو رئيس إتحاد جمهورية روسيا الفيدرالية أو رئيس جمهورية اتحاد جنوب أفريقيا- في حالة أن يزور أي من هؤلاء وغيرهم من الملوك ورؤساء الجمهوريات الجارة إثيوبيا فإن البروتوكول يقضي بأن تستقبله لدى سلم الطائرة رئيسة الجمهورية - ممثلة سيادة البلاد كمنصب فخري عال. لكن تظل السلطة التنفيذية واتخاذ القرار السياسي بيد رئيس الوزراء وبرلمانه المنتخب من لدن شعب إثيوبيا. أي تكريم للرجل بتكريم شأن المرأة وآدميتها تنجزه الشقيقة إثيوبيا اليوم !! تقول السيرة الذاتية للسيدة رئيس جمهورية إثيوبيا بأنها تلقت مراحل تعليمها العالي بفرنسا (جامعة مونبلييه)،ثم قضت تسع سنوات بفرنسا متابعة للتحصيل الأكاديمي. كما إنها شغلت العديد من الوظائف بوزارة الخارجية الإثيوبية ومن بينها وظيفة سفير لبلادها بفرنسا وفي بعض البلدان الأفريقية..أي أنّ اختيار السيدة سهلى ورق زودي لم يأت لأنها بنت خال حاكم البلاد أو أو بنت عمه أو لأنها من محاسيب قبيله السياسي مثلاً. اختيار هذه السيدة لهذا المنصب الدستوري العالي جاء تلبية لمتطلبات المنصب ومتطلبات سعي البلاد نحو آفاق القرن الواحد والعشرين. مبروك للشعب الإثيوبي - سليل الحضارات العريقة. فقد نبذ الحروب ، وعرف معنى السلام والوحدة والتنمية. إثيوبيا تعلن دون زعيق ودون نفخ أوداج، أنها - باختيارها لسيدة متعلمة وخبيرة في العمل الدبلوماسي- تعلن بأنها تدخل القرن الحادي والعشرين بكل ثقة واقتدار. أي نفق مظلم يعيشه السودان منذ عقود؟ فبينما تحتل المرأة في قارتنا الأم كل يوم والثاني درجة جديدة في سلم الرقي وحقوق الإنسان ، بينما ترفد تلك البلاد الشقيقة والصديقة مؤسسات الدولة بين حين والآخر جيلاً من النساء المتفوقات في العلوم والإدارة والإقتصاد وتقنية المعلومات ، بينما يكون الحال كذلك مع دول تسعى في قارتنا لتعقد شراكة مع القرن الواحد والعشرين مؤكدة قدرة المرأة على ما يمكن أن ينجزه الرجل وما قد لا يقدر على إنجازه ، بينما الحال عندهم كذلك ، فإنّ المرأة عندنا- والتي كانت أول نائبة برلمانية وأول قاضية في القارة – هذه المرأة تخضع عندنا اليوم لشرطة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المعروفة تأدباً باسم "شرطة النظام العام". شرطة صممت لتحقق في أي أنواع لباس المرأة يمكن أن يهدم مقومات الدولة ويخرب بيت المجتمع !! يا جارتنا وشقيقتنا إثيوبيا ، علمينا بعض أسرارك التي جعلتك تكرمين نصفك المؤنث ، وتعودي من ماضيك الحضاري العريق ببلقيس أخرى فتجلسيها على عرش حاضرك الوسيم! عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.