أشرنا سابقا، الي أن قيام الانتخابات في هذه الظروف وبالتجاوزات التي حدثت، وبدون تهيئة المناخ المناسب لها، سوف تقود الي تعقيد الأزمة، وفصل الجنوب، وربما دارفور والشرق..الخ، وقد احس الكثيرون بعمق الأزمة علي سبيل المثال: مطالبة مرشحي الرئاسة تأجيل الانتخابات حتي نوفمبر 2010م، وتصريح سلفاكير : بأنه لايمانع من تأجيل الانتخابات، اذا وافقت القوي السياسية علي ذلك (الصحافة: 2/3/2010م)، وتصريح محمد عثمان الميرغني بمقاطعة الانتخابات في حالة التأكد من عدم نزاهتها، والاقتراح الاريتري والمصري بتأجيل الانتخابات والاستفتاء، وتهيئة المناخ المناسب، بما ينزع فتيل الأزمة ويدفع في اتجاه وحدة البلاد. والقوي المعارضة عندما تطرح تأجيل الانتخابات، لايعني ذلك انها غير جاهزة لخوضها أو تريد ان تتهرب منها كما يصور قادة المؤتمر الوطني، فهي جاهزة لاسقاطه، وفتح الطريق للتحول الديمقراطي، ولكنها تري ضرورة ان تكون مطلوبات الانتخابات متوفرة، وان تكون شاملة في كل البلاد، لأن قيام الانتخابات الجزيئة والمشوهة ، في ظروف خارجة فيها البلاد من حروب أهلية، لاتلبث الا ان تعيد انتاج الأزمة والعودة لمربع الحرب مرة أخري. وهناك قضية دارفور الجارية المساعي لحلها، والتي تتطلب الحل الشامل والعادل باشتراك كل الحركات والقوي السياسية ومنظمات المجتمع المدني في المنطقة، وتحقيق مطالب الحركات: في الاقليم الواحد بحدود 1956م، والعدالة وضرورة تسليم المطلوبين للعدالة، والتقسيم العادل للثروة والسلطة، وعودة النازحين الي قراهم، ونزع سلاح الجنجويد ، ونزع الالغام التي تقف حجر عثرة في النشاط الزراعي والرعوي، والتنمية وتوفير احتياجات الاقليم الأساسية. وعليه يجب التجاوب مع مطالب أهل دارفور في تأجيل الانتخابات، وتوفير المناخ الملائم لانخراط الاقليم في العملية الانتخابية السلمية والديمقراطية. واذا تم تأجيل الانتخابات جزئيا في ولاية جنوب كردفان، فان هذا يعني اعترافا ضمنيا بأنه توجد خروقات في العملية الانتخابية من احصاء سكاني وغيرها، وهذا ينطبق علي بقية أقاليم السودان، فلماذا المكابرة من المؤتمر الوطني واصراره علي عقد الانتخابات في مواعيدها؟، علما بأن ذلك يدخل البلاد في انتخابات مشوهة وجزئية تعيد انتاج الأزمة بشكل أعمق. هذا اضافة لرد المفوضية القومية علي مذكرة القوي السياسية الأخيرة والذي ايضا يصب في تعميق وتفاقم الأزمة، رغم ان مذكرة القوي السياسية محددة وواضحة، وبها توثيق جيّد للخروقات التي تمت مثل: تسجيل القوات النظامية في مكان العمل، رغم ان قانون الانتخابات ينص علي التسجيل في أماكن السكن، وتقليص فترة سحب الترشيحات، والمنشور الذي يقيد النشاط الدعائي للاحزاب المعارضة، وكان رد المفوضية غير مقنع، ويقدح في شفافية ونزاهة المفوضية، والتي فقدت ثقة الأحزاب السياسية، وهذا يشكل أزمة كبيرة، لابد من معالجتها بتكوين مفوضية جديدة مستقلة ومحايدة حقا وباشتراك القوي السياسية، حتي نضمن نزاهة الانتخابات، وهذا يؤكد ويدعم الدعوة لتاجيل الانتخابات. وهناك رأي الحركة الشعبية برفض تاجيل الانتخابات اذا كان ذلك يؤدي الي تأجيل الاستفتاء، وأن الاستفتاء أهم من الانتخابات، نقول في الرد علي هذا الرأي: ان الانتخابات الحرة النزيهة ، والتي ينتج عنها نظام حكم ديمقراطي يفتح الطريق لدولة المواطنة ومقبول، تشكل شرطا مهما لنجاح عملية الاستفتاء والتي تتطلب الديمقراطية الواسعة وحرية الارادة والتراضي، وحتي يكون الاستفتاء لصالح وحدة السودان كما جاء في الاتفاقية، كما ان عملية التاجيل ايضا تساعد في استكمال تنفيذ اتفاقية نيفاشا المطلوبة لعملية الاستفتاء مثل: ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب، وترسيم حدود ابيي، وتشكيل مفوضية الاستفتاء بشكل مقبول..الخ، فكيف ستتم عملية الاستفتاء بدون ذلك؟. هذا اضافة لتحقيق مطلوبات الانتخابات الأخري التي تتمثل في الغاء قانون الأمن ومنشور المفوضية حتي لو كان غير ملزم، فما جدوي اصدار منشور غير ملزم؟!!، واعادة النظر في الاحصاء السكاني والسجل الانتخابي وفرص متساوية في أجهزة الاعلام. علي ان تحقيق تلك المطالب لن يتم بدون ضغط جماهيري تقوم به قوي المعارضة ( ندوات، ومذكرات مع مسيرات....)، فالضغط الجماهيري هو السبيل لتهيئة المناخ المناسب لنجاح الانتخابات وتحقيق وحدة البلاد، وقيام نظام حكم جديد منتخب يفتح الباب لتفكيك الشمولية والتحول الديمقراطي، وتحسين احوال الناس المعيشية والحل الشامل والعادل لقضية دارفور وبقية أقاليم السودان. alsir osman [[email protected]]