المجلس العسكري تارة يلعب دور الوسيط ليشكل حكومة وفاق يمثل فيها كل الأطراف و تارة يتفاوض و يعترف بان قوي الحرية و التغيير هي الشرعية الثورية التي يجب التفاوض معها و مرة اخري يصرح بفض الاعتصام لانه اصبح يشكل خطراً امنياً على البلاد كل ذلك في تقديري لا يخلو من مخطط القوي الاقليمية التي أصبحت لديها الخبرة الكافية في قيادة الثورات المضادة و كيفيه تشتيت الشمل و شيطنه قوي الثورة و شق الصفوف . حققت القوي الاقليمية بطريقة او باخري انقسام داخل قوي الحرية و التغيير تتصاعد و تتنازل حُمّته أو يترجح بين تصعيد و تهدئة بين مكونين أساسيين في قيادة الثورة ففي الوقت الذي يُصعّد فيه الحزب الشيوعي بالعصيان المدني للضغط علي المجلس العسكري يحاول حزب الامة ان يلعب دور الحكيم و الوسيط ليعارض العصيان المدني متعللاً بالمفاوضات التي تجري الان بين اللجان الفنية فيصرح مرة بعدم استفزاز الجيش و تارة يشيد بدور مليشيا الدعم السريع و اخري يحذر من الدخول في الفعل و رد الفعل . التراشق بين حزب الامة و الحزب الشيوعي و التصعيد بينهما محبط للغاية و قد يمتد لقوي نداء السودان و الإجماع الوطني و قد يتمادي لنجد أنفسنا جميعا دخلنا الي فتره انتقالية مدتها ثلاث سنوات نتصارع فيها و نتحارب في معركة دون معترك و لم ننجز مشروع الدستور الدائم و لا العدالة الانتقالية و لا غيره و بذلك تضيع الفرص و يصبح السودان فعلا الوطن المُضيع . و أظن ان اول من كتب عن إضاعة الفرص و وصف السودان بالبلد المضيع في كتاب كامل هو الدكتور حيدر ابراهيم على بل لو اطلعت على كتب الدكتور حيدر تتلمس الحسرة و الندم الشديدين على إضاعة كل الفرص منذ الاستقلال و الي يومنا هذا . في نظر الدكتور حيدر ان السودان بلد الفرص الضائعة و ضياع الفرص يدل على الغفلة و سوء التقدير و قصر النظر كما يقول في مقدمة كتابه الذي اشرت اليه و اظن اننا سوف نجزم و نتفق مع الدكتور ان ضاعت الفرصة التي أمامنا وسط الوعي الثوري الكبير بالثورة المضادة و التي خاطبها و ما زال يتحدث اليها في شعاراته . لا نحتاج ان نذكر قيادات الحزبين الكبيرين اننا تجرعنا مرارة الانقسام و اننا اكثر الشعوب في المنطقة اكتوينا بنيران الحروب الاهلية و نكّلت بنا الشموليات اعتقالات و اغتيالات و خلافه و لذا جاءت ثورتنا ثوره مبادي حرية و سلام و عدالة و التي نفخت من روحها في ثورات الربيع العربي التي قتلتها الثورات المضادة . اننا نخاطب العقلاء و الحكماء في الحزبين الكبيرين ليطوا اَي صفحة خلاف او شقاق بينهما و ان يكونوا على قدر المسؤولية و لا مجال للحديث عن أي قضايا اخري سوي عن الفترة الانتقالية و عن الدستور و السلام و العدالة الانتقالية و طي أي قضيه يمكن ان تفتح بوادر خلافات او انقسامات بين مكونات قوي الحرية و التغيير و تفويت الفرصة على الثوره المضادة المتمثله في المحور السعودي الإماراتي المصري من جهه و الإسلاميين من جهه اخري . عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.