*أصحاب الجلالة والمعالي والسمو والسعادة قادة الدول العربية* السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأنتم تعقدون مؤتمركم الثلاثين في تونس، نخاطبكم بلسان حزب العموم السوداني وآمال وطموحات الشعب السوداني الذي وعلى مدى ثلاثة أشهر ظل في حراك شعبي شعاره "الحرية والسلام والعدالة" ووسيلتهم هي الثورة السلمية. تأملوا نُبل الشعار والوسيلة. هذه الثورة يقابلها النظام الحاكم في السودان بالقمع والقتل والإعتقال والتعذيب، وانتهاك الحرمات الخاصة للمواطنين في منازلهم، دون مراعاة لأي خصوصيات، وقد استشهد حتى الآن أكثر من ستين مواطناً ومئات الجرحى والإعاقة الدائمة، ومئات المعتقلين، وهو نهج لم يُحِد عنه هذا النظام منذ مجيئه قبل ثلاثين عاماً. لا شك أنكم على دراية بالجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والإبادة التي كان النظام وراءها في أقاليم دارفور وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق وشرق السودان وشمال السودان، بل لم يغب أنين الأبرياء من التعذيب في بيوت الأشباح في العاصمة الخرطوم، وغيرها من سائر مدن السودان. لا بد أن تتساءلوا، أي نظام يفعل هذا بشعبه، لكنه واقع دفع فيه الشعب السوداني الدمع والدماء، وفقد فيه الوطن أي ملامح للبقاء. ولأن تلك الجرائم قد فاقت حد الوصف وباتت تهدد السلم والأمن الدوليين، فقد أدت إلى أن يتحرّك المجتمع الدولي، وتعلمون ما تبع ذلك من مذكّرات اعتقال لقادة من النظام، في مقدّمتهم رئيس الجمهورية. لا ينبغي الإعتقاد بأن ذلك يبهج شعبنا وهو أن تأتي الحلول على أيدي خارجية أو تتجاوز الحاجة إلى العدالة حدودنا وقضاءنا المشهود له بالحياد والنزاهة في زاهر عهده، وشعبنا الذي أعطى الفرصة تلو الأخرى للنظام ليستفيق من خلال عشرات الإتفاقيات ومؤتمرات الحوار، لكنها جميعاً ذهبت أدراج الرياح بسبب تعنّت النظام في المضي على نهجه. يؤسفنا أن نقول أن مواقف الجامعة العربية في كل ذلك، إن لم تكن داعمة لأستمرار النظام، لم تتجاوز الإشارات الخجولة لبعض القادة، مصحوبة ببعض المساعدات الإنسانية في حدودها الدنيا، تنتهي عند أيدي النظام نفسه، ولا يصل منها إلا النذر اليسير إلى المحتاجين إليها. إن شعب السودان يتابع بدقّة مواقف الجامعة العربية حين بدأت رياح الربيع العربي تجتاح بعض الدول، بدءاً بتونس ومروراً بمصر وليبيا وسوريا واليمن، وكيف أنّ الجامعة حينها قد سخّرت كل ثقلها السياسي والمادي الإقليمي والدولي لنصرة تلك الشعوب في ثوراتها، رغم أن بعض الأنظمة السابقة في تلك الدول، لم تفعل ما فعله النظام السوداني في شعبه. إن دواعي استمرار العلاقات ومتانتها، تحكمها مواقف الدول والشعوب حين تزن بمكيال واحد يأخذ في الإعتبار المبادئ والقيم والأعراف الإنسانية السمحة، ويحتضن معاني الأخوّة والمصير المشترك، ويقدّر الصداقة ويحافظ على المصالح المشتركة المتبادلة. شعب السودان الذي لم يُسقِط أياً من هذه المعاني السامية في تعامله مع قضايا الأمّة العربية يوماً، يشعر بأن المكيل ينقلب إلى النقيض حين تستبيحه المحن، ويكون في حاجة إلى القسط، ناهيك عن المؤازرة، بل ما هو أشد وأنكى أن يرى أن الجامعة العربية تقف مكتوفة الأيدي وهو يطالب سلمياً بالحرية والسلام والعدالة. هذه ليست دعوة للجامعة أن تتدخّل عسكرياً لإزالة النظام، لأن للشعب السوداني رصيد وتاريخ في إسقاط الأنظمة الدكتاتورية، وأنه يتعلّم من تجاربه ودروسها، وقد شكّلت رسائله منها باقات استلهام تلقّفتها العديد من شعوب دول الربيع العربي، وليس استلهام الشعب الجزائري مؤخّراً لشعار السلمية ببعيد. إن ذاكرة الشعوب والأجيال تختزن المواقف وتعيد اجترارها عند ما يقتضي الأمر تحديد مواقفها في القضايا، وإستذكاراً لكل ما ورد في هذه الرسالة، ومع دعواتنا لنجاح قمّتكم للتصدّي لقضايا العالم العربي والتحديات العالمية، يحدونا أمل، بل ندعو أن تتخذ الجامعة في هذه القمّة، موقفاً يتّسق مع مضامين مواثيقها والمواثيق الدولية في حقوق الإنسان، في نصرة الشعوب التي تنادي بالحرية والسلام والعدالة، والشعب السوداني اليوم هو الإمتحان الذي أمامكم. ولكم فائق الشكر والتقدير،،، حزب العموم السوداني عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. www.omompartysudan.org