وبقيّةِ شيءٍ من نفسي ونقاءِ وجيبي لكَ أنْ تسلخَ جلدي أن تغسلَ كلَّ جراحاتِ الأيامْ بدمي أنْ تلبسني تَطعَمَ من كبدي أنْ تُلقِمَني أطفالكْ . **** مولايَ الشعبُ الأسمرْ .. خُذني فأنا المعشوقُ العاشقْ وأنا الحادي والنايُ .. ونبضُ الريحِ الخلاقة ما بي من تِيهِ الدنيا حِكرْ لا أطمعُ في شيءٍ بيديكْ لا أحمل غِلاً أو أملا أملي لقياكْ وسعادةُ يومين كبيرينِ بين يديكْ يا وطني لا تَشكُ الحالَ من الأبناءْ خرجوا للقاءْ ويعودُ العاشقُ والشرفاءْ ما زلتَ قوياً يا وطني وفتيّاً مثلَ شراستنا وصفاءِ ليالي بهجتنا ما زلتَ عزائي يا وطني .. هنا (الذات) المتمثلة في ضمير المتكلم للفعل أقفُ لها وجهان: 1- وجه ٌ كان. 2- ووجه سيكون. الوجه الذي كان، هو وجهٌ غارقٌ في نكران معرفة الوطن؛ من خلال إما استلاب طائفي، أو قبلي، أو أيديولوجي، أو مقدِّس [بتشديد وكسر الدال]. بالجملة إهمال معرفة هذا المكان، سنطلق على هذا الوجه (الوجه الماضوي). أما الوجه الذي سيكون فما هو إلاَّ العودة لمعرفة هذا المكان، متخلياً من جميع أسباب الاستلاب. وسنطلق عليه (الوجه المكاني). منذ بداية النص يتضاد الوجهان: فمن جهة أقفُ أي أقف أنا الوجه الماضوي أقفُ حاسر الرأس، وأقف وبقيةِ شيءٍ من نفسي، ومن جهة أخرى أقفُ أي أقف أنا الوجه المكاني أقفُ ونقاءِ وجيبي. هنا نقاء خفقان القلب، نقاء دمي، نقاء روحي. ما المشهد الذي فيه الفعل أقفُ؟ إنه مشهد قضاء؛ فيه المتهم الوجه الماضوي، والقاضي كما يقول النص مولاي الشعب. وممثل الاتهام كما يقول النص أيضاً وطني. ومحامي الاتهام هو الوجه المكاني. يرفع الوجه المكاني أعلى صوت حُنْجرته لينال الوجه الماضوي أقسى العقاب وَبالَ ما فعله من نكران لهذا الوطن، لهذا المكان. يرفع صوته مجلجلاً لك أن تسلخ جلد. . . الوجه الماضوي؛ أن تغسل كل جراحات الأيام بدم الوجه الماضوي. أن تلبسني كوجهٍ مكاني يعود إليك؛ كوجهٍ يقول لسانك؛ وليس بلسانٍ آخر كما هو حال لسان الوجه الماضوي الذي قد يصل بك الانتقام من جرَّاء أفعاله أن تَطْعَمَ من كبدي كبد الوجه الماضوي. عبارة النص أن تلقمني أطفالك تستدعي من جهة ألقمه حجراً، ومن جهة أخرى الجيل الجديد في أطفالك. فهذا الجيل الجديد هو مَنْ يُسكت لسان الوجه الماضوي، ويُلقمه حجراً. أي يُسكت كل وسائل الغربة، وأسباب الاستلاب عن مكان هذا الجيل الجديد. "فنحن نريد لساناً آخر، لسانَ هذا الوجه المكاني" يقول الجيل الجديد. يقول الوجه المكاني مولاي الشعب الأسمر خذني. عبارة الأسمر ليست بكلمة أو عبارة؛ بل هي فعل، أي فعل تحديد المكان خارج أي شكلٍ من أشكال الاستلاب. في الوجه المكاني لا توجد هناك أضداد مثلما يقول النص عاشق ومعشوق، والحادي والناي، وكذلك الغل والأمل، وأيضاً الدنيا والحكر، ومن ثم الدنيا والطمع؛ بانعدام هذه الأضداد في الوجه المكاني، يصرخ الوجه المكاني قبالة المشهد خذني. أي خذني فأنا لا أحمل أيَّ أضداد. نفي الأضداد هو نفي التفكير الميتافيزيائي، والنفي المتناهي للسلوك الغيبي المتطرف. "لذلك خذني أيها المكان فأنا لسان حالك" يقول الوجه المكاني. هذا الخلو من الميتافيزياء والغيبية يجعل الوجه المكاني ليس شيئاً سوى نبض الريح الخلاقة. ولهذا الإبداع في تغيير الوجه الماضوي بسرعة الريح أملي لقياك. . . وسعادة يومين كبيرين. . . بين يديك إذ لا شيءَ يصعب، إذ ما زلتَ قوياً يا وطني. هي القوة التي تشكل عزائي، أي قيمة وجودي في الحياة. عبد اللطيف علي الفكي 23 أكتوبر 2019 عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. //////////////// ///////////////////