أنباء عن اغتيال ناظر في السودان    الصادق الرزيقي يكتب: الدعم السريع وشهية الحروب التي فُتحت في الإقليم    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    إسرائيل تستهدف القدرات العسكرية لإيران بدقة شديدة    "خطوة برقو" تفجّر الأوضاع في دارفور    الترجي يسقط أمام فلامنغو في مونديال الأندية    الحلقة رقم (3) من سلسلة إتصالاتي مع اللواء الركن متمرد مهدي الأمين كبة    افتتاح المرحلة النهائية للدوري التأهيلي للممتاز عصر اليوم باستاد الدامر.    فيكم من يحفظ (السر)؟    في السودان :كيف تتم حماية بلادنا من اختراق المخابرات الإسرائيلية للوسط الصحفي    من الجزيرة إلى كرب التوم..هل دخل الجنجويد مدينة أو قرية واستمرت فيها الحياة طبيعية؟    التقى بروفيسور مبارك محمد علي مجذوب.. كامل ادريس يثمن دور الخبراء الوطنيين في مختلف المجالات واسهاماتهم في القضايا الوطنية    هيمنة العليقي على ملفات الهلال    الحرب الايرانية – الاسرائيلية: بعيدا عن التكتيات العسكرية    نشاط مكثف لرئيس الوزراء قبل تشكيل الحكومة المرتقبة    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    شاهد بالصور والفيديو.. الفنان حسين الصادق ينزع "الطاقية" من رأس زميله "ود راوة" ويرتديها أثناء تقديم الأخير وصلة غنائية في حفل حاشد بالسعودية وساخرون: (إنصاف مدني النسخة الرجالية)    رئيس الوزراء يطلع على الوضع الصحي بالبلاد والموقف من وباء الكوليرا    إدارة مكافحة المخدرات بولاية البحر الأحمر تفكك شبكة إجرامية تهرب مخدر القات    شاهد بالصورة والفيديو.. وسط ضحكات المتابعين.. ناشط سوداني يوثق فشل نقل تجربة "الشربوت" السوداني للمواطن المصري    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    عناوين الصحف الرياضية السودانية الصادرة اليوم الأثنين 16 يونيو 2025    شاهد بالفيديو.. الجامعة الأوروبية بجورجيا تختار الفنانة هدي عربي لتمثل السودان في حفل جماهيري ضخم للجاليات العربية    شاهد بالفيديو.. كشف عن معاناته وطلب المساعدة.. شاب سوداني بالقاهرة يعيش في الشارع بعد أن قامت زوجته بطرده من المنزل وحظر رقم هاتفه بسبب عدم مقدرته على دفع إيجار الشقة    رباعية نظيفة .. باريس يهين أتلتيكو مدريد في مونديال الأندية    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    على طريقة البليهي.. "مشادة قوية" بين ياسر إبراهيم وميسي    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    المباحث الجنائية المركزية بولايةنهر النيل تنجح في فك طلاسم بلاغ قتيل حي الطراوة    من حق إيران وأي دولة أخري أن تحصل علي قنبلة نووية    أول دولة عربية تقرر إجلاء رعاياها من إيران    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    ضربة إيرانية مباشرة في ريشون ليتسيون تثير صدمة في إسرائيل    بالصور.. زوجة الميرغني تقضي إجازتها الصيفية مع ابنتها وسط الحيوانات    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    رئيس مجلس الوزراء يؤكد أهمية الكهرباء في نهضة وإعادة اعمار البلاد    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    وزارة الصحة وبالتعاون مع صحة الخرطوم تعلن تنفيذ حملة الاستجابة لوباء الكوليرا    فجرًا.. السلطات في السودان تلقيّ القبض على34 متّهمًا بينهم نظاميين    رئيس مجلس الوزراء يقدم تهاني عيد الاضحي المبارك لشرطة ولاية البحر الاحمر    وفاة حاجة من ولاية البحر الأحمر بمكة    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    محمد دفع الله.. (صُورة) تَتَحَدّث كُلّ اللُّغات    في سابقة تعد الأولى من نوعها.. دولة عربية تلغي شعيرة ذبح الأضاحي هذا العام لهذا السبب (….) وتحذيرات للسودانيين المقيمين فيها    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    تراجع وفيات الكوليرا في الخرطوم    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    وزير المالية السوداني: المسيرات التي تضرب الكهرباء ومستودعات الوقود "إماراتية"    "الحرابة ولا حلو" لهاني عابدين.. نداء السلام والأمل في وجه التحديات    "عشبة الخلود".. ما سرّ النبتة القادمة من جبال وغابات آسيا؟    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(06) تَخْرِيْمَاتٌ وَ تَبْرِيْمَاتٌ فِي الحَالَةِ السِّيَاسِيَّةِ السُّودَانِيَّةِ: العَسْكَرُ وَالحَرَامِيَّةُ .. بقلم: فَيْصَلْ بَسَمَةْ
نشر في سودانيل يوم 31 - 10 - 2019

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيْمِ وَ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَ أَتَمُّ التَّسْلِيْمِ عَلَىَٰ سَيِّدْنَا مُحَمَّدٍ وَ عَلَىَٰ آلِهِ وَ صَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ وَ عَلَيْنَا.
السُّودَانُ مِنْ أَوَائِلِ الدُّوَلِ فِي قَارَاتَي أَفْرِيِقْيَا وَ آسْيَا الَّتِي إِنْعَتَقَتْ مِنَ الإِسّتِعْمَارِ فَقَدْ إِسْتَقَلَ السُّودَانُ عَنْ بِرِيْطَانِيَا وَ (مِصْرَ) فِي الخَمْسِيْنَاتِ مِنْ القَرْنِ العِشْرِيْنِ ، وَ بِحِسَابِ أَعْمَارِ البِلَادِ وَ الأَمْصَارِ فَإِنَّ السُّودَانَ يُعَدُّ شَيْخاً فِي الدَّوَلِ المُسْتَقِلَةِ فَقَدْ جَاوَزَ عُمُرُهُ الثَّالِثَةَ وَ السِّتِيْنَ سَنَةٍ قَضَىَٰ السُّودَانُ وَ شَعْبُهُ مُعْظَمَهَا رَازِخاً تَحْتَ الدِّيِكْتَاتُورِيَاتِ وَ حُكْمِ العَسْكَرِ وَ الطُّغَاةِ وَ لَمْ يَنْعَمْ فِيْهَا السُّودَانُ بِالحُرِّيَّةِ إِلَّا فِي حِقَبٍ ثَلَاثٍ قَصِيْرَةٍ مِنَ الحُكْمِ (الدِّيْمُقْرَاطِيِّ) وُإِدَتْ كُلُّهَا فِي مَرْحَلَةِ الطُّفُولَةِ فَأُولَاهَا قُضِيَ عَلَيْهَا قَبْلَ أَنْ تَبْلُغَ عَامَهَا الثَّالِثِ وَ الثَّانِيَةُ خُنِقَتْ وَ لَفَظَتْ أَنْفَاسَهَا وَ هِيَ دُونَ الخَامِسَةِ ، وَ الثَّالِثَةُ نُحِرَتْ بُعَيْدَ عِيْدِ مِيْلَادِهَا الرَّابِعِ ، وَ الأَسْبَابُ وَرَاءَ كُلِّ هَذِهِ الإِنْقِلَابَاتِ هِيَ إِسْتِعْجَالُ النِّهَايَاتِ وَ المَكْرُ السَّيِّئُ ، وَ كَانَ أَغْلَبُ المُغَامِرِيْنَ مِنَ العَسْكَرِ مِنْ أَصْحَابُ الإِرَبِ وَ مِنْ وَرَاءِهِمْ أَصْحَابُ المَآرِّبِ وَ الأَيْدُولُوجِيَاتِ مِنْ "المَلَكِيْةِ" المُتَعَطِشِيْنَ إِلَىَٰ السُّلْطَةِ ، وَ مَعْلُومٌ أَنَّ الإِرْبَ إِلَىَٰ الشَّئِ هُوَ السَّعْيُّ إِلَيْهِ أَمَّا المَآرِّبُ فَهِيَ البُّغِيَّةُ وَ الحَاجَةُ المُلِحَّةُ ، وَ المَلَكِيَّةُ لَفْظٌ يَطْلِقُهُ العَسْكَرُ فِي السُّودَانِ عَلَىَٰ المَدَنِيِيْنَ وَ يَبْدُوا أَنَّ الكَلِمَةَ مُشْتَقَةٌ مِنْ مَلِكْ وَ غَالِباً مَا يُسْتَخْدَمُ اللَّفْظُ لِتَأَكِيْدَ أَنَّ الحَالَةَ "المَلَكِيَّةَ" هِيَ حَالَةٌ دُونِيَّةٌ ضَعِيْفَةٌ غَيْرُ فَعَّالَةٍ وَ أَنَّهَا حَالَةً لَا يُمْكِنُ الوثُوقُ بِهَا.
وَ كَمَا تَلَاعْبَتْ فِي السِّيَاسَةِ وَ الخِدْمَةِ المَدَنِيَّةِ وَ التَّوظِيْفِ وَ أَشْيَاءٍ أُخْرَىَٰ فَقَدْ رَاجَ أَنَّ الأَحْزَابَ السِّيَاسِيَّةَ السُّودَانِيَّةَ الطّآئِفِيَّةَ مِنْهَا وَ الأَيْدُلُوجِيَّةَ قَدْ عَبَثَتْ أَيْضاً بِالتَّعْيْنَاتِ بِالقُوَاتِ النِّظَامِيَّةِ ، وَ شَاعَتْ أَقْوَالٌ تُلَمِّحُ إِلَىَٰ أَنَّ الإِلْتِحَاقَ بِالكُلِّيَّةِ العَسْكَرِيَّةِ فِي بَعْضِ الحَالَاتِ كَانَ يَتِمُّ عَنْ طَرِيْقِ "الوَاسْطَاتِ" ، وَ الوَاسِطَةُ مِنْ تَوَسَطَ وَ القَصْدُ هُوَ المَحْسُوبِيَّةُ ، وَ قِيْلَ أَيْضاً أَنَّ التَّعْيْنَاتِ لَا تَخْلُو مِنْ المُحَصَاصَاتِ السِّيَاسِيَّةِ وَ القَبَلِيَّةِ وَ الطَّائِفِيَّةِ وَ الجَهَوِيَّةِ وَ الَّتِي رُبَمَا سَهَّلَتْ عَلَىَٰ الطَّوَائِفِ وَ الأَحْزَابِ الفَاعِلَةِ فِي السَّاحَةِ السِّيَاسِيَّةِ إِخْتِرَاقَ القُوَاتِ النِّظَامِيَّةِ وَ تَجْنِيْدَ عَنَاصِرٍ لَهَا دَاخِلَهَا تَحْمِي مَصَالِحَهَا وَ تُنَفِّذُ أَجِنْدَتَهَا وَ تُأُتَمِرُ بِأَمْرِهَا عِنْدَ الطَّلَبِ مِمَّا يُسَهَّلُ لَهَا التَّآمَرَ وَ الإِنْقِلَابَ عَلَىَٰ الدِّيْمُقْرَاطِيَاتِ فِي مُقْبِلِ الأَيَّامِ مَتَىَٰ مَا رَاقَ لَهَا ذَٰلِكَ ، وَ هُنَالِكَ وَثَائِقٌ تُشِيْرُ إِلَىَٰ أَنَّ الإِنْقِلَابَاتِ العَسْكَرِيَّةَ الثَّلَاثْ الَتِّي إِسْتَولَتْ فِيْهَا عَنَاصِرٌ مِنْ القُواتِ المُسَلَّحَةِ عَلَىَٰ السُّلْطَةِ فِي السُّودَانِ كَانَتْ بِإِيْعَازٍ وَ تَدْبِيْرٍ مِنْ الأَحْزَابِ السِّيَاسِيَّةِ العَامِلَةِ فِي السَّاحَةِ: الأُمَّةْ ، الشِّيْوعِي وَ العُرُوبِيِيْنَ (البْعْثِيِيْنَ وَ النَّاصِرِيِيْنَ) فَالأَخْوَانْ المُسْلِمِيْنَ عَلَىَٰ التَّوَالِي ، هَذَا عَدَا المُحَاوَلَاتِ الإِنْقِلَابِيَّةِ الفَاشِلَةِ ، وَ قَدْ أَثْبَتَ التَّارِيْخُ ذَٰلِكَ فَجَمِيْعُ هَذِهِ الأَحْزَابِ اليَمِيْنِيَّةِ مِنْهَا وَ اليَسَارِيَّةِ تَآمَرَتْ وَ انْقَلَبَتْ عَلَىَٰ النُّظِمِ الدِّيْمُقْرَاطِيَّةِ وَ الحَكُومَاتِ الشَّرْعِيَّةِ المُنْتَخَبَةِ إِمَّا نِكَايَةً فِي الخَصْمِ الآخَرِ أَو طَمَعاً فِي السُّلْطَةِ المُطْلَقَةِ وَ الشُّهْرَةِ تُسَاعِدُهَا عَلَىَٰ ذَٰلِكَ عَنَاصِرُهَا المَزْرُوعَةُ دَاخِلَ القُوَاتِ المُسَلَّحَةِ (الجِيْشِ).
هَذِهِ الإِنْقِلَابَاتُ العَسْكَرِيَّةُ لَا تَعْنِي بِالضَّرُورَةِ أَنَّ حُكْمَ الأَحْزَابِ السِّيَاسِيَّةِ كَانَ دِيْمُقْرَاطِيّاً فَقَدْ غَابَتْ عَنْ هَذِهِ الأَحْزَابِ: الدِّيْمُقْرَاطِيَّةُ وَ النَّظَرَاتُ المُسْتَقْبَلِيَّةُ وَ المُؤَسَسَيَّةُ وَ المَنْهَجِيَّةُ فِي: التَّكْوِيْنِ وَ التَّنْظِيْمِ وَ المُمَارَسَةِ وَ كَانَتْ مُمَارَسَاتُهَا لِلسِّيَاسَةِ أَقْرَبَ إِلَىَٰ اللَّامُبَالَاةِ وَ العَبَثِيَّةِ وَ كَانَتْ تَنْقُصُهَا المَوضُوعِيَّةَ وَ غَلَبَتْ عَلَيْهَا المَحْسُوبِيَّةُ وَ كَانَتْ بَعْضٌ مِنْ أَفْعَالِ السِّيَاسِيْنَ رُدُودَ أَفْعَالٍ أَو تَصْفِيَّةً لِحِسَابَاتٍ وَ مَرَارَاتٍ ، وَ كَانَتْ الأَحْزَابُ جَمِيْعُهَا تَفْتَقِرُ إِلَىَٰ البَرَامِجِ وَ الخُطَطِ الوَاضِحَةِ وَ المَدْرُوسَةِ الَتِّي تُخَاطِبُ مُكَوِنَاتِ التَّنْمِيَّةِ وَ هُمُومَ المُوَاطِنِ وَ تَعْمَلُ عَلَىَٰ أَمْنِهِ وَ رَفَاهِيَتِهِ ، وَ لِقَدْ أُبْتُلِيَ الكَثِيْرُ مِنْ قَادَةِ الأَحْزَابِ (الطَّآئِفِيَّةِ وَ العَقَائِدِيَّةِ) بِالنَّرْجِسِيَّةِ وَ دَاءِ حُبٍّ الزَّعَامَةِ وَ السُّلْطَةِ وَ التَّسَلُطِ وَ الخُبْثِ ، وَ كَانَتْ غَالِبِيَةُ الأَحْزَابِ تُقَادُ عَنْ طَرِيْقِ الوِصَايَّةِ وَ بِمَا يَرَىَٰ الزَّعِيْمُ وَ (بِالإِشَارَةِ) وَ (بِإِلَىَٰ مَنْ يَهُمُهُ الأَمْرَ سَلَامْ) فَلَا غَرْوَ فِي أَنْ يَكُونَ الفَشَلُ المُتَكَرِرُ حَلِيْفاً لِلتَّجَارِبِ الدِّيْمُقْرَاطِيَّةِ السُّودَانِيِّةِ ، وَ قَدْ قِيْلَ أَنَّ فَاقِدَ الشَّئِ لَا يُعْطُيْهِ.
وَ يَبْدُوْا أَنَّ الإِسْتِيْلَاءَ عَلَىَٰ السُّلْطَةِ الشَّرْعِيَّةِ رُكْنٌ أَصِيْلٌ فِي عَقِيْدَةِ القُوَاتِ المُسَلَّحَةِ السُّودَانِيَّةِ (الجَيْشِ) تُعَلِّمُهُ فِي مَعَاهِدِهَا لِلطَلَبَةِ العَسْكَرِيِيْنَ الَّذِينَ فَارَقُوا لِتَوِهِمْ مَقَاعِدَ الدِّرَاسَةِ الثَّانَويَّةِ فَيَشِبُّ هَٰؤُلَاءِ الطَّلَبَةُ اليَافِعُونَ وَ قَدْ بُرْمِجَتْ أَدْمِغَتُهُمْ الغَضَّةُ عَسْكَرِيّاً وَ تَمَّ شَحْنُهَا بِكُلِّ مَا يُفِيْدُ وَ يُرَسِّخُ عَقِيْدَةَ القِتَالِ وَ الإِعْتِدَادَ بِالنَّفْسِ لِدَرَجِةِ الإِسْتِعْلَاءِ عَلَىَٰ الآخَّرِيْنَ مَعَ تَرْسِيْخِ مَفْهُومِ أَنَّ العَسْكَرَ هُمُ الأَفْضَّلُ وَ الأَجْدَّرُ بِقِيَادَةِ البِلَادِ وَ تَسْيِيْرِ أُمُورِ العِبَادِ مِنَ رُصَفَائِهِمْ المَدَنِيِيْنَ مِنْ "المَلَكِيَّةِ".
ثَقَافَةُ العَسْكَرِيِّ هَيَ تَنْفِيْذُ الأَوَامِرِ أَوَلاً وَ السُّؤَالُ عَنْ المَغْزَىَٰ وَ المُسَبَبَاتِ لَاحِقاً مَعَ إِسْتِحْسَانِ عَدَمَ السُّؤالِ مُطْلَقاً ، وَ يَبْدُوا أَنَّ صَدْرَ العَسْكَرِيِّ لَا يَسَعُ إِعْتِرَاضَ الأَوَامِرِ وَ يَضِيْقُ كَثِيْراً بِالرَّأىَّ الآخَرِ المُعَارِضِ وَ بِالبُطْءِ فِي التَّنْفِيْذِ خُصُوصاً إِنْ إِتَىَٰ ذَٰلِكَ مِنْ مَلَكِيٍّ ، وَ قَدْ دَلَتْ التَّجْرَبَةُ السِّيَاسِيَّةُ فِي السُّودَانِ أَنَّهُ إِذَا كَثُرَ الجَدَلُ السَّيَاسِيُّ أَو تَبَاطَأَ السِّيَاسِيُّ "المَلَكِيُّ" عَنْ الإِنْجَازِ الفَورِيِّ طَالَتْهُ يَدُّ العَسْكَرِ إِنْقِلَاباً وَ سِجْناً وَ رُبَمَا تَقْتِيْلاً مَعَ إِشْرَاقَاتِ يَومٍ جَدِيْدٍ أَغْرٍ يَسْتَصْبِحُهُ كَامِلُ القُطَرِ عَلَىَٰ مِذْيَاعِهِ وَ تِلِڨَازِهِ القَومِيِيْنِ يَصْمُتَانِ لِبُرْهَةٍ ثُمَّ يُعَاوِدَانِ البَثَّ يَصْدَحَانِ بِالمَارْشَاتِ العَسْكَرِيِّةِ الَتِّي تَتَخَلَلَهَا تَنْوِيْهَاتٌ مِنْ مُذِيْعٍ:
تَرَقَبُوا بَيَانْ مِنْ قُوَاتِكِمْ المُسَلَّحَةِ بَعْدَ قَلِيْلْ
يَعْقِبُ المَارْشَاتِ البَيَانُ الأَوَّلُ يَتْلُوهُ ضَابِطٌ ذُو رُتْبَةٍ لَيْسَتْ عَالِيَةً وَ الَتِّي غَالِباً مَا تَتَرَاوَحُ مَا بَيْنَ العَقِيْدِ وَ الرَّائِدِ وَ أَحْيَاناً عَمِيْدْ أَو فَرِيْقْ ، يُعَدِدُ فِيْهِ الضَّابِطُ وَ هُوَ يَتَصَبَبُ عَرَقاً مَسَاوِئَ مَنْ سَبَقَهُمْ مِنْ السِّيَاسِيِيْنَ "المَلَكِيَّةِ" فِي حُكْمِ البِلَادِ وَ يَعْرِضُ فِيْهَا صَحَائِفَ إِخْفَاقَاتِ أُولَئِكَ "المَلَكِيَّةِ" فِي الحُكِمِ وَ مَا جَرَّهُ ذَٰلِكَ الحُكْمُ عَلَىَٰ البِلَادِ وَ العِبَادِ مِنْ فَسَادٍ وَ فَشَلٍ فِي كُلِّ المَجَالَاتِ الدَّاخِلِيَّةِ مِنْهَا وَ الخَارِجِيَّةِ ، ثُمَّ بَعْدَ ذَٰلِكَ يَدْفَعُ ذَٰلِكَ الضَْابِطُ بِالمُبَرِرَاتِ لِإِنْقِلَابِهِ وَ صَحْبِهِ عَلَىَٰ الدَّسْتُورِ وَ الدِّيْمُقْرَاطِيَّةِ وَ يَخْلُصُ إِلَىَٰ أَنَّ الحِرْصَ عَلَىَٰ:
1- مَصَالِحِ الأُمَّةِ
وَ
2- الأَمْنِ القَومِيِّ
وَ
3- وُحْدَةِ وَ سَلَامَةِ الأَرَاضِي السُّودَانِيِّةِ
وَ
4- رَفَاهِيَّةِ الشَّعْبِ السُّودَانِيِّ
وَ
5- عَلَاقَاتِ الجِوَارِ
كَانَوا هُمُ الدَّافِعُ الَّذِي سَاقَ قَائِدَ الإِنْقِلَابِ وَ صَحْبَهُ إِلَىَٰ (الثَّورَةِ) عَلَىَٰ المُفْسِدِيْنَ مِنْ السِّيَاسِيِيْنَ وَ إِلَىَٰ إِنْقَاذِ البِلَادِ مِنْ فَوضَىَٰ وَ عَبَثِ "المَلَكِيَّةِ" ، وَ المُلَاحَظُ أَنَّ (رَئِيْسَ مَجْلِسِ الثَّورَةِ) يُسَمِي الإِنْقِلَابَ عَلَىَٰ الشَّرْعِيَّةِ ثُورَةً فَالإِنْقِلَابُ عَلَىَٰ النُّظُمِ السِّيَاسِيَّةِ القَآئِمَةِ فِي أَدَبِيَاتِ القُواتِ المُسَلَّحَةِ السُّودَانِيِّةِ وَ أَدَبِيَاتِ جِيُوشٍ أُخْرَىَٰ حَولَ العَالَمِ ثُورَةٌ إِذَا مَا نَجَحَ وَ مُحَاوَلَةٌ إِنْقِلَابِيَّةٌ فَاشِلَةٌ فِي حَالَةِ الإِخْفَاقِ ، ثُمَّ يَعْرُجُ (رَئِيْسُ مَجْلِسِ الثَّورَةِ) بَعْدَ ذَٰلِكَ إِلَىَٰ مَنْشُورِ الأَمَانِيِّ المُسْتَقْبَلِيَّةِ الَّذِي صَاغَهُ لَهُ سِيَاسِيٌّ مُحْتَرِفٍ وَ رُبَمَا رَجَلُ مُخَابَرَاتٍ يْعْمَلُ مِنْ خَلْفِ الكَوَالِيْسِ ، وَ غَالِباً مَا يَتْضَمِنُ البَيَانُ الأَوَّلِ صِيَاغَاتٍ هِيَ ضَمَانَاتٌ وَ تَطْمِيْنَاتٌ لِجِهَاتٍ أَجْنَبِيَّةٍ وَ كَيْفَ أَنَّ مَصَالِحَهَا لَا تُضَآرُّ حَتَّىَٰ يَجَدَ النِّظَامُ الجَدِيْدُ الإِعْتِرَافَ وَ السَّنَدَ الإِقْلِيْمِيَّ وَ العَالَمِيَّ ، ثُمَّ تُعْلَنُ أَسْمَاءُ أَعْضَاءِ (مَجْلِسِ الثَّورَةِ).
وَ لَا يَنْفَكُ الإِعْلَامُ يَفْعَلُ ذَٰلِكَ (الإِزْعَاجَ الإِنْقِلَابِيَّ) مِنْ: مَارْشَاتٍ عَسْكَرِيَّةٍ وَ تَنْوِيْهَاتٍ وَ بَيَانَاتٍ مُرَقَّمَةٍ وَ مَرَاسِيْمٍ وَ إِعْلَانَاتٍ بَتَنْفِيْذِ أَحْكَامِ الطَّوَارِئ وَ حَظْرِ التِّجْوَالِ تَدُومُ لِأَيَّامٍ نَحِسَاتٍ قَادِمَاتٍ ، وَ كَلِمَةُ مَارْشْ مُشْتَقَةٌ مِنْ الفِعْلِ Marsh فِي اللُّغَةِ الإِنْقِلِيْزِيَّةِ وَ تَعْنِي السَّيْرَ ، وَ المَارْشَاتُ العَسْكَرِيَّةُ هِيَ مُوْسِيْقِىَٰ العَسْكَرِ وَ أَهَازِيْجُهُمْ (الجَلَالَاتْ) يُرَدِدُونَهَا عِنْدَ السَّيْرِ وَ عِنْدَ التَّمَارِيْنَ ، وَ لِأَغْلَبِهَا جُذُورٌ فِي أَغَانِي وَ إِيْقَاعَاتِ أَقَالِيْمَ السُّودَانِ المُخْتَلِفَةِ خُصُوصاً الأَقَالِيْمَ الجَنُوبِيَّةِ وَ الغَرْبِيَّةِ.
وَ فِي الأَيَّامِ التَّالِيَةِ تُعْلَنُ تَعْيْنَاتٌ تَنْفِيْذِيَّةٌ وَ قَضَائِيَّةٌ ثُمَّ تُحَلُّ مُؤَسَسَاتٌ ثُمَّ يُوصَمُ بَعْضٌ بِالخِيَانَةِ وَ العَمَالَةِ وَ يُحَالُ مُوَظَفُونَ فِي الخِدْمَةِ المَدَنِيَّةِ وَ ضُبَاطٌ فِي القُواتِ النِّظَامِيَّةِ إِلَىَٰ المَعَاشِ وَ تَكُونُ الحُجّجُ هِيَ: الشَّرْعِيَّةَ الثَّورِيَّةَ وَ ضَرْبَ العَمَالَةِ وَ الفَسَادَ وَ الصَّالِحَ العَامَّ ثُمَّ بَعْدَ ذَٰلِكَ تَخْرُجُ جُمُوعٌ كَانَتْ فِي إِنْتِظَارِ (القَائِدِ) تَمْلأُ السَّاحَاتِ بِالرَّايَاتِ وَ تَحْمِلُ شِعَارَاتِ العَهْدِ الجَدِيْدِ خُطَتْ فِي لَافِتَاتٍ ذَاتِ أَلوَانٍ كَمَا الرَّايَاتِ ، وَ تَتَفَاوَتُ الأَلْوَانُ بِحَسَبِ أَلوَانِ الإِنْقَلَابِيِيْنَ السِّيَاسِيَّةِ فَهِيَ حَمْرَاءُ إِنْ كَانَ الإِنْقِلَابُ يَسَارِيّاً وَ غَيْرُ ذَٰلِكَ فِي الحَالَاتِ الأُخْرَىَٰ ثُمَّ بَعْدَ ذَٰلِكَ يُصَعَّدُ (القَائِدُ) (المُنْقِذُ) (المُلْهِمُ) إِلَىَٰ المَنَصَةِ لِيُخَاطِبَ الجَمَاهِيْرَ المُحْتَشِدَةَ وَ المُتَشَوِقَةَ إِلَىَٰ خِطَابِهِ المَلِئِ بِالوعُودِ لِلجَمَاهِيْرِ وَ التَّهْدِيْدَاتِ بِالإِعْدَامَاتِ (لِأَعْدَاءِ الثَّورَةِ) مِنْ الخَوَنَةِ وَ العُمَلَاءِ وَ المَارِقِيْنْ ، يَفْعَلُ ذَٰلِكَ وَ هُوَ مُحَاطٌ بِأُنَاسٍ يُطْلَقُ عَلِيْهِمْ إِسْمُ: الزُّمَلَاءِ أَو الرِّفَاقِ أَو الأَخْوَانِ وَ ذَٰلِكَ حَسَبَ اللَّونِيَّةِ السِّيَاسِيَّة وَ الخَلْفِيَّةِ الأَيْدُلُوجِيَّةِ (لِلثَّورَةِ) ثُمَّ بَعْدَ ذَٰلِكَ يَنْبَرِي الشُّعْرَاءُ وَ المُغَنُونَ يَنْظِمُونَ وَ يُلْقُونَ القَصِيْدَ وَ يُلَّحِنُونَ الأَغَانِي وَ يُلْحِنُونَ وَ يُمَجِّدُونَ (الرَّئِيْسَ القَائِدَ) وَ صَحْبُهُ وَ الثَّورَةَ الوَلِيْدَةَ.
وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ وَ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَ أَتَمُّ التَّسْلِيْمِ عَلَىَٰ سَيِّدْنَا مُحَمَّدٍ وَ عَلَىَٰ آلِهِ وَ صَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ وَ عَلَيْنَا.
فَيْصَلْ بَسَمَةْ
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.