يكشف هذا التقرير عن حملات إعتقالات تعسفية وتعذيب ومحاكمات وقتل قامت بها أجهزة الامن في الإقليم الشرقي للسودان (ولايات البحر الاحمروكسلاوالقضارف) منذ بداية المظاهرات التي تعم أجزاء واسعة من السودان منذ منتصف ديسمبر 2018 والمستمرة إلى وقت كتابة هذا التقرير. وبالنظر إلى مجريات الاحداث على الارض يمكن القول أن السلطات أستهدفت منذ إنطلاق المظاهرات بالإقليم الصحفيين والمحامين والاطباء بالإعتقالات والتضييق والترهيب لمنع توثيق ونقل الحقائق على الارض إلى الخارج، ونجحت عبر ذلك إلى حد كبير في التستر على الكثير من الإنتهاكات. وتركزت أعمال العنف الاكثر وحشية بالإقليم وعموم السودان في مدينة القضارف حيث تم التوثيق لمقتل (10) أشخاص وإصابة مايزيد على (30) شخصا بالرصاص الحي ومحاكمة وإعتقال المئات. وتشهد ولاية كسلا أيضاً إنتهاكات واسعة تحت ستار قانون "الطوارئ"[1]. ومن الملاحظات المهمة في سياق الإجراءات الحكومية بالإقليم التي يرصدها التقرير أعمال القتل والتعذيب والإعتقالات والمحاكمات للاطفال والنساء والفتيات، فقد قُتل (3) أطفال وجُرح (8) برصاص الامن في القضارف، وأكد شهود عيان إعتقال مايزيد على (150) شخص في مدينة كسلا يوم (16 يناير) بينهم عدد كبير من الاطفال تم تعذيبهم، وفي القضارف صدرت أحكام بالسجن والغرامة ضد عشرات النساء بتهمة النهب والسرقة، علاوةً على إعتقال أعداد كبيرة من الفتيات وضربهن في الولايات الثلاثة بتهمة المشاركة في المظاهرات. وتفرض السلطات في كسلا إجراءات إستثنائية تستحق الإنتباه إليها بشدة، فقد ذكرت روايات متعددة أن مباني الامن أكتظت الاسابيع الماضية بالمعتقلين وأغلبهم أطفال وشباب تتراوح أعمارهم بين (15) و (22) سنة تعرضوا لانواع مختلفة من التعذيب. وكشف شاهد عيان أطلق سراحه يوم (24 يناير) أنه "شاهد (12) طفلا تتراوح أعمارهم بين 14 و 16 سنة يتم ضربهم وربطهم بجنازير". وروت إحدى المعتقلات بمدينة كسلا يوم (22 يناير) أنها شاهدت مايزيد على (100) معتقل من الشباب "يقوم أفراد الامن بضربهم بالخراطيش والايدي فيما تمت إساءة معاملة مايقارب (20) من الفتيات ووضعهن في ظروف إحتجاز سيئة". وأفاد شاهد عيان آخر - زار مباني الامن بكسلا يوم (15 يناير) لمتابعة إطلاق سراح مجموعة من الاهالي جرى إعتقالهم وهم مجتمعين لمناقشة تحسين الوضع البئيي في منطقتهم، لكن الامن إعتقلهم تحت ظن أنه اجتماع لمعارضين: "شاهدتُ أعداد كبيرة من الناس داخل مبنى الامن والذين كان بعضهم يفترشون الارض وآخرون يؤدون الصلوات ولايوجد مكان خالي من كثرة المعتقلين الذين عرفت بعضهم وهم من القادة السياسيين بكسلا". وأنتهج الامن بكسلا أيضاً أسلوب إعتقال أفراد الاسرة للضغط على أبنائهم. فقد هاجم أفراد الامن مساء يوم (24 يناير) منزل الناشط السياسي الشاب إدريس محمد سيدي بحي (الختمية القديمة) وعندما لم يعثروا عليه إقتادوا ثمانية من أفراد أسرته معهم إلى مكتب الامن. وروى ناشط إعلامي أعتقل لايام وتعرض للضرب والجلد ان والده أعتقل معه منتصف الليل وهدده أفراد الامن بالإعتقال مجدداً إذا استمر الإبن في الكتابة ومهاجمة السلطات. وبجانب ذلك، إعتقل أفراد الامن في كسلا مشرفين على مجموعات خاصة بالناشطين في موقع (واتس اب) وتم تعذيبهم بقسوة للحصول على بيانات ومعلومات الناشطين والتجسس على المحادثات الداخلية. ويرصد التقرير ترحيل معتقلين ببورتسودان والقضارف إلى العاصمة الخرطوم ومعلومات عن المعتقلين بالولايات الثلاثة، واولئك الذين أطلق سراحهم، بجانب المحاكمات وأسماء الجرحى والضحايا في مدينة القضارف. وقد أعتمدت على عدد كبير من المصادر الذين أشرت إلى البعض منهم إلاّ أن أغلبهم لايمكن الإفصاح عن أسمائهم الآن حفاظاً على سلامتهم. وأوجه لهم الشكر الجزيل على مساعدتهم لي وتضحيتهم في سبيل خروج الحقيقة إلى أكبر قطاع من الناس. ورغم الجهد الكبير المبذول في الجمع والتدقيق والمقارنة والذي أستغرق فترة طويلة إلاّ أن إحتمالات الخطأ تبدو واردة خصوصا عند محاولة الجزم بمن أطلق سراحهم؛ اولا زالوا معتقلين، او من يتم إطلاق سراحهم وإعادة إعتقالهم مجدداً، وذلك بسبب صعوبة الوصول السريع إلى كل المعتقلين في مناطقهم. وعلى الرغم من ان هذا التقرير يحوى معلومات عن معتقلين وأحداث إلاّ أنه لابد من التاكيد على ان الكثير من المعلومات لاتزال غائبة، ذلك أن حملات العنف التي شنتها السلطات كانت واسعة ومتنوعة في إقليم ممتد على مساحة شاسعة تساوي حجم دول، ويكفي أن نذكر أنه في الايام المعلنة للمظاهرات كان عدد المعتقلين أحياناً يبلغ المئات في يوم واحد. وهو مايستلزم التدخل العاجل من كل المنظمات والنشطاء لجمع مزيد من المعلومات، وتنظيم حملات المناصرة، وتوفير أعداد من المحامين للمرور على المحاكم وأقسام الشرطة، والتواصل مع أسر المعتقلين والضحايا، ودعم الإعلام البديل في الإقليم. والمحصلة للاسماء التي استطعنا الإستيثاق منها كضحايا للاعتقالات والمحاكمات وإطلاق النار والقتل في الإقليم بلغت في مجملها (245) شخص وتفاصيلها: 1. عدد (48) معتقل تم التحقق من إستمرار إعتقالهم وبينهم (8) من الصحفيين والمحامين والاطباء. وتاكد ترحيل (23) منهم إلى العاصمة الخرطوم. 2. عدد (28) شخص تأكد خبر إعتقالهم إلاّ أنه لم يتم التحقق من معرفة وضعهم الحالي والراجح أنهم لايزالوا معتقلون لانه لم ترد اي أخبار عن إطلاق سراحهم. 3. عدد (84) شخص تم إطلاق سراحهم بعد أن قضوا فترات إعتقال متفاوتة تراوحت بين اليوم الواحد و (33) يوما في أقصاها. 4. عدد (21) معتقل يوم (26 ديسمبر 2018) في القضارف تم إطلاق سراح معظمهم. 5. عدد (19) شخص تمت محاكمتهم وصدرت احكام بالغرامة والسجن في مواجهتهم. 6. عدد (35) جريح بينهم (8) أطفال أصيب أغلبهم بالرصاص الحي في مدينة القضارف. 7. عدد (10) شخص بينهم (3) أطفال قُتلوا بالرصاص الحكومي في مدينة القضارف. نص التقرير على الرابط: goo.gl/3bYRW2