اطلعت بتروي على مشروع قانون مفوضية اصلاح المنظومة العدلية و الحقوقية. و هذا الاتجاه ايجابي في انه يجعل التفكير في الاصلاح التشريعي و المؤسسي ذو طابع مركزي او استراتيجي اذا صح التعبير. و كنت قد كتبت ورقة بعد تكوين الحكومة الانتقالية بعنوان استراتيجة الاصلاح القانوني و المؤسسي و تم تقديمها في ورشة لتحديد اولويات الفترة الانتقالية في فندق كورنثيا في الاسبوع الاول من شهر سبتمبر 2019. لقد تحسبت الوثيقة الدستورية للاجراءات و التدابير التي سيتم اجتراحها بخصوص الاصلاحات التشريعية و المؤسسية، بشكل عام، و كذلك الاصلاح التشريعي و المؤسسي الخاص بالمنظومة العدلية، اذا نص الدستور في المادة 39 على انشاء المفوضيات لتكون مؤسسات ذات قدرات و كفاءات عالية لانجاز تلك المهام. و ينحصر الحديث هنا فقط حول آليات الاصلاح التشريعي و المؤسسي للمنظومة العدلية و الحقوقية، وهو الامر الذي حرص مشروع القانون التركيز عليه، لاهميته الشديدة و ارتباطه باهم اولويات الفترة الانتقالية الا وهو العدالة. بالتالي جاء مشروع القانون كانتباهة ذكية و مهمة للغاية. تمت الاشارة في مشروع القانون، الى ان القانون يصدر وفقا لاحكام المادة 39/1 (انشاء مفوضيات مستقلة). تلك المادة اشارت الى: تنشأ مفوضيات (مستقلة) من (شخصيات مستقلة) مشهود لهم بالخبرة ... و ان لا يكونوا قد اشتركوا في النظام البائد .. الخ. و بينما نصت المادة على تكوين المفوضية من شخصيات (طبيعة) مستقلة، نجد أن مشروع القانون يعلن ان إنشاء مفوضية من مؤسسات في الدولة: رئيس القضاء، وزير العدل، النائب العام، ... الخ. و كلمة (الشخصيات) التي ذكرتها المادة 39/1 تعني في هذا السياق ( شخصيات طبيعية) لان المادة لاحقا تحدثت عن صفاته، بالتاهيل العلمي و الخبرة و عدم تولي مناصب سيادية او دستورية خلال فترة حكم الثلاثين من يونيو ..الخ الكفاءة و النزاهة و غير ذلك، و التي هي صفات للشخص الطبيعي و ليس المعنوي. ان الصيغة التي اعتمدها مشروع القانون في المادة 4 لتكوين المفوضية، و التي اعتمدت تكوين المفوضية من هيئآت و مؤسسات ذات صلة بالموضوع، هي صيغة اقرب لصيغة تكوين (المجالس) مثل فكرة المجلس الاعلى للسلام الذي تم تكوينه مؤخراَ، و الذي هم تجميع للمؤسسات التي تعمل في ذات المجال، او لديها اختصاصات متقاربة بخصوص موضوع معين فيتم تكوين مجلس لتنسيق الجهود و تجنب التضارب و تسريع الخطى لانجاز المهمة المشتركة. و بالتركيز على الهدف النهائي ( اصلاح المنظومة العدلية و الحقوقية) يمكن اعتماد آليات مختلفة لتحقيق ذلك الغرض، وقد اقترح مشروع القانون ان تكون (المفوضية) هي الآلية الانسب لتنظيم عملية اصلاح المنظومة العدلية و الحقوقية، لكنا لو اعدنا قراءة المادة 39 لن نجد هذه المفوضية ضمن المفوضيات المقترحة في الدستور. و لكنا نجد مهامها موجودة ضمن بعض المفوضيات المقترحة، فقد نصت المادة في الدستور على مفوضية الاصلاح القانوني و كذلك مفوضية العدالة الانتقالية (و بالمناسبة هاتين المفوضيتين هما في الاصل مفوضية واحدة !!!)، و من ضمن مهام مفوضية العدالة الانتقالية العديدة ان تقوم بمهمة الاصلاح التشريعي و المؤسسي للمنظومة العدلية في الفترات الانتقالية. في الواقت الراهن يبدو ان هناك عجلة لتكوين هيئة او لجنة متخصصة للاضطلاع بمهمة الاصلاح التشريعي و المؤسسي للمنظومة العدلية ( نستبعد كلمة حقوقية، و سنبين ذلك لاحقا). و استنادا على مبرر (العجلة)، من الافضل عدم تعطيل الاصلاحات الى حين تكوين تلك المفوضيات، و بالتالي يجوز للسيد رئيس الوزراء تفعيل المادة الدستورية (اظنها 15/7 - او 16/7) التي تمنحه سلطة اتخاذ جميع الاجراءات و التدابير الكفيلة لتنفيذ مهام المرحلة الانتقالية. و في هذه الجزئية يمكن للسيد رئيس الوزراء ان ينشئ لجنة فنية متخصصة من الوزارات المعنية، تقوم بوضع مقترحات و توصيات للاصلاح المنشود، و في هذا الاطار ستكون اللجنة او الهيئة/ او المجلس، مهمة تنفيذ اولويات المرحلة الانتقالية الموجودة في المادة السابعة من الفصل الثاني. الاولويات التي يجب تأشيرها ضمن مهام تلك الآلية المقترحة هي تقديم مقترحات و توصيات بخصوص: - الغاء القوانين المقيدة للحريات ( الفقرة 2 من المادة 7) - الاصلاح القانوني و اعادة بناء و تطوير المنظومة الحقوقية و العدلية ( الفقرة 5 من المادة 7) - ضمان و تعزيز حقوق المرأة في السودان ( الفقرة 7 من المادة 7) - سن التشريعات المتصلة بمهام الفترة الانتقالية ( الفقرة 11 من المادة 7) - تفكيك بنية التمكين لنظام الثلاثين من يونيو ( الفقرة 15 من المادة 7) كنت قد أشرت في موضع متقدم إلى ان يتم حصر الامر في (منظومة الاجهزة العدلية) دون (منظومة الاجهزة الحقوقية) لان المنظومة الحقوقية اوسع مما حاول مشروع القانون حصرها، و كذلك لان هنا مفوضية خاصة بحقوق المساواة النوعية و مفوضية لحقوق الانسان، و قد تكون هناك مفوضية للعمل الطوعي ، بجانب المؤسسات الحقوقية الاخرى و التي قد تشمل ايضا ديوان الحسبة و المظالم و المجلس الاعلى للامومة و الطفل .. وغير ذلك. السادس من نوفمبر 2019 الخرطوم عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.