أيها الشعب السوداني العظيم، مضى أسبوع منذ مجزرة القيادة العامة، حمل في طياته أحزان أمّة نُكِبت في تصرّفات بعض بنيها العسكريين ممن أغراهم بريق السلطة بغير طريقها التفويضي الشعبي، فاستغلّوا تواجدهم على قمّة المؤسسة العسكرية ليستخدموها لوأد طموحات شعب يتطلّع إلى الكرامة والعزّة والحرّية عبر ثورة تميّزت بسلميتها ورقيّها. لقد علِقت المجزرة بالقيادة العامة للقوات المسلّحة ويصعب محو ذلك، فقد أراد لها مرتكبوها من فلول النظام الآيل للسقوط مِن أمن ومخابرات وأمن شعبي ودفاع شعبي وكتائب ظل وأمن طلّابي ودعم سريع وغيرهم من المسمّيات التي تلطّخت سمعتها بسوء فِعالها وشنفت الأسماع بوضاعة سمعتها، أردوا لها أن تمسح تلك الصورة المشرقة لبعض الشرفاء من منسوبي القوات المسلّحة الذين أرادوا أن يحفظوا بعضاً من وطنيتهم ومهنيتهم ودورهم الدستوري والأخلاقي حين تصدّوا في بدايات الإعتصام للمعتدين على المعتصمين. بيد أننا سنعمل على أن يتحوّل جدار سور القيادة العامة للقوات المسلّحة، الكتاب المفتوح الذي تُسجّل عليه أسماء كل شهداء الثورة، ليس فقط الذين سقطوا عقب ثورة ديسمبر، ولكن كل الذين سقطوا منذ مجيئ نظام ما سَمَّى نفسه بالإنقاذ. الثورة السلمية التي كانت خيالاً محبباً يختمر في أذهان الشعب ممثّلاً في شبابه المشرئب لغد مشرق، بدأت ترسم على أرض الواقع ملامح عهد جديد لوطن واعد، وقد دفع الشعب أغلى ما يملك من أنفس لتحقيق أهدافها، تعرّضت هذه الثورة للتآمر المستمر عليها محلّياً حين قفز بعض من قادة القوات المسلّحة بعد اعتصام 6 أبريل، وهم الذين كانوا جزءاً لا يتجزّأ من نظام الإنقاذ، في محاولة لحسر تيّارها وإنقاذ أنفسهم وهم الذين فشلوا في إنقاذ السودان طوال ثلث قرن تقريباً. فالثورة اليوم مطروحة على مشرحة المصالح الإقليمية، ونحسب أنّها تتعرّض لمشارط تلك الدول التي يبدو أنّ تدخّلاتها في الشأن السوداني يتجاوز ما تفرضه عليها المواثيق الدولية، بل وخصوصية العلاقات الثنائية. إذا اعتقدت هذه الدول أن من حقّها تأمين مصالحها، يجب أن تُدرك بأن ذلك لا يكون على حساب مصالح وحياة الشعب السوداني ولا سيادة قراره. وإذا كانت ترى بأنه يجب أن تتحقق مصالحها مهما كانت التداعيات، لا بد أن تعلم بأن الشعب السوداني لن يسمح بذلك، وأنه سيتوقّف عند هذا الأمر ويجعله أحد الركائز التي سترسم بموجبها أي حكومة قادمة علاقات السودان المستقبلية مع تلك الدول. إن المنعطف الحاد الذي ينتظر قاطرة الثورة أن تعبره، يقتضي من قوى الحرية والتغيير وكل القوى السياسية المنادية بالحرية والسلام والعدالة وجماهير الشعب السوداني أن تضع في الحسبان وعورة هذا المنعطف، وعليها أن تحافظ على وحدة الصف وأولويات المرحلة وتوظيف كل الطاقات الإيجابية للشعب لصالح أهداف التغيير، لا سيما وقد إعتقد مرتكبوا المجزرة أنّهم قد كسروا شوكة الثورة، وهم لا يدرون أنّهم بفعلتهم النكراء قد جعلوها أكثر حِدّة وسنانا. ليس الشعب السوداني ذلك الذي يمكن تمريغ أنفه وإهانة كرامته بالقتل والتهديد باستخدام السلاح والذخيرة. الجبناء وفاقدي الضمير والشهامة والرجولة هم فقط من يستخدمون السلاح والذخيرة في مواجهة جموع من السلميين العُزّل، ونستعجب أن يأتي ذلك من سودانيين. بعد فعلتهم هذه، لا أحسب أن أحداً منهم قادر أن يقف أمام أبيه أو والدته أو زوجته أو أطفاله، ليقول لهم أنّه قد فضّ الإعتصام بقتل أب أو أم أو زوجة أو بنت أو إبن لسوداني أعزّل. سيظل وسام العار مطبوعاً على جبين كل واحد ممن شاركوا في ارتكاب المجزرة، وسيحفظ التاريخ تلك الصفحات البشعة، وسيعمل حزب العموم على تضمينها المناهج الدراسية لتتعلم الأجيال منها الكثير. نعم، لقد إنطوت صفحة من كتاب الثورة بفض الإعتصام بالمجزرة، وتم رفع المتاريس ورفع العصيان بحسابات تضمنت معادلتها إلى جانب عوامل محلّية أخرى، نتائج الوساطة الإثيوبية، بيد أنه ما زالت العديد من صفحات الثورة حافلة بمعادلات قادرة أن تقود إلى انتصار الشعب. وأياً كانت الأسباب التي قادت إلى اتخاذ هذه الخطوات، فإن حقيقة أن الشعب أكّد على امتلاكه للكثير من أوراق اللعبة التي يستخدمها ممثلوه في قوى إعلان الحرية والتغيير في ظل الرسالة القوية التي كان العصيان عنوانها البارز، وأن تحقيق شعار حرية سلام وعدالة لمّا يزل هو الشعار الذي تخضع له كل المعادلات، وأن حزب العموم يرى أنه ليس من بينها السيطرة العسكرية على السلطة في المجلس السيادي الإنتقالي. عاش نضال الشعب السوداني لا بديل للمدنية إلا المدنية إعلام حزب العموم السوداني عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. www.omompartysudan.org