بسم الله الرحمن الرحيم 1-إنَّ المادة(6) من قانون منظمة الدعوة الإسلامية لسنة 1990م التي أخضعت المنظمة للقوانين السارية في السودان تجعل القول بانها منظمة دولية غير سودانية محل نظر، خاصة ان الدراسات القانونية المتخصصة في التنظيم الدولي لا تسبغ صفة المنظمة الدولية الا على المنظمات التي يكون أعضاؤها ومؤسسوها دول وليست اشخاصا طبيعيين وهو ما لا يتوفر في منظمة الدعوة الإسلامية، وفي وجهة نظري أنَّ هناك لبس و تخليط في هذا الصدد بين المنظمة الدولية والمنظمات الشعبية غير الحكومية ذات النشاطات الممتدة إلى خارج الإقليم السيادي الذي تتأسس وفق قوانينه، 2- إذا اعتبرت منظمة الدعوة الإسلامية منظمة أجنبية غير حكومية عالمية النشاط فإن عملها في السودان كان سيخضع إلزاماً لقانون تنظيم العمل الطوعي الإنساني لسنة 2006م في كامل نصوصه، ذلك أن هذا القانون ألزم جميع المنظمات الأجنبية العاملة في السودان في تاريخ سابق عليه بتوفيق أوضاعها لتكون وفقا له، فاللجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمة الغذاء العالمي وغيرها من المنظمات الأجنبية غير الحكومية جميعها تعمل في السودان بتراخيص بموجب قانون العمل الطوعي الانساني ولم يجر العمل لا في السودان ولا في غيره على أنَّ المنظمات غير الحكومية الأجنبية تنشا بموجب قانون يصدر خصيصا لكل واحدة منها من دولة المقر، وإنما تعمل بموجب ترخيص من مفوضية العمل الإنساني إذ كانت المنظمة غير حكومية وإذا كانت دولية بالمعني القانوني لكلمة دولية (أعضاؤها دول) فإنها عادةً تعمل بموجب اتفاقية مع حكومة البلد المضيف ممثلة في وزارة خارجيتها، ولذلك فإن وجود قانون يصدر خصيصاً من السطلة التشريعية في دولة السودان لينظم شأن منظمة الدعوة الإسلامية فإنه قطعاً ينفي عنها صفتي الدولية والأجنبية في آنٍ واحد. 3- كون مجلس أمناء المنظمة ينطوي على أجانب فهذا لا يسبغ عليها صفة الدولية وإنما صفة الشعبية الإقليمية أو الشعبية العالمية حسب اتساع دائرة النطاق الإقليمي الذي قدموا منه والنطاق الإقليمي الذي تمارس فيه المنظمة نشاطها، وهذا الوصف يجوز على المنظم في فترة عملها السابقة على إصدار قانونها الخاص لسنة 1990م، اذ بصدوره أصبحت بمثابة وكالة حكومية او شبه حكومية، اختصها المشرع السوداني بقانون خاص ينظم شؤونها لتخدم أغراضا إقليمية تتجاوز النطاق السيادي لجمهورية السودان، شأنها في شأن أي وكالة حكومية أخرى تنشأ بقانون، ونظرة واحدة في قانون المركز القومي للبحوث لسنة 1991م أو قانون المركز القومي للمعلومات لسنة 2010م أو قانون وكالة الأنباء السودانية لسنة 1991م تشي بذلك، إذ الهيكل التنظيمي لهذه الأجسام جميعها لا يتوفر -وفق وقوانينها- على جمعية عامة، وهو ذات الأمر في منظمة الدعوة الإسلامية التي لا يتوفر هيكلها التنظيمي هي الأخرى على جمعية عامة، لا في نظامها الأساس ولا في قانونها لسنة 1990م، وتفسير ذلك أن الوكالات الحكومية وشبه الحكومية المنشأة بقانون لا تحتاج لجمعية عامة لان جمعيتها العامة هي السلطة التشريعية (البرلمان) التي لها حق إنشائها بموجب القانون وحلها بإلغاء القانون الذي كان سببا لوجودها. 4- أيضا دلالة أنَّ منظمة الدعوة الإسلامية وكالة حكومية أو شبه حكومية ان المادة (19-1) من قانونها لسنة 1990م أكدت أنَّ حلها لا يكون الا بموافقة الحكومة السودانية، وليس بالإرادة المنفردة لمجلس أمنائها وحدهم، الأمر الذي يوكد محليتها وسودانيتها،اذ لو كانت دولية لما خضعت لهذا القيد، فضلاً عن أنَّ المادة (20-1) من قانونها نصت على أنَّ رئيس جمهورية السودان يكون رئيسا فخريا لها - بحكم منصبه- مع ملاحظة أنَّ نص هذه المادة جاء آمرا وليس مفسرا ومن ثم لا يجوز لمجلس الأمناء حجب هذا الحق عن حكومة السودان لأنه حق مكفول بموجب قانون وليس بموجب اتفاقية تنتهي بانتهاء أجلها أو بتوافق طرفيها على إنهائها، وأكثر من ذلك فإن المادة (20-2) من قانون المنظمة ألزمتها بتزويد رئيس جمهورية السودان - بحكم منصبه- بتقرير سنوي عن أعمال المنظمة، الأمر الذي يسم المنظمة بالسمة شبه الحكومية. 5- إن إنشاء المنظمة بموجب قانون المنظمات التبشيرية لسنة 1962م ثم إصدار قانون سوداني خاص بها في سنةم1990 ليكون هو سند إنشائها يجعلها سودانية خالصة بيقين طالما ان السلطة التشريعية السودانية في مكنتها إلغاء مثل هذا القانون في أي وقت، ولا يغير من هذا الوضع أن مجلس أمنائها يشمل أجانب، فطالما انها أنشئت بموجب قانون سوداني فهي كما سبق ان ألمحت إلى ذلك، لا تختلف في وضعها القانوني عن اي وكالة حكومية سودانية ذات نفع عام تمّ إنشاؤها بموجب قانون خاص، ولا يغير من هذا الوضع أيضا أن من بادروا بفكرتها وطلب تأسيسها كانوا أشخاصا طبيعيين طالما أنَّ ذلك كله قد أُستغرِقَ بقانون خاص هو قانونها لسنة 1990م ، ذللك ان أعضاء مجلس أمنائها لا يملكونها، وإنما هم سلطة ادارية عليا تقوم على أمرها شانهم في ذلك شان مجلس إدارة اي جامعة أو وكالة حكومية أو شبه حكومية منشأة بقانون سوداني خاص بها. 6- بشأن حل المنظمة كما أشرت سابقاً، فإن المادة (19-1) من قانون المنظمة نصت صراحة على ما يلي (لا يجوز حل المنظمة الا بقرار من مجلس الأمناء يصدر باغلبية ثلثي أعضائه وموافقة الحكومة السودانية) فموافقة الحكومة السودانية في هذا الصدد شرط لزوم لحل المنظمة، فلو كانت منظمة دولية أو غير سودانية لما تم إخضاعها لهذا القيد الذي حدَّ من صلاحية مجلس أمنائها المخولة لهم بشأن حلها، مع ملاحظة أن مع عليه العمل في المنظمات غير الحكومية أن حلها يتم بقرار تتخذه الجمعية العامة في المنظمة وهو كما ذكرت ما لا يتوفر في حق منظمة الدعوة الإسلامية، ولهذا فإن حلها يكون بيد السلطة التشريعية لأنه لا يوجد أحد سواها مخول بإلغاء قانونها الذي منحها حياتها وأبرزها إلى حيز الوجود. 7- المنظمات الدولية والمنظمات الأجنبية غير الحكومية العاملة في السودان لا يسمح لها القانون السوداني بممارسة التجارة أو تملك الشركات التجارية الربحية، فلو كانت منظمة الدعوة الإسلامية منظمة غير حكومية أجنبية لما استطاعت ان تملك دانفوديو وشقيقاتها التجارية الأخرى، المسجلة بموجب قانون الشركات. 7- إذا كانت هناك اتفاقية مقر مع المنظمة كما أشير إلى ذلك مرارا في وسائل الإعلام، فانها تقع باطلة لأنه لا وزارة الخارجية ولا السلطة التنفيذية عموما يجوز لها توقيع اتفاقية تخالف القانون، ويترتب على ذلك أن نص المادة (6) من قانون المنظمة يهيمن على اتفاقية المقر ويقيدها إن كان قد تم توقيعها من قبل الجهة التنفيذية المختصة، ذلك أنَّ المادة (6) من قانون المنظمة تجعل كافة قوانين السودان سارية في حقها، وبناء عليه فانه في حالة تعارض أحكام اتفاقية المقر مع أي قانون سوداني آخر فان أحكامه هي التي تسود ، إذ لا يجوز للسلطة التنفيذية ممثلة في وزارة الخارجية أو مفوضية العمل الإنساني - حسب الحال- ان تخالف نصا قانونيا آمراً، لتدخل في اتفاقية تنطوي على التزامات تخالف مقتضى القانون، ومن ثم فإن أحكام قانون منظمة الدعوة الإسلامية لسنة 1990م هي التي تسود ثم أحكام قانون تنظيم العمل الطوعي الإنساني لسنة 2006م بالقدر الذي لا يتعارض مع قانون المنظمة، فضلا عن أن أي اتفاقية مع أي منظمة دولية يجب أن يصادق عليها البرلمان وإلا فلن تكون نافذة. 8- إذا تم اللجوء إلى القضاء في ظل إلغاء قانون المنظمة لسنة 1990 من السلطة التشريعية المخولة فان مجلس أمناء المنظمة أو من يمثلها عموما، سيجابه بدفوع قانونية مؤثرة جدا قد لا يجد حجة قانونية لصدها، فهو ابتداء -من الناحية الشكلية- سيفقد الصفة في إقامة الدعوى بسبب إلغاء القانون الذي تستمد منه المنظمة ككيان شخصيتها الاعتبارية، فلما كان مجلس الأمناء هو بمثابة وكيل قانوني عن المنظمة وليس مالكا لها فانه سيفقد من الناحية القانونية صلاحية الحق في تمثيلها أمام الغير لانقضاء شخصيتها الاعتبارية بإلغاء القانون الذي أنشاها، ذلك أنَّ من القواعد المعروفة شرعا وقانونا (أن الوكالة القانونية تنتهي بموت الأصيل ) ومن ثم يفقد الوكيل صلاحية تمثيل الأصيل في كافةالتصرفات القانونية بما في ذلك صلاحية الترافع نيابة عنه أمام القضاء. أما إذا ظل قانون المنظمة لسنة 1990م ساريا (افتراضا) فان المادة (6) منه ستقف حائلاً دون تحقيق غرض مجلس الأمناء ولا الامين العام من إقامة الدعوى، فطالما انها -اي المادة (6) - أخضعت المنظمة لقوانين جمهورية السودان السارية، فذلك يترتب عليه أن تصبح حصانة مباني المنظمة وحصانة مجلس أمنائها وكافة منسوبيها حصانة مقيدة، وليست حصانة دبلوماسية كاملة كتلك التي تمنح للمنظمات والبعثات الدولية التي لا يحق لجمهورية السودان محاكمتها أو محاكمة سلكها الدبلوماسي أمام محاكمها وإنما بفعل المادة (6) السابق الإشارة اليها ستصبح الحصانة المسبوغة عليها وعلى منسوبيها تماثل تماما حصانة مباني الاتحاد الإسلامي العالمي للمنظمات الطلابية التي نصّ عليه قانونه لسنة 1994م، أو إن شئت مثل حصانة الوظائف الدستورية السودانية التي يجوز للجهة المختصة رفعها في أي وقت، طالما أن حق إلغاء القانون الذي تستند اليه هذه الحصانة هو حق سيادي بيد الدولة السودانية، على أن يتم إلغاء القانون من سلطة تشريعية مخولة، تمثلها في الوقت الحالي بموجب الوثيقة الدستورية إرادة مجلسي السيادة والوزراء مجتمعين في ظل عدم تشكيل السلطة التشريعية التي حددت الوثيقة الدستورية صلاحياتها وطريقة تكوينها. 8- أما إذا تم توجيه الدعوى مباشرةً ضد إلغاء قانون المنظمة، فإن الدعوى لن تجد قبولاً لدى القضاء، لأنه لا يجوز للقضاء بأية حال من الأحوال التصدي لأمر يخرج عن دائرة اختصاصه وفقاً لنظرية (توازن سلطات الدولة الثلاث)، فتشريع القوانين وإلغاؤها هو حق للسلطة التشريعية ولا معقب عليها في ذلك لا من القضاء ولا من غيره من السلطات إلا في حدود الطعن بعدم الدستورية، ولا شك أنَّ هذا الوضع القانوني ستجابه به أي دعوى توجه مباشرةً ضد إلغاء قانون المنظمة لسنة 1990م، إذا كان قرار لجنة تفكيك النظام الصادر بشأنه قد أوصى بإلغائه، ووجدت هذه التوصية استجابةً من السلطة التشريعية ممثلة في مجلسي السيادة والوزراء، وفي هذا الصدد قد يقول قائل ماذا لو تم الطعن بعدم دستورية قانون تفكيك نظام الإنقاذ لسنة 2019م نفسه والذي تستمد منه لجنة التفكيك شرعيتها وسلطاتها؟ هذا الأمر محكوم بمدى توافق أحكام قانون تفكيك نظام الإنقاذ مع الوثيقة الدستورية، صحيح أن الوثيقة الدستورية كفلت الحريات الأساسية وفق ما هو متعارف عليه في مواثيق وإعلانات حقوق الإنسان بما في ذلك حق التقاضي والطعن بعدم الدستورية، لكنها في ذات الوقت خولت سلطة التشريع لمجلسي السيادة والوزراء في فترة ما قبل تكوين المجلس التشريعي، وبناءً عليه إذا أصدرت السلطة التشريعية قانوناً قيدت به قوانين مساوية له في الدرجة والقوة (هو قانون تفكيك نظام الإنقاذ)، فهذا وحده لا يسمه بأي حالٍ من الأحوال بسمة عدم الدستورية، لأنه طالما أنه من حق السلطة التشريعية إلغاء أي قانون سارٍ فإنه من باب أولى لها الحق في تقييده، خاصةً وأن القرارات التي تصدرها لجنة تفكيك النظام مكفول حق الطعن فيها قضاءً، ودلالة ذلك أنه لم يرد في قانون تفكيك النظام نص يحصن قرارات اللجنة من الطعن فيها إدارياً أمام القضاء فضلا عن أن المادة (3) من قانون القضاء الإداري عرفت القرار الإداري بأنه يقصد به القرار الذي يصدر من جهة بوصفها سلطة عامة، وهو ما يتوفر في لجنة تفكيك نظام الإنقاذ خاصةً وأنَّ قانون تفكيك نظام الإنقاذ لسنة 2019م أسبع على اللجنة المذكورة الشخصية الاعتبارية، ولا يغير من الحال أن المادة (5) من القانون المذكور أكدت أن أحكامه تسود على أحكام أي قانون يتعارض معه طالما أن أحكام قانون القضاء الإداري لسنة 2019 ستسري بالقدر الذي لا يتعارض مع قانون تفكيك نظام الإنقاذ – بمعنى أن إجراءات رفع دعوى الطعن الإداري ستصبح سارية في حق القرارات التي تصدر من لجنة التفكيك لانتفاء التعارض بينها وبين القانون الذي أوجد هذه الأخيرة ، أما ما ورد في قانون تفكيك نظام الإنقاذ لسنة 2019م من أن قرارات اللجنة تكون نافذةً على الفور ولا يجوز وقف نفاذها بتدابير قضائية فذلك فيه تأكيد على أنَّ قراراتها إدارية، فطبيعة القرار الإداري أنه ذو أثر فوري ومباشر ولا يمكن وقف نفاذه إلا بإلغائه من السلطة القضائية، أما خلال الفترة ما بين إصداره وإلغائه فإنه يبقى نافذاً ومرتباً لكافة آثاره القانونية، لكن التحدي الذي سيجابه أي دعوى طعن إداري ضد قرار لجنة التفكيك الذي أصدرته بحل منظمة الدعوة الإسلامية أنه من غير اليسير إثبات أن قرار حلها قد اكتنفه عيب من العيوب الأربعة التي وردت في المادة (6) من قانون القضاء الإداري (عدم الاختصاص، وجود عيب في شكل القرار، مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه وإساءة استعمال السلطة)، خاصةً وأن قرار حلها أنبنى على التوصية بإلغاء قانونها لسنة 1990م، والذي كما قلنا هو حق أصيل للسلطة التشريعية ولا معقب على ذلك من القضاء 9- لقد عرفت المادة (4) من قانون تنظيم العمل الطوعي والإنساني لسنة 2006م الاتفاقية القطرية بأنها: (يقصد بها مجموعة الأحكام واللوائح والموجهات التي تنظم دخول المنظمات الأجنبية للسودان وممارستها لأنشطتها فيه)، وبما ان المادة (6) من من قانون المنظمة لسنة 1990م أخضعت منظمة الدعوة الإسلامية للقوانين السارية في السودان فان تعريف الاتفاقية القطرية الوارد في المادة (4) من قانون العمل الطوعي والإنساني سيسري وجوبا في حق المنظمة، إذا أصرَّ مجلس أمنائها على أنها دولية أو غير سودانية وستنفتح أمام القول بان المنظمة تربطها بحكومة السودان اتفاقية مقر الأسئلة التالية :- أين كانت منظمة الدعوة الإسلامية - أي في أي بلاد الله برزت شخصيتها الاعتبارية للوجود قبل أن تبرم اتفاقية مقر مع حكومة السودان؟، كيف برزت إلى حيز الوجود وما هو القانون الذي أسبغ عليها الشخصية الاعتبارية؟، هل تأسست بموجب اتفاقية بين دول وكان ذلك هو سندها في اكتساب الشخصية الاعتبارية كجامعة الدول العربية أو منظمة التعاون الإسلامي مثلا ثم بعد ذلك أبرمت اتفاقية المقر؟ أم أن حقيقة شخصيتها الاعتبارية تولدت من قانون سوداني إذا مات (الغي) لا شك انها ستموت بموته؟، إذا اجتمع أعضاء مجلس الأمناء بصفاتهم الطبيعية كأشخاص من الداخل والخارج وتوافقت إرادتهم على تأسيس منظمة فهل كان من الممكن بقوة دفعهم الذاتي إكسابها الشخصية الاعتبارية؟ أم أنَّ اكسابها الشخصية الاعتبارية يحتاج إما لاتفاقية بين دول ذات سيادة أو إلى قانون دولة ذات سيادة ينفخ فيها روحه ويسبغ عليها الشخصية القانونية الاعتبارية؟، إذا فقدت المنظمة شخصيتها القانونية (الاعتبارية) كنتيجة لالغاء قانونها لسنة 1990م وتلاشت كشخص معنوي من الوجود فكيف يمكن لها إبرام اتفاقية مقر مع دولة جديدة غير السودان؟ اللهم الا أن نكون أمام طلب جديد بتأسيس منظمة يتم تقديمه من أشخاص - لا بصفتهم أعضاء مجلس أمناء المنظمة التي تم حلها وإنما بصفاتهم الشخصية- لإنشاء كيان جديد حتى لو أُسبغ عليه اسم منظمة الدعوة الإسلامية، ألا أنه لن يكون بأية حال من الأحوال امتدادا قانونيا للمنظمة التي تم حلها بإلغاء القانون الذي كان سببا لوجودها. لا شك أن مثل هذه الأسئلة ستجعل الموقف القانوني لمجلس أمناء المنظمة حرجا في ظل خضوعها للقوانين السارية في السودان وفي وجهة نظري ان قانون منظمة الدعوة الإسلامية لسنة 1990م أضرَّ بها ايما أضرار من حيث كان القصد منه حمايتها وتحصينها، فهو قد جعلها سهلة الاصطياد من الناحية القانونية، وكان حظها وحظ القائمين على أمرها في الدفاع عنها قضاءً سيكون أفضل لو أنهم أبقوها على حالها ووضعها القانوني الذي كانت عليه قبل العام 1990م، لكن إلى حتفها سعى القائمون عليها حين فَصًّلوا لها قانوناً خاصاً بها، وزاغت أبصارهم عن حقيقة أنَّ أي قانون مهما كانت قوته فهو عرضة للإلغاء بأمر السلطة التشريعية المختصة، وبهذا فقد حُقَّ عليهم القول بأنَّ كل كائن يحمل بين جنباته جرثومة فنائه، ولكل دورٍ إذا ما تمَّ نقصان، والله ولي التوفيق وهو الهادي إلى سواء السبيل.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.