ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك        أقرع: مزايدات و"مطاعنات" ذكورية من نساء    بالصور.. اجتماع الفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة و عضو مجلس السيادة بقيادات القوة المشتركة    وزير خارجية السودان الأسبق: علي ماذا يتفاوض الجيش والدعم السريع    محلية حلفا توكد على زيادة الايرادات لتقديم خدمات جيدة    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    شاهد بالفيديو.. لاعبون سودانيون بقطر يغنون للفنانة هدى عربي داخل الملعب ونجم نجوم بحري يستعرض مهاراته الكروية على أنغام أغنيتها الشهيرة (الحب هدأ)    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    الدردري: السودان بلدٌ مهمٌ جداً في المنطقة العربية وجزءٌ أساسيٌّ من الأمن الغذائي وسنبقى إلى جانبه    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    سوداني أضرم النار بمسلمين في بريطانيا يحتجز لأجل غير مسمى بمستشفى    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    مدير المستشفيات بسنار يقف على ترتيبات فتح مركز غسيل الكلى بالدندر    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    مناوي ووالي البحر الأحمر .. تقديم الخدمات لأهل دارفور الموجودين بالولاية    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثورة ديسمبر 2018والتحديات الإقتصادية الآنية الضاغطة .. بقلم : سعيد أبو كمبال
نشر في سودانيل يوم 27 - 02 - 2020

ثار الشعب السودانى فى 18 ديسمبر 2018 من أجل الحرية والعدل والمساواة والحياة الكريمة وبارك الله الكريم سعيه بإنحياز القوات المسلحة وخاصة قوات الدعم السريع وقوات الشرطة بخلع نظام حكم الإنقاذ فى 12أبريل 2019.ويعرف القاصى والدانى أن حكومة الفترة الإنتقالية قد ورثت إقتصاداً منهاراً إنهياراً كاملاً.تصدع شبه كامل للبنيات التحتية وخاصة الطرق .و إرتفاع متواصل لأسعار السلع والخدمات بأسعار عالية. وبطالة وسط الشباب وخاصة فى المدن.و ضآلة إيرادات الحكومة. وعجز دائم فى موازنة الحكومة المركزية . ونقص حاد فى العقول والأيدى الماهرة المطلوبة لتسيير دولاب الدولة والقطاع الخاص.و إنخفاض معدلات النمو.وعجز متواصل فى الميزان التجارى (الصادرات السلعية ناقصاً الواردات السلعية).و نزيف تهريب السلع المدعومة.وكل هذه تحديات تتطلب المواجهة بعزم وقوة من كل السودانيين الحريصين على مكتسبات الثورة ويرغبون فى بقائها.ولكن بعض تلك التحديات صارت ضاغطة وتهدد وجود وإستمرار نظام الحكم الذى جاءت به ثورة ديسمبر2018.وفى مقدمة تلك التحديات الآنية الضاغطة أولاً صفوف الرغيف والبنزين والجازولين والغاز وثانياً العجز الكبير فى موازنة العام 2020وثالثاً إرتفاع الأسعار المستمر بمعدلات عالية ورابعاً الإنهيار المتواصل لسعر تبادل الجنيه السودانى وخامساً تراجع الإنتاج وسادساً العجز الكبير فى الميزان التجارى وسابعاً البطالة وسط الشباب وخاصة فى المدن.
تفريق (فرتقة) الصفوف وإيقاف إهدار الوقت والموارد:
عانى السودان طيلة السنوات الماضية من ظهور صفوف الرغيف والبنزين والجازولين أو السلع المدعومة من الخزينة العامة وتباع بأسعار تقل كثيراً عن الأسعار التى كانت ستباع بها بدون الدعم وذلك لسبب بدهى هو إنخفاض أسعارها الذى يشجع الٍاسراف فى الإستهلاك بدل الترشيد ويشجع التحول من إستهلاك السلع غير المدعومة إلى إستهلاك السلع المدعومة ويشجع تهريب تلك السلع إلى الدول المجاورة.وقد أدى ذلك إلى إرتفاع كبير فى الكميات المستهلكة عاماً بعد عام .وصارت تلك السلع عبئاً ثقيلاً على الموازنة العامة وعلى ميزان المدفوعات وعلى أجهزة الدولة التى تهدر الوقت والمال فى محاولة توفير تلك السلع والتحكم فى توزيعها ومحاولة منع تهريبها وكان لذلك إفرازات جانبية سالبة جداً هى خلق بيئة نتنة للفساد.وتؤدى الصفوف إلى إثارة هلع المستهلكين وإهدار وقتهم وصرفهم عن القيام بأنشطتهم الإنتاجية وشواغلهم الأخرى.ولذلك نعتقد إنه يجب ونكرر يجب أن نتفق على سياسات وإجراءات عملية وعادلة وتحترم آدمية المواطن السودانى لتفريق تلك الصفوف.ونعتقد أن الإجراء الأنجع لتفريق الصفوف هو الوفرة ونكرر الوفرة التى نتوقع أن تتحقق بخروج الحكومة الكامل من إنتاج وإستيراد وتوزيع تلك السلع وترك تلك الأنشطة للقطاع الخاص لأنه يملك الدوافع أو الحوافز القوية ويملك الموارد البشرية والمالية ويستطيع تدبيرها ويملك المرونة والسرعة فى التصرف؛ على أن تقوم الحكومة بالرقابة التى تتطلبها حماية المستهلكين مثل محاربة الإحتكار وشبه الإحتكار ومحاربة الغش والإحتيال الخ.وهذا القرار لا يتحمل التأجيل.
عجز الموازنة:
الموازنة أو الميزانية هى الخطة المالية للدولة لمدة زمنية محددة غالباً ما تكون عاماً واحداً مثل ما نعمل به فى السودان وفى أغلبية الدول الأخرى.وتحتوى تلك الخطة السنوية على توقعات ونكرر توقعات حول إيرادات الحكومة خلال العام من حيث مصادرها وحجمها ؛ وتوزيع الإيرادات المتوقعة على أوجه صرف محددة ترمى إلى السير فى إتجاه الوصول إلى مقاصد إدارة الدولة .وتقول أرقام موازنة العام 2020 أن إجمالى إيرادات الحكومة القومية يتوقع أن تصل إلى (568) مليار جنيه سودانى (بالجديد)منها (412)مليار جنيه إيرادات ذاتية أو (72.5)%.ويتوقع الحصول على منح مقدارها (156)مليار جنيه أو (27.5)% من إجمالى الإيرادات. ويتوقع أن يكون إجمالى الإنفاق (642)مليار جنيه سودانى منها (584)إنفاق جارى . ويشمل الإنفاق الجارى مبلغ (252) مليارجنيه أو(43.15)%مبلغ مرصود لدعم إستهلاك القمح والمحروقات والكهرباء .ويلاحظ القارئ الكريم أن الإنفاق الجارى أكبر من إجمالى الإيرادات.ويعنى هذا أنه حتى فى حالة الحصول على المنح المتوقعة لن يتبق من إجمالى الإيرادات فائض ليصرف على التنمية وإزالة خوانق الإنتاج وعلى رأسها النقل والكهرباء والأيدى الماهرة والتمويل أوفائض يصرف لخلق فرص تعليم لأكثر من ثلاثة ونصف مليون طفل وطفلة لا يجدون أماكن للدراسة فى مرحلة الأساس . وسوف تلجأ الحكومة إلى طباعة وإصدار العملة لتغطية العجز ؛(74) مليار جنيه. و سوف يؤدى ذلك إلى زيادة نار الأسعار إشتعالاً والقضاء على القليل المتبقى من قيمة الجنيه السودانى الشرائية وإنهيار سعر صرفه أكثر وأكثر.وهذا بالضبط ما كانت تفعله حكومات الإنقاذ .ولذلك نعتقد أن الإجراء العاجل والمنطقى والعادل والرشيد لأزالة عجز موازنة 2020 هوتخفيض إلإنفاق الجارى بمقدار مبلغ دعم الإستهلاك ؛(252)مليار جنيه.لان دعم إستهلاك الرغيف والبنزين والجازولين والكهرباء المعمول به فى عهد الإنقاذ ومستمر حتى اليوم لا يستند على منطق دينى أو أخلاقى أو إقتصادى مقبول.لأن الدعم يدفع من المال العام الذى يملكه كل السودانيين فى الريف و الحضر، الأغنياء والفقرأء .وإذا كان هناك شخص فى مدينة الجنينة يعتمد فى أكله اليومى على العصيدة المصنوعة من الدخن او الذرة وشخص آخر يسكن الخرطوم ويعتمد فى أكله اليومى على الرغيف لا يوجد مبرر دينى أو أخلاقى أو إقتصادى لصرف المال العام لدعم إستهلاك ساكن الخرطوم الذى يستهلك الرغيف على حساب ساكن مدينة الجنينة الذى يستهلك الدخن والذرة.وينطبق نفس الشئ على دعم الوقود الذى يستفيد منه من يملكون سيارات خاصة ويستهلكون الكهرباء.ولهذا فإن دعم الإستهلاك المعمول به اليوم فى السودان فساد صريح وظلم وضلال لأنه أولاً رشوة سياسية مكشوفة القصد منها إسترضاء سكان المدن وخاصة سكان العاصمة أصحاب العضلات لكى ينعم الحكام بالجلوس المريح على الكراسى. والدعم ظلم صريح. لان الذى لا يستهلك السلعة أو الخدمة المدعومة لا يستفيد من الدعم. واليوم تباع قطعة الرغيف زنة (40) جرام بجنيه واحد فى الخرطوم وتباع بثلاثة جنيهات وأكثر خارج مدن العاصمة الثلاث.والذين يستهلكون يتفاوتون فى الفائدة لأن ألذى يستهلك كمية كبيرة أو أكبر من الشخص الآخر يستفيد أكثر من الدعم.وفى سودان اليوم يستفيد من دعم الرغيف سكان المدن وخاصة الذين يملكون المال لإستهلاك كميات كبيرة وهم مياسير الحال؛ الأغنياء وأفراد الطبقة الوسطى.والذى يستفيد أكبر من دعم البنزين والجازولين هم الذين يملكون سيارات خاصة ويستهلكون الكهرباء ويستخدمون المكيفات. والطبقة الستفيدة فائدة كبيرة من الدعم تشكل نسبة ضئيلة جداً من مجموع سكان السودان ( قد لا تزيد عن 10%) .وهؤلاء هم الذين يستفيدون من المليارات المذكورة أعلاه ويحرم الفقراء من التعليم المجانى والعلاج المجانى وفرص العمل المنتج ويكتوون بنار الغلاء عندما تضطر الحكومة إلى طباعة وإصدار الجنيهات السودانية لتغطية عجز الموازنة . والدعم ضلال وغى فظيع لانه يشجع الزيادة وربما الإسراف والإفراط فى إستهلاك السلعة المدعومة بدل ترشيد الإستهلاك .ويشجع التحول من إستهلاك السلع غير المدعومة مثل الدخن والذرة إلى إستهلاك السلعة المدعومة. و يشجع تهريب السلع المدعومة إلى الدول المجاورة .وقد تشكلت فى السودان مافيا متجذرة من المهربين ، والمسؤولين الحكوميين الذين وبإسم المصلحة العامة أو الرحمة بالمستضعفين يصنعون ويضعون السياسات والإجراءات التى تخلق المناخ المواتى للتهريب وتشجعه وتحمى من يقومن بالتهريب.
والدعم إهدار للمال العام يصعب على أى شخص راشد تصديقه. مثلاً فى العام 2016كان الصرف على التنمية (6.5)مليار جنيه سودانى وكان الدعم فى نفس العام (9)مليار جنيه.وفى العام 2017 التنمية (5)مليار جنيه فقط والدعم (13) مليار جنيه وفى العام 2018 كان الصرف على التنمية (7)مليار جنيه فقط والدعم (64)مليار جنيه.وحسب أرقام موازنة 2020 كان الدعم (189)مليار جنيه فى 2019 والصرف على التنمية (5.7)مليارفقط.ويتوقع أن يكون الصرف على التنمية فى 2020 مبلغ (58)مليار جنيه والدعم (252)مليار جنيه أى يساوى الدعم (4.34)أضعاف الصرف على التنمية. وبلادنا تعانى من إنهيار شبه كامل للبنيات التحتية وخوانق تكتم أنفاس المنتجين.
وقد قلنا أعلاه أن إجمالى إيرادات الحكومة القومية المتوقعة فى العام 2020 تساوى (568)مليار جنيه سوف تنفق كلها فى الإنفاق الجارى الذى يبلغ (584)مليار جنيه، تتضمن (252)مليار جنيه سوف تصرف على دعم الإستهلاك .ولكن فى حالة التخلى عن دعم الإستهلاك سوف ينخفض الإنفاق الجارى بمقدار الدعم ويصير (584 ناقصاً252) مليار جنيه أو يصير(332)مليار جنيه. وبذلك يتحقق فائض جارى مقداره (236)مليار جنيه أو(إجمالى إيرادات 568 ناقصاً إنفاق جارى 332).وسوف يؤدى ذلك إلى:
أولاً زوال عجز الإنفاق على التشغيل أو الصرف الجارى وإنتفاء الحاجة للإقتراض أو طباعة وإصدار جنيهات سودانية لتمويله وسوف يساعد ذلك فى قهر التضخم
وثانياً سوف يكون كل الفائض الجارى أو(236)مليار جنيه متاحاً للصرف على التنمية.
وثالثاً يجوز للحكومة الإكتفاء بالمبلغ المذكور أعلاه وعدم اللجوء إلى إصدار أوراق مالية مثل شهامة لزيادة الإيرادت ومزاحمة القطاع الخاص على أموال المصارف.
ورابعاً سوف يرسل تحويل الأموال التى تصرف فى دعم الإستهلاك ؛ تحويلها إلى الصرف على التنمية ، سوف يرسل رسالة قوية إلى من نعشم فى مساعدتهم إننا جديرون بالمساعدة لأننا نتصرف بعدل ومسؤولية ورشد.
ولن يكون التخلى عن الدعم الحالى لإستهلاك الرغيف والمحروقات والكهرباء هو الإجراء الوحيد المطلوب لإزالة عجز الموازنة بل يجب أن تصاحبه مراجعة كاملة لكل بنود الإنفاق الجارى وإجتهاد فى زيادة الإيرادات بتوسيع المظلة الضريبية لتشمل كل سودانى وسودانية؛ شخصاً طبيعياً أو قانونياً؛ يحصل على دخل من مصدر مشروع سواء كان ذلك الدخل من العمل لحسابه أو أجراً مقابل العمل لدى شخص آخر أو ربحاً تجارياً أو من تأجير أصل مالى (عقار)أو من منح تمويل أو قرض إلى شخص آخر الخ .وأن تكون المبادرة بالتسجيل لدى سلطات الضرائب ،وتقديم إقرار دخل سنوى، ودفع الضريبة، مسؤولية قانونية على كل سودانى وسودانية.وأن توقع عقوبة صارمة على من يتهرب من القيام بتلك المسؤولية.ومساءلة ومحاسبة الجهات الحكومية المختصة بإنفاذ القانون على التراخى والقصور والفساد فى تطبيق القانون.
إيقاف أو قهر subduing التضخم:
قلنا أعلاه أن من أهم مظاهر الإنهيار الإقصادى فى السودان إرتفاع معدلات التضخم .و يعنى التضخم الإرتفاع المتواصل فى أسعار أغلبية السلع والخدمات بمعدلات تزيد عن (5)% فى العام لواحد من سببين رئيسيين أو لكليها فى نفس الوقت.والسبب الأول هو إرتفاع تكاليف إنتاج أغلبية السلع والخدمات cost- push والسبب الثانى هو إرتفاع الطلب الكلى على أغلبية السلع والخدمات بنسب أكبر من نسب زيادة كميات السلع والخدمات المعروضة للبيع demand-pull.والسبب الأكثر قبولاً اليوم وخاصة بالنسبة للتضخم الجامح مثل ما حدث لنا فى السودان هو السبب الثانىdemand-pull . وقد صارت مقولة Milton Friedman ركيزة أساسية للسياسة الإقتصادية والنقودية فى كل الدنيا ماعدا فى السودان الذى يعيش خارج التاريخ.
يقولMilton Friedman الإقتصادى الامريكى الحائز على جائزة نوبل فى الإقتصاد فى1976؛ يقول:( التضخم دائماً و فى كل مكان ظاهرة نقودية بمعنى إنه ينتج عن فقط زيادة كمية النقود بسرعة أعلى من سرعة زيادة الإنتاج.) و مقولة Friedmanمبنية على المعادلة الكمية:
(M V = P Q ) أى إن حاصل ضرب كمية النقود (M) فى معدل دوران النقود بين أيدى الناس(V) يساوى مجموع أثمان السلع و الخدمات النهائية التى يتم تبادلها أو حاصل جمع ،ضرب الأسعار (P) فى كميات السلع و الخدمات(Q). وإذا ما رمزنا لمعدلات تغيير كل من (M) و(V)و(P)و (Q) بالحروف الصغرى (m) و(v)و (p) و(q) فإن+m) v = ( q +p أو =v+m-q ) ( p ويستنتج القارئ الذى يتأمل هذه المعادلة الحسابية البسيطة إن معدل إرتفاع الأسعار(p) يساوى معدل الزيادة فى حجم الكتلة النقودية(m) زائداً معدل الزيادة فى دوران النقود (v) ناقصاً معدل الزيادة فى كمية السلع و الخدمات (q). وكما قلنا أعلاه صارت مقولة Milton Friedman ركيزة أساسية للسياسة الإقتصادية والنقودية .وصار التحكم فى حجم الكتلة النقودية (M) بحيث لا يرتفع بنسبة أعلى من نسبة إرتفاع الناتج المحلى الإجمالى بالأسعار الثابتة؛ صارت سياسة معمول بها فى كل الدول التى تحرص على تحقيق الإستقرار السياسى وتحقيق الحياة الكريمة لمواطنيها وحماية الدخول المنخفضة والثابتة من تآكل قيمتها الشرائية بسبب التضخم وإفقار أصحابها وتحرص على حماية سعر صرف عملتها الوطنية.ولذلك أعطت تلك الدول بنوكها المركزية الإستقلال الكامل فى ممارسة إختصاصاتها وسلطاتها التى ينص عليها القانون وجعلت من مهامها الرئيسة المحافظة على إستقرار الأسعار بحيث لا يزيد المعدل السنوى للتضخم عن (2)%. ولكن ما حدث فى السودان هو الضلال بعينه.فقد خضع بنك السودان المركزى خضوعاً كاملاً لوزير المالية وسرحت وزارة المالية ومرحت فى طباعة وإصدار الجنيهات السودانية لتمويل إنفاق الحكومة و تأجيج نار الأسعار.وتقول أحدث أرقام صادرة من الحكومة عن معدلات زدياة عرض النقود ونمو الناتج المحلى الإجمالى بالأسعار الثابتة ومعدلات التضخم فى الأعوام الثلاثة الأخيرة؛ 2017 و2018و2019؛ تقول إن معدلات الزيادة فى حجم الكتلة النقودية كانت (68.4)% و(118)% و(59)%.وكانت معدلات نمو الناتج المحلى الإجمالى بالأسعار الثابتة (4.4)% و(2.2)% وإنخفاض بنسبة (0.9)% فى 2019.وكانت معدلات التضخم (34.1)% و(61.9)% و(53.9)%. والمطلوب من حكومة الفترة الإنتقالية قهر التضخم و إيقاف إرتفاع الأسعار المتواصل لحماية ما تبقى من دخول الناس من المزيد من تآكل قيمتها الشرائية وحماية القيمة الشرائية للجنيه السودانى وسعر صرفه .ويكون ذلك بإجراءات خمسة أساسية على رأسها توقف الحكومة الكامل ونكرر التوقف الكامل عن طباعة العملة السودانية وإصدارها لتمويل إنفاق الحكومة أو أية صرف آخر. ويتطلب هذا بالضرورة مراجعة موازنة العام 2020 لإزالة عجز الموازنة الذى يقدر بمبلغ (74)مليار جنيه سودانى.
حماية سعر تبادل الجنيه السودانى:
يعنى سعر تبادل الجنيه السودانى ،أو أية عملة أخرى، يعنى مقدار أو كمية الدولارات أو اليوروالخ التى يدفعها لك الشخص الذى يشترى منك جنيهات سودانية مقابل كل جنيه سودانى.ويعتمد سعر تبادل الجنيه السودانى وأية عملة أخرى على قوتها أو قيمتها الشرائيةpurchasing powerفى البلد الذى تستخدم فيه تلك العملة.فمثلاً إذا أخذنا سلة (قفة) بها كميات متساوية من سلع متداولة دولياً tradable مثلاً سكر وشاى وعدس ودقيق قمح ولبن بدرة وأرز وبطاطس وطماطم وبصل وتوم وشمار الخ ووجدنا أن ثمن محتويات السلة (القفة)يساوى فى هذا اليوم (2000)جنيه سودانى فى الخرطوم ويساوى (200)دولار أمريكى فى نيويورك فهذا يعنى أن سعر تبادل الجنيه السودانى يساوى بالتقريب(0.1) دولار أمريكى ولكن إذا ما قامت الحكومة السودانية بطباعة وإصدار جنيهات سودانية وإرتفعت الأسعار فى السودان بنسبة (50)%خلال العام وإرتفع سعر السلة إلى (3000)جنيه سودانى بعدعام من اليوم.ولكن إرتفعت الأسعار فى نيويورك بنسبة (2)% خلال العام ووصل ثمن محتويات السلة إلى (204)دولار أمريكى بعد عام من اليوم، سوف ينخفض سعر تبادل الجنيه السودانى إلى (0.068)دولار أمريكى بالتقريب لأن قيمة الجنيه السودانى الشرائية قد إنخفضت كثيراً بالمقارنة مع قيمة الدولار الشرائية.وقد قصدنا أن نقول بهذا المثال البسيط أن إستقرار سعر تبادل الجنيه السودانى يتحقق بالمحافظة على قيمة الجنيه السودانى الشرائية بالتحكم الصارم فى حجم الكتلة النقودية وزيادة الإنتاج بتوجيه الموارد البشرية والمالية لإزالة خوانق النقل والكهرباء والأيدى الماهرة والتمويل بدل إهدار الوقت والموارد فى الترصد الأمنى والمطارة البوليسية لإنفاذ قرارات إعتباطية وعبثية مثل تحديد سعرتبادل رسمى للجنيه السودانى بقرار تصدره جهة حكومية.ولذلك نعتقد يجب أن نحرر سعر تبادل الجنيه السودانى تحريراً كاملاً ونركز على المحافظة على قيمته الشرائية.
إيقاف تراجع الإنتاج:
يعنى الناتج المحلى الإجمالى مجموع دخول عناصر الإنتاج من أرض landورأس مال capital(عناصر الإنتاج التى من صنع الناس مثل الآلات والمعدات والمبانى وغيرها)وعقول وسواعد عاملة labour .وتتمثل تلك الدخول فى الأجور والأرباح وفوائد التمويل والإيجارات . و يعطى حاصل قسمة الناتج المحلى الإجمالى على عدد السكان، يعطى نصيب كل من السكان فى الناتج المحلى الإجمالى .ومقارنة معدلات تغييرالناتج المحلى الإجمالى الحقيقى (بالأسعار الثابتة) السنوية مع معدلات زيادة عدد السكان تشير إلى التحسن الكبير أو ألمتوسط أو الضعيف أو حتى التراجع فى مستوى المعيشة.وقد إرتفع حجم ما إنتجنا من سلع وخدمات بنسبة (4.4)% فى العام 2017 وبنسبة (2.2) % فى العام 2018 أى زاد الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى بنسبة أقل من نسبة الزيادة السنوية فى عدد سكان السودان (2.9)%. وفى العام 2019 إنخفض الناتج المحلى الإجمالى بنسبة (0.9)% مقارنة بالعام 2018 وهذا يعنى أن مستوى المعيشة قد تراجع فى العامين 2018 و2019 وهناك بالطبع أصحاب الدخول المنخفضة والثابتة الذين أفقروا تماماًبسبب التضخم الجامح.والمطلوب حسب ماتنص عليه الوثيقة الدستورية إيقاف التراجع.فماذا نحن فاعلون وكيف؟
وسوف يكون التحدى الرئيس فى طريق إيقاف تدهور الإنتاج هوخلق المناخ المواتى للإستثمار وإنتاج وتبادل السلع والخدمات الذى تقف فى طريقه عقبتان الأولى هى مشاكسة الثلاثى غير المرح الذى يعادى القطاع الخاص ويطالب بالتحكم الحكومى وهم زميلى فى الدراسة وصديقى الدكتور صدقى عوض كبلو وعادل خلف الله وكمال كرار. والعقبة الثانية هى المبلغ الكبير والوقت الطويل المطلوبان لإزالة خوانق النقل والكهرباء والأيدى الماهرة والتمويل. لأن ذلك العمل يستغرق وقتاً ليس بالقليل ويحتاج لأموال طائلة .
عجز الميزان التجارى:
يوضح الميزان التجارى العلاقة بين صادرات السودان السلعية إلى الدول الأخرى وما نستورده من سلع من تلك الدول.وعندما تكون قيمة ما نصدر أكبر من قيمة ما نستورد يكون عندنا فائض فى الميزان التجارى. وعندما يحدث العكس يكون عندنا عجز نغطيه من تحاويل المغتربين وصافى تدفقات القروض والمنح والإستثمار الأجنبى الخ.وتعانى الصادرات من تعقيدات محاربة الإدارة الأمريكية للسودان ومن إرتفاع الأسعار بسبب التضخم المتواصل بمعدلات عالية كما تعانى بشدة من سعر الصرف الرسمى للجنيه السودانى الذى يحدده بنك السودان المركزى بطريقة إعتباطية ويقل كثيراً عن السعر الذى يحدده التفاعل والتعامل بين البائعين والمشترين للعملات ( السوق الموازى).وهو سعر يثبط الرغبة فى التصدير ويشجع التهريب. ويشجع فى نفس الوقت الزيادة الكبيرة فى الواردات وخاصة الواردات المدعومة مثل القمح.ونتوقع من الحكومة الإستجابة لما يتقدم به القطاع الخاص السودانى من إقتراحات بسياسات وإجراءات إقتصادية متكاملة لزيادة الصادرات وتخفيض الواردات.
البطالة وسط الشباب فى المدن:
تستحق البطالة وسط الشباب فى المدن وقفة خاصة لأكثر من سبب.أولاً قام الشباب بالدور الأساسى فى خلع حكم الإنقاذ ويستحق أن يرد إليه جميله بأفضل منه.وثانياً عانى الشباب السودانى من الظلم الفظيع خلال سنين الإنقاذ عندما كانت فرص العمل فى الحكومة والقطاع التجارى الحكومى محتكرة لمناسيب ومحاسيب حزب الحكومة.وثالثاً تطاولت سنوات البحث عن عمل لدى أغلبية الشباب بسبب ركود القطاع الخاص وعجزه عن توليد فرص العمل .و يأتى توفير فرصة العمل المنتج لأى شخص ، يأتى فى مقدمة مطلوبات الحياة الكريمة التى يستحقها كل الشباب السودانى.ورابعاً إرتفاع البطالة وسط الشباب فى المدن من أكبر مهددات الإستقرار السياسى.ونتوقع أن يكون لتحريك دولاب ألإنتاج الدور الأساسى فى توفير فرص العمل المنتج للشباب ولكن ذلك يتطلب التوافق بين مهارات الشباب الإنتاجية والمهارات التى يرغب فيها القطاع الخاص.ويتطلب هذا الشروع الفورى فى إعداد وتنفيذ برنامج كبير وطموح لإنعاش المعرفة وللتدريب المهنى .ولكن سوف يكون التحدى الكبير هو من أين لنا بالمال؟ وهل يقبل كبلو وخلف الله وكرار أن يصرف مبلغ الدعم لخلق فرص عمل للشباب؟

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.