طيلة الشهر الماضي كنت اترقب بشغف شديد مولد " السفير الكاتب " والذي سيرفع الستارة عنه في حفل ثقافي عائلي لان بين دفتيه السيرة الذاتية " لرجل الخيسة " مبارك بن ناصر الكواري طيب الله ثراه " حياته الشخصية واعماله الادبية وكتاباته الصحفية " ومنبع الترقب إلمامي ببعض ما كتبه " ابو ناصر " كافتتاحية " لجريدة الخليج اليوم " التي كان يرأس تحريرها في ثمانيات هذا القرن وقبل تحولها لجريدة الشرق القطرية الحالية وثانيا لمتابعتي للجهد الذي بذلته ابنته ليرى هذا السفر النور برا بوالدها حيث جمعت قصاصات الاوراق والمذكرات مما خطاه يراعه ولم تسعفه الايام ليرى مشروعه النور وقد تجاوزت مشاعرها الخاصة وحزنها لترفد المكتبة القطرية خاصة والعربية عامة بسفر قيم وثمين لرجل أمتهن الكتابة منذ نعومة اظافره وتتلمذ على مشايخ الدين ورجالات العلم من خلال معارفه الكثر واسفاره واهتماماته الخيرية . ومبارك بن ناصر الكواري احد رجالات قطر المثقفين العصاميين تشربوا بالمعرفة والعلم من بطون كتب التاريخ والتراث في وقت كانت الحياة قاسية قبل تفجر الذهب الاسود وسبل حيازة الكتب القيمة ليس بالسهل الميسر إلا لمن عقدوا علاقة وثيقة بالكتاب وتشربوا بحب المعرفة وقبل سفره للاستشفاء في رحلته الاخيرة التقيته سالني عن اخر المستجدات في عالم الصحافة والكتابة الادبية وقد كانت سانحة اهداءه كتابي " احب عطر امي " فرح به كهدية جميلة ستخفف عليه ساعات الطيران الطويلة لبلاد الضباب لندن تلك الرحلة التي رجع منها ليؤارى جثمانه في وطن مزج حبيبات عرقه بتراب أرضه " فابو ناصر" والذي عمل سفيرا لدولة قطر بباكستان والاردن رجل المعي مازج بين البداوة التي نشأ بها والعصرنة التي اكتسبها بحبه وتعلمه ارتبط بالارض والزرع والناس تماما كما نسق الكلمة ونسج القصيد وحبك القصة واهتم بالقيم السمحة التي رضعها من جذور الارض وكبار اهله وجيرانه من ذلك الزمن الجميل . وبين دفتي الكتاب الذي رفع الستارة عنه في حفل راقي بفندق الفورسيزون الدوحة بحضور جمع من الاصدقاء والمعارف والمهتمين بالشأن الثقافي ومحقق الكتاب د. محمد الدروبي استاذ الادب العربي بجامعة آل البيت بالاردن والذي حاز جائزة اعلام قطر 2008 وعمان عاصمة الثقافة 2002 لمحات مهمة من الماضي وحياة اهل قطر وصور لتمازجهم في محيطهم الداخلي ومع اهلهم ومعارفهم على امتداد الجزيرة العربية ودول الجوار الخليجية والكتاب يمثل درة من درر " سيرة السفر والحياة " نقل بأحساسه بالامكنة الحميمة من ربوع قطر كمنزل عائلته بمنطقة الخيسة التي تقع بشمال قطر والتي تشكل احدى قلاع التراث التي تحن لها افئدة من سكنوا احياء الدوحة الحديثة بابراجها وفخامتها ونموذج لقيم الترابط الاسري والتماذج الانساني النقي المرتبط بالزرع والنخيل وتربية الحيوان . والكتاب الذي يقع في حوالي 340 صفحة من الحجم المتوسط جاء بطباعة فخمة ونقح بعناية حاكت الصور وانطقت الامكنة التي أحبها ابو ناصر ورسمها المصمم بالريشة فأطفى عليها البعد الانساني الذي أستقاه من المؤلف وكأنه بيننا بأنفاسه وهمته وعلو شأنه في حركة الحياة التي فارقها والقاريء العاشق للملعومة والمتعة والبحث عن الرمز في السرد لا يمل قراءة مجموعة القصص التي اطلق عليها " منامات الرجل الصالح " والتي كان المرحوم ينوي اصدارها تباعا إلا ان الاجل كان أسرع .. رحم الله " أبا ناصر " وجعل الجنة مسواه وبارك الله لاسرته هذا الجهد ولابنته منى بنت مبارك الكواري التي سيذكر لها التاريخ انها قدمت للنشء ولهذا الجيل من ابناء وبنات قطر وللمكتبة العربية سفر يحدث الناس عن هذا البلد أمكنته وأنسانه المحب لقيم الخير وللتلاحم العربي العربي وللملمت الجسد المسلم ولعل السوانح تتيح لنا عرض شيء من القصص التي كتبها السفير الكاتب رجل الخيسة الذي رحل مخلفا تراث يستحق الاهتمام ..وقد تحدثت والدمع يترقرق في عينهيها انها تحاول منذ ان باشرت تجميع هذا الكتاب ان تتجاوز الخاص لتقدم للمكتبة القطرية كتاب يحوي السيرة والمسيرة ولعل ذلك يحسب ربا بوالدها الذي كان فارسا من فرسان هذا البلد رباها على قيم الفضيلة وحب المعرفة والعلم ليتناول مقدم الحفل الاستاذ حسن ابوعرفات نائب مدير التحرير لجريدة الشرق والذي عمل مع الفقيد في مطبخ صناعة الصحافة في ثمانينات القرن وكيف كان الفقيد الذي رأس جريدة الخليج ملتصقا بالمفردة الصحفية وبالعاملين ليتحدث منقح الكتاب د. محمد الدوربي ليختم الشيخ الصيرفي استاذه ومعلمه وصديقه ليمتع الحاضرين بمحاضرة عن بر الوالدين ويثني على ابنته منى بنت مبارك بن ناصر الكواري هذا الانجاز العلمي الادبي الانساني في وقت قل فيه بر الوالدين .. شكرا د.خمليش تلقيت رسالة رقيقة من د.عائشة خمليش عضو المجلس الاستشاري لحقوق الانسان بالمغرب والتي شاركت في ندوة الكرامة الانسانية بالدوحة .. وسعدنا بتواصلها وارائها السديدة خاصة فيما يتعلق بمداولات الوثيقة واطروحاتها التي تؤطن للحقوق كمبدأ للكرامة لاسيما كما ذكرت دولنا العربية الافريقية المنتمية لمنظومة الجنوب كانت مستعمرة بما يحتم اعادة النظر في نوعية العلاقة بين الشمال والجنوب وباعتبار ان الجنوب سلبت موارده التي تشكل عظم التنمية وعلى المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته لمواجهة خطر الجوع الذي يعتبر اهانة لكرامة الانسان . عواطف عبداللطيف awatifderar [email protected] اعلامية مقيمة بقطر همسة : ليت المدارس تقتني مثل هذه الكتاب القيم لان بين دفتيه تجارب ناصعة لرجالات قطر الاولين .