* النفسية السعودية مرتبكة، هذه الأيام، و ينطبق عليها المثل السوداني: (كتلوك و لا جوك.. جوك!).. مرتبكة رغم تخفيض تصعيد مؤشرات قيام حرب شاملة بين أمريكا و إيران حالياً.. * ترامب، الصديق الجاهل، وضعها في فوهة البركان حين أخطأ الحسابات باغتيال الجنرال الايراني قاسم سليماني، في رهان على التظاهرات التي اجتاحت إيران لإسقاط النظام الحاكم قبل أسابيع.. * اغتيال سليماني لم يزِد الاحتجاجات ضد النظام اشتعالاً، كما توقع ترامب و من لف لفه من سعوديين و إسرائيليين و آخرين.. لكنه رفع أسهم شعبية النظام ارتفاعاً لم تشهد له إيران مثيلاً، كما ارتفعت درجة غليان غبينة الشعب الإيراني درجة الغليان و المناداة بالموت لأمريكا.. و صارت شوارع مدن الخليج أقرب إلى حقول ألغام أجبرت الادارة الأمركية على تحذير رعاياها من السير فيها.. * و لما كانت المناداة بالموت لأمريكا بمثابة المناداة لإعدام السعودية، فقد حمل الصدى الرسالة إليها عبر الخليج العربي، فارتعشت.. و بدأت دفاعها السلبي بتبرير أن واشنطن لم تشاورها في أمر اغتيال قاسم سليماني، رغم أن ترامب شكرها لترحيبها باغتياله. * و هرول الأمير خالد بن سلمان، نائب وزير الخارجية، إلى واشنطن لحث ترامب على عدم التصعيد خوفاً من يد إيران الطويلة و الغول الحوثي المتربص بها في جنوبها.. و المؤرق منامها في باب المندب و البحر الأحمر.. * هذا ما دفع السعودية للتسارع، في يوم الاثنين 6 يناير الجاري، إلى تشكيل تحالف يضم 8 دول مطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، من ضمنها السودان، باسم (مجلس الدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن).. و تم اختيار الرياض لتكون مقرا للمجلس.. * و كانت السعودية قد إقترحت إنشاء تجمع لدول البحر الأحمر والقرن الإفريقي عقب ضربات الحوثيين لها في ديسمبر 2018، مباشرةً.. و تم اتفاق وزراء خارجية الدول الثماني على إنشاء المجلس في اجتماعهم المنعقد بمدينة الرياض في ذلك التاريخ... و هو تاريخ سابق لتاريخ سقوط نظام (الإنقاذ).. * يتضح جلياً أن الخوف من اسقاطات اغتيال قاسم سليماني كان دافع السعودية للإسراع بالدعوة لتوقيع على الميثاق بعد مرور عام من الاتفاق عليه.. * تم اتفاق ديسمبر 2018، لإنشاء المجلس في غياب الشفافية عن الشعب السوداني.. و تم التوقيع على ميثاق التأسيس في يناير 2020.. في غياب الشفافية عن الشعب السوداني كذلك.. * و الشعب سمع بالميثاق و لا يدري أي شيئ عن تفاصيله.. و لا علم لديه عما إذا تضمنت الوثيقة إنشاء قوة عسكرية باسم التحالف الجديد أم لا.. * لكن المسُتشَف من تصريحات وزير الخارجية السعودي أن وجود قوات عسكرية لا بد من أن يكون أهم بند من بنود الميثاق.. حيث ذكر الوزير:- "أن دول المنطقة تمر (بمرحلة حساسة)..... و ضرورة رفع مستوى التنسيق والتعاون..... و قادة دول التحالف اتفقوا على تأسيس المجلس (استشعارا منهم للخطر)الذي يواجههم.. و المجلس يهدف للتنسيق والتشاور بشأن الممر المائي الحيوي، في ظل تحديات متزايدة في المنطقة في إطار حفظ الأمن والاستقرار، و(مواجهة الأخطار المحدقة)... " * كما تكلم الوزير السعودي عن التطورات المتسارعة التي تشهدها الساحة الإقليمية لا سيما (التوترات المتصاعدة على المشهد الليبي) في ضوء الخطوة الأخيرة المتعلقة بالتفويض الذي منحه البرلمان التركي لإرسال قوات تركية إلى ليبيا!" * و قال إن المجلس سوف يكون منظومة عمل مشتركة وسيكون له أمانة واجتماعات وقمة.. و قريباً سوف يدعو الملك سلمان بن عبد العزيز إلى قمة لقادة دول التحالف.. * إننا لا ندري أي شيئ عن هذا التحالف الجديد... و لا عن تفاصيل ميثاق تأسيسه.. و أخشى ما أخشاه أن تكون الحكومة الانتقالية مثلنا لا تدري كثير شيئ عن التفاصيل.. لأنها لم تكن موجودة في ديسمبر 2018 عندما اتفق النظام البائد مع الآخرين على إنشاء المجلس.. * و هكذا، لا يزال النظام (المنحل) يجرجرنا إلى مهاوي جديدة كما جرجرنا، في السابق، إلى ما يسمى التحالف العربي في اليمن، و لا تزال دماء أبنائنا تسيل هناك.. * و (طلاسم) إيليا أبوماضي تطارد الشعب في حِلِّه و ترحالِه في صحبة الحيرة: " هَل أَنا قائِدُ نَفسِي في حَياتي أَم مَقُود أَتَمَنّى أَنَّني أَدري وَلَكِن لَستُ أَدري! وَطَريقي ما طَريقي أَطَويلٌ أَم قَصير هَل أَنا أَصعَدُ أَم أَهبِطُ فيه وَأَغور أَأَنا السائِرُ في الدَربِ أَمِ الدَربُ يَسير أَم كِلانا واقِفٌ وَالدَهرُ يَجري؟ لَستُ أَدري؟ * لستُ أدري، و لكني أدري أن لا ناقة لنا و لا جمل في الأسباب الدافعة لإنشاء الميثاق.. فالناقةُ ناقةٌ سعوديةٌ صرفة.. و الجملُ جملٌ سعوديٌّ صرفٌ.. و نحن الجوكية! عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.