مصطفى بكري يكشف مفاجآت التعديل الوزاري الجديد 2024.. هؤلاء مرشحون للرحيل!    شاهد مجندات بالحركات المسلحة الداعمة للجيش في الخطوط الأمامية للدفاع عن مدينة الفاشر    وزير الصحة: فرق التحصين استطاعت ايصال ادوية لدارفور تكفى لشهرين    إجتماع مهم للإتحاد السوداني مع الكاف بخصوص إيقاف الرخص الإفريقية للمدربين السودانيين    وكيل الحكم الاتحادى يشيد بتجربةمحلية بحرى في خدمة المواطنين    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    ضربة موجعة لمليشيا التمرد داخل معسكر كشلنقو جنوب مدينة نيالا    مدير مستشفي الشرطة دنقلا يلتقي وزير الصحة المكلف بالولاية الشمالية    شاهد بالفيديو.. شاعرة سودانية ترد على فتيات الدعم السريع وتقود "تاتشر" للجيش: (سودانا جاري في الوريد وجيشنا صامد جيش حديد دبل ليهو في يوم العيد قول ليهو نقطة سطر جديد)        ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك    أقرع: مزايدات و"مطاعنات" ذكورية من نساء    وزير خارجية السودان الأسبق: علي ماذا يتفاوض الجيش والدعم السريع    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إستراتيجية الاصلاح القانوني: كجزء من متطلبات التحول السلمي الديمقراطي في السودان خلال الفترة الانتقالية .. بقلم: د. سامي عبد الحليم سعيد
نشر في سودانيل يوم 18 - 09 - 2019


أولا: أهمية الاصلاح التشريعي و المؤسسي
يأتي الحديث عن الاصلاح التشريعي و الاصلاح المؤسسي بصورة مترافقة، إذ ان الثانية هي نتيجة للاولى، و لكون الاصلاح التشريعي و المؤسسي عملية متكاملة و مهمة للغاية لكونها هي القاطرة التي يتحرك بموجبها التحول نحو العدالة و السلام و الديمقراطية.
يغطي مصطلح الاصلاح التشريعي نطاق واسع من المبادرات و المشروعات الرسمية، التي تستهدف تعزيز سياسات، قد تختلف في المحتوى مع تطور المجتمعات، من وقت لآخر. و الحديث في الإصلاح التشريعي يمثل محوراً مهماً من محاور إعادة بناء الدولة السودانية، إذ يعد من محاور الإصلاح المجتمعي، من زوايا اعادة صياغة القيم المتصلة بالكرامة، و حقوق الانسان، و قبول الاخر و التعايش السلمي، و محاربة التطرف و التمييز الحاط بالكرامة الانسانية. و كذلك يعد الاصلاح التشريعي جزءاً من مشروع التحول الديمقراطي، الاصلاح الإداري والاقتصادي و في تأطير مشروعات التنمية.
تأتي استراتيجية التشريع في اي دولة، من الفلسفة التي تقوم عليها الدولة ، ففي الدول الديمقراطية، يكون التشريع معبر عن ارادة الشعب، لان ممثلي الشعب في البرلمان هم الذين ينتجون هذه التشريعات بعد مراجعته و التأكد بأنه يلبي تطلعاتهم و ينسجم مع قيمهم و أهدافهم المستقبلية. و في الفقه القانوني الحديث، يأتي تعبير (السيادة للشعب) كأساس للديمقراطية، و تتلخص تلك السيادة في تقرير الشعب في مصيرة بصورة ديمقراطية، و هذا التعبير يتجسد من خلال التشريعات التي يصدرها الشعب. و بالتالي في العهود الديمقراطية يكون التشريع هو التعبير عن ارادة المجتمع في تنظيم علاقته بالدولة، او بين مكوناته كأفراد او مجموعات. والتشريع ليس عملية فنية محضة يقوم فيها الخبراء القانونيون بصياغته، بل هو تعبير عن ارادة سياسية تقود المجتمع وتعمل على تأطيره و تنظمه، و بالتالي فان اي حديث عن الاصلاح التشريعي ينعكس بالتالي على المجتمع و مؤسساتة العامة و الخاصة.
و مسألة الاصلاح التشريعي في الحالة السودانية تتطلب النظرة المتعمقة المؤسسة على الفهم استراتيجي، المتسقة مع المشروع الوطني الجديد. تأسست الان الحكومة المدنية الانتقالية في السودان، لتضطلع بمهام الفترة الانتقالية، و من ضمن ذلك إجراء عملية إصلاح تشريعي و مؤسسي متكاملة، كجزء من عملية التحول السياسي في السودان.
في كثير من أحوال الانتقال السياسي، لا سيما التي مرت بالسودان، نجد ان الاصلاحات التشريعية و المؤسسية كانت تعاني غياب النظرة الاستراتيجية ، و كانت العملية التشريعية تسير في مسارات معزولة عن أهداف الدولة الجديدة، وتنتهي في المطاف الأخير إلى مناقشة القوانين بصورة منفردة، لا يحكمها ناظم موضوعي واحد، و غياب النظرة الشاملة المبنية على وضوح النظر والرؤية وغياب الاستراتيجيات، وضعف الحوار الفعال بين أطراف العملية من سلطات تختص في العملية التشريعية أو قوى المجتمع المدني والأكاديمي وخلافهم وعلى صعيد التخطيط التشريعي.
ثانيا: إستراتيجية الاصلاح التشريعي
إن استراتيجية الاصلاح التشريعي في سودان ما بعد سقوط النظام الدكتاتوري، تتطلب، بادئ ذي بدء، أن تكون متسقة مع الرؤية الشاملة لعملية التحول الديمقراطي في السودان، و مستوعبة بصورة واضحة جداً للتغييرات المطلوبة، و بالتالي تعد إستراتيجية الاصلاح التشريعي هي مقدمة لاستدامة عملية التغيير و الشروع في وضع أحكام تنظم حالة التوافق الإجتماعي و السياسي. تعبر إستراتيجية الاصلاح التشريعي عن السياسة القانونية التي تريد السلطة الحاكمة الجديدة في السودان ان تضعها موضع التنفيذ بقصد إحداث التغييرات المرجوة على صعيد المؤسسات الرسمية و المجتمع.
تقوم إستراتيجية الاصلاح التشريعي على مجموعة من السياسيات و الأنشطة التي تتداخل فيها أدوار المؤسسات العامة المختصة بمسائل التخطيط الاستراتيجي، و التنسيق و التكامل بين أدوار الوكالات و المفوضيات ذات الصلة، و آليات المراقبة المتبادلة check and balance mechanisms .
فيما يلي تشرح هذه الورقة بعض الموجهات القانونية الهامة التي تساعد بناء إستراتيجية وطنية للاصلاحات التشريعية و المؤسسية، و فق ما يلي من تفصيل:
1- دور التحليل في صياغة الاستراتيجية:
التشريع هو من انسب الوسائل لإحداث التغيير في المجتمع، وتعد عملية التحليل العلمي للسياق العام، و تحديد الاطار الدستوري و السياسي و إعادة قراءة الوثائق الحاكمة لتلك الاصلاحات، مدخلاَ منهجياَ لحل المشكلات المتعلقة بوضع السياسات الجديدة للاصلاحات على كافة مستويات الدولة. بهدف تقديم نظرة أكثر وضوحا بالنسبة للسياسات الواجب اتخاذها والنتائج المحتملة لها. ان اعادة القراءة و التحليل للسياق العام الذي فيه يتم انتاج التشريعات، سيفيد السياسيين كثيرا في اتخاذ القرارات بشأن التشريعات، ومعرفة امكانية ان تعمل تلك التشريعات بفعالية و كفاءة وتحقق أهدافها على نحو أفضل.
إن متطلبات اعداد تشريعات جديدة أو مراجعتها أو تحديثها ينطوي على مسائل معقدة أو متجددة تفرضها ضرورات المواكبة للمستجدات أو تماشيا مع السياسات المستهدفة. و هذه المهمة تشمل تعقيداتها الامور المالية و التخصيصات في الميزانية لاستئجار كفاءات لاعمال التحليل و الصياغة. فيما يتصل بالجوانب المالية و تخصيصات الموازنة من المهم ان نعرف بان التشريعات و من خلال إنشائها لمؤسسات جديدة، و كفالتها للحقوق فانها تضع على عاتق وزارة المالية أعباء مالية متجددة، لذلك النظرة الشمولية و الوعي الشمولي باستراتيجية الدولة مهم جداً للمشتغلين بعملية الاصلاح التشريعي في الدول التي تمر بمرحلة إنتقالية. من شأن هذا التخطيط أنه يؤدي الى تفادي احتمال احباط المبادرات التشريعية بسبب افتقار الوزارة المعنية (الوزارة التي ستنفذ القانون) للأموال و الكفاءات اللازمة، لوضع تلك التشريعات موضع التنفيذ.
أن السودان يمر بتعقيدات و تحديات كبيرة، شخصتها العديد من الابحاث و الدراسات، و أيضا انتبه الدستور الانتقالي لنتائج تلك الدراسات و استخلص منها القضايا و الاولويات للمرحلة الانتقالية، الا انها تظل خطوط عامة تحتاج لاعادة قرأة للواقع من الزاوية التي يريدها التشريع المعني.
ان التجربة التاريخية في السودان، تشير الى انه يتم في العادة تقديم مقترحات التشريعات دون أن يسبقها إعطاء اعتبارا للسياسة او الاستراتيجية العامة التي ينبغي أن يستهدفها التشريع، وبالتالي فإن ذلك قد يؤدي إلى الاتيان بتشريعات تفتقر للاهداف، بمعني انها لا تتأسس على تحليل علمي و قراءة لاحتياجات وظروف المجتمع المحلي، وعدم مراعاة الانعكاسات المتوقعة للتشريع على المصالح العامة والخاصة او عدم قدرته على التعبير عن رؤيا الدولة السودانية و بالتالي لن يكون للتشريع اي أثر على الرفاه المجتمعي والتنمية وتطوير البنى المؤسسية الكفيلة بتحقيق أهداف الدولة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
2- إتساق الاصلاح التشريعي مع إستراتيجية التنمية:
لقد حددت الدولة السودانية ملامح أولوياتها في المرحلة الانتقالية، في الوثيقة الدستورية الانتقالية. و بالتالي أصبحت الوثيقة الدستورية هي الاطار الدستوري الذي يحكم استراتيجية الاصلاح التشريعي في الفترة الانتقالية، بالاضافة للمعايير الدولية الملزمة التي صارت تشكل الاطار العام للتشريعات الوطنية.
تكتسب عملية الاصلاح القانوني في السودان، خلال الفترة الانتقالية، كما هو الحال في معظم الدول الخارجة من نزاعات مسلحة او الدول النامية بشكل عام، اهمية خاصة. بجانب مبادئ كفالة حقوق الانسان، تحتل بعض الموضوعات المهمة قائمة أولويات الفترة الانتقالية، و كذلك في السودان، هناك أهداف واضحة تعمل استراتيجية الاصلاح التشريعي في السودان، على تحقيقها ضمن آليات أخرى، من بين تلك الاهداف:
- بناء السلام: من ضمن الاصلاحات التشريعية التي يتم إستهدافها في الفترات الانتقالية هو انشاء نظام العدالة الانتقالية وكتابة الدساتير والتشريعات، لمعالجة مصادر النزاع والظلم ، و كل ذلك يعد من الجوانب الأساسية لبناء السلام في الدول الهشة وما بعد الصراع.
- التنمية الاقتصادية: أحد المبررات التي تقوم عليها استراتيجيات الاصلاح التشريعي، كان ان الاصلاحات التشريعية لها تأثير مباشر في الاصلاح الاقتصادي و في التنمية الاقتصادية.
- إرساء الديمقراطية: الاصلاح التشريعي الذي يؤسس على سيادة حكم القانون يؤدي الى حماية حقوق الإنسان وتأسيس آليات مساءلة الحكومة كعملية لآزمة في الديمقراطية.
- الحد من الفقر: يعتبر الإصلاح التشريعي ضروريًا للحد من الفقر في سياق عملية التنمية المتكاملة التي تتأسس على سيادة حكم القانون . و يتأتي للفقراء في ظل دولة سيادة حكم القانون فرصة المطالبة بحقوقهم و السعي للانصاف بسهولة.
3- الاطار القيمي الذي يتاسس عليه الاصلاح التشريعي:
من الضروري أن تتأسس إستراتيجية الاصلاح التشريعي على رؤية موحدة و منظومة من القيم. و بحسب موجهات الدستور الانتقالي، فمن الواضح ان الدستور يعطي مؤشرات لتحديد الرؤية التي يسعى اليها الدستور بشان الاصلاح التشريعي و المؤسسي، و التي من الممكن ان نلخصها في: أن يكون لشعب السودان مؤسسات وطنية ديمقراطية شفافة ، محكومة بقوانين عادلة ومنصفة وفعالة ومتاحة للجميع على قدم المساواة لضمان السلام والحكم الرشيد والتنمية المستدامة.
و بالتالي من الواضح ان مهمة أي هيئة او مفوضية للاصلاح التشريعي في السودان ستتلخص في: مراجعة القوانين المطبقة و مشروعات القوانين، وتقديم توصيات بشأنها فيما يتعلق بإصلاح القوانين تمشياً مع القيم و المبادئ و الاحتياجات الخاصة بشعب السودان.
على المؤسسات التي ستضطلع بوضع السياسات الخاصة بالاصلاحات التشريعية و المؤسسية، أن تتمتع بكفاءات معينة و قيم جديدة، و بالتالي، من السهل في هذه الورقة أن نؤشر الكفاءة المؤسسية التي يجب ان تقوم عليها الهيئة او المفوضية التي ستضطلع بمهمة تنفيذ استراتيجية الاصلاح التشريعي، و من بينها: الاستقلالية، و النزاهة ، و المهنية، و الكفاءة .
4- الاطار الدستوري للاصلاح التشريعي:
تكتسب الاصلاحات التشريعية و المؤسسية في الفترة الانتقالية مرجعيتها من الدستور الانتقالي، و قد تساعد كذلك عدد من الوثائق الاخرى، في فهم و استيعاب الارادة السياسية في هذه الفترة، و بالتالي استخلاص موجهات الدولة في مرحلة التحول الديمقراطي.
فيما يلي بعض الاحكام الدستورية التي تؤطر عملية الاصلاح التشريعي في الفترة الانتقالية:
- المادة 39 – 4 –1 : تنشا مفوضية للاصلاح القانوني.
- المادة 8-5: الاصلاح القانوني و اعادة بناء و تطوير المنظومة الحقوقية و العدلية و ضمان استقلال القضاء و سيادة القانون.
- المادة 8 -11 : سن التشريعات المتعلقة بمهام المرحلة الانتقالية.
- المادة 8-2 : الغاء القوانين و النصوص المقيدة للحريات او التي تميز بين المواطنين على اساس النوع.
ثالثاً: تنظيم عمليات الاصلاح التشريعي
من الواضح ان الاصلاح التشريعي، هو عملية واسعة النطاق، و مستمرة باستمرار عملية اصدار التشريعات، و بالتالي تحتمل ان تكون مشروع واحد مؤطر زمانياً و موضوعياً، كما يحتمل ان يكون عملية مستمرة تكون فيها مؤسسات الاصلاح التشريعي بمثابة أجهزة رقابة على المشروعات.
بصورة مركزية، نص الدستور الانتقالي على أحكام خاصة بعمليات الاصلاح التشريعي، و جعلت مهمة الاصلاح التشريعي ضمن مهام مفوضية الاصلاح القانوني. إلا انه من الواضح أن مهمة الاصلاح التشريعي في الدستور الانتقالي، ليست مهمة حصرية لمؤسسة بعينها، بقدر ما هي مسالة تتشاركها العديد من الوكالات و المؤسسات. لا شك ان البرلمان له دور محور في مراحل انتاج التشريعات و إجازتها، و نفس الدور تلعبه الادارات و الوحدات المتخصصة داخل وزارة العدل، لا سيما ادارة التشريع و إدارة حقوق الانسان.
تلعب المفوضيات المتخصصة المنشئة بموجب المادة 39 من الدستور الانتقالي دور مهم جداً في أن تجعل تشريعاتها المنظمة لاختصاصاتها متسقة مع اهداف استراتيجية الاصلاح التشريعي. تقوم مفوضيات الدستور و المراة و حقوق الانسان، على سبيل المثال، تقوم بادوار متداخلة و متكاملة فيما يتصل مراقبة التشريعات و تقديم توصيات باصلاحها.
1- مفوضية الاصلاح القانوني:
في الفقه القانوني المعاصر، يتم استخدام العديد من المصطلحات التي تدل على إصلاح التشريعات و المؤسسات المتصلة بها، مثل مفوضية القانون Law Commission ، أو مفوضية اصلاح القوانين Law Reform Commission ، و مفوضية مراجعة القوانين Law Revision Commission .
في التجارب التي أعنيها، كانت تلك الهيئآت مستقلة تننشئها الحكومة لإجراء إصلاح قانوني ؛ وهذا يعني ، النظر في حالة القوانين السارية وتقديم توصيات أو مقترحات لإجراء تغييرات قانونية أو إعادة هيكلة المؤسسات. يفترض إنشاء مفوضية الاصلاح التشريعي ان بعض القوانين السارية لا تتمتع بالكفاءة التي تؤهلها لانجاز أهداف الدولة. و فكرة إنشاء مفوضية للاصلاح القانوني، منتشرة بشكل ملحوظ فهي كما كانت موجودة في الدول النامية مثل كينيا و بنغلاديش و موريشيوس، فهي كذلك موجودة في الدول المتقدمة كندا و بريطانيا و ايرلندا و نيوزلندا.
بدا واضحاً في الوثيقة الدستورية ان مسالة إنشاء مفوضية لاصلاح القوانين من الموضوعات المهمة، و من متطلبات المرحلة الانتقالية، فقد نصت المادة 39 – 4 – 1 نصت على ان تنشأ مفوضية للاصلاح القانوني، و يرشح لها شخصيات من الخبراء مشهود لهم بالكفاءة و النزاهة و تشكل و تحدد اختصاصاتها وفق القانون الذي تنشا بموجبه.
و حددت المادة 8-5 من الدستور الانتقالي، اختصاص مفوضية الاصلاح القانوني ب: الاصلاح القانوني و اعادة بناء و تطوير المنظومة الحقوقية و العدلية و ضمان استقلال القضاء و سيادة القانون.
و بالنظر لاهمية إصلاح القوانين في المرحلة الانتقالية في السودان، و دورها في ترسيخ قيم العدالة و المساواة، و تأسيس مجتمع السلام و التعايش السلمي و عدم التطرف العنيف، فانه من المهم إدراك إن منظومة القوانين السائدة كان قد تم تأسيسها إستناداً على أهداف الدولة في المرحلة الديكتاتورية، و التي كانت قائمة إستناداً على موجهات فكرية و قيمية مغايرة تماماً عن الموجهات الفكرية و القيمية التي تتأسس عليها أهداف الدولة الجديدة في السودان.
و بالتالي السياسات العامة الجديدة للدولة، و طريقة انتاجها، و القيم التي تتأسس عليها يجب ان تتغير بصورة عاجلة، حتى تكون مؤسسات الدولة و السياسات الصادرة منها تسير بصورة متسقة مع أهداف الدولة و القيم الجديدة التي تسعى الدولة الى تكريسها.
و بالتالي من الضرورة بمكان إخضاع التشريعات الوطنية الى عملية مراجعة و تقديم توصيات باعادة صياغتها بقصد ضمان تحقق ثلاث محاول كل واحد منها متصل بالاخر:
- أن كافة التشريعات الوطنية متسقة في أحكامها مع استراتيجية الاصلاح التشريعي.
- أن التشريعات الوطنية تعمل على تعزيز الاحكام و القيم و المبادئ التي أسسها الدستور الانتقالي.
- احترام الالتزامات التعاهدية للدولة السودانية فيما يتعلق بالصكوك الدولية لحقوق الانسان التي تشكل جزءًا من دستور جمهورية السودان بموجب الفصل 14 ، المادة 42 (2) من وثيقة الدستور الانتقالي.
2- اصلاح النظام العدلي:
إن اصلاح النظام العدلي في الفترة الانتقالية من الموضوعات الدقيقة و المعقدة، اذ خضع مبدأ سيادة حكم القانون، و الوصول للعدالة الى انتهاكات ممنهجة، و تعرضت مؤسسات العدالة لعملية تجريف منظمة كجزء من عملية (التمكين) التي طالت معظم مؤسسات الدولة.
نصت الوثيقة الدستورية على عدد من الاحكام التي من الواضح انها ستكون من ابرز سمات النظام العدلي في الفترة الانتقالية. لن نذهب كثيراً في مناقشة كل مؤسسة عدلية على حدة، بقدر ما سنعمل على تسليط الضوء على استراتيجية الاصلاح التشريعي الذي قد يتضمن انشاء مؤسسات و قوانين عدلية جديدة، مثلما قد يعمل على اصلاح ما هو قائم.
أ‌. العدالة الانتقالية:
- نصت المادة 8 -9 ، ضمن المهام الانتقالية ، على العمل على تسوية اوضاع المفصولين تعسفيا من الخدمة المدنية او العسكرية و السعي لجبر الضرر عنهم وفقا للقانون
- المادة 8-12 على: وضع برامج لاصلاح الدولة خلال الفترة الانتقالية بصورة تعكس استقلاليتها و قوميتها و عدالة توزيع الفرص فيها دون المساس بشروط الاهلية و الكفاءة ، على ان تسند مهمة اعمال اصلاح الاجهزة العسكرية للمؤسسات العسكرية وفق القانون
- المادة 8 – 15: تفكيك بنية التمكين لنظام الثلاثين من يونيو1989 و بناء دولة القانون و المؤسسات
- المادة 8 -16 تشكيل لجنة تحقيق وطنية مستقلة بدعم افريقي عند الاقتضاء وفق تقدير اللجنة الوطنية، لاجراء تحقيق شفاف و دقيق في الانتهاكات التي جرتفي الثالث من يونيو 2019، و الاحداث و الوقائع التي تمت فيها انتهاكات لحقوق و كرامة المواطنين، مدنيين او عسكريين، على ان تشكل اللجنة خلال شهر من تاريخ اعتماد تعيين رئيس الوزراء، و ان يشمل امر تشكيلها ضمانات استقلاليتها، و تمتعها بكافة الصلاحيات للتحقيق و تحديد المدى الزمني لاعمالها
- نصت المادة 68 الفقرة 7 على البدء في انفاذ اجراءات العدالة الانتقالية و المحاسبة على الجرائم ضد الانسانية و جرائم الحرب و تقديم المتهمين الي المحاكم الوطنية و الدولية اعمالا لمبدا عدم الافلات من العقاب.
وكذلك نصت الوثيقة على العديد من التدبير الخاصة بجبر الضرر، فقد نصت على ارجاع الممتلكات التي تمت مصادرتها من الاحزاب و المنظمات و الافراد. مثلما نصت على انشاء لجان تحقيق في الانتهاكات الجسيمة التي تمت على العديد من المستويات، و برنامج معالجة قضايا المفصولين من الخدمة العامة لاسباب سياسية، و تشمل كذلك معالجة قضايا النازحين و الشهداء و المفقودين و الجرحى و برامج الدمج و التاهيل. بجانب تلك التدابير الغير قضائية هناك المحاكمات الجنائية و المدنية.
ب‌- مجلس القضاء العالي:
الماد 39- 1 انشاء مجلس القضاء العالي ليحل محل المفوضية القومية للخدمة العسكرية و يتولى مهامها، و يحدد القانون تشكيله و اختصاصاته و سلطاته.
ج‌- المحكمة الدستورية:
نصت المادة 31 من الدستور الانتقالي على أن: تنشأ محكمة دستورية مستقلة و منفصلة عن السلطة القضائية و تختص برقابة دستورية القوانين و التدابير و حماية حقوق الانسان و الفصل في النزاعات الدستورية.
المادة 31 – 2 تشكل المحكمة الدستورية و تحدد اختصاصاتها وسلطاتها وفق القانون
المادة 21-1 يجوز لكل متضرر من اعمال مجلس السيادة و الوزراء ان يطعن فيها امام المحكمة الدستورية
و المحكمة الدستورية بحسب إختصاصاتها تتمتع بدور كبير للغاية في الحفاظ على الحريات و الحقوق، و في الحفاظ على توازن القوى بين السلطات الحاكمة، و يمنع طغيان السلطة التنفيذية على بقية السلطات، و بالتالي للمحكمة الدستورية دور كبير في استدامة الديمقراطية . لعبت المحاكم الدستورية في الديمقراطيات الحديثة دور فعال في تطوير النصوص القانونية و في الحفاظ على مبدأ الدستورية Constitutionalism ، و باستقراء التجارب الديمقراطية، تقوم المحكمة الدستورية بمراجعة القوانين و الاعمال المطعون في دستوريتها، و في ذلك تنتهج المحاكم أحد سبيلين، فتقوم المحكمة العليا في امريكا بابطال القانون المخالف للدستور، و بينما تقوم المحكمة الدستورية في ايطاليا، و المجلس الدستوري في فرنسا، باستعدال النص المخالفK و في الحالة الاخيرة يقوم القاضي الدستوري بالإصلاح التشريعي انما يهدف الى تقليل نطاق احكام عدم الدستورية وذلك من خلال أما معالجة الغموض والقصور التشريعي للنصوص القانونية وذلك باتباع اسلوب التفسير بالإضافة الى النصوص القانونية او معالجة القاعدة المخالفة للدستور والواردة في نص القانون المطعون بدستوريته من خلال اسلوب التفسير الاستبدالي والذي يهدف الى سحب القاعدة المخالفة وادراج قاعدة مطابقة للدستور.
هذه الاوضاع تكتسب نجاحها بدرجة التطور في النظام القضائي في البلد المعين، و مستوى تشبع القضاة بقيم الحقوق و الحريات و سيادة حكم القانون. دائما ما يخشى فقهاء القانون ان يؤدي إعادة تطبيق التجارب الناجحة المقتبسة من الفضاءات المتطورة، داخل النظام القانوني في الدول النامية إلى عدم إستيعاب البيئة القانونية السائدة، فالمثال المطبق في ايطاليا و فرنسا ، و الذي يتمتع فيه القضاء باستقلالية تامة بالاضافة للإرث المتراكم من الثقافة الحقوقية و التجارب السياسية، قد لا يصلح في الدول النامية التي لا يتمتع فيها القضاء بتلك الميزات، فبتالي قد يسئ القضاء استخدام السلطة التقديرية الممنوحة لهم.
د‌- النيابة العامة:
نصت المادتين 22 و 23 من الدستور الانتقالي على انشاء النيابة العامة كجهاز مستقل يعمل وفق القوانين المنظمة. و يرشح المجلس الاعلى للنيابة العامة النائب العام و مساعديه و يعينهم مجلس السيادة. و في هذه النصوص اقرار واضح بفصل النيابة العامة عن وزارة العدل.
3- إنشاء المفوضيات المستقلة:
جاءت أحكام المفوضيات المتخصصة كآلية لتفعيل التحول الديمقراطي في السودان، و تأطير نشاط السلطات بما يتفق مع الموجهات العامة للدولة الديمقراطية. إن حسن تنظيم و ادارة عمل تلك المفوضيات سيسهم بشكل ملحوظ في إنجاز مهام الفترة الانتقالية.
أ‌- آلية إنشاء المفوضيات:
نص الدستور الانتقالي على آليتين لانشاء المفوضيات المستقلة، و قد جاء نص المادة 39 من الوثيقة الدستورية بآلية انشاء المفوضيات:
- الفقرة الثانية: الكفاءة، و شملت التاهيل العلمي، عدم تولي مناصب دستورية ابان الدكتاتورية، و الحياد و النزاهة
- الفقرة الثالثة: حددت اربعة مفوضيات (السلام – الحدود – الدستور – الانتخابات) يعينها مجلس السيادة بالتشاور مع مجلس الوزراء
- الفقرة الرابعة: حددت ثمانية مفوضيات يتم تعيينها بواسطة مجلس الوزراء( الاصلاح القانوني – الفساد – حقوق الانسان – المراة – العدالة الانتقالية – الخدمة المدنية ..الخ)
ب‌- الاصلاح التشريعي الخاص بالمفوضيات:
من المهم الاشارة إلى أن المفوضيات في مجملها، ستقوم بدور أساسي في رسم خارطة الطريق للسلطة التنفيذية و بقية السلطات فيما يتصل بالموضوعات التي يغطيها إختصاص المفوضية المعنية، و من ضمن ذلك ضمان إتساق القوانين السائدة مع أهداف المفوضية المعنية. و حتى تؤدي تلك المفوضيات مهامها بالصورة التي تنسجم مع الاستراتيجية لابد ان تتأسس تلك المفوضيات على مبادئ و معايير تحترم حقوق الانسان و سيادة حكم القانون و اهداف التحول الديمقراطي. و لما كانت تلك المفوضيات المذكورة في المادة 39 من الدستور تقوم بإجمالها بكفالة حقوق الانسان، فأنها تعد بصورة من الصورة من مؤسسات حقوق الانسان في السودان، و عليها ان تلتزم بالمعايير الدولية الخاصة بذلك لا سيما مبادئ باريس الخاصة بإنشاء المؤؤسات الوطنية لحقوق الانسان التي اعتمدتها الامم المتحدة في قرار الجمعية العامة بالرقم 48/134 ، ديسمبر 1993، و التي من بينها الاستقلالية و تنوع تكوين عضويتها.
4- الاصلاحات التشريعية المتصلة بالفضاء السياسي و المدني:
ان أهم ملامح الديمقراطية، هو كفالة الحريات المتصلة بممارسة العملية السياسية مقرونة بحرية المجتمع في التعبير و التنظيم و التجمع ، او ما عرفه بحريات فضاء المجتمع المدني.
يتطلب تطوير الفضاء الديمقراطي، خلال الفترة الانتقالية، العديد من الاصلاحات التشريعية التي من شأنها تعزيز و استدامة الديمقراطية و السلام. تتاسس الحريات المدنية و السياسية التي يتحرك في نطاقها المجتمع (المنظمات المجتمعية و الاحزاب السياسية) على عدد مهم من الحقوق و الحريات الا و هي:
- حرية التنظيم (المادة58 )
- حرية التجمع السلمي (المادة 58)
- حرية التعبير (المادة 57)
و بالتالي اصبحت هذه الحريات الثلاثة مركزية في الدستور الانتقالي و لا غنى عن مراعاتها في كل القوانين.
في العديد من التجارب التشريعية في الدول النامية، لا تعير مسألة كفالة حريات الفضاء العام إهتمام كبير في مقابل الاهتمام بالمهددات الامنية التي تحيط بالدولة. و بالتالي أصبح من المؤشر، أن هناك توتراً لا يمكن إنكاره بين موضوعات (الأمن القومي) و(حرية التنظيم و التجمع السلمي و حرية التعبير والمعلومات). بمراجعة دقيقة لتاريخ الشعوب التي تسير نحو تجاوز مرحلة التخلف التنموي، من الممكن التقرير بكل ثقة أن المصالح المشروعة للأمن القومي تتمتع ، في الممارسة العملية ، بحماية أفضل عندما تكون الصحافة والجمهور قادرين على التدقيق في قرارات الحكومة أكثر من تلك الحكومات التي تفرض قيودا على المعلومات و تقيد حرية الاشخاص في التنظيم و التجمع و التعبير. تعد حرية التعبير والوصول إلى المعلومات ، من خلال تمكين الجمهور من التدقيق في الإجراءات الحكومية ، بمثابة ضمانات ضد إساءة استخدام الحكومة وبالتالي تشكل مكونًا مهمًا للأمن القومي الحقيقي. أنظر مبادئ جوهانسبيرج بخصوص الامن الوطني و حرية التعبير و حرية الوصول للمعلومات.
المادة 39 من الوثيقة الدستورية نصت على انشاء مفوضية حقوق الانسان بواسطة مجلس الوزراء. من مهام المفوضية ان تجعل احكام الفصل الرابع عشر (وثيقة الحقوق و الحريات) قابلة للتنفيذ بعمل القوانين و الدفع باتجاه المصادقة على المعاهدات و برصد و متابعة و تقديم التوصيات المتعلقة بالحقوق و الحريات (بحسب المادة 67).
إستناداً على المادتين 57 و 58 و 59 من الدستور الانتقالي (حرية التنظيم و التجمع السلمي و حرية التعبير)، سسيكون من المهم العمل على إجراء إصلاحات موضوعية و هيكلية للقوانين الخاصة بتنظيم الممارسة السياسية على رأس تلك الاصلاحات التشريعية يأتي قانون الاحزاب السياسية لسنة 2007. و كذلك من أولويات الاصلاحات الخاصة بهذا الجانب، القوانين المنظمة لحريات الفضاء المدني civic space و التي عليها ان تنظم موضوعات العمل الطوعي الانساني، و العمل الخيري و التعاوني، و التدريب و التوعية و التأهيل، مراكز العمل الاعلامي و الصحفي، فضاء الانترنت.
5- الاصلاحات التشريعية المتصلة ببناء السلام
بجانب الدور الكبير الذي تقوم به بقية المفوضيات في الاصلاح التشريعي و في التعجيل بالتحول السلمي الديمقراطي و كفالة حقوق الانسان ، نص الدستور الانتقالي على تكوين مفوضية السلام بواسطة مجلس السيادة بالتشاور مع مجلس الوزراء.
إلا أن الاصلاحات التشريعية المتصلة ببناء السلام في السودان، هي من أكثر الاصلاحات إلحاحا، و بجانب ذلك فانها ليست اصلاحات متصلة فقط بتكوين مفوضية للسلام، بل هي متصلة بنسق عام و شامل من الاصلاحات التي تشمل ان لم تكن كل التشريعات، فانها تشمل اغلب التشريعات السائدة. تقوم العدالة الانتقالية بدور كبير في تعزيز السلام و استدامته في المجتمعات الانتقالية، فبجانب ما تم ذكره بخصوص العدالة الانتقالية، حين تحدثنا عن اصلاح النظام العدلي، ما يلي بعض الاصلاحات التي نصت عليها الوثيقة الدستورية بمزيد من التركيز بقصد استدامة السلام في الفترة الانتقالية:
أ‌- اوضاع المراة:
في سياق بناء السلام، نص الفصل الخامس عشر (قضايا السلام الشامل) في المادة 68 من الوثيقة الدستورية على تطبيق قرار الامم المتحدة 1325و قرارات الاتحاد الافريقي ذات الصلة بمشاركة المرأة في عملية السلام.
هذا الجانب على صلة بمفوضية المراة و كذلك بحقوق المراة كما نصت عليها وثيقة الحقوق و الحريات.
ب‌- العفو العام:
نصت المادة 68-6 من الوثيقة الدستورية على الحق في اصدار العفو العام الصادر ضد القيادات السياسية و العسكرية في الحركات المسلحة.
خاتمة:
كانت هذه الورقة محاولة لتأطير استراتيجية الاصلاح التشريعي في السوداني، و وضعها في سياق التخطيط الاستراتيجي لتعزيز و استدامة السلام و الديمقراطية و بناء التنمية الشاملة خلال الفترة الانتقالية. إن الاصلاح التشريعي مسالة مفتاحية في عملية التحول السلمي و تحتل أحد أهم أولويات المرحلة الانتقالية، لذا فان العناية بها أمر لآزم و ضروري. أهم ما يجب ان تتسم به ااستراتيجية الاصلاح التشريعي، هو إلتزامها بأهداف الدولة في المرحلة الجديدة و بصورة علمية و موضوعية.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.