كثيرة هي فواجعنا في دارفور ولعل أكثرها إيلاما بروز نفر من أبناء الإقليم يقتاتون باسمه نهشا في إخوتهم بغير حق ! ومثل كثيرين غيري طالعت في الشبكة العنكبوتية ماكتبه الأستاذ / محمدين اسحق بحق الدكتور تجاني سيسي بعد تشكيل ما سمي بحركة دارفور التحرير والعدالة وتسمية الدكتور رئيسا لها .لم يعجب محمدين ذلك وله كل الحق فيما رأى ، ولكن الذي يثير الشفقة والإشفاق معا ، أن الرجل انهال ذات اليمين والشمال في تبخيس أخيه سيسي ! وأعجب ما قاله إن الطائفية عادت بلبوس الثورة في دارفور ممثلة في حالة الدكتور سيسي ...مستشهدا بما قاله الإمام الاشتر بن مالك بعد مقتل الخليفة الراشد عثمان بن عفان . وقد أتي محمدين بما ينطبق عليه قول الأحنف بن قيس بكثير حمأة وقليل ماء فلا هو بقاتل الخليفة ولا سيسي بالخليفة القتيل . وكي لا أحيد عن الموضوع لزام علي تذكير الأخ محمدين بان ثورة دارفور لم تولد يوم انضم لها اخونا الكريم لاحقا بعد مغادرة مركب الإنقاذ وقد قيل انه كان ضمن قلائل ذوى حظوة وباس يجوسون الخرطوم ليلا علي دراجات نارية أناء الليل وأطراف النهار دفاعا عن المشروع الحضاري في عهود الإنقاذ الأولي. ..ولا يهم هذا كثيرا فخيرا فعل عندما غادر مراكب قد أشرفت علي الغرق .وليت أخي محمدين يتفق معي أن التجاني سيسي ( وهكذا يكتب اسمه بتعريف الاسم الاول دون الثاني ) لم يغادر دارفور ألا بعد أن شب عن الطوق يعرف دارفور خور خور، جبل جبل ، ولا أبالغ لو قلت حلة حلة !! والفاشر تذكر أيامه عندما كان حاكما ، ظل لصيقا بالناس وبحياتهم ، وكان سلوكه يقاس بميزان دقيق لان أباه المرحوم الديمنقاوي سيسي رحمه الله كان ملء السمع والبصر ، ولم يوصه بشيء مثلما كان يلح عليه بالتزام مكارم الأخلاق وعلي رأسها التواضع. أخي محمدين ، التجاني سيسي ليس دخيلا علي ثورة دارفور ، كما انه ليس غريبا علي ترابها ، ولا يعني هذا أن كل المتعاطفين مع ثورة دارفور والمتعاطفين معها هم من دارفور !أو يجب ان يكونوا كذلك !! ولكن التجاني سيسي تحديدا لم يبدأ دوره اليوم آو بالأمس القريب فعندما كان وزيرا للمالية في الاقليم في الثمانينيات نظم مؤتمرا سمي بمؤتمر تنمية دارفور اتخذ له شعار(نحو تنمية متوازنة ) ، والعنوان تم اختياره بعناية فائقة للتدليل بان مسيرة التنمية بالسودان إذا ما استمرت علي ما كانت عليه ، فان السودان لا محالة ماض الي هاوية ، لا بسبب دارفور فحسب ولكن كل هوامشه و تخومه وأصقاعه . نعود لسؤال الأستاذ محمدين إذن فعلام قتلنا الشيخ ؟؟؟ انه لمن الخطأ الفادح أن يظن احد أن التاريخ يبدأ وينتهي به ، أو انه يخط آخر سطر في سفر البقاء فالشيخ عندما قتل كانت هناك ظروف موضوعية جعلت الحدث ممكنا ، بل إن الخليفة الراشد عمرا قد تنبأ بها قبل مقتلهما ، وقيل انه عندما كان يحتضر علي فراش الموت مطعونا ، سأله من كانوا حوله من تول فينا يا عمر ؟ مقترحين الصحابي عثمان بن عفان ضمن اخرين من صحابة المصطفي عليه الصلاة والسلام ، فقال لهم انه لنعم الرجل ، ولكنه لصيق بقومه بني معيض ، فانكم ان وليتموه ، قربهم وأمرهم ( بتشديد الميم ) عليكم فيسيئون إليكم ويسوؤكم فعلهم فتخرجون عليه فان فعل فعلوا وان فعلوا فعلتم ، وهي نبوءة أخرى للخليفة الفاروق، التجاني سيسي لم يكن في أي يوم بعيدا من ثورة دارفور إن لم يكن في قلبها وفي أوجه مختلفة في مطلع الثمانينات والدماء تسيل انهارا بين إخوتنا الفلاتة والبني هلبه والمركز يتقاعس حيال الأمر يهتم التجاني بالأمر وهو وقتئذ مدرس بجامعة الخرطوم ويدعم أخاه الديمنقاوى فضل سيسي لاستضافة الطرفين ونجح في حقن الدماء العزيزة بين الإخوة ، ولم يدع يوما أنه قدم شيئا ما !!.ألا يصب ذلك في مواعين ثورة دار فور المفتري عليها.. إن ثورة دارفور إذن لم تبدأ مع حركة تحرير السودان التي يتسابق الايفاع خبرة علي قيادتها ألان ، وهي لم تكن تطلعا فرديا يتسلق عليها من هب ودب لا أخي محمدين الأمر ليس كذلك ، التجاني سيسي يمثل احدي حقائق حياتنا السياسية و الاجتماعية في دارفور ويكفي أن أهل دارفور خبروه في أحلك فترات الإقليم بأنه احتفظ بتوازن دقيق بين رغبة قبيلته ومسئوليته كحاكم مسئول عن الجميع، لقد ظن كثيرون خاصة بعض أبناء الفور أن الثورة هي القطيعة مع واقع دار فور الاجتماعي وما دروا أن ذلك يفتح أبواب الجحيم حتى علي الفور أنفسهم والنتائج ليست ببعيدة علي الحصيف بل ماثلة بقوة ألان!! ولعلها سانحة لنطرح التساؤل بعنف : أين هي الثورة في دارفور اليوم واين خطابها ، ملامحها ، أهدافها ، بل اين قادتها ولا أزيد بالسؤال عن حواكيرها ؟؟ ألأجل هذا الواقع الاسيف ثرنا ؟؟ وهل هذه النتائج تستحق كل هذه التضحيات؟؟ والي أين نحن ماضون بالاقليم وبأي نهج ؟؟ لأنك يا محمدين لا تعرف دارفور جيدا فقد غادرتها وانت ابن ثلاثة أعوام أو تزيد قليلا مع الأسرة إلي بحرى ، ولم تزرها منذئذ ولعلك وجدتها سانحة للعودة من باب الثورة ولا شك فالعود أحمد ، ان ما نشاهده في دارفور يحتم علينا تبني نهج مختلف في التفكير والتدبير ، وبحساب المصلحة الشخصية فما الذي يمكن أن يجنيه سيسي بولوجه عالم الحركات الأميبي الانشطار !!!! اذا لم يكن الدافع قلب مسكون بهموم الناس والبلد . الطائفية العائدة بلبوس الثورة في دارفور لا يمثلها سيسي لأنها لم تصنعه ولم ينشا في كنفها ونذكر أخي محمدين أن المرحوم الديمنقاوى سيسي رحمه الله عندما تأسست مدرسة زالنجي الاميرية الوسطي منتصف الخمسينيات وقبيل رحيل المستعمر بقليل ، قال له المستر بوستيك مدير المركز آنئذ يا ديمنقاوي إن المدرسة تم التصديق بقيامها ولكنها لم تدرج في الميزانية لذا يجب تأخير افتتاحها للعام الذي يليه فما كان من مسمار أبو حوة وكان يلقب هكذا إلا إن وقف وقال للخواجة دون أن يلتفت : أنا استضيف طلاب المدرسة في منزلي حتى دخولهم الميزانية ، واشترى لهم مولدا كان الاول في زالنجي ولا تزال اثاره باقية لهذا اليوم !!!! عجبي اهذا الذي تظن يا محمدين أن الطائفية قد عادت بلبوس جديد ؟؟...اما تجاني فمبلغ علمي أنه قام بترجمة كل الوثائق الخاصة بدارفور منذ اندلاع الأزمة ، وقولك بان المجتمع الدولي يريد أن يجعل منه كرازاى لماذا إذن؟؟ اولا أشكرك لانك لم تقل موزيريوا روديسيا الجنوبية وقتئذ !! فالمجتمع الدولي يعرفه وهو يعمل مدرسا بجامعة اسيكس البريطانية ولكنه لم يتوقف عن الكتابة والمحاضرة والسفر حاملا قضية دارفور ومحتقبا ألامها..كم مرة خاطب الكونجرس والاتحاد الاروبي بشان دارفور وكم من المرات ساهم في ندوات تحت هذا العنوان في مشارق الأرض ومغاربها....ولا أذكر هنا البرلمان البريطاني حيث كان يقيم علي مرمي حجر منه . وهنا لا أبرئ الرجل من نقيصة ما لأننا معشر البشر ما أكثر نقائصنا فليرمه بحجر من ليس كذلك ،لان الكمال لله خالقنا فقط ، ولكنا مدعوون للحكمة وحسن الخطاب واحسان الظن بمن خبرنا عنه شيئا من خير !! لان أخانا سيسي إذا لم نقر له بما قدم لقضية دارفور فانه ينبغي علينا أيضا أن ننصفه فهو ليس صنيعة الطائفية ولا مطيتها بأي حال وقبل المضي بعيدا في هذا السبيل دعنا نعرف هذه الطائفية وما المقصود بها لغة واصطلاحا كي لا نغرق القارئ في مغالطات المفاهيم وجدل التعريفات ، فما الخطل في قول سيسي انه الوقت لننال ما نريد من الحكومة وفن التفاوض له ظروف موضوعية متي ماتوفرت يمكن نيل المراد من الخصم ، والواقع أمامنا يقول إن الرئيس البشير في أضعف حالاته لأنه مطارد من قبل المحكمة الجنائية الدولية وحركته غدت محدودة بل محاصر حقيقة الامرفما الذي يحول دون التوصل معه لاتفاق يحقق أهدافنا في دارفور ؟؟؟ إذن ما قيمة التفاوض إذا لم يضع في الاعتبار مثل هذه الحقائق والتي لا يغفلها حتى طاقم البشير؟؟ اتفق معك أخي محمدين إن سيسي إذا ما وقع في الدوحة علي ورقة سيئة لا تستجيب لمطالب أهل دارفور فهذا ذنب لن يغفره له أهل دارفور ، ولكن العبارة ناقصة ولكي تكتمل لابد أن نضيف لها بان سيسي وإخوته يتحملون أيضا وزر ما يمكن أن يصيب الوطن والأهل جراء التعنت واللامبالاة وسوء التقدير إذا ما أغفلوا أن الحرب مهما طالت واستعر أوارها فأنها لابد منتهية إلي اتفاق عبر تفاوض فالثورة اية ثورة تندلع في ظرفها الموضوعي والتاريخي وتنضج عبر تجاربها وخبراتها، كما انها تذوى وتنتهي الي لاشئ حينما يتعارك قادتها في ساحة الغنائم ويسلقون بعضهم بالسنة حداد، لنعيد التساؤل مرة أخرى ألاجل هذا يقتل الشيخ ؟ ومثل ثورة دارفور لا أحد يجرؤ بالقول انه أبوها آو أمها ، فالكل ساهم فيها قدر استطاعته وما يعلمه القاصي والداني ان سيسي لم يتخلف في أي يوم بما يمثله من ثقل سياسي وثقافي واجتماعي في تقديم ما استطاع لهذه الثورة، ولو أنه تحسب لمثل هذا اليوم الذي يزايده فيه أوينا كفه أحد لاحتفظ بوثائقه لإبرازها......وهل تظنه في مسيس حاجة لكل ذلك ؟؟؟؟ وقبل الختام أروي هذه القصة : كان العم أبو منصورعبد القادر الشرتاى الاشهر في تاريخ كاس مع الاستاذ /عثمان عمر الشريف وكان وقتها وزيرا للعدل ابان الحكم الديموقراطي الاخير وكلاهما اتحاديان وبما عرف الشرتاي منصور من دهاء طلب من الوزير العمل علي فتح تحقيق طاعنا في ذمة سيسي المالية ، ولكن المرحوم فوجئ بزميله في الحزب يقول له بأدب جم : ( والله يا أبو منصور ولدكم دا ذمتو أنضف من جلابيتك اللابسها دي ) وكان ابو منصور أشهر من عرف ببيض الثياب ودقة اختيارها والطريف ان الاثنين رويا هذه الواقعة ، فما الذي جعل هذا المحامي والوزير الاتحادي يقدم هذه المرافعة بحق التجاني سيسي !!!!! رحم الله الشرتاي منصور رحمة واسعة وأمد في عمر الاستاذ الجليل عثمان عمر الشريف المحامي فهو اخو اخوان وحقاني . ولأخي محمدين ، وللقراء الكرام ، تحياتي............ جعفر منرو