إجتماع مهم للإتحاد السوداني مع الكاف بخصوص إيقاف الرخص الإفريقية للمدربين السودانيين    وكيل الحكم الاتحادى يشيد بتجربةمحلية بحرى في خدمة المواطنين    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    مليشيا التمرد تواجه نقصاً حاداً في الوقود في مواقعها حول مدينة الفاشر    ضربة موجعة لمليشيا التمرد داخل معسكر كشلنقو جنوب مدينة نيالا    مدير مستشفي الشرطة دنقلا يلتقي وزير الصحة المكلف بالولاية الشمالية    شاهد بالفيديو.. شاعرة سودانية ترد على فتيات الدعم السريع وتقود "تاتشر" للجيش: (سودانا جاري في الوريد وجيشنا صامد جيش حديد دبل ليهو في يوم العيد قول ليهو نقطة سطر جديد)    ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك        أقرع: مزايدات و"مطاعنات" ذكورية من نساء    بالصور.. اجتماع الفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة و عضو مجلس السيادة بقيادات القوة المشتركة    وزير خارجية السودان الأسبق: علي ماذا يتفاوض الجيش والدعم السريع    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    سوداني أضرم النار بمسلمين في بريطانيا يحتجز لأجل غير مسمى بمستشفى    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(04) تَخْرِيْمَاتٌ وَتَبْرِيْمَاتٌ فِي الحَالَةِ السِّيَاسِيَّةِ السُّودَانِيَّةِ .. بقلم: فَيْصَلْ بَسَمَةْ
نشر في سودانيل يوم 28 - 10 - 2019

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيْمِ وَ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَ أَتَمُّ التَّسْلِيْمِ عَلَىَٰ سَيِّدْنَا مُحَمَّدٍ وَ عَلَىَٰ آلِهِ وَ صَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ وَ عَلَيْنَا.
البِدَايَةُ:
النَّظَرُ وَ التَّأَمُّلُ وَ التَّفْكِيْرُ فِي الحَالَةِ السِّيَاسِيَّةِ السُّودَانِيَّةِ فِي المَاضِي القَرِيْبِ وَ الحَاضِرِ يُورِثُ الهَمَّ وَ الغَمَّ وَ الإِحْبَاطَ وَ يُثَبِّطُ الهِمَمَ وَ العَزَائِمَ وَ يُثِيْرُ الكَثِيْرَ مِنَ التَّسَاؤِلَاتِ:
عَنْ مَاهِيَّةِ العَوَامِلِ وَ الظُّرُوفِ وَ المُسَبِبَاتِ الَتِّي أَدَّتْ إِلَىَٰ هَذَا المَآلِّ الكَئِيْبِ فِي الحَالَةِ السِّيَاسِيَّةِ السُّودَانِيَّةِ الرَّاهِنَةِ؟
وَ لِمَاذَا لَمْ يَنْجَحْ "الزُّولْ السُّودَانِي" بِصِفَاتِهِ الحَمِيْدَةِ (المُدَّعَاةِ) وَ مِيْزَاتِهِ الخَارِقَةِ (المَنْسُوبَةِ إِلِيْهِ) فِي خَلْقِ وَطَنٍ: نَبِيْلٍ ، رَاقٍ ، نَامٍ ، مُتَقَدِمٍ ، مُتَصَالِحِ المُكَوِنَاتِ وَ مُتَعَافٍ؟
وَ لِمَاذَا لَمْ يُثْمِرْ التَّنَوعُ وَ الغِنَىَٰ السُّكَانِيُّ وَ الجُغْرَافِيُّ وَ الثّقَافِيُّ فِي بِلادِ السُّوْدَانِ ذَاتِ المَوَارِدِ الهَائِلَةِ فِي خَلْقِ أُمَّةٍ: مُتَصَالِحَةٍ مَعَ نَفْسِهَا ، ثَرِيَّةٍ مُتَمَاسِكَةٍ ، خَلَّاقَةٍ وَ مُزْدَهِرَدَةٍ؟
وَ لِمَاذَا لَمْ يُؤَدِي الإِنْعِتَاقُ المُبَكِّرُ مِنَ الإِسْتِعْمَارِ البِرِيْطَانِيِّ مُقَارَنَةً بِدُولٍ فِي القَارَةِ الإِفْرِيْقِيَّةِ وَ العَالَمِ إِلَىَٰ: أَمْنٍ وَ إِسْتِقْرَارٍ وَ مَشَارِيْعَ عِمْلَاقَةٍ وَ تَنْمِيَّةٍ وَ رَفَاهِيَّةٍ يَعِيْشُهَا الشَّعَبُ السُّودَانِيُّ فِي حَاضِرِهِ وَ كَذَٰلِكَ فِي مُسْتَقْبَلِ أَيَّامِهِ؟
وَ لِمَاذَا يَهْرَعُ المُتَعَلِّمُ السُّودَانِيُّ عِنْدَ الإِخْتِلَافِ وَ الخُضُوبِ أَوَّلُ مَا يَهْرَعُ إِلَىَٰ: القَبَِلِيَّةِ وَ الطَّآئِفِيَّةِ وَ الجِهَوِيَّةِ وَ العَسْكَرِيَّةِ وَ أَحْيَاناً الدَّوَائِرِ الأَجْنَبِيَّةِ وَ الإِحْتِرَابِ عِوَضاً عَنْ: النَّزَاهَةِ وَ الشَّفَافِيَّةِ وَ الحِوَارِ وَ التَّصَالُحِ وَ التَّسَامُحِ وَ السَّلَامِ؟
تَجِدُ المُتَعَلِّمُ السُّودَانِيُّ يَسْتَقْوَىَٰ: بِالآخَرِ وَ القَبَِلِيَّةِ وَ الطَّآئِفِيَّةِ وَ الجِهَوِيَّةِ وَ العَسْكَرِ سِيَاسِيّاً وَ أَمْنِيّاً وَ إِجْتِمَاعِيّاً وَ إِقْتِصَادِيّاً وَ هَذَا الفِعْلُ يُؤَدِي إِلَىَٰ تَعْطِيْلِ الفَعَالِيَّةِ وَ إِلَىَٰ إِهْدَارِ المَوَارِدِ وَ يُعِيْقُ النُّهُوضَ بِالأُمَّةِ وَ يَحْجُبُ تَحْقِيْقَ رَفَاهِيَةِ الشَّعْبِ وَ تَرْسِيْخَ أَرْكَانِ حُكْمٍ أَسَاسُهُ العَدْلُ وَ المُسَاوَاةُ وَ يَزِيْدُ مِنْ: الإِرْتِهَانِ وَ العَصَبِيَّةِ وَ العُنْصُرِيِّةِ وَ الفَسَادِ وَ الفِتَنِ وَ الإِخْتِلَافِ وَ الإِقْتِتَالِ وَ الجَهْلِ وَ التَّطَرُفِ وَ الفَسَادِ وَ المَحْسُوبِيَّةِ عِوَضاً عَنِ: الإِسْتِقْلَالِ وَ الحِيَادِ وَ التَّعْلِيْمِ وَ المَعْرِفَةِ وَ التَّنْوِيْرِ وَ الصَّحَةِ وَ الرُّقِيِّ وَ التَّقَدُمِ وَ المَدَنِيَّةِ وَ الأَمْنِ وَ السَّلاَمِ وَ التَّسَامُحِ.
وَ الظَّاهِرُ أَنَّ العَوَامِلَ وَ المُسَبِبَاتِ كَثْيَرَةٌ وَ مُتَدَاخِلَةٌ لَكِنَّ يَبْدُوا أَنَّ بِدَايَةَ السُّودَانِ عِنْدَ الإِسْتِقْلَالِ كَانَتْ غَيْرَ مُوفَقَةٍ فَقَدْ وَضَعَتْ هَذِهِ البِدَايَةُ اللَّبِنَةَ لِمَا سَوفَ يَأَتِي لَاحِقاً مِنْ عَبَثٍ سِيَاسِيٍّ فَجَلَاءُ الإِسْتِعْمَارِ البِرِيْطَانِيِّ وَ "شُرَكَاءِهِ" مِنْ المَصْرِيِيْنَ عَنْ السُّودَانِ رُبَمَا تَمَّ عَلَىَٰ عُجَالَةٍ وَ كَانَ قَدْ صَاحَبَتْهُ مُنَاوَرَاتٌ (مُكَايَدَاتٌ) سِيَاسِيَّةٌ إِتَّسَمَتْ بِالسَّطْحِيَّةِ وَ أَقَلَّ مَا تُوصَفُ بِهِ هَوَ إِنَّهَا كَانَتْ "مُرَاهَقَةً" بَلْ بِالأَحْرَىَٰ "طُفُولَةً" سِيَاسِيَّةٌ فَضَحَتْ عَدَمَ النُّضُوجِ السِّيَاسِيِّ لِمُكَوِنَاتِ المَسْرَحِ السِّيَاسِيِّ حِيْنَئِذٍ ، وَ مَا عَلَىَٰ البَاحِثِ فِي تَارِيْخِ السُّودَانِ الحَدِيْثِ إِلَّا مُرَاجَعَةَ أَحْدَاثِ الإِسْتِقْلَالِ بَعَيْنٍ فَاحِصَةٍ وَ تَحْلِيْلَ الكَيْفِيَّةِ الَتِّي يَتِمُّ بِهَا إِتِّخَاذَ القَرَارَاتِ وَ تَغَيُّرَ الوَلَاءَاتِ الحِزْبِيَّةِ بِالإِشَارَاتِ المُنْبَعِثَةِ مِنْ الدَّوَائِرِ الدِّيْنِيَّةِ الطَّآئِفِيَّةِ رَاعِيَّةِ الأَحْزَابِ السُّودَانِيِّةِ التَّقْلِيْدِيَّةِ فَقَدْ إِفْتَقَرَتْ الكَثِيْرُ مِنْ تِلْكَ القَرَارَاتِ وَ التَّقَلُبَاتِ المُبَرِرَاتِ إِلَىَٰ المَنْطِقِ المُرْتَكِزِ عَلَىَٰ أُسُسٍ وَ أَهْدَافٍ ، وَ كَيْفَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ هُنَالِكَ مَا يُمَيِّزُ هَذَا الحِزْبَ عَنْ ذَاكَ وَ ذَٰلِكَ لِأَنَّ الأَحْزَابَ خُصُوصاً الأَحْزَابَ الطَّائِفِيَّةَ ذَاتَ السَّنَدِ الجَمَاهِيْرِيِّ العَرِيْضِ كَانَتْ لَا تَمْلُكُ البَرَامِجَ وَ الخُطَطَ وَ التَّوجُهَاتِ وَ تَفْتَقِرُ إِلَىَٰ المَنْهَجِيَّةِ وَ كَيْفَ أَنَّ مُعْظَمَ الأَحْزَابِ كَانَتْ مُجَرَدَ مَنَابِرَ إِجْتِمَاعِيَّةٍ وَ نَوَادٍ لِنُدَمَاءٍ إِسْتُغِلَّتْ لِإِظْهَارِ فَنِّ الخَطَابَةِ وَ الفَهْلَوَةِ السِّيَاسِيَّةِ.
كَانَتْ الإِشَارَةُ الآتِيَةُ مِنْ "جِنِيْنَةِ" "السَّيِّدِ" المُرْشِدِ وَ الزَّعِيْمِ وَ الإِمَامِ تَتَنَزَّلُ أَوَامِراً عَلَىَٰ (الحِيْرَانِ السِّيَاسِيِيْنَ) المُهَرْوِلِيْنَ مِنَ: الخِرِّيْجِيِيْنَ وَ غَيْرِ الخِرِّيْجِيِيْنَ و أَنْصَافِ المُتَعَلِمِيْنَ وَ الجَهَلَةِ ، وَ جِنِيْنَةٌ هِيَ تَصْغِيْرٌ لِكَلِمَةِ جَنَّةٍ وَ هِيَ الحَائِطُ أَو البُسْتَانُ أَو المَزْرَعَةُ ، وَ الجِنِيْنَةُ وَ الإِشَارَةُ القَادِمةُ مِنْهَا مَعْرُوفَتَانِ فِي أَدَبِ السِّيَاسَةِ السُّودَانِيَّةِ بَعْدَ الإِسْتِقْلَالِ وَ فِي حِقَبِ الدِّيْمُقْرَاطِيَاتِ: الأُوْلَىَٰ وَ الثَّانِيَةِ وَ الثَّالِثَةِ فَقَدْ كَانَتْ إِشَارَاتُ الزَّعِيْمِ تَتَحَوَّرُ إِلَىَٰ: هَرْوَلَاتٍ سَيَاسِيَّةٍ وَ قَرَارَاتٍ وَ تَحَالُفَاتٍ كَثِيْراً مَا تَهِزُّ المَوقِفَ السِّيَاسِيَّ ، وَ كَانَ إِنْتِقَالُ السَّاسَةِ بَيْنَ المُعَسْكَرَاتِ السِّيَاسِيَّةِ وَ التَّكَتُلَاتِ البَرْلَمَانِيَّةِ المُخْتَلِفَةِ كَثِيْراً مَا يَحْدُثُ وَ لَيْسَ لَهُ مَا يُبَرِرُهُ سِوىَٰ المَكَاسِبِ الشَّخْصِيَّةِ وَ المُكَايَدَاتِ فَهَاهُمُ السٌّاسَةُ الإِتِّحَادِيْوَنَ يَنْتَقِلُونَ مِنْ مُعَسْكَرِ (وُحْدَةِ وَادِي النِيْلِ) الَّذِي يُنَادَى بِالإِتِّحَادِ مَعَ مِصْرَ وَ رَاعِيْهُ السَّيِّدُ (الشَّرِيْفُ) عَلِي المِيْرْغَنِي إِلَىَٰ مُسَانَدَةِ المُعَسْكَرِ الآخَرِ الَّذِي يَتَزَعَّمَهُ الإِمَامُ عَبْدُالرَّحْمَٰنْ مُحَمَّدْ أَحْمَدْ المَهْدِي زَعِيْمُ طآئِفَةِ الأَنْصَارِ الدِّيْنِيَّةِ وَ رَاعِيُّ حِزْبِ الأُمَّةِ السِّيَاسِيِّ ، الَّذِي يُنَادَي (بِالسُّودَانْ لِلسُّودَانِيِيْنْ) وَ (الإِسْتِقْلَالْ التَّامْ أَو المَوْتُ الزُّؤَامْ).
وَ يَبْدُوا أَنَّ المَكَاسِبَ الطَّآئِفِيَّةَ وَ الحِزْبِيَّةَ وَ رُبَمَا المَنَافِعَ الشَّخْصِيَّةَ كَانَتْ هِيَ الدَّوَافِعَ الرَّئِيْسِيَّةَ فِي (اللَّعْبَةِ السِّيَاسِيَّةِ) الَتِّي صَاحَبَتْ الإِسْتِقْلَالَ ، وَ يَبْدُوا أَنَّ الهَدَفَ الأَسَاسِيَّ مِنْ المُنَاوَرَاتِ هُوَ إِحْرَازُ السَّبْقِ وَ نَيْلُ المَكَاسِبِ ، هَذِهِ اللُّعْبَةُ السِّيَاسِيَّةُ جَسَّدَتْهَا الصُّورَةُ التَّارِيْخِيَّةُ لِمَرَاسِيْمِ تَسَلُّمِ رَايَةِ الإِسْتِقْلَالِ مِنْ المُسْتَعْمِرِ وَ مُمَثِلِيِّ التَّاجِ البِرِيْطَانِيِّ وَ "شَرِيْكِهِ" المِصْرِيِّ فَحِيْنَهَا تَقَدَمَ زَعِيْمُ الأَغَلَبِيَّةِ مِنَ الحِزْبِ "الإِتِّحَادِيِّ" المُنَادِي بِوُحْدَةِ وَادِي النِيْلِ وَ الإِتِّحَادِ مَعَ مِصْرَ السِّيِّدُ إِسْمَاعِيْلْ الأَزْهَرِي لِيَتَوَلَىَٰ رَفَعَ عَلَمِ الإِسْتِقْلَالِ عَنْ مِصْرَ وَ بِرِيْطَانِيَا عَلَىَٰ السَّارِيَةِ فِي سَاحَةِ القَصْرِ الجَمْهُورِيِّ بِيْنَمَا وَقَفَ زَعِيْمُ المُعَارَضَةِ السَّيّْدْ مُحَمَّدْ أَحْمَدْ المَحْجُوبْ وَ هُوَ مِنْ حِزْبِ الأُمَّةِ الَّذِي نَادَىَٰ (بِالسُّودَانْ لِلسُّودَانِيِيْنْ) وَ بِالإِسْتِقْلَالِ التَّامِّ "المَا فِيْهُو شَقَةْ وَ لَا طَقَةْ" وَ هُوَ الحِزْبُ الَّذِي لِعَبَ دُوراً بَارِزاً فِي مَنْعِ إِبْتِلَاعِ مِصْرَ (لِلقُطْرِ السُّوْدَانِيِّ) ، وَقَفَ السَّيّْدْ مُحَمَّدْ أَحْمَدْ المَحْجُوبْ رَصِيْفاً مُتَفَرُجاً يُعَايِنُ عَلَمَ السُّودَانِ (الإِسْتِقْلَالِ) يَرْتَفِعُ إِلَىَٰ أَعْلَىَٰ السَّارِيَةِ عَلَىَٰ يَدِ "الزَّعِيْمِ الإِتِّحَادِيِّ" الَّذِي خُلِّدَ بَعْدَ ذَٰلِكَ وَ صَارَ (أَزْهَرِي الرَفَعْ العَلَمْ) ، جَاءَ ذَٰلِكَ التَّحَوِلُ عِنْدَمَا عَلِمَ الإِتِّحَادِيْونَ أَنَّ رَغْبَةَ غَالِبِيَةِ الشَّعَبِ السُّودَانِيِّ مَعَ الإِسْتِقْلَالِ عَنْ مِصْرَ وَ بِرِيْطَانْيَا فَجَارَوْا المَوجَةَ وَ "قَلَبُوا المَكَنَةْ جَازْ" فَتَخَلَوْا عَنْ المُطَالَبَةِ بِوُحْدَةِ وَادِي النِيْلِ وَ صَارُوا إِسْتِقْلَالِيْونَ (إِنْفِصَالِيْونَ) فِي "رَمْشَةِ عَيْنٍ" أَو بِالعَرَبِي الفَصِيْحِ بَيْنَ عَشِيَّةٍ وَ ضُحَاها وَ أَعْلَنُوا الإِسْتِقْلَالَ مِنْ دَاخِلِ البَرْلَمَانِ عِوضاً عَنْ الإِسْتِفْتَاءِ المُتَّفَقِ عَلَيْهِ وَ المُزْمَعِ الإِقْتِرَاعَ عَلَيْهِ حَتَّىَٰ يُحْسَمُ الخِلَافُ حَولَ مَسْأَلَةِ الوحْدَةِ مَعَ مِصْرَ أَو الإِسْتِقْلَالِ (الإِنْفِصَالِ).
وَ كَانَ الإِسْتِقَلَالُ ، وَ اسْتَمرَتْ المَكَايَدَاتُ وَ المُنَاورَاتُ السِّيَاسِيَّةُ ، وَ كَانَ الإِنْجَازُ فِي مَجَالَاتِ التَّنْمِيَةِ ضَئِيْلاً بَعْدَ نَيْلِ الإِسْتِقْلَالِ فَقَدَ غَابَتْ البَرَامِجُ وَ المَشَارِيْعُ المَدْرُوسَةُ الَتِّي تَهْتَمُ بِالتَّعْلِيْمِ وَ الصَّحَةِ وَ الأَمْنِ وَ التَّنْمُيَةِ الإِقْتِصَادِيَّةِ وَ الإِجْتِمَاعِيَّةِ وَ التَّطْوِرِ وَ الرُّقِيِّ وَ أُمُورِ (رَفَاهِيَّةِ عُمُومِ الشَّعْبِ) وَ الَتِّي إِسْتُعْوِضَ عَنْهَا بِالصَّرِفِ عَلَىَٰ الإِمْتِيَازَاتِ الوَظِيْفِيَّةِ الَتِّي تَضْمَنُ (رَفَاهِيَّةَ) مَوَظَفِي الدَّولَةِ مِنْ "الخِرِيْجِيِيْنَ" مِنْ "جِيْلِ السَّودَنَةِ" ، إِمْتِيَازَاتٌ جَعَلَتْ "الخِرِيْجِيِيْنَ" يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ قَدْ إِكْتَسَبُوهَا مِنْ الأَسْيَادِ البِرِيْطَانِيِيْنَ إِسْتِحْقَاقاً بِالكَفَاءَةِ وَ التَّأَهِيْلِ مَعَ العِلْمِ أَنَّ ذَٰلِكَ التَّأَهِيْلَ كَانَ عَلَىَٰ عُجَالَةٍ بِالنَّظَرِ إِلَىَٰ المَنَاهِجِ وَ السُّلَمِ التَّعْلِيْمِيِّ فِي ذَٰلِكَ الزَّمَانِ وَ مُقَارَنَةً بِالمَنَاهِجِ فِي بِرِيْطَانِيَا وَ مِصْرَ.
ثُمَّ إِسْتَمَرَ ذَٰلِكَ الجِيْلُ وَ مَا تَلَتْهُ مِنْ أَجْيَالٍ تَخُصُّ نَفَسَهَا بِذَاتِ مُخَصَصَاتِ المُسْتَعْمِرِ الوَظِيْفِيَّةِ حَتَّىَٰ غَدَتْ كَأَنَّهَا حَقٌّ مُكْتَسَبٌ وَ جُزْءٌ أَسَاسِيٌّ مِنْ الوَظِيْفَةِ تَتَمَثَّلُ فِي الرَّاتِبِ المُجْزِي وَ مُلْحَقَاتِهِ مِنْ المُخَصَصَاتِ المَادِيَّةِ وَ العَيْنِيَّةِ: كَالحَوَافِزِ وَ العَلَاوَاتِ وَ السَّكَنِ وَ التَّرْحِيْلِ وَ بَدَلَاتِ المَأَكَلٍ وَ المَلْبَسِ وَ بَقِيَّةِ سُبُلِ الرَّفَاهِيَةِ "لِلخِرِيْجِ" وَ لِكُلِّ أَفْرَادِ الأُسْرَةِ القَرِيْبَةِ وَ المُمْتَدَةِ وَ قِيْلَ أَنَّهُ كَانَتْ التَّسْهِيْلَاتُ تَمْتَدُ أَحْيَاناً لِتَشْمَلَ المَعَارِفَ وَ الأَصْحَابِ ، يَفْعَلُ "الخِرِيْجُونَ" ذَٰلِكَ وَ البَنْدُ الأَوَّلُ فِي مِيْزَانِيَّةِ الدَّولَةِ كَانَ وَ مَا زَالَ يَسْتَهِلْكُ جَلَّ النَّاتِجِ القَومِيِّ رَغَمَ رِقَّةُ حَالِ البَلَدِ الظَّاهِرَةُ لِلعَيانِ وَ حُوجَتُهَا المَآسَّةُ إِلَىَٰ الإِسْتِثْمَارِ فِي بَرَامِجَ وَ مَشَارِيْعَ التَّنْمِيَّةِ المَدْرُوسَةِ وَ فِي رَفَاهِيَّةِ وَ أَمْنِ الشَّعْبِ المَغْلُوبِ عَلَىَٰ أَمْرِهِ.
وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ وَ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَ أَتَمُّ التَّسْلِيْمِ عَلَىَٰ سَيِّدْنَا مُحَمَّدٍ وَ عَلَىَٰ آلِهِ وَ صَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ وَ عَلَيْنَا.
فَيْصَلْ بَسَمَةْ
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
///////////////


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.