السيد الإمام الصادق المهدي .. إسمح لي بمخاطبتك وإرسال هذه الرسالة العاجلة لك دونما سابق معرفة ولا تحمل شئياً شخصياً سوي وجودك في الشأن العام ونرسلها للصالح العام أيضاً .. بداية أُشيد بقراركم الخاص السابق القاضي بإعتزالك للعمل السياسي التنفيذي وأنك سوف تتفرغ للعمل الفكري والخيري والإنساني فيما تبقي من حياتكم ونسأل الله لكم طول العمر وأن تحتفل بمائة عام بعد إحتفالكم مؤخراً ببلوغك الرابعة والثمانون من العمر ، وإعتزالك للعمل التنفيذي هذا لا شك من قبلكم قرار صائب في تقديري وتقدير الكثيرين من الذين قابلوه بترحيب كبير من الشعب السوداني عدا بعض من تأخذهم بك العاطفة والمحبة وهذا شئ مُقدر ومفهوم .. ولكني أُخاطبك الآن بصفة أنك لا زلت رئيساً منتخباً لحزب الأمة أحد أهم الأحزاب السودانية والذي لديه الكثير من العضوية والأنصار ، ولعب ولا يزال يلعب أدواراً هامة في الساحة السياسية السودانية مُنذ إنشائه وما قبل الإستقلال وحتي الآن .. مدخلي لهذه الرسالة المباشر هي الحالة التي وصلت إليها البلاد ووطننا السودان والتي لاتخفي عليكم .. والتي لا تحتمل المزيد من التقهقهر والتراجع أو الإنهيار .. الشعب السوداني أحدث ثورة عظيمة أملاً في تغيير كبير وجذري لكل الأوضاع في السودان سياسيةً كانت أو إقتصادية ، و رغبةً عالية في تحقيق الإستقرار والسلام العادل المستدام ورسم طريق المستقبل والدولة المدنية الديمقراطية الحديثة في السودان .. ونحن الآن في فترة إنتقالية تحت ظل حكومة الثورة وقيادة تحالف يضمكم كحزب مع آخرين تحت مسمي الحرية والتغيير .. هذا التحالف الذي يواجه ثقوبات داخلية وإنحرافات واضحة لا تخفي عليكم .. ظل يتأرجح مابين رؤيتكم لكيفية مساره وقراراته ومابين رؤية آخرين معكم في ذات التحالف علي رأسهم الحزب الشيوعي السوداني والتي قد تتوافق مع حلفائه في قوي الإجماع احياناً كثيرة وقد تختلف ، ودونما غمط لبقية مكونات وكتل التحالف قدرهم وحقهم لكن الواقع يقول أنكم كحزب الأمة مع الحزب الشيوعي تمثلون قوة هذا التحالف وكان يفترض أن تكون القوي الثالثة هي قوي الحركات المسلحة وكذلك قوي الثورة الحية المتمثلة في لجان المقاومة ولكنهم الإثنان يعتبران خارج التحالف عملياً وتمثيلاً مباشراً فيه ، خاصة في مرحلة مابعد التوقيع علي الوثيقة الدستورية وماحدث من تداعيات وجود ممثلي الجبهة الثورية داخل نداء السودان وتحالف قوي إعلان الحرية والتغيير .. ببساطة الآن أنتم مع الحزب الشيوعي ولسيركما في خطان متوازيان في أغلب الأحيان داخل التحالف ساهمتم إسهام مباشر في حالة التشظي والضعف الذي يُصيب تحالف الثورة بشكله الحالي المتمثل في قوي الحرية والتغيير .. وبالتالي أضرّ هذا الواقع ضرراً بليغاً بعمل حكومة الثورة ومجمل الفترة الإنتقالية في كل ملفاتها وتحدياتها إلي الآن .. يحدث هذا التباعد مابينكم والحزب الشيوعي داخل التحالف علي الرُغم من التاريخ التحالفي المشترك بينكم ، وبرغم كثير من القواسم المشتركة التي يمكن أن يُبني عليها التحالف الحالي وكمثال فقط 1/الدولة المدنية الديمقراطية 2/ إزالة التمكين لعناصر النظام السابق 3/ إصلاح المؤسسة العسكرية والامنية وإعادة هيكلتهم 4/ تحقيق الإستقرار ووقف الحرب والسلام العادل وعودة النازحين 5/ تعافي الإقتصاد والذي تتفقون عليه ولكنكم تختلفون في آلية وطرق تحقيقه وهذا شئ يمكن التوافق حوله خاصة بعد إقرار مقررات المؤتمر الإقتصادي 6/ المؤتمر القومي الدستوري 7/ الإنتخابات العامة في نهاية الفترة الإنتقالية .. وغيرها مما يجمعكم كحزب مع الحزب الشيوعي .. إذاً السؤال لما كل هذه الخلافات والحرب الكلامية والتصريحات السالبة و( المناقرة ) المستمرة ! .. ظللتم أيها السيد الإمام تتناولون الحزب الشيوعي في معظم لقاءتكم وتصريحاتكم السياسية وهم أيضاً يردون تارةً تبطيناً وتلميحاً وأخري تصريحاً .. قمتم أيها السيد الإمام قبل أكثر من خمس وثلاثون عاماً وتحديداً في عام 1985 بإنتقاد ذاتي شجاع لموقفكم القديم بالمساهمة في طرد الحزب الشيوعي ونوابه من البرلمان عام 1965 ووصفتموه بالإنفعالي والخاطئ وغير الديمقراطي ، فهل وبذات تلك الشجاعة يمكن أن تعترف الآن أن كثير من تصريحاتكم تجاه الحزب الشيوعي فيها درجة عالية من المُكايدة السياسية والتي لا تصلح لحزبين كبيرين موجودين في تحالف واحد حيوي وهام جداً لهذه المرحلة .. أين ذهبت حكمتكم وكل ما أكتسبتموه من خبرات تجاه أمر كهذا .. نعلم يقيناً أن هنالك خُطوات تتم الآن للتفاهم بينكم والحزب الشيوعي ، نتمني أن تتم وأن يكون هذا الإتفاق مقدمة لإستقطاب وإشراك قوي أخري مهمة ومؤثرة كلجان المقاومة والحركات خاصة حركتي الحلو وعبدالواحد ، ونأمل أن يكتمل هذا التفاهم بينكم والشيوعي لمصلحة البلد والثورة والفترة الإنتقالية ، وأن يكون أول بند تلتزمون به هو وقف هذه التصريحات والبيانات السالبة في الجانبين ، فكلاكما لن يقود تحالف الثورة والبلد لوحده أو دون الآخر ، وأنتم بذلك تعطون العسكر وأعضاء النظام السابق الفرصة ومن معهم من ثورة مضادة لجر كل البلد لمربعات سابقة وتمكين أكثر ! .. أخيراً أيها السيد الإمام الصادق المهدي ظللت وفي كل مناسبة تُذكر الناس بأنك الرئيس الشرعي المنتخب منذ آخر انتخابات ديمقراطية قبل إنقلاب الإنقاذ في 1989 ولكنك نسيت شئ هام وهو أن الكثيريون جداً الآن والغالبية من القوي الحية ومن الذين يحق لهم الإنتخاب لم يشاركوا في إنتخابك في ذلك الوقت ومنهم كاتب هذه الرسالة لعدم أهليتهم العُمرية للانتخابات ، بل أن غالبية من صنعوا الثورة وأتوا بها وضحوا من أجلها وأستشهدوا ليُصنع التغيير لم يكونوا مولودون أصلاً فتفكر أيها الإمام وإعلم أن الحال قد تغير وأن هنالك أجيالاً جديدة مختلفة جداً عن طريقة تفكيركم هي الآن من تطّلع للمستقبل ومن أجلها يجب أن نتواضع ونُعبد لها الطريق لا أن نسجنها في ماضي السودان القديم بكل أخطاؤه و سوءاته ! .. كل الإحترام و السلام .. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.