سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
لماذا لم يتم نشر الوثيقة الدستورية في الجريدة الرسمية التي تصدرها وزارة العدل أو في الموقع الالكتروني لذات الوزارة ؟ .. بقلم: حسين ابراهيم علي جادين/قاض سابق
وهل فعلاً تم تعديلها خلف الأبواب المغلقة وأخفيت المعلومات عن الشعب مصدر السلطات؟ لا شك في أن مبدأ الشرعية " principle of legality" المعمول به في كافة النظم القانونية يقضي بان يتم نشر الدستور وسائر التشريعات الأخرى في الجريدة الرسمية، ليعلم المخاطبون بها النصوص التي سوف تُطبق عليهم وما فيها من حقوق لهم وواجبات عليهم، وان يحدد مع النشر تاريخ بدء العمل بها ، وهذا مطلب قانوني لإضفاء الشرعية وترتيب الآثار القانونية و التيقن من اصالة الدستور وسائر التشريعات الأخرى ، ولعل الحكمة من النشر في الجريدة الرسمية هو أن يعلم الكافة بالدستور والقوانين والأدوات التشريعية الأخرى المنشورة لأنها تحتوي على الحقوق والواجبات التي تمس الحياة اليومية للمواطنين والمقيمين ولما كان من المستحيل أن يتم اعلام كل شخص في الداخل أو الخارج بصورة فردية بالدستور والتشريعات الأخرى، لذا أعتبر النشر في الجريدة الرسمية الصادرة عن وزارة العدل أو النشر في الموقع الإلكتروني لوزارة العدل، بمثابة علم حكمي (افتراضي) "constructive knowledge" ليعلم الكل بالتشريعات وما يطرأ عليها من تعديل أو الغاء أو استعاضة. واذا نصت القوانين على حق الشعب ، بل الشعوب في الحصول على المعلومات، واعتبر ذلك من حقوق الانسان، أليس من حق الشعب السوداني، مصدر السلطات، أن يعرف دستوره الانتقالي وأن يطلع على الوثيقة الدستورية بعد التوقيع النهائي عليها فوراً ؟، خاصةً اذا وضعنا في الاعتبار ما أثير من تشكيك في حدوث تعديل على الوثيقة الدستورية تم في الخفاء وبتعتيم كامل، فقد كتب بعض الصحفيين وبعض القانونيين أن هناك نصوصاً أدخلت على الوثيقة الدستورية بعد التوقيع النهائي عليها فقد كتبت في هذا الصدد الأستاذة الصحفية لينا يعقوب في عمودها (لأجل الكلمة) تحت عنوان (تحقيق عاجل !) في صحيفة السوداني العدد 858، ان البند (11 ) الذي ورد تحت عنوان اختصاصات مجلس السيادة وسلطاته، انه من اختصاصات وسلطات مجلس السيادة ( اعتماد تعيين رئيس القضاء وقضاة المحكمة العليا ورئيس واعضاء المحكمة الدستورية بعد ترشيحهم من قبل مجلس القضاء العالي)، وأضافت (هذا هو البند دون زيادة أو نقصان)، لتمضي وتقول انه و قبل أيام رفع بعض قيادات قوى الحرية والتغيير الوثيقة الدستورية على صفحاتهم الشخصية في فيسبوك ومرروها في مجموعات "واتساب" وكان ذات النص مضافاً اليه فقرة صغيرة ، هي " ولحين تشكيل مجلس القضاء العالي يعين مجلس السيادة رئيس القضاء"! كما أضافت انها اتصلت بقيادات من قوى التغيير للاستفسار عن هذا النص فأكدوا أنها الوثيقة الحقيقية ، كما اتصلت بأحد أعضاء المجلس العسكري فأكدوا أيضاً أن الوثيقة المضاف اليها النص هي الحقيقية. وتمضي في قولها انها تحصلت على الوثيقة الأصل من الاتحاد الأفريقي فقد خلت من ذلك النص الذي يسمح لمجلس السيادة بتعيين رئيس القضاء!. كما كتب في نفس السياق أيضاً الزميل الدكتور أبو ذر الغفاري بشير في مقاله المنشور بصحيفة سودانايل الالكترونية تحت عنوان " تعديل الوثيقة الدستورية بعد التوقيع عليها بالأحرف الأولى واخفاء المعلومات عن الشعب". في ضوء هذا التشكيك وفي غياب النشر الواجب أعتقد أنه اذا لم تنشر الوثيقة الدستورية وبأسرع ما يكون ولم يعرف الشعب تاريخ بدء العمل بها والذي يجب أن يكون في اليوم التالي لتاريخ نشرها على الأقل، فانه يجوز الطعن في القرارات التي تتخذ بناء عليها. لإزالة الشكوك ورفع الشبهات نرجو ونكرر الرجاء من مجلس السيادة وقوى الحرية والتغيير الاستعجال بنشر الوثيقة الدستورية في الجريدة الرسمية أو في الموقع الرسمي لوزارة العدل لكي يقف الشعب السوداني الذي ضحى بالمهج والارواح والدماء، على حقوقه وواجباته والا نكون قد حاربنا الفساد بالفساد وهي معركة خاسرة بلا أدنى ريب. حسين ابراهيم علي جادين قاض سابق عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.